تناهى إلى سمعي همس الوجود،...هَمْسُُ يترك العالم لأجلي حين يشعر بطردي للنّوم فجأة،فعقلي يرفض القوانين ويُوقظني قبل المُنبّه بدقائق، أضحك لأنّ القلب يُخاطبه مُستهزئا:"لقد نِمْتَ طويلا، أنا لا أنام، ولذلك أحظى باهتمامها أكثر منك... يقترب همس الوجود بِحُنُوّهِ المعهود ويقول لي:"أنا الأزل،أنا من أتقن لُعبة الحياة قبلكِ، لو لم أكن موجودا لما استطعتِ الكتابة، فالقدر أقرّ لكِ اعتناق القلم قبل نزولك إلى الأرض"... أَبْتَسِمُ كعادتي لهذا الهمس المغرور...،لقد امتلك الوجود منذ قرون وليس لي عليه سطوة...،لكنّني قد أصدمه وأرفض تلك المعاني التي ينثرها في نفسي كلّ صباح لِأُلْبِسَهَا من خزانة الحروف أجمل الكلمات... قال لي همس الوجود:"لقد كُنْتِ مُشرقة منذ الأزل،يسكنكِ صوت خافت لا يسمعه غيركِ، ذاك الصّوت الذي يُملي عليكِ كلّ يوم تلك الجمل التي ترسمكِ غريبة عنهم وعن الحياة". -سألته:"وماذا عن قهوتي؟هل حواها الأزل ؟"... -فأجاب:"طبعا،...هي ماء الحياة،هي صانعة المزاج لمن يحظى بنفسه،...البعض يراها عادة،والبعض الآخر يراها عبادة...وبين أولئك وهؤلاء تختلف الحياة بين الحضيض والسّماء،...بعضهم يشربها كما تأكل المخلوقات لتتواصل الحياة ونحن نراها صديقة لنحيا الحياة"... أفتح المذياع فأسمع كلمة"الأزل"،أشاهد التلفاز فتمرّ على سمعي كلمة"الأزل"،أجوب مواقع شبكة الأنترنيت فأقرأ كلمة "الأزل"، حتى عجائز حيّنا يعرفن كلمة"الأزل"...كلمة تعيش معنا دون معنى،نُوظّفها دون أن نُدرك معناها... أَسْتَهْزِئُ من نفسي التي تقف مُتعجّبة من كلمة"الأزل"...،هل سبقها الأزل أم سبقته في الزّمن؟؟؟هل أنتظر الأزل أم ينتظرني؟؟؟ اِخترق همس الوجود نفسي فقالت لي:"نحن والأزل سواء، "أنانا" تكتب منذ وجوده، أَجِدُنِي أُمْسِكُ المعول وأحفر في أوراق التاريخ عن كنز الحروف...ولازلتُ أبحث ولم أَنْتَهِ،كلّما وجدتُ حرفا تُغْلَقُ الهُوَةُ التي حفرتها،فأُعيد البحث من جديد وأَهْوِي بمعولي على الورقة،...ويتكرّر الشّقاء كلّ يوم...هي الكتابةشقاء وعناء، هي عمل لا ينتهي بدأته مع الأزل وسيبقى إلى الأبد...وبين أزليّة الرّوح وأبديّة الحروف أقف في متاهة الحياة لأكتب بحروف سرمديّة خالدة... هاهو الأزل يغمرني ويشدّني إلى الماضي المُوغل في القدم، فَأَجِدُنِي في ركن بُوهيميّ من الحياة،أترشّف قهوتي وأحمل ريشة أهداني إيّاها القدر وقد كتبتُ على صخرة في كهف من كهوف الأساطير القديمة:🕳صباح الأزل🕳 __________________________[[ ليلى كافي/تونس]]
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق