علي فردان (قهوةُ الغروب)
فارقتُها من قبلِ عامٍ
والسوادُ يكَحِّلُ مِفْرَقَها
وابتسامةٌ متوردةٌ تنضحُ من خدَّيها
وعناقيدُ شوقٍ
تتدلى من مُقلتيها
ومكعباتُ رغبةٍ تذوبُ وتتقاطرُ
لمعانقةِ الدفءِ المحتضنِ في الحنايا
جلستُ بانتظارِ صوتِها
يطلُّ مُذْ وعدتَها
أقاومُ ارتعاشةً
ونزعةً بداخلي
وساعةً فساعةٍ
تنتابني
وساوسُ الضَياعٍ
فلمْ يطل صوتها من كوة المذياع
ولم ألاقي شمسَها كأمنيتي
بِكحلِها الشرقي
تملأ المكانَ والزمانَ والهدوء
وترشفُ القهوةَ
في بوابةِ الغروب
تُعَدِّدُ السنينَ
والسنينُ تكرعُ الجمالَ من جفونِها
وصوتَها ولينَها
كأنها بالأمسِ لمْ تكُنْ هُنا
وما التقينا عند شاطئ الربيع
ولا سهرنا بين نخلات الفِكَر
وما طوينا الليلَ في جفونِنا
ولا مَسَحنا هامةَ القمر
ولا سبحنا في غدير أمسنا
وما كتبنا في الهوى أنشودة المطر
واليوم لم تعد هنا
واليوم قابع أنا
أبحث في دفاتري
أنبش في قصائدي
هل صوتها يطل يا ترى
أم يا ترى أعود مجهدا
أقاوم السنين
أقاوم الحنين
وأكتب الذكرى
بدمع مضه الضجر؟؟؟
ما صدقة ؟؟
في ردهة الأيام قد سمعت صوتها
كان تناديني
يكرر النداء
ولوحت بكفها
من ضفة الميناء
والضجيج من مبخرة السفن
لا السمع في يدي
ولا زمام ناظري إليك يهتدي
ولا قطار العمر فوق سكة الزمان
أطيل إصغائي لها
تلح بالنداء
وهو يعتلي بداخلي
بدا كطيف باهت
ثم أفاقَ هبَّ كالرياح
قدْ أذهلتني أنها هيَ
عادتْ من الغروبِ
ولمْ تكُنْ بثوبِها الجميلِ
وقدِّها الأنيقِ والدلال
عادتْ تئنُ آآآهِ
مضَّها الوجع
مريضة الأنفاس
شاحبةُ الخطى
أهكذا ........
تُباعِدُ السنينُ خطوَنا
وعُمْرَنا
ولمْ تزلْ مشاعرُ الحنينِ كالوقود ثائرة
أجلستها بداخلي
سقيتها من قهوةِ الصباحِ ذكريات
كيفَ الغروبِ عندَهُم
وهلْ سماؤهم بها نجوم ؟؟
تبسمتْ وأطرقتْ مدهوشةً
ترتشفها القهوةُ أنفاسي
ترقدُ كالهدوءِ في أناملي
وانكفأتْ غارقةَ بأذْرُعي
ودمعها فوقَ مخداتي وفي محاجِري
أهذه أنتِ .. ومذْ فارقتِ شرقي
لم تضيء شمسي
ولم تهنأُ لي مشاربي...
بقلم عمر ابوعميره
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق