المرأة كائن إنسانيّ مُختلف...ولا يفهم عالم المرأة إلا المرأة ذاتها...ولكن،كلّ النساء سواء إلا امرأة صادقتْ كتابا،تلك التي قال عنها"دوستويفسكي":"إنّ المرأة التي تقرأ لا تستطيع أن تحبّ بسهولة،إنّها فقط تبحث عن نظيرها الرّوحيّ الذي يُشبه تفاصيلها الصّغيرة"... هذه المرأة التي تعيش بين الكتب هي الأشدّ ذكاء...مشاعرها:كلمات تكتبها لك متى تشاء،نظرات تسحرك بها بجفاء،ابتسامات تأخذكَ إلى أعلى سماء،...وتقلّبات قد تجعلها تراك مُجرّد شيء من الأشياء... من تحضن كتابا قد تستغني عن حضن رجل، هي أنثى عاشقة لرُقيّكَ قبل وسامتكَ،لعقلكَ قبل قلبكَ،لإحساسكَ بوجودها قبل شرودكَ في جسدها...هذه المرأة تمنعها الكتب من تذوّق معسول كلامكَ،ذاك الذي كَرَعَتْ حُرُوفُهُ من سُمِِّ الهُيام... منذ سنوات اخترتُ أن أبنيَ عالما جدرانه كتب مُتراصّة لا تترك منفذا لأحد،...كلّما حاولتُ أن أحيد عن حروفه حاصرتني كتب الفلسفة لأتوقّف عند كلّ المواقف بالتّفكّر والتّبصّر ثمّ أتّخذ القرار....كلّما فُتِحَ بابُ العشق أغلقته ففي أبواب"طوق الحمامة"ضعتُ في المتاهة ولم أجد نفسي في غرفة من غُرفه المُباحة،....في كتب التاريخ حضارات أثيرة كانت لأجدادي فيها فتوحات كثيرة،لكنّ الماضي لا يعنيني كثيرا فأنا أبحث عن رسم ذاتي لأكون أنا،....في كتب الجغرافيا أرضي مُبعثرة،تتّسع رُقعتها وتضيق حسب سياسة عقيمة اتّبعها حُكّامنا القُدامى لِتبقى حدودنا الجغرافية رهينة،....في كتب السّياسة لسنا إلا مفعولا به،ننتمي إلى العالم المُتخلّف الذي يُهْدِي خيراته لهؤلاء ويأكل من فتاتهم،....في كتب الطّبّ لن تكون يوما دواء،فمُصادقة هذه الكتب شفاء،والاقتراب منكَ عناء...في كتب الفنون عشقتُ الأدب والرّسم والموسيقى والمسرح والرقص والغناء و....وأنا أتجاوزكَ بجعلكَ مُجرّد لوحة فسيفساء أُعلّقها على جدار من جدران غرفتي،أبتسم لك،ولا أرى فيكَ إلا وهما جميلا،..هو وَهْمٌ يموت صباحا ليُبْعَثَ من جديد،ويحيا فقط في المساء... وحين تُطِلُّ القهوة بعبق بُنِِّهَا الأصيل،وتُجالِس المرأةَ والكتابَ تُولَدُ حياة أخرى،حياة ليست تلك التي يعرفها الجميع...عالمٌ سرمديٌّ على الرّجل أن يفقه لغته قبل أن يُحاول أن تَطَأَهُ قَدَمَاهُ..... ___________________________[[ليلى كافي/تونس]]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق