ما وراء السطور - أَحْجَارٌ وَ نَفْثَةُ سُمٍ ! -
شَعَرَتْ بِنَدَمٍ عَظِيمٍ ، حَيَّةُ الْبَرَارِي بَعْدَ عَدِيدِ لَدَغَاتٍ لِمَعْشَرِ الْبَشَرِ ، فَقَرَرَتْ أَنْ تَتُوبَ عَنِ اللَّدْغِ وَ تَكُفُّ أَذَاهَا عَنِْ النَّاسِ !.
ذَهَبَتْ تَسْأَلُ الْمَشُورَةَ ، حَكِيمٌ: قَدْ ظَلَلْتُ دَهْرًا فِي مَصِيرٍ سَقِيمْ ، أُؤْذِي بِلَا طَرَفٍ وَ لَا فُؤَادِ رَحِيمْ ، فَأَرْشَدَهَا أنْ : اعْتَزِلِي النَّاسَ بَعِيدًا وَ إقْضِي حَيَاتَكِ بِمَعْزِلٍ عَنْهُمْ ، لَا تحتكين بِهُمْ فَلَا تَشْتَهِينَ لدغهم .
وَ فِعْلًا ، و عَمَلًا بِنَصِيحَةِ الْحَكِيمْ ، كَانَ يومًا مَعْلُومًا حِينَ خَرَجَت الْحَيَّةُ تَطْلُبُ الْبِعَادَ وَ نَأت بِنَفْسِهَا بَعِيدًا عَنِْ الْعِبَادِ كَمَا شَارَ عَلَيْهَا الرَّجُلُ الْفَهِيمْ - وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ -
لَكِنَّ بَعْض الْفِتْيَّةِ فِي مُسْتَهَلِّ الطَّيْشِ ، عَزَمُوا عَلَى رُكُوبِ الْأَخْطَارْ ، فَارَقُوهَا طَلَبًا لِلْمُغَامِرَةِ الدِّيَار ، بِالصُّدْفَةِ ! يَرَوْنَ حَيَّةَ الْبَرَارِي ، بِدَايَةً انْتَابَهُمْ الْخَوْفُ الشَّدِيدُ مِنْهَا ، إِقْتَرِبُوا ، وَجَدُوهَا سَاكِنَةً لَا حَرَكَةَ وَ لَا ضَرَرْ ، رَمَوْهَا بِبَعْضِ الْحَجَرْ فَلَمْ تُحَرِّكْ سَاكِنًا ، رَأَوْا أَنَّهَا لَا تَسْتَجِيبُ وَ لَا تَرُدُّ !؟
رَمَوْهَا مَرَّاتٍ وَ مَرَّاتٍِ ...وَ أَصْبَحَت تَسْلِيَتِهِمْ كُلَمَا قَرَّرُوا نَيْلَ بَعْضِ الْمُغَامِرَاتِِ! وَ صَارَ الْحَجَرُ أَحْجَارًا وَ لَابُدَّ لِحَيَةِ الْبَرَارِي مِنْ قَرَار...
ذَاقَتْ ذِرْعًا بِفِعْلِهِمَْ، فَعَادَتْ أدْرَاجَهَا إِلَى ذَاتِ الرَّجُلِ الْحَكِيمِ ، تَسْأَلُهُ : يَا ذَا الْحِكْمَة ،قَدْ فَعَلْتُ كَمَا أَرْشَدَتْنِي، أنْكَسْتُ رَايَاتِ الْهِمَّةِ وَ كَفَفْتُ عَنْ مَاضِيَّ حَتَّى عَايَشْتُ الْيَوْمَ مِنْ ضَرَرِ الصِّغَارِ مَا أَلْقَاهُ ، وَ مِنَ الْغَضَبِ سَهْمًا أَصَابَ صَبْرِي مَرْمَاهُ، فَدُلَّنِي فِي أَمْرِي كَيْفَ مُنْتَهَاهُ؟ فَإِنَّ سُكُوتِي جَعَلَنِي مَطَالِ الْيَدِ فِي مِهَانَةٍ، وَ صَبْرِي قَصُرَ الزَّمَنُ أَوْ طَالَ سَيُنْفِذُ لَابُدَّ ، وَيَلْتَاهُ ..!
ذُقْتُ ذِرْعًا بِالاسْتِكَانَةَ!!
فَرَدَّ الرَّجُلُ الْحَكِيمُ : لِيَكُنْ لَك فِي كُلِّ يَوْمٍ نَفْثَةُ سُمٍ ، تَرْفَعِينَ رَأسَكِ سَامِيًا وَ تَبُخِينَ سُمَّكِ فِي الْهَوَاءِ عَالِيًا ،
يَرَاهُ الْجَاهِلُ فَيَعْلَمُ !
وَ يَرَاهُ الْأَوْبَاشُ فَيَرْتَدِعُونَ !
وَ هَكَذا تَرُدِينَ هَوَانَ الْأَحْجَارِ فِي قَادِمِ الْأَيَّام، بِنَفْثَةِ سُمٍ تَكُونَ لَكَ حِمَايَةً ، وَ رمَايَةَ خَوْفٍ مُزَعْزِعٍ لِلنُّفُوسِ الْمُسْتَغَلَّةِ مِن الْأَنَامِ!
------------------
الْعَمُود مُعَنْوَنٌ بِـ #ماوراءالسطور ، و تَجِدُونَه مُقَيَّدًا بِاسْمِي الْخَاصّ ، سواء على النسخة الورقية للجريدة أو الإلكترونية..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق