الخميس، 18 مايو 2023

صدى البطل وبوتين / بقلم / أيمن فايد

 صدى البطل وبوتين ,,

بقلم : صدى البطل ,, أيمن فايد ,,
الرئيس بوتين والسيد دوغين لقد قلت لكما منذ الساعات الأولى لدخول الجيش الروسى فى أوكرانيا أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها استراتيجية تتفرد بالعمل بها دون غيرها، تحتكرها دون منازع، وأن هذه الاستراتيجية تضمن للولايات المتحدة وبشكل خطير تحقيق النصر فى مختلف معاركها إنها ( استراتيجية تعدد الوسائل - أو البدائل )
واذا لم تتفهم روسيا هذا الأمر وتعيه جيدا ستخسر خسرانا مبينا.
فى الحقيقة ليست روسيا وحدها هى التى ستخسر بل كل الدول حتى دولة فى حجم الصين أو فى مكانة وأهمية مصر.
لذلك قدمت لكم الحل الذى يضمن كسر هذه العنجهية والصلف والغطرسة الأمريكية التي توفرها لها تلك الاستراتيجية عن طريق الاستخدام السلبي لها.
وها هو الكسندر دوغين عقل بوتين
يقول على قناة اسكاى نيوز عربية قبل يومين، تحديدا يوم الاحد ١٥ مايو ٢٠٢٢ فى حلقة بعنوان:
"روسيا أخرجت كل أوراقها لتتصدى لهيمنة الغرب"
وذلك ردا على سؤال المذيع له: تحدثتم عن نصر حتمي على الغرب فى هذه العمليات العسكرية أو فى هذا الصراع بين روسيا والغرب على أى أساس وضعتم هذه الحتمية؟!!
- رد ألكسندر دوغين قائلا: ( أظن أنه يجب علينا الإنطلاق من مسألة أساسية، هذه العملية العسكرية بالنسبة لروسيا ليست بمثابة نزاع محلي يمكن أن يخلف تداعيات مماثلة للصراعات المحلية المعتادة، روسيا وضعت كل أوراقها على الطاولة لتتحدى بعملياتها هذه السيطرة والهيمنة المطلقة للغرب وبهذا التحدي إما أن تنتصر أو يفنى العالم كما قال بوتين:
"إن لم يكن هناك روسيا فلن يكون هناك أى مخرج ٱخر"
الانتصار أو الفناء هل تفهمني...
واستطرد دوغين قائلا: بالنسبة للغرب المعادلة تبدو مختلفة تماما، الغرب يعتقد بأنه قادر على الاحتفاظ بأوكرانيا تحت سيطرته ونفوذه، ويمكن أن يخسر أوكرانيا أيضا، ولا أعتقد أن الأمور وصلت إلى استعداد الغرب إلى استخدام السلاح النووي، أو إلى حد استفزاز روسيا لاستخدام هذا السلاح، لأن الغرب لا يجد نفسه أمام طريق مسدود بعكس روسيا التي وجدت نفسها كذلك بسبب المواقف الغربية بهذه العملية التي تقوم بها، يمكن القول بأن روسيا قد أحرقت كل الجسور ولم يعد هناك أى مجال لطريق العودة إلى الوراء ولا خيار أمامها إلا تحقيق النصر ) انتهى كلام دوغين
كلام دوغين واضح تماما فبحسب تصريحه يفهم أن أمريكا لديها فرصة حتى بعد انتصار روسا في أوكرانيا أما روسيا فلو خسرت الحرب فى أوكرانيا ضاعت لذلك ليس أمامها من خيار غير استخدام السلاح النووي وهذه النقطة أوضحتها فى المقالات الثلاثة الخاصة بالحرب الروسية الأوكرانية.
باختصار: إن روسيا ليس لديها من خيار غير الانتصار فى أوكرانيا، ولكن هذا الانتصار لن يتحقق إلا إذا كسرت روسيا احتكار أمريكيا ( استراتيجية تعدد الوسائل أو البدائل) التي تتفرد بها وتضمن لها رفاهية وترف استخدام البدائل بعكس روسيا التى ليس لديها هذه الميزة وهذا ما يعرض أوراق قوتها وأدواتها للخطر. وعلى هذا الأساس ينقسم هذا الفصل إلى مطلبين:-
الأول:خاص بشخصية ألكسندر دوغين وظروف نشأة نظريته.
الثاني: خاص بأوراق روسيا الاستراتيجية في هذه الحرب.
المطلب الأول
ألكسندر دوغين النشأة والنظرية ونقدها
ألكسندر دوغين: هو سياسي وفيلسوف وباحث سياسي واجتماعي روسي، ومؤسس للمذهب الأوراسي الجديد. ويتجه نشاطه السياسي نحو استحداث إقامة دولة روسية عظمى عن طريق التكامل مع الجمهوريات السوفيتية السابقة، وبالدرجة الأولى الأقاليم التي ينطق أهاليها اللغة الروسية مثل القرم وأوكرانيا الشرقية.
ولد “دوغين” في عائلة عسكرية في يناير 1962، وكان والده ضابطاً كبيراً في “الاستخبارات العسكرية السوفياتية” في هيئة الأركان العامة. ودرس في معهد موسكو للطيران. لكنه لم يكمل دراسته فيه لأسباب سياسية. ودافع فيما بعد عن أطروحة الفلسفة ليحوز على درجة الدكتوراه في الفلسفة، كما دافع فيما بعد عن أطروحة العلوم السياسية لينال درجة دكتوراه الدولة في العلوم السياسية. وعمل دوغين بتوصية من والده في قسم الوثائق الروسية في “الكي جي بي” ونتيجة لاطلاعه ودراسته لهذه الوثائق التي لم يعلم بوجودها سوى قلة قليلة من الناس، استطاع البحث والتحقيق في الفاشية والأوراسية والنظريات المختلفة، ويكوّن آراءً بشأنها.
وكان يمارس في ثمانينات القرن الماضي نشاطاً معارضاً للسلطة السوفيتية. وانخرط في بعض التنظيمات ذات الطابع القومي بما فيها جبهة ”باميات” (الذاكرة) التي ترأسها الناشط القومي دميتري “فاسيليف”.
إلا أن انهيار الاتحاد السوفيتي غيّر موقفه من النظام السوفيتي والشيوعية، بشكل جذري وبدأ يصف هزيمة الاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة، بأنها انتصار لحضارة البحر على حضارة اليابسة من وجهة النظر الجيوسياسية، وعاد إلى فلسفة البلشفة الوطنية والميتافيزيقية الشيوعية والمذهب الاوراسي.
ظروف إنتاج “نظرية دوغين”
يمكن للتدقيق في سيرة “ألكسندر دوغين” أن يكشف عن شخصية متمردة وحالمة ومسكونة بـ “مجد روسيا” في آن معاً. وربما يفترض البعض أن انهيار الاتحاد السوفياتي كان انهياراً لمنظومة تضم عدداً كبيراً من الدول والقوميات، وهذا صحيح إلى حد بعيد، ولكنه قبل ذلك وبعده كان انهياراً لروسيا وحضورها الإمبراطوري في السياسة الدولية. وعملياً فقد كان “مجد روسيا” حاضراً في تفكير الكثير من النخب الروسية (والسوفياتية) حتى الشيوعية منها. وسوف لن يبدو مستغرباً أن يتحدث الزعيم الشيوعي السوفياتي (الجورجي الأصل) “جوزيف ستالين” عن “مجد روسيا، والشعب الروسي العظيم”، في احتفالات النصر التي تلت الحرب العالمية الثانية.
شكل الاتحاد السوفياتي (وروسيا في قلبه) قطباً دولياً منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية. ومع أن قوته (الاقتصادية والعسكرية) لم تكن بحجم القوة الأمريكية، إلا أن "ستالين" استطاع الحضور نداً في السياسة الدولية التي اتسمت طوال عقود بما عرف بـ “ثنائية القطبية”، وبسيادة منطق “الحرب الباردة”.
تقدم سرديات عديدة جملة كبيرة من الأسباب التي أدت إلى الانهيار السوفياتي، ومنها: الفساد والترهل الإداري، وتفشي البيروقراطية، وغياب الحريات الأساسية، والأزمات الاقتصادية المتتالية، واستنزاف الموارد في دعم دول المنظومة الاشتراكية، وفي سباق تسلح هائل فرضته الولايات المتحدة الأمريكية على السوفيات. ولعل السبب الأخير هو الأوقع أثراً على تلك البنية الكبيرة التي كانت لديها موارد كثيرة، ولكنها كانت تقوم بإنفاق هائل أيضاً.
ويحسب على أسباب الانهيار أيضاً “الخلخلة” التي أصابت منظومة الدول الاشتراكية، والتي بدأت تخرج من الفلك السوفياتي محدثة صدوعاً واسعة في ما كان يطلق عليه الإعلام الغربي اسم “الستار الحديدي”.
بدأ الانهيار من طريق اقتراحات لإعادة النظر في الرؤية وطرق العمل السياسي والاقتصادي قدمها زعيم الحزب الشيوعي في حينه “ميخائيل غورباتشوف”، والذي عرض رؤاه تحت عنوانين شهيرين هما: “البروسترويكا” و” الغلاسنوست” (التغيير والشفافية). وهو اعتقد أن بالإمكان إعادة تجديد الحزب والنظام معاً، لكن النتيجة كانت مغايرة تماماً لما أراده: سقط الحزب والنظام والمنظومة السوفياتية في آن معاً، وكاد السقوط يطيح بالاتحاد الروسي نفسه.
مثل هذا الزلزال الذي أخذ زمناً مديداً صدمة كبيرة على مستوى العالم كله. أعلنت الولايات المتحدة انتصارها. وجاءت المتغيرات بـ “دمية مخمورة” (بوريس يلتسين) إلى رأس السلطة الروسية، ليشعر القوميون الروس، فضلاً عن الشيوعيين القدامى بإذلال شديد لبلادهم. لم يكن الإحساس بالإذلال متعلقاً بشعور قومي مجروح فقط، بل كان الإذلال واقعاً قائماً. ولعل من مشاهده العالقة بذاكرة الكثيرين، وقوف مئات الناس أمام المتاجر الخالية وهم يتضورون جوعاً في ما كان إمبراطورية كبيرة، فضلاً عن مشاهد أخرى كثيرة. ومن بينها تآكل الترسانة العسكرية التقليدية، وعمليات البيع غير المشروعة للأسلحة والتكنولوجيا العسكرية. كما بدأت أقاليم ودول في الاتحاد الروسي تسعى إلى الانفصال. وسيطرت المافيا على الاقتصاد، وشاعت الجريمة على نحو غير مسبوق.
ترجم الرد على الإذلال بمحاولة انقلاب عسكرية فاشلة. وبقي يلتسن في السلطة لبعض الوقت قبل أن يستقيل عام 1999 ويكلف رئيس الوزراء “فلاديمير بوتين” رئيساً بالوكالة، قبل أن يصبح رئيساً منتخباً في العام التالي. وقد عمل “بوتين” سابقاً في جهاز الاستخبارات الروسية وفي ديوان الرئاسة، وكان في السابق ناشطاً في الحزب الشيوعي السوفياتي. وقد نجح في بناء شبكة تحالفات معقدة من أجهزة المخابرات ورجال الأعمال والكنيسة والمؤسسة العسكرية والقوميين الروس والشيوعيين الغاضبين على ما حل بالبلاد. ووفر من خلال هذه التحالفات سلطة للعودة بالاتحاد الروسي إلى أن يكون دولة محترمة، فنجح في وقف النزعات الانفصالية بعنف شديد، وأخذ في تنشيط الاقتصاد مستفيداً من عائدات النفط والغاز. لكنه في تلك المرحلة بدا غير مهتم بدور روسيا الدولي، فبقيت روسيا قزماً سياسياً على المستوى الدولي، بينما كان الغرب منفرداً بقيادة العالم، حتى أن روسيا لم تستطع وقف الهجمات على حلفائها الصرب (الأرثوذكس). وفقط في نهاية ولايته الرئاسية الثانية (2007) بدأ “بوتين” بالمشاغبة على الولايات المتحدة، وهو الوقت الذي طرح فيه دوغين نظريته السياسية. بحيث يبدو متناغماً بشكل كبير جداً مع طروحات “بوتين” الذي طرح أفكاراً ودخل في مشاريع لتوسيع الفضاء الروسي انطلاقاً من محاولة لملمة بقايا الاتحاد السوفياتي، وقمع قوى التهديد للاتحاد الروسي على غرار ما حدث في جورجيا.
سعى “بوتين” لإقامة نوع من التجمع الدولي في الفضاء القريب لروسيا من أجل مواجهة الهيمنة الأمريكية والغربية، وهنا جرى استحضار فكرة ” الأوراسية” (الفضاء الأوروبي الآسيوي)، وهي فكرة تعود إلى القرن الماضي.
تجري الإشارة غالباً إلى أن “دوغين” هو العقل المدبر لـ “بوتين” على مستوى التفكير السياسي الإستراتيجي حول دور روسيا. وثمة إشارات إلى أن “دوغين” يتولى صوغ أفكار الرئيس. وربما التقى الإثنان في الرؤية حول مجد بلادهما. ولكن ما نريد التأكيد عليه هنا هو أن “نظرية دوغين” تمثل رد فعل على الانهيار السوفياتي، وتراجع الدور الروسي، والذي عاد بقوة الآن، خاصة بعد “حرب القرم” والتدخل الروسي في سوريا.
نظرية دوغين "النظرية السياسية الرابعة"
تشكل “الأوراسية الجديدة” مرتكز “نظرية دوغين” الذي يعتبر أن القرن العشرين هو قرن الأيديولوجيات التي فشلت.
و“يرى دوغين أنه منذ هزيمة الفاشية والشيوعية وذهابهما فى التاريخ، فان الليبرالية تصول وتجول فى الساحة دون منازع، بل حتى تتظاهر بأنها ليست أيديولوجيه إلى جانب الإيديولوجيات الأخرى، بل هى واحده من مكونات الحياة الانسانيه الطبيعية .. ويعتبر دوغين أنه مع فشل المشروع الحداثي الغربي والمصير المأساوي الذي أنتجته أيديولوجياته الثلاث الرئيسية: (الليبرالية والشيوعية والفاشية) والتي لم تستطع حماية الشعوب، أو أن تضمن لها الرفاهية والسلام، فقد أفلست الليبرالية (النظرية الأولى) حين دفعت الإنسان العقلاني إلى الاغتراب والفناء والوهم بعدما فككت مرجعياته. تقود الولايات المتحدة الأمريكية المشروع الليبرالي بنمطه الاحتكاري وتسعى إلى عولمته وفرض معاييره. فهما يلتقيان، حيث يتفق ما تقوم الليبرالية عليه من الفردانية وأن الإنسان معيار كل شيء، مع سيطرة أمريكا باعتبارها مرجعاً للنظام العالمي. ولكن يثبت الوعي النقدي أن قيم الليبرالية زائفة، فالفرد المقدس والحر غدا مع المجتمع الاستهلاكي، عبداً للسوق والسلع، والديمقراطية أصبحت تنتج اللامساواة والاستبداد، لتتحطم بذلك السرديات الكبرى حول العقلانية والتقدم والمساواة”.
لا يقل نقد “دوغين” للنظريتين الأخرتين حدة عن نقده لليبرالية، ففلسفة اليسار (النظرية الثانية) تشهد تحولات وأزمة في مشروعها ومنطوقاتها الدوغمائية. وينقسم اليساريون عموماً إلى اتجاهات ثلاثة:
اليسار القديم، الشيوعية القومية، اليسار الجديد - النيو يسارية ما بعد الحداثي - وكلها تعاني فقدان مشروع ثوري للمستقبل واكتفت بمطالب لا تختلف عن مطالب الليبراليين: تمثيل أكبر، حرية، حقوق الإنسان، مساواة.
أما نسخة اليسار المتطرفة الفاشية (النظرية الثالثة) التي مورست على يد موسوليني ومشروع الاشتراكية القومية لهتلر، فهى لم تكن بالفعل نزعة دولاتية، بل كانت اشتراكية بمعنى أنها عملت على تعبئة المكونات الاجتماعية – أحياناً بمنهجية قسرية - لخدمة جهاز الدولة”.
هذه الرؤية النقدية التي تحكم على النظريات الثلاث بالفشل، وبعدم صلاحيتها لروسيا التي مرت من وجهة نظر "ألكسندر دوغين” بمرحلتي الشيوعية والليبيرالية. ويتوجب عليها الآن الدخول في مرحلة جديدة تعتمد على رؤية سامية تعم الفضاء الأوراسي الواسع، من شأنها تطبيق فكرة ميتافيزيائية مستحيلة تكمن في تحويل العالم على أسس أخلاقية جديدة وليس على قيم مادية استهلاكية برجوازية”.
النظرية السياسية الرابعة فى التقييم
وفق المقاييس النظرية البحته لمفهوم النظرية السياسية، نطرح السؤال التالى: هل يمكن اعتبار طروحات “دوغين” بمثابة “نظرية سياسية”؟!!.. وهى مثلها مثل كل نظرية سياسية، لها من يؤيدها ولها من يعارضها. ووفق “يفغيني دياكونوف” الذي قال:
“ينتقد البعض دوغين ويتهمه باتباع مذهب فاشي. إلا أنه يرفض ذلك قائلاً: إن النظريات الشيوعية والفاشية والليبرالية قد فات أوانها فى القرن العشرين. وروسيا تواجه الآن تحديات مرحلة جديدة، أو بالأحرى مرحلة الثورة الروسية الوطنية المحافظة التي تتصف بالجمع بين الأصالة والوفاء للتقاليد والأخلاق الوطنية من جهة، والبرنامج الاقتصادي اليساري الذي يقضي بالعدالة الاجتماعية والحد من فوضى السوق والتخلص من عبودية الفوائد وحظر المضاربة في البورصة والاحتكارات، وانتصار العمل النزيه على السعي إلى كسب المال”.
وغير خاف أن تطابق الرؤى بين الرئيس الروسي "بوتين" والمفكر “دوغين” قد جلب مؤيدين كثر للنظرية التي يرى فيها البعض مذهباً سياسياً رسمياً لروسيا. حيث “يحظى الفكر الأيديولوجي الذي يتبعه ألكسندر دوغين بدعم بعض المسؤولين الحكوميين والإعلاميين، وبينهم "إيفان ديميدوف" المسؤول في الديوان الرئاسي، و"ميخائيل شيفتشينكو" و"ميخائيل ليونتيف" مقدما البرامج فى القناتين الأولى والثانية للتلفزيون الحكومى و"ألكسندر سولونين" عميد كلية الفلسفة في جامعة بطرسبورغ الحكومية، إلى جانب "ألكسندر بروخانوف" رئيس هيئة تحرير صحيفة “زافترا” الذي يصف دوغين بأنه منظر روسي واعد، ونجم صاعد في فلك الفلسفة الروسية يجمع بين التقاليد الروسية ورؤى الحداثة الطليعية، نظراً لأن النزعة الأوراسية ستجند مستقبلاً ألوفاً وألوفاً من الأنصار الحاشدة. أما ألكسندر دوغين فهو برأيه منظر بارز لهذه النزعة المستقبلية”.
كما تنال طروحات “دوغين” تأييداً كبيراً من القوى التي تناهض الهيمنة الأمريكية، وتلك التي تطمح إلى عالم متعدد الأقطاب. يرى دوغين أن النخبة السياسية هى بنية غير متجانسة تقودها شبكات التجسس الغربية التي تقاطع المبادرات السياسية للقيادة السياسية العليا. وهو يصف الليبيراليين الغربيين والقوميين الراديكاليين بأنهم خصوم رئيسيون له وللدولة الروسية عموماً”.
- وأنا هنا لا أقدم نقدا "لنافذ أبوحسنه" فيما جمعه عن دوغين، لكن على الأقل يمكنني القول بأن هناك العددين ممن يوجهون سهام النقد الشديد لأطروحات المفكر الروسي ألكسندر دوغين، وأنا أيضا لن أعرض لأى منها بل إن الرجل أولى بنفسه!!
بوتين وألكسندر دوجين.. ثنائي على طريق النهايات
دوغين على إحدى القنوات، وفي السطور القادمة سنذكر بعضاً مما جاء في الحوار الكارثي الذي يكشف لنا عن أزمة كبرى يعيشها الرجل. يقول أليكسندر دوغين:
"أعتقد أن هناك تشابه بيننا، الانهماك المشترك في قدر روسيا وتاريخها وصورتها، بوتين أحب روسيا أكثر من الليبراليين والغربيين. هو وطني بامتياز. وهذا يشرح لماذا ثمة شبه بيننا، نحن الاثنين، نصطف إلى جانب شعبنا، نحن نفكر في الثقافة الروسية وفي الثقافة الدينية، وهذا يعنى أن نبعث روسياً على نحو روسي. بوتين هو الأعظم ويجب أن تجلّ وتسمع كل شعوب العالم الرئيس بوتين. ليس على العالم إلا بروسيا عظيمة قوية، لن نهزم، العملية العسكرية - فى أوكرانيا - مرتبطة بوجودنا. نكون أو لا نكون"، وكرر "لا بد للعالم أجمع من أن يسمع بوتين ويصغي له جيداً. لو حدثت الهزيمة فلن يكون هناك بوتين أو روسيا أو العالم .. ما فائدة العالم من دون روسيا؟".
وعندما تعجب المحاور من كلام دوغين، كرّر له الفقرة الأخيرة المتعلقة بوجود العالم، وقال له:
هل فهمت صح؟ قال: نعم صح. وأعاد تكرار الكلام وتأكيده بصيغ أخرى أشد وطأة وبتهديد صريح، وبملء الفم قال:
"إما أن ننتصر أو نستخدم السلاح النووي، إذا أردتم أن تعيشوا على هذه الأرض عليكم القبول بروسيا عظيمة ذات سيادة، هذا ليس ابتزاز، إن وجود البشرية من دون روسيا أمر محال، بوتين العظيم ونحن أمة عظيمة، نحن دائماً ننفض الرماد ونعود من جديد".
يبدو دوغين في نظريته الجيوسياسية أقرب إلى صموئيل هنتينغتون S.Huntington في صدام الحضارات منه إلى فرانسيس فوكاياما F.Fukuyama في “نهاية التاريخ”، فهو يقسم العالم إلى أربع مناطق متنافسة هي:
الأمريكية، والأفروأوروبية، والباسيفيكية الآسيوية، والمنطقة الأوراسية (وهي الكتلة التي يوليها دوغين عنايته الفكرية الأكبر). كما أن دوغين يعيد الجدال المعروف حول نظريات الصراع بين القوى البرية لماكيندر Mackinder، والقوى البحرية لماهان Mahan)، واستناداً لتقسيمه هذا يرى أن الصراع سيدور بين هذه المناطق، لذا فإنه يقترح لروسيا ما يلى:-
١- التحالف مع ألمانيا التي تمثل قلب القارة الأوروبية، وقد بنى دوغين شبكة علاقات مع اليمين الأوروبي لتدعيم هذا التوجه على الرغم من بعض التباينات في النظرة العامة لكل منهما.
٢- التحالف مع اليابان.
٣- منح إيران مكانة خاصة في العالم الإسلامي (على حساب تركيا)، انطلاقاً من موقفها الرافض للعولمة الأمريكية، وهو يرى أن هذا التحالف الذي تبنيه روسيا لنفسها هدفه مقاومة القوى البحرية.
٤- يدمج دوغين الأراضي السوفييتية السابقة مع الكتلة الأوراسية إلى جانب دمج أوروبا الشرقية ومنشوريا والقطاع الأرثوذكسي في البلقان امتداداً إلى شواطئ المحيط الهندي.
٥- تبدو نظرته للشيعة في الكتلة الإسلامية أكثر إيجابية من نظرته للسنة خصوصاً في طبعتها الوهابية.
أما نظريته السياسية العامة، النظرية الرابعة، والتي تستهدف تقويض أسس نظرية العولمة بمضمونها الليبرالي الديموقراطي، فان دوغين يرى أن لا وجود لقيم عالمية، بل قيم ثقافية لكل قومية، وكل محاولة لتحدي القيم القومية في أي مجتمع تتم مواجهتها بقوة في كل مجتمعات العالم. فوفقاً لدوغين عرف العالم ثلاث نظريات سياسية في مرحلة الحداثة هي: الليبرالية الديموقراطية، والماركسية، والفاشية، وهو يقترح نظرية جديدة توظف بعض معطيات هذه النظريات، فكما أن لكل نظرية من النظريات الثلاثة وحدة تحليل مركزية، فإن وحدة التحليل المركزية لنظريته الرابعة ليس الفرد (كما في الليبرالية)، وليس الطبقة (كما في الماركسية)، ولا الأمة (كما في الفاشية)، بل في ما يسميه دوغين الأبدية (أو الوجود Dasein )، والتي تتم من خلال صياغة نظرية تقوم على فلسفة متعالية تؤمن بعالم متعدد وأخلاقي، عالم يعترف بالشعوب الأخرى وبحريتها بعيداً عن قيم المركزية الغربية المفروضة، وتحترم هذه الفلسفة التقاليد والعائلة والأديان، ولكل ذلك وقع دوغين ونظريته فى التناقض السافر وهذا ما سأوضحه بعد قليل.
المطلب الثاني
أوراق روسيا الاستراتيجية فى مهب الريح
بداية: إن من التعريفات الأكثر وضوح وتداول بين أوساط المتخصصين ما جاء به “رايمون أرون” 1905-1983 في بداية ستينات القرن الماضي عندما وصف “الجغرافية السياسية” بالاطار Cadre و "الجيوبوليتيك" بالرهان Enjeu و "الجيوستراتيجيا" بالمسرح Théâtre.
“فالجغرافيا السياسية” تشكّل الإطار العام، منها تنطلق الرهانات الكبرى التي يضبطها “الجيوبوليتيك” لتجد فيما بعد في “الجيوستراتيجيا” مسرحا لتحققها.
وبناء علي ذلك فإن مشكلة روسيا في إتمام مشروعها أو البقاء على نفسها موحدة تكمن في أنها لا تملك الوسيلة الاستراتيجية الناجعة في تحقيق ذلك - أى أن روسيا تمتلك مفهوم الجغرافيا السياسية كوعاء أو إطار، وتمتلك أيضا الجيوبوليتيكا أى ما تتمناه وتنشده وهو الرهان الأوراسي مقابل الأطلسي، ولكنها لا تمتلك الجيوستراتيجية التي تضمن لها تحقيق رهانها أو طموحها.
ولكى أكون معكم على بينة من الأمر الذي ذهبت إليه وجب على أولا أن أناقش معكم جميع الخيارات الاستراتيجية لدى روسيا علانية والتي تلمح وتصرح بأنها ستعمل بها:-
أولا: استراتيجية استخدام السلاح النووي.
ثانيا: استراتيجية استخدام أزمة الغذاء والغلاء.
ثالثا: استراتيجية استخدام أراذل الشعوب وعمل الفوضى.
رابعا: استراتيجية الاحتيال على المسلمين.
وسنعرض في هذا الفصل الإستراتيجيتين الأولى والثانية حيث أننا تكلمنا بالتفصيل عن الاستراتيجية الثالثة في المقال الثاني للحرب الروسية الأوكرانية، أما الإستراتيجية الرابعة سنقوم بعرضها في فصل ٱخر من الكتاب.
استراتيجية استخدام السلاح النووي
هذا السلاح بكل تأكيد روسيا لا تستطيع استخدامه، ولكن يمكن أن يكون لروسيا ورقة رابحة تستطيع بها كسر استراتيجية الشئ ونقيضه الأمريكية. هذه الورقة هى أقوى من التهديد باستخدام النووي وأسهل، وبها تستطيع روسيا قلب معدلات القوى على أمريكا رأسا على عقب إذا استخدامتها وهى ورقة (ضرب سد النهضة) وذلك بأن تقوم روسيا بمساعدة مصر في ضرب سد النهضة أو تضربه هى بنفسها. لأن ضرب سد الخراب الصهيوماسوني هو الضامن لكم في امتلاك ثلاثة أسلحة هى أقوى من أى سلاح نووى لأنكم بالأساس لن تستطيعوا استخدام السلاح النووي
١- ضرب سد النهضة الصهيوماسوني سيضمن لكم تكاتف أكثر من إثنين مليار مسلم موزعين توزيع عبقري على سطح الكرة الأرضية وقد ظهر هذا الأمر في ثورة المساجد التي تشرفت بأن كان لي دور فاعل في اتمامها.
٢- ضرب سد النهضة الصهيوماسوني سلاح إيجابي وليس سلبي مثل السلاح النووي لذلك سيضمن لكم الدخول في "عصر المحاربين الشرفاء" وهو سنة كونية تخشاه أمريكا والغرب وعملائها المكروهين شعبيا من أنظمة التفاهة ومعارضة السوء، وكذلك مجموعات "أراذل الشعوب" بأجيالهم الثلاثة من - قادة الرأى وجماعات الفرقة - أشد الخشية.
٣- ضرب سد النهضة الصهيوماسوني سيضمن لكم التعامل مع البطولة الحقيقية تلك السنة الكونية السادسة التي المسلمون على موعد معها.
هذا الكلام قلته لكم منذ تسعة سنوات في عدة لقاءات تمت
معي في إذاعة صوت روسيا - اسبوتنيك حاليا - وكان صديقي العزيز دكتور نواف إبراهيم واحد من الذين أجروا معى كثير من هذه الحلقات، وقلته أيضا لكم عبر وفد (حركة شباب ناشي) الروسية عندما زاروني في القاهرة، وقلته أيضا في نفس اليوم الذي دخلت فيه روسيا أوكرانيا اضربوا سد النهضة وإياكم من أمرين:-
١- انتبهوا: أن تكتفوا بالتلويح أو التعويل أو بمعنى أدق الاحتيال على المسلمين بدغدغة مشاعرهم بإدانة إسرائيل أو بتصريح أن القدس للعرب والمسلمين أو إجراء مقابلة مع حركة فتح أو حركة حماس، أو الإعلان من طرف خفي أنكم أوصلتم بعض الصواريخ لغزة .. أو أن بوتين يقرأ أيات من القرآن وينطق في خطابه اسم ( الله ) بهذه الطريقة، أو أنه أى بوتين يضع على مكتبه المصحف.
كيف يتسنى لكم تحقيق تعاطف المسلمين وأنتم قد تعنتم ضد مصر في سد الخراب الإثيوبي وهو مسألة وجودية ليس عند المصريين فقط وانما مسألة وجودية عند كل المسلمين .. كيف تتعاونون مع الشيعة ضد المسلمين وتقولون على بقية المسلمين أنهم متشددون وتصفونهم بأنهم أصحاب اسلام وهابي وأنهم مع أمريكا!!
سبحان الله تناقض مزدوج في نقطة واحدة!!
من المتشدد الذين لديهم سلطة ولاية الفقيه تلك السلطة الثيروقراطية أم المسلمين؟!!
وأيضا أنتم تعلمون أن حكام العرب والمسلمين هم الذين ضد شعوبهم وأن ولاء هؤلاء الحكام لأمريكا، أما ترموا الشعوب بتلك القرية فإنه زعم منكم كاذب، بدليل ٱخر وهو أن إيران وكل أقطاب نظرية الولى الفقيه مع أمريكا ومع إسرائيل
وها هو بايدن يخدمهم بتبنيه المهدي المخفي الشيعي وليس الذي في معتقد ٩٥٪ من المسلمين!!
٢- انتبهوا: أن تلوحوا لأمريكا بأوراق عبثية مثل استخدام السلاح النووي لأنكم قولا واحدا لن تستخدمونه لعدة أسباب أقلها أن نسبة ٢٠٪ أو يزيد من الشعب الروسي معارضين بشدة لهذه الحرب ويستطيعون بسهولة في مثل هذه الحالة أن يهيجوا عليكم الشعب بثورة ضدكم .. ناهيك عن معارضة أقوى حليف لكم وهى الصين لمسألة استخدام السلاح النووي.
لذلك قلت لكم: ساعدوا مصر في ضرب سد النهضة أو اضربوه أنتم ولن يكلفكم ذلك إلا صاروخ واحد أو عدة صواريخ ولا تتحججوا بأن النظام المصري لا يريد أو أن ذلك النظام لن يقبل فكرة ضرب السد بسبب خضوعه هو والمعارضة الفاسدة لأمريكا.
لذلك قلت لكم ثورة الشعوب المسلمة التي ظهرت بروفتها في ( ثورة المساجد ) والتي كانت بالأساس ضد ( عمالقة الوهم ) أنظمة التفاهة ومعارضة السوء وضد المخطط الأمريكي الماسوني برمته ولاسيما في فرض الدين الإبراهيمي.
أى أن بطولة الجماهير الإسلامية حاضرة بسبب تهديد في دينهم وبسبب خطر وجودي على الشعب المصري شعب الأزهر حتى وإن كان الأزهر مختطف الٱن إلا أنهم ما يزالون يكنون له كل الود والتقدير، هذه الشعوب ستكون معكم فغضبة الجماهير هى القنبلة النووية الحقيقية الإيجابية التي تخشاها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها.
وتستطيعون أن تقوموا بإجراء تجربة عملية لقياس الرأى العام في ما قاله "فلاديمير بوتين" أو ما قاله "ألكسندر دوغين" من استخدام السلاح النووي والذي كان منذ شهر أى بعد شهرين من الحرب الروسية الأوكرانية وكان في قناة "الجزيرة مباشر" بعنوان: "ألكسند دوغين: إما أن تنتصر روسيا أو يزول العالم بالسلاح النووي"
في السطور القادمة سنذكر بعضاً مما جاء في الحوار الكارثي الذي يكشف لنا عن أزمة كبرى يعيشها الرجل. حيث يقول: أليكسندر دوغين ما نصه:
( أعتقد أن هناك تشابه بيني وبين بوتين، وهو الانهماك المشترك في قدر روسيا وتاريخها وصورتها، بوتين أحب روسيا أكثر من الليبراليين والغربيين. هو وطني بامتياز. وهذا يشرح لماذا ثمة شبه بنا، نحن الاثنين، نصطف إلى جانب شعبنا، نحن نفكر في الثقافة الروسية وفي الثقافة الدينية، وهذا يعنى أن نبعث روسياً على نحو روسي.
بوتين هو الأعظم ويجب أن تجلّ وتسمع كل شعوب العالم الرئيس بوتين. ليس على العالم إلا بروسيا عظيمة قوية،
لن نهزم، العملية العسكرية مرتبطة بوجودنا. نكون أو لا نكون"، وكرر "لا بد للعالم أجمع من أن يسمع بوتين ويصغي له جيداً. لو حدثت الهزيمة فلن يكون هناك بوتين أو روسيا أو العالم .. ما فائدة العالم من دون روسيا؟".
وعندما تعجب المحاور من كلام دوغين، كرر له الفقرة الأخيرة المتعلقة بوجود العالم، وقال له: هل فهمت صح؟!!
قال: نعم صح .. وأعاد تكرار الكلام وتأكيده بصيغ أخرى أشد وطأة وبتهديد صريح، وبملء الفم قال:
"إما أن ننتصر أو نستخدم السلاح النووي، إذا أردتم أن تعيشوا على هذه الأرض عليكم القبول بروسيا عظيمة ذات سيادة، هذا ليس ابتزاز، إن وجود البشرية من دون روسيا أمر محال، بوتين العظيم ونحن أمة عظيمة، نحن دائماً ننفض الرماد ونعود من جديد".
وتسألني هل من تطور في الموقف الروسي؟!
نعم هناك تطور ملحوظ جدا في خطاب الحرب،
حيث أنهم في بداية الحرب كانوا يتكلمون عن الحسم السريع ولم يتكلموا عن السلاح النووي، ولكن بعد فترة بدأوا يتحدثون عنه بأنه الخيار الوحيد لكسب الحرب في أوكرانيا، ومن يومين تطور الخطاب أكثر فأكثر بأنهم قدموا تفسير لتلويحهم باستخدام السلاح النووي وهو ذكر الاستراتيجية التي قدمتها أنا لهم، والٱن هم في سبيلهم ليتبنوا "استراتيجية تعدد الوسائل - أو البدائل" ولكن لن يتمكنوا من استخدامها في هذه الحرب لأن عنصر الوقت ضاع من بين أيديهم.
أنا أذكره هنا للتدليل على صحته كفرض في ( مشروع روح البطولة ) أذكره لمستقبل المسلمين في الأيام القادمة القريبة جدا.
وأنا هنا في هذه النقطة الفارقة أتعجب من الرئيس بوتين والسيد دوغين عقله المفكر تعجب المستنكر الساخر وليس تعجب قليل الإدراك والحيلة من حالة التناقض المعرفي والأخلاقي التى عليها دوغين وبوتين روسيا في أنهما من جانب يقدمون نموذجا معارضا للهيمنة الأمريكية على شعوب العالم وإذ بهم من جانب ٱخر يلوحون بتدمير وحرق العالم!!
يا سادة إنكم حرفيا تعملون في عصر المتكسبين لذلك أقول إنكم تعملون بوعى على إعادة دورة حياة (عصر المتكسبين - الرأسمالي) الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية بنفسها، بدليل أنكم تقومون بتكربس استخدام النظريات الثلاثة لذلك العصر المهترئ "النظرية الشيوعية، النظرية الليبرالية، النظرية القومية" التي ثبت للجميع فشلهم، وأنتم بأنفسكم تقرون بذلك الفشل أشد ما يكون الإقرار.
وبالرغم من كل هذا نجدكم في نموذجكم الذي أطلقتهم عليه ( النظرية الرابعة ) تتبعون النظريات الثلاثة الساقطة بنصها وفصها وقضها وقضيضها، نعم أنتم لم تراعوا في ثورتكم التى تزعمون أنها حضارية الناحية المعرفية والخلقية ولم تراعوا في مشروعها الأوراسي أبجديات حقوق الغير.
فأى مشروع حضاري قيمي تبشرون به تبقى لكم إذن؟!!
ثم أين إتباعكم للمنهج العلمي في بناء نظريتكم التي أسميتموها ( النظرية الرابعة ) أين هى مكونات، عناصر النظرية الثمانية المعروفة لأى طالب بالمرحلة الثانوية وهى:-
١- الشكل الأساسي (عنوان النظرية - مقدمة النظرية).
٢- مجموعة من التصورات (الأفكار).
٣- مجموعة من الأحكام (البديهيات والقروض).
٤- التعريفات الإجرائية ابتداء من الفروض، والمتغيرات، والمؤشرات.
٥- المنهج المستخدم لاختبارات والعلاجات بين الفروض.
٦- تحليل البيانات.
٧- تفسير البيانات.
٨- تقييم البناء المنطقي المنهجي التجريبي النظرية.
بل إن مشروعكم "الجيوبوليتيكا السياسية" المشروع الأوراسي منحول بالكامل نسخة كربون من دفاتر وأوراق القرن الماضي، مشروع منقول حرفيا بورقة من أدبيات
(عصر المتكسبين الرأسمالي) الذي تدعون أيها الروس أنكم ضد هيمنته على كل شعوب العالم.
وكما أوضحت لكم من قبل أنتم تقعون فيما وقع فيه الفيلسوف المناضل "أنطونيو جرامشي" أفلا تعقلون!!
فإما أنكم بلهاء سذج قليلي المعرفة ومحدودي الإدراك وإما أنكم كذبة وخونة، كيف يستقيم الأمر إذن يا سيد دوغين!!
تقول: "أنا ضد الرأسمالية وأنا مع العدالة الاجتماعية وأنا من أنصار "أنطونيو جرامشى" وأنت تعيد ما وقع فيه بالحرف الواحد رغم التراكم المعرفي الذي حدث على مدار سبعة عقود بينك وبين جرامشي؟!!
أليس هذا كلامك: "إن روسيا قدرها الانتصار وليس لدينا خيار ٱخر لأن المسألة بالنسبة لنا وجودية، ونحن نحارب في أوكرانيا لهزيمة الولايات المتحدة وكسر القطبية الواحدة،
إنه القتال ضد الهيمنة الأمريكية وليس الأمريكية فحسب، ولكن النخبة العالمية الليبرالية التي تحاول أن تسيطر على العالم، أتحدث هنا عن منتدى دافوس، وضدد خطط سيروس في التوسع فيما يسمى القيم الليبرالية التي تضغى
على جميع الحضارات.
إننا نقاتل ضد المنظومة الشمولية الليبرالية المهيمنة وليس ضد الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا كبلاد أو أوكرانيا كبلد، إنه قتال المبادئ إنه حرب الأفكار. إنها حرب مرتبطة بالنظام العالمي. والمفكر "فرانسيس فوكوياما" كتب مقالا مؤخرا قال فيه: "روسيا الٱن تقاتل ضد نهاية التاريخ"،
وهذا السيد محق في مقالته بالفعل، ولذلك كى نوفر للشعوب والحضارات الأخرى حقها في أن تقرر مصيرها وليس أن تكون دمى للأمريكيين باستخدام الأيديولوجيات المتطرفة كما يحدث في أوكرانيا". أليس هذا كلامك؟!!
فكيف يا سيد دوغين تنتقد الهيمنة الأمريكية وتقاتل ضد المنظومة الشمولية الليبرالية الغاشمة، وتقاتل من أجل المبادئ والقيم وحقوق الغير وأنت تمارس مع هذه المنظومة العالمية الفاسدة التي تنتقدها كما قلت ذلك فيما أسميتها بنظريتك الرابعة، كيف تمارسون مع أمريكا والغرب ضد الشعب المصري أبشع جريمة عرفها التاريخ وهى بناء سد على مجرى النيل؟!!
لقد وصل بكم التناقض إلى الحد الذي يعصف بنظريتك بل ويعصف بحسن طويتك فأنت وبوتين هددتم مصر، هددتم الشعب المصري الذي تعرفون أنه رافض لسد النهضة الأثيوبي هددتم مصر وتوعدتم لها بالويل والثبور في مجلس الأمن لو دافعت عن وجودها بضرب السد وقلتم أنكم ستتصدون لها بكل قوة وحزم.
استراتيجية استخدام أزمة الغذاء والغلاء
سنعرض هذه المسألة من وجهة نظر أصحاب البيت أنفسهم وذلك من خلال المحلل السياسي "ألكسندر نازاروف يقول:
مصر بين خيارين: روسيا أو الولايات المتحدة الأمريكية
نشهد تصعيدا متسارعا للعقوبات الاقتصادية الغربية ضد روسيا .. يعود الأمر إلى ما اتضح من حقيقة أن الاقتصاد الروسي أكثر استقرارا، وأقوى بكثير مما كان يعتقد الغرب. وفيما يبدو الآن، وعلى الرغم من تدهور الوضع الاقتصادي، فإنه لا يمكن توقع انهيار الاقتصاد الروسي.
في الوقت نفسه، فإن المخاطر بالنسبة للغرب أصبحت مرتفعة للغاية، والغرب في عجلة من أمره، بينما بدأ اقتصاده فعليا في التداعي، وبلغت نسبة التضخم للمستهلكين في الولايات المتحدة الأمريكية في مارس الماضي 8.5%، وفي أوروبا 7.5%، وتجاوز ارتفاع الأسعار في الصناعة الألمانية 30%. لذلك أصبح الغرب بحاجة لا إلى النصر فحسب، وإنما إلى النصر بأقصى سرعة ممكنة، في لعبة لا تحتمل أن يكون هناك "تعادل"، فالتعادل هنا هو هزيمة للغرب، الذي يحتاج إما نصرا كاملا أو هزيمة، والثانية أكثر ترجيحا من الأول بكثير.
لهذا يتزايد التصعيد، ويحاول الغرب إشراك أكبر عدد ممكن من الدول فيه.
في قطاع التجارة، حظرت أوروبا الشاحنات الروسية والبيلاروسية من عبور حدود الاتحاد الأوروبي، وعلقت آلاف الشاحنات الروسية في أوروبا، بينما تخشى الشاحنات الأوروبية الخاصة الذهاب إلى روسيا خوفا من مصادرة متبادلة. تمتنع شركات الشحن البحري الغربية عن نقل أي بضائع روسية، وتغادر الشركات الغربية روسيا واحدة تلو الأخرى، وكان الإجراء الأخير هو حظر الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي لرسو السفن في موانئها، لا السفن التي ترفع العلم الروسي فقط، وإنما أى سفن ترتبط بروسيا بأي شكل من الأشكال.
أي أننا نتحدث هنا عن حصار تجاري واقتصادي كامل، حيث تقف القوة العسكرية الروسية وحدها حائلا أمام إعلان الحصار التام رسميا.
كذلك يناقش الغرب قطع النفط والغاز الروسي كوسيلة لحرمان البلاد من الدخل، وعلى الرغم من صعوبة تنفيذ ذلك بسرعة، إلا أن الغرب قد يقلل بشكل كبير من حجم المواد المشتراة من روسيا في المستقبل القريب، كما أن استمرار شراء الغرب للموارد الروسية لا يعني بالضرورة سماحه لدول أخرى بالاستمرار في هذه المشتريات.
في ظل هذه الظروف، تلعب الهند والصين دورا حاسما في قدرة روسيا على المقاومة والاستمرار في التجارة الخارجية على الرغم من الضغوط الغربية.
وفي ضوء ذلك، تصبح القدرة على نقل البضائع الروسية إلى آسيا، خاصة النفط والفحم والغاز، أمرا بالغ الأهمية.
أوكرانيا تطالب الغرب بمنحها احتياطيات روسيا .. فهل يمكن أن يحدث ذلك؟
وبينما لا تملك السكك الحديدية إلى الصين، وكذلك الموانئ البحرية الروسية في الشرق الأقصى، القدرة على تصدير مثل هذا الحجم من الموارد، أصبحت موانئ روسيا المطلة على بحر البلطيق والبحر الأسود بوابات روسيا الرئيسية إلى آسيا.
وعلى الرغم من العلاقات المعقدة للغاية بين روسيا وتركيا، إلا أن العلاقات بين تركيا والغرب لا تقل تعقيدا. ناهيك عن سعي تركيا للعب دور عالمى على الساحة الدولية، بالإضافة إلى وضعها الاقتصادي الصعب، والذي يمكن أن يجعل من تعاونها مع روسيا عصا سحرية تخلصها من مشكلاتها، وفي الوقت نفسه يجعل من مواجهتها لروسيا تذكرة لها إلى القبر. لهذا، وباختصار، فمن المستبعد أن تغلق تركيا مضيقها أمام السفن الروسية.
وهنا يطرح السؤال نفسه بشأن انفتاح قناة السويس أمام روسيا.
أعتقد أن تبني الغرب لعقوبات ضد دول ثالثة بغرض منعها من استقبال وعبور وصيانة السفن التجارية الروسية هو مسألة وقت، وسيكون الهدف الرئيسي من هذه العقوبات هو قناة السويس. وستقف حينها مصر أمام خيارين: فإما الوقوف في عداد دول مثل الصين والهند وتركيا، مستعدة لمقاومة الغرب واتباع سياسة مستقلة، أو الخضوع لإرادة الغرب، بغض النظر عن خطورة تبعات ذلك عليها.
في وقت من الأوقات، أثرت خيانة الأمريكيين للرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك في لحظة فارقة، على خلفية ولاء موسكو لحليفها السوري، بشار الأسد، على مزاج جميع قادة العالم العربي. كذلك أضافت قضية خاشقجي حججا في نفس الاتجاه، ما جعل تحسين العلاقات مع موسكو في ظل هذه الظروف أمرا طبيعيا ومنطقيا بالنسبة للجميع.
كذلك تقدم موسكو فوائد اقتصادية كبيرة للقاهرة، بما في ذلك بنائها محطة الطاقة النووية في الضبعة بقرض ائتماني كبير، وبإنشاء منطقة صناعية روسية بالقرب من مدينة بورسعيد المصرية، بينما يؤكد المسؤولون من الجانبين استمرار هذه المشاريع.
كما أن مصر كانت مشتر رئيسي للأسلحة والقمح الروسيين، ما ضمن أمنها العسكري والغذائي.
ورفض القمح الروسي الرخيص سيكون له عواقب اجتماعية بالغة الخطورة.
وكان تبني مصر لسياسة تعدد المحاور في هذه الظروف اختيارا معقولا وسهلا وضمانا للحفاظ على الاستقرار السياسي الداخلي في البلاد.
إلا أن تقارير أخيرة وردت حول استعداد مصر لشراء القمح الهندي، على الرغم من رداءته وشوائبه الخطيرة.
الحرب في أوكرانيا تعجل من وقوع إسرائيل بكارثة استراتيجية، كذلك لم تعترف مصر أبدا بشبه جزيرة القرم كأراض روسية، على الرغم من مطالب مصرية لروسيا باعتبار مثلث حلايب أرضا مصرية. كذلك انضمت مصر إلى التصويت على القرار المناهض للجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة،
٢ مارس الماضي، والذي يطالب بإنهاء العملية العسكرية في أوكرانيا.
لا يزال من الصعب الحكم على ما إذا كانت هذه الأحداث علامة على تخلي مصر فعليا عن سياستها في تعدد المحاور، لكني أعتقد أنه سيتعين عليها على الأرجح اتخاذ هذا الخيار في المستقبل القريب.
بالنسبة لمصر، فإن الوضع سيكون أكثر تعقيدا في حقيقة أنه سيتعين عليها اتخاذ نفس القرار بالضبط فيما يتعلق بالصين، بعد فترة وجيزة. وسيكون ثمن ذلك القرار حينها أعلى بكثير.
لا أقول إن على مصر البصق في وجه الولايات المتحدة الأمريكية والوقوف إلى جانب روسيا والصين. فأنا أعي تماما قدرات الدولة المصرية، التي تعتمد بشكل كبير على الغرب، في القطاع المالي قبل كل شيء.
ولكني أود فقط أن أكرر أن سياسة تعدد المحاور بالنسبة لمصر سمحت لها بالحفاظ على الاستقرار، ومن المرجح أن يقود التخلي عنها الآن إلى زعزعة استقرار الوضع الداخلي. ففي العصر الحالي، لم يعد حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية يحصلون على مزايا، وإنما يتعين عليهم تحمل تكاليف تسهيل تحقيق الولايات المتحدة الأمريكية لأهدافها.
أود أن أكون مخطئا، إلا أنني أشك في فرص مصر للخروج من هذا الفخ الجيوسياسي. لكن تسارع انجراف المملكة العربية السعودية والخليج نحو الصين يمكن أن يرفع من قدرة مصر على مقاومة ضغوط واشنطن.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق