الجزء الثالث من (درر الأنام في تاريخ الإسلام)
( هزيمة الفرس والروم)
----------------------------
نَحْنُ الْمُلُوكُ فَمْن يُعَادِي مُلْكَنَا
وَلَنَا الْمَمَالِكُ وَالزَّعَامَةُ تَنْتَقِلْ
مِنْ بَأْسِنَا سَيْفٌ يُسَلُّ عَلَى الْعِدَا
مَا إِنْ رَآهُ الْخَصْمُ فَرَّ بِمَا حَمَلْ
فَتْحُ الْعِرَاقِ بِبَأْسِهَا وَقَتَادِهَا
قَدْ مَدَّهَا الْإِسْلَامُ حُسْنًا وَانْسَجَلْ
حَمَلَ اللِّوَاءَ ابْنُ الْوَلِيدِ مُقَاتِلًا
وَلَهُ الْإِمَارَةُ ذَاكَ مِفْتَاحُ الْأَمَلْ
مَا قَادَ حَرْبًا أُشْعِلَتْ بِلَهِيبِهَا
إِلَّا وَأَصْبَحَ شَامِخًا مِثْلَ الْجَبَلْ
وَأَبُو عُبَيْدَةَ لِلْإِمَارَةِ بَعْدَهُ
تِلْكَ اللَّآلِئُ مِنْ رُؤَاهَا نَكْتَحِلْ
فَأَتَتْ جُيُوشُ الْفُرْسِ فَوْقَ عَتَادِهَا
جُنْدًا كَثِيفًا بِالنَّوَاحِي وَالْقَبَلْ
قَدْ أَقْبَلُوا بَعَتَادِهِمْ وَحُصُونِهِمْ
حَرْبُ الْعِظَامِ أَجِيجُهَا لَا يُحْتَمَلْ
أُولَاهُمُو حَرْبُ السَّلَاسِلِ قُيِّدُوا
بِسلَاسَلٍ لَمْ تُغْنِهِمْ تِلْكَ الْحِيَلْ
خَرَجَتْ لَهُمْ فِرْسَانُنَا قَلْبَ الْأَسَى
وَقَضْتْ عَلَيْهِمْ لَمْ تَذَرْ مِنْهُمْ رَجُلْ
إلَّا وَمَاتَ بِضَرْبَةٍ لَا غَيْرَهَا
أَوْ فَرَّ خَوْفًا مِنْ سُيُوفٍ لَا تَكِلْ
فَأَتَوْا بِجَيْشٍ ثُمَّ جَيْشٍ بَعْدَهُ
سَدُّوا الْفُرَاتَ بِظَنِّهِمْ أَنْ لَا نَصِلْ
وَتَقَهْقَرُوا خَلْفَ الْحُصُونِ وَأَدْبَرُوا
فَرَّ الْخُصُومُ وَبَاتَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلْ
عَمَدُوا عَلَى الْأَنْبَارِ ضَرْبَ عُيُونِهَا
عَبَرُوا لَهُمْ مِنْ فَوْقِ جُسْمَانِ الْإِبِلْ
هِيَ وَقْعَةٌ لِلْفُرْسِ هُمْ أُسِرُوا بِهَا
قَدْ سُمِّيتْ ذَاتَ الْعُيونِ كَمَا نُقِلْ
فِي الْقَادِسِيَّةِ أُشْعِلَتْ نِيرَانُهَا
كَرٌّ وَفَرٌّ فِي حِرَاكٍ مُشْتَعِلْ
فُرْسٌ وَرُومٌ وَالْقَبَائِلُ أَقْبَلُوا
خَلْفَ الْفُرَاتِ وَأُرْكِسُوا مِثْلَ الْأُوَلْ
وَلَقَدْ تَحَطَّمَ عَرْشُ كِسْرَى مَا بَقِيْ
حِصْنًا مَنِيعًا يَعْتَلِيهِ وَلَا جَرَلْ
عَادَتْ جُيُوشُ الْمُسْلِمِينَ بِنَصْرِهَا
نَصْرًا مُبِينًا فِي عِدَادٍ مُتَّصلْ
فَتَجَمَّعَتْ تِلْكَ الْجُيُوشُ بِعَدِّهَا
وَتَجَهَّزَتْ بِعَتَادِهَا كَيْ تَنْتَقِلْ
أَرْضُ الْمَعَارِكِ أَرْضُهَا وَحُصُونُهَا
مَحْمِيَّةً بِبَسَالَةٍ لَا تَمْتَثِلْ
قَصَدَتْ جُيُوشَ الرُّومِ فِي عُقْرٍ لَهُمْ
فِي شَامِنَا وَبِهَا الْمَعَالِمُ لَا تَزَلْ
هُمْ قُوَّةٌ عَظُمَتْ بِعَدِّ حُصُونِهِمْ
ظَنُّوا بَأَنَّ قُوَاهُمُو لَا تَنْضَحِلْ
لَمَّا رَأَوْا بِقُدُومِنَا وَتَأَمَّلُوا
قَدْ أُرْكِسُوا وَالظَّنُّ مِنْهُمْ قَدْ بَطَلْ
فِي وَقْعَةِ الْيَرْمُوكِ قَلْبَ حُصُونِهِمْ
حَرْبُ الْعِظَامِ تَأَجَّجَتْ حَتَّى الْوَجَلْ
طَالَ الْقِتَالُ وَظَلَّ فِيهِمْ بَأْسُنَا
كَادَ الْعَدُوُّ بِأَنْ يَنَالَ وَلَمْ يَنَلْ
اللهُ قَوَّمَنَا وَشَدَّ بأَزْرِنَا
صَبْرًا وعَزْمًا فِي ثَبَاتٍ مُكْتَمِلْ
إِذْ كَانَ فِينَا عَدُّنَا وَعَتَادُنَا
مِنْ بَيْنِنَا هُمْ كَثْرَةٌ نَحْنُ الْقِلَلْ
مِائَةٌ لَنَا تَجْتَاحُ أَلْفًا مِنْهُمُو
مَا إِنْ رَأَوْا بِسُيُوفِنَا خَوَتِ الْمُقَلْ
نِعْمَ الَّذِي حَمَلَ اللِّوَاءَ مُصَابِرًا
عَزَّ الْإِلَهُ بِنَصْرِهِ ذَاكَ الْبَطَلْ
فَغَزَتْ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ جُسُومَهُمْ
قَتْلًا وَجُلُّ جِرَاحِهِمْ لَا تَنْدَمِلْ
أَيْنَ الْمُلُوكُ عُرُوشُهُمْ وَحُصُونُهُمْ
كِسْرَى وَقَيْصَرُ بِالْجَلَالَةِ وَالْحِيَلْ
فَقَضَى عَلَيْهِمْ بَأْسُنَا وَأَصَابَهُمْ
مِنْ بَعْد عِزٍّ قَائِمٍ كَرْبٌ وَذُلْ
*****************
الشاعر السيد الديداموني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق