دُنْــيــــــا....
الشاعر حسن منصور
تسألُني يَعلــو وجْهَــها الخَـفَــرُ
مــاذا جَـــرى يا تُرى؟ وما الخَبَرُ؟
أراكَ فــي هَــــمٍّ لا تُـغـــــادِرُه
أضاعَ مــنكَ الأحْــبابُ أمْ غَـدَروا؟
أمْ فاتَ حُـــلْمٌ قـد كُنتَ تَرْقُـبُـه
وراحَ مــــثــلَ السَّــرابِ يَـنْحَــسِرُ
أمِ الـلــيالي الســوداءُ جــاثـيَـةٌ
يُكَــدِّرُ الصّــفْــوَ لـــوْنُهــا العَــكِــرُ
قضيْتَ عُمْراً قد راحَ في هَدَرٍ
أمــا تَـنَـبَّـهْـــــتَ أنَّــهُ هَـــــــــدَرُ؟!
ألـمْ تكُــنْ واعِــيــاً وذا حَــــذَرٍ
فـكـيْــفَ مَـــرَّ الزَّمــانُ والعُــمُـــر
وكـنْــتَ لا ترْضى أنْ تُـبَــدِّدَهُ
أَنِـمْــتَ عــنْهُ وَلـــمْ يُـفِــــقْ حَـــذَر
ولمْ تزَلْ في الطريقِ مُـنْتَصِباً
تَعــاوَرَتْــكَ الشُّـمــوسُ وَالمَـــطَــر
ووجْهُكَ العـاري لـلرِّياحِ بَــدا
وُرَيْـــقَـةً في الخــريـفِ تُحْـتَـضَر
إلامَ تبــقى في الــدّربِ مُنْفَرِداً
ألــمْ يَنَـلْ مـنكَ السَّهـلُ وَالـوَعَــر؟!
فقلتُ: لا. وَالنّيرانُ في شَفَــتي
وَقُـلـتُــهــا وَالأَمْــطارُ تَــنْـهَـــمِــر
وحَــوْلِيَ الجَــوُّ فــيهِ عــاصِفَةٌ
وبَـرْقُــهــا والـرُّعــــودُ تَـنْـفَــجِـــر
فلمْ تُخِفْني الْأمْــطارُ مُطــفِــئةً
نـاريَ، أوْ يَخْــمُـــدْ لحْــظَـةً شَـرَر
ولا انْحَـنَـتْ هامَـتي لِعاصِـفَـةٍ
ولــمْ يُـراوِدْ عَـــزيــمَــتي خَـــــوَر
*********
عــابِـثَــةً تسـألـيـنَ في خَــفَــرٍ
وأنتِ لا تعْــرِفــيــنَ ما الخَــفَـــــر
كاذبَــةٌ أنـتِ بــلْ مُـــراوِغَـــةٌ
تَحــارُ فـــيـكِ الـنُّــهـى وتَـنْـبَـهِـــر
وكمْ تَـقَــلّــبْـتِ دونَ سـابِــقَـــةٍ
وَمــا اسْـــتَـقــَرَّتْ عُهـودُكِ الـكُـثُـرُ
يا أُمَّ دَفْــرٍ دَفَرْتِ لي عُـمُري
كــأنَّــــهُ لـحـــظـــــةٌ وَتَــنْـــدَثِــــــر
غـفِـلْتُ عَنْ أيّامي وَنَفْــسيَ إذْ
أغْـــرَيْــتِ عــيْـني كأنَّـكِ القَــمَــــر
وكـنتِ تَبْـديـنَ نصْفَ عارِيَـةٍ
في فِـــتْـنَـةٍ يَــزوغُ مـــنْهــا البَـصَـر
وكـنـتِ تَـبْـــدينَ لي مُحَجَّــبَةً
وَسِــحْــرُ عَـيْـنَـــيْـكِ وَحْـــدَهُ القَـــدَر
خلفَكِ أمْشي الدُّروبَ في لَهَفٍ
والعــيــنُ بلْ والــفُـــؤادُ يَـنْـتَــظِـــر
لعَــلَّهُ يَحْــظى بالتي ابْتَعَــدَتْ
وهْــيَ المُــنى والمُــــرادُ والــوَطَــرُ
ومـا تـزالـيـنَ أنتِ غــــانِـيـــةً
تَجْــــتَـذِبُ الـعــاشِـــقــيـنَ أوْ تَـــذَرُ
وما ارْتَوى مِنْ هَواكِ مَنْ فَقِروا
وَلا ارْتَــوى مِنْ هَـواكِ مَنْ بَطِروا
حَـيَّـرْتِ عُــشّاقَـكِ الّـذينَ أتَــوْا
وَخُـــنْـتِ عُـشّاقَـــكِ الأُلى غَــبَـروا
فَهَلْ أنا غَـيْرُ مَنْ أتَوْا وَمَضَـوْا
كَأنَّــهُــمْ مــا عــاشوا وَلا عَـمَــروا
نعـمْ أنــا مِـثْـلُهُــمْ وَلي سَــبَبٌ
وَغَــيْـرُهُــمْ إذْ لــمْ تَـثْــنِـني الغِــيَر
أقــــولُ آهٍ ولــمْ ألاقِ صَــــدًى
يُجــــيـبُ آهـــاتي ثـمَّ يَـنْــتَــصِـــر
سِوى الذي في الأعْماقِ مِنْ أمَلٍ
بِـأنَّ ربّـي يُعــيـنُ مَــنْ صَــبَروا
ذلــك إيمــــانٌ بِالـعَــــدالـــةِ لا
قَـــــوْلَ سِــواهُ وَلا بــهِ كَـــفَــــروا
وَلا يَمُــــرُّ الصَـنـيعُ مُـنْـدَثِــراً
وَإنّــــــمـــا عــــنـدَ اللهِ يُــدَّخَــــــر
*****************************
الشاعر حسن منصور
[من المجموعة الثانية عشرة، ديوان (عندما تنكسر الدائرة) ـ دار أمواج ـ عمّان]
__________________________________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق