مأساة إمرأة
الجزء الثاني
تبدأ البطلة فى الجزء الثانى من قصتها
قائلة : فبعد أن أنهيت قصتى برحيل حبيبى عنى وكتبت تلك النهاية المأساوية بيدى
قررت أن اطوى الورقات المبللة بدموع الوداع بل وتركت قلمى فوقها ليجف بقايا الحبر
الأسود مفارقا كلماتى للأبد فلم أعد أكتب عن حبيبى مرة ثانية ولم يعد يحدث بيننا
لقاءات لأحكيها فالسطور باتت فارغة
والصفحات صماء فكيف أفتح صفحة جديدة
؟ وكيف أبدأ سطرا جديدا بعد هذه النهاية
التى دمرتنى وهدمت حياتى فلقد توقفت خطايا
وانسد طريقى واسودت الدنيا حولى بغيوم
الحزن الذى لم يغيب عن سماء حياتى للأبد سديت أذنى عن الحياة بأكملها وتعايشت مع معاناتى
وحدى داخل حجرتى المغلقة كنت أصاب بالمرض
بإستمرار دون سبب واضح و ظللت فاقدة الوعى بالحياة فكنت كل ما أفعله هو أن أستيقظ وحدى كل صباح وأجلس أمام
صور الخطوبة بالساعات وهى مقصوصة مما جعل حالتى النفسية تسوء يوم بعد يوم. فكانوا
عمى وخالتى فى هذه الأيام يأتون من وقت إلى
آخر ليطمئنوا على حالتى النفسية بعد فقدانى لشرف . ولكنى لم أستطيع إستقبال حد بعد
شرف ولم أفتح باب حجرتى طوال فترة الزيارات فقط كنت أستمع لكلمات خالتى وهى تقول (
حالة أمل دلوقتى كأنها عاملة عملية فى قلبها بالظبط لسه جرحها سخن سيبوها ومحدش
يضغط عليها ) كانت تلك الكلمات تشعرنى بحسرة شديدة على نفسى وأنا أرآنى أنهار أمامهم
يوم بعد يوم كان الوجع فوق تحملى بل وكان الوجع الحقيقى هو ( أول جمعة بعد الفراق
) حينما أدركت إنه لم يأتى وأنا أنظر إلى باب الشقة فى صمت وأتذكره حين قال : أنا
جاى فى الطريق . فكانت صراخاتى تهز جدران البيت بلا جدوى والساعة أمامى تعلن موعده
وتدق الخامسة .
قصيدة/ مشيت
****************
مشيت يا حبيبى ويوم ممشيت
سبت فى قلبى مرار
قطفت من حياتى الورد
وزرعت مكانه نار
حياتى من غيرك مالهاش
لا طعم ولا معنى
الحلو فيها زى المر
والليل زى النهار
حياتى من بعدك ضلمة
مش شايفة حاجة فيها
حياتى من بعدك فاضية
والحزن ماليها
أنور الضلمة بشمعة
الخوف يطفيها
أعيش إزاى من غيرك أنا
حياتى دمار فى دمار
نعم كانت حياتى دمار بل وعاد المرض يأتينى من وقت إلى آخر وفى ظل هذه الأيام التى أرقد فيها على فراش المرض تفاجئت بأبى يدخل من باب الشقة قائلا : شوفتى شرف ؟ تلهف قلبى من هذه الجملة مما جعلنى أنهض من على وسادتى وأنا مبتسمة وعينى تملؤها الدموع قائلة بصوت منخفض : أنت شوفته ؟ اقترب أبى منى فى حزن وقال : لا يا حبيبتى مشفتوش أنا بس قابلت جارنا صاحبه اللى أسمه جمال . قلت له : وقال لك حاجة عنه ؟ قال لى : لا يا بابا ده كان بيسلم عليا عادى وجت سيرت شرف وسط الكلام فلقيت جمال بيقول إن شرف مش طبيعى وفيه حاجة فى مخه بصيت لبابا وقلت له : يعنى إيه ؟ قال لى يعنى مريض نفسيا إحمدى ربنا إنك متجوزتهوش قلت له : حتى لو مريض نفسيا كان ممكن أعالجه وأنا مستعدة أتحمله. رد بابا : يااااه يا أمل أنتى لسه بردو بتحبيه ؟ أنتى عارفة شرف قال عليكى إيه لجمال ؟ قلت له : قال إيه ؟ قال لى :جمال بيقول لشرف أنت إزاى تسيب واحدة زى بنت عمو أبو أمل دى بنت ألف واحد يتمناها رد شرف وقاله كلهم زى بعض زيها زى اللى قبلها .. أول ما سمعت الكلام ده من بابا بدأت ترجع لى حالة الإنهيار تانى وبدأت اعيط بهستريا . لقيت ماما بتقول لبابا : يعنى أنت لازم تقول لها إحنا ما صدقنا بطلت عياط . رد بابا وقال لها : لازم تعرف قال إيه لصاحبه عليها عشان تبطل تحبه .ردت ماما : ما أنت عارف إن مهما قال عليها لا يمكن هتكرهه . لقيت بابا بيأخدنى فى حضنه وبيقول لى يا أمل إفهمى ده بيقول زيك زى اللى قبلك . ده حتى اللى قبلك كان شاريهم افتكرى خطيبته الأولانية لما أبوها قال لشرف كل شىء قسمة ونصيب وشرف فضل يقوله طب نتفاهم يا عمى لكن شوفى قال لى أنا إيه ( عايز حاجتى كلها ) شوفتى الفرق يعنى كان شاريهم أكتر منك ..كنت بسد ودنى عن بابا وقدامى صورت شرف وهو بيقول لى متقرنيش نفسك باللى قبلك لو عايزة تعرفى الفرق بصى للسما يا أمل هما الليل وأنتى القمر . كنت اغمض عينى عن أبى وهو بيتكلم واسد أذنى بيدى وأقول مش عايزة أعرف. كنت أود أن أعيش فى خيالى فقط حتى لا تختلط الذكريات الجميلة بالواقع الأسود المصدم . ولكنى لم أجد الوسيلة للتهرب من حياتى سوى بالنوم الذى كان بالنسبة لى كالمسكن لأوجاعى . وبالفعل كنت أنام فترات طويلة جدا برغم أن نومى لم يكن خالى من الدموع إلا أنه كان الوسيلة المؤكدة لعزلى عن الحياة . أخذت أتهرب وأتهرب حتى إقترب العيد كان الجميع يروا أن العيد هو الفرصة الوحيدة لخروجى من تلك الأزمة النفسية فوجدت أمى تحضر لى ملابس الخروج التى اشتريناها للجهاز وبعض الأشياء التى تخص جهاز العروسة مثل المكياچ والروائح قائلة : إستعملى الحاجات دى يا أمل ولما تيجى تتجوزى هجيب لك غيرهم . قلت لها : ومين قال لك إنى هتجوز ؟ وإزاى هقدر ألبس هدوم الجهاز اللى أنا جيباها عشان ألبسها لشرف ؟ صمتت أمى ثم قالت : إنتى ذبلتى ووشك خس جدا حاولى إنك تلبسى واتمكيچى وارجعى زى الأول بصى وشك بقا عامل إزاى . بقا أنتى أمل اللى الكل هيتجنن عليها بصى لنفسك فى المرايا .كنت ببص لنفسى فى المرايا وأنا بسمع كلام ماما . شوفت قدامى واحدة مكسورة عنيها حزينة وملامحها ضايعة . مش دى العروسة الجميلة اللى كانت قاعدة جنب شرف فى الكوشة. مش دى البنت اللى كانت ضحكتها بتسمع البيت كله . فين صوتى ؟ فين ضحكتى ؟ فين أمل ؟ كان الجميع يبحث عنى حتى أنا أبحث عن نفسى .ولكنى كنت أخشى من لقائى بنفسى فى تلك المرأة . أخشى من لقائى بأمل دون شرف . إقتربت من المرآه بالخطوة البطيئة أكتر وأكتركانت كلمات امى تتردد فى ذهنى وهى تقول إلبسى واتمكيچى وإرجعى زى الأول وكان هدفى فى ذلك الوقت هو أن أعود إلى نفسى قررت أبتلع الصدمة التى دمرتنى وجعلتنى كالورقة التى تحترق حتى أصبحت رماد . قررت أن أردم هذا الرماد وادفنه وأفسح بيدى أحزانى وأشق طريقى بإرادة قوية. قررت أن أغمض عينى على دموعى وأخطو فى طريقى للمستقبل بكل عزيمتى بينما كانت خطوتى الأولى فوق قلبى . نعم دست عليه بقدمى حتى لا يحن مرة ثانية . دست عليه حتى يتوقف عن ذلك الحب الأحمق الذى كاد أن يقضى على حياتى .كنت أظن أن تلك الخطوة سوف تعيد لى نفسى وبالفعل كنت أتلقى المكالمات التليفونية من الأهل والأقارب لتهنئتى بخروجى من تلك الأزمة( وعادت أمل إلى المرآة البنت الجميلة ذات الشعر الأسود والعيون الكحيلة ولكنها عادت وحدها أمل بلا شرف ) وهنا تقول أمل : مرت الأيام وجاء يوم العيد وكنت أستعد كالعادة لوقوفى فى الشرفة باللبس الجديد مثل كل عيد وعند موعد صلاة العيد كنت أتوجه إلى الشرفة ولأول مرة يري الجيران ظهورى بعد أسابيع طويلة من الغياب . أول مرة أرى الشارع . أول مرة أرى الشمس . أول مرة أدخل تلك الشرفة بعد خروج العصافير منها . أول مرة أنظر إلى العصافير ولم أراها فى مكانها وكأن قلبى يخبط بعرض الحائط ويرد فى صدرى ألمآ . كنت أغمض عينى وأدير وجهى بعيدا عن ذلك المكان حتى لا تظهر فى ذهنى تلك الذكريات القاتلة كنت أنظر إلى الشارع وإلى الناس حتى أهرب من تفكيرى . وعند هروبى بالنظر للناس والشارع توجهت عينى للقهوة المقابلة للبيت إنها القهوة التى جاء شرف إليها حينما كان يبحث عن بيتى ليخطبنى . إنه ذلك المكان الذى وقف فيه لينظر إليا . كنت أراه هناك ..نعم أراه هناك يحمل فى يده سجادة الصلاة وينظر إلى شرفتى . وقتها فقط شعرت بدموعى حينما تنبهت إلى المكان الذى أنظر إليه فوجدته(فاضى تماما )
قصيدة (إرجع حبيبى )
إرجع حبيبى نفسى أشوفك قصادى
إرجع حبيبى وإملا المكان الفاضى
تشوفك عينيه وتفرح وتشوفنى عينيك وتفرح
أنادى عليك بإسمك وبإسمى عليا تنادى
نفسى حبيبى ترجع بقا وتعود
نفسى حبيبى أشوفك هنا موجود
أقولل ك بحبك وتقول لى بحبك
ونمسح النهاية ونعيد الماضى
إرجع حبيبى نفسى أشوفك قصادى
إرجع حبيبى وإملا المكان الفاضى
نعم كنت أتمنى أن يعود الماضى وتعود
اللحظة التى كنت أراه فيها فى ذلك المكان من سنة . إنه نفس المكان ونفس الشارع وكل
شىء كما هو من سنة فاتت وكأن المشهد أمامى يتكرر ولكن ينقصه وجود شرف على القهوة .
ياله من مشهد مؤلم ولكنى لم أكتفى بهذا الوجع بل ظللت أبحث عنه وسط المصلين تخيلا
منى إنه ذاهب معهم ليصلى فى هذه اللحظة كانت أمى تقف بجانبي وترى عينى وهى تبحث
يمينا ويسارا وما بأمى إلا وأن تمسك بيدى وتقول : شرف مش هيعدى من الشارع ده . إلتفت
إليها وقلبى يتمزق ثم رديت بكل عصبية وقلت :مين قال لك إنى ببص على شرف ؟ قالت لى
: الدموع اللى فى عنيكى هى اللى قالت لى . كنت ألعن نفسى ..لماذا أحن له الأن
؟ لماذا تخوننى عزيمتى ؟ أين قوتى وإراداتى
حينما قررت أن أنهى كل الأحزان بداخلى ؟
قصيدة
( أيوه نهيت )
أيوه نهيت ومن وسط الأحزان عديت
غمضت عنيه على دموعى
ودوست على قلبى وخطيت
قررت أكمل مشوارى
هعيش حياتى
وأقتل مشاعرى وأفكارى
بس مش معنى إنى هكمل وأعيش حياتى
أبقى نسيت
أصلى لما جيت أحب
بكل مشاعرى حبيت
آه إتعذبت وآه بكيت
أنا منكرش إنى إتعلمت
خدت الدرس وإتربيت
بس برده ده ميمنعش لو حنيت
فيها إيه لما أحن ؟
ماهو بردو ساعات الفراق
بيخلى الحبيب مشتاق
بس مش معنى إنى أشتاق
يبقى أندم وأقول ياريت
أنا بردو منساش إنه أنانى
وكان بيجرح كل جرح
أصعب من الأولانى
فمستحيل أحبه تانى
بس ده مش معناه إنى كارهاه
أيوه بحبه وهفضل أحبه
ومش هنساه
أصل الكره مش من طبع العاشقين
ومينفعش يكون فيه كره
بين إتنين كانوا مخطوبين
إتنين لو كانوا كملوا
كان زمانهم متجوزين
أصل الكره مستحيل
يسكن قلوب المجروحين
حتى لو كانت جراحهم
فى قلبهم زى السكاكين
مش من طبع العاشقين يكرهوا
حتى لو كان الحبيب جارح
مهو اللى يحب بجد من قلبه
أكيد بيسامح
بس مش معنى إنى أسامح
يبقى أنسى إنه باعنى
ومش معنى إنى أسامح
إن جرحه مش واجعنى
أيوه جرحه لسه بيجوع
من يوم ما ساب البيت
وعشان كده قررت أسيبه
وفوقت من الوهم وصحيت
بس مش معنى سيبته أبقى نهيت
كانت هذه هى المشاعر التى تتعارك بداخلى طوال الوقت والصراعات قوية ما بين إنى خلاص نسيت وما بين إنى مش هقدر أنساه أبدا . وفى تانى يوم العيد قررت أمى الذهاب لخالتى كما تعودنا فى كل عيد ولكنى هذا اليوم طلبت من أمى أن لا أذهب معهم وقلت : بلاش أجى معاكم مش هقدر .قالت أمى : إزاى يا أمل نروح من غيرك ؟. قلت لها : مش هقدر أنزل الشارع أبدا مش هقدر أمشى فى الشارع يا ماما مستحيل . قالت لى : ليه ؟ وجدت الدموع تظهر فى عينى وقلت . هفتكرو . ثم أكملت قائلة :كل شارع هيفكرنى بيه كل خطوة وكل طريق هيفكرونى ثم وضعت يدى على فمى وهى ترتعش وأخذت أبكى بحرقة .إقتربت منى أمى وقالت : حرام عليكى نفسك هتموتى يا أمل . وضعت رأسى على صدرها وظللت أبكى وأقول : مش قادرة يا ماما غصب عنى . قالت لى أمى : مش إنتى قررتى وقلتى هتبدأى من جديد وتنسى اللى فات .قلت لها : مش قادرة أنسى كل ما قلبى يجمد وأقول خلاص نسيت ألاقى حاجة بتفكرنى . قالت لى زى إيه . قلت لها الشارع . قالت لى هنحاول نمشى من شوارع ممشيش معاكى فيها . وبيت خالتك قريب مش بعيد . قلت لها مش هقدر أمشى من الشارع العمومى لأنه مشى معايا فيه .قالت لى حاضر مش هنمشى منه . قلت لها وكمان بلاش نمشى من شارعنا خلينا نمشى من أى مكان تانى .قالت لى : إزاى مهو ده الشارع الوحيد اللى لازم نمشى فيه . قلت لها ندخل من الشوارع الجانبيه ونمشى من الشارع المقابل لينا . لقيت ماما بصت لى بحزن وإبتسمت . كانت بتبتسم لأنى بوصف لها الشارع وأنا ناسية إن الشارع اللى بتكلم عنه ده نفس الشارع اللى شوفت فيه شرف لأول مرة . ولما تنبهت بصيت لأمى وأنا ببكى وبقول لها أروح فين طيب . ثم أكملت كلماتى المتقطعة من شدة البكاء وقلت : ده أنا خايفة أطلع السلم لحسن افتكره وهو بيسلم عليا وماشى . ده أنا بدخل البلاكونة بالعافية . ردت ماما وقالت لى : إنتى كده مش هتعرفى تعيشى كل حاجة حواليكى هتفكرك وهتفضلى تهربى من كل حاجة بس ده غلط . إنتى عشان تعرفى تكملى حياتك يبقى لازم تواجهى مش تهربى أقنعتنى أمى اننى لابد أن أواجه هذا الواقع كما هو بمرارته وقسوته وإن هروبى ليس حلا لهذه الحالة التى أمر بها . فإستعدت قوتى للمرة التانية ووافقت على النزول للشارع ولكن كان شرطى هو إنى أروح لعمى حسين قبل مرواحى لخالتى وكان سبب قرارى لذهابى لعمى هو لأننى أشعر إنه الشخص الوحيد الذى يمكنه إعطائى الإرادة والقوة وطاقة الصبر التى أحتاجها فلذلك قررت أن يكون هو أول شخص أجلس معه بعد تلك الأزمة. وقبل خروجى من المنزل دخلت حجرتى لأحضر شيئا قررت أخذه معى جعل أمى تندهش عندما رأته وهو إنى أخذت معى صور الخطوبة المتقطعة . لا أعرف لماذا ؟ ولكنى تمسكت بهذا القرار وبالفعل أخذت معى الصور ونزلت مع أمى . وعند رؤيتى الشارع شعرت بألم يسرى فى أحشائى لا أستطيع وصفه وكانت أنفاسى تختنق بينما كان قلبى ينقبض ما بين الخطوة والأخرى فالشوارع أصبحت كئيبة والطرق أصبحت غريبة ومخيفة فكنت أتفحص الطريق وقلبى بداخلى يحترق كان إحساسى بمنظر الشارع صعب وصفه وكانت هذه أول مرة أخرج من غير الشبكة . كانت يدى فارغتان ولكنها كانت تحمل السلاح الذى قتلنى به شرف وهو ( صور الخطوبة ) نعم كانت يداى فارغتان ولكنى كنت أحمل فى قلبى أوجاع ثقيلة. ظليت اتفحص الطرق وقلبى بداخلى يحترق فى صمت حتى وصلنا إلى بيت عمى حسين وهناك تركتنى أمى وذهبت إلى خالتى التى كانت تسكن فى البيت المجاور لعمى مباشرة .طلعت لعمى وفى يدى صور الخطوبة وعند فتحهم الباب لى رأيت الفرحة على وجوههم لحضورى وكأنهم يهنونى بخروجى من أزمتى النفسية الكل كان يبتسم ويأخذونى بالأحضان وعند ظهور عمى حسين من بينهم أدركت إننى لا أستطيع إخفاء دموعى عنه ألقيت نفسى فى أحضانه وكان يمسح دموعى بيده وهو يسألنى :إيه اللى فى إيدك ده ؟ نظرت إليه فى حزن والدموع غارقة وجهى و وضعت الشنطة فى يده وقلت :دى أمل لوحدها . تعجب عمى من هذه الجملة ثم فتح الشنطة وأخرج منها صور الخطوبة مما جعل الجميع ينظروا إلى بعضهم البعض فى ذهول مما رأوا بينما تبدلت ابتسامتهم إلى نظرات حزن. أمسك عمى حسين بصورة منهم وقال : بزمتك مش دى خسارة فيه ؟ فى حد يقطع النعمة ده حرام والله إنتى بالنسبة له نعمه زالت من وشه . أخذت الصورة من عمى وقلت : أنا مش زعلانة إنه قطعها إنا بس كنت عايزة أسأله إزاى جالك قلب تمسك المقص وتقصها ؟ ده حتى الصور الصغيرة استخصر يسيب لى صورة أشوفو فيها . ثم مديت يدى داخل الشنطة وأخرجت أسطوانات الفرح والدموع تملأ عينى . تفاجئ الجميع من منظر الإسطوانات وهى متكسرة . رفعت الإسطوانات بيدى وقربتها من وجهى وقلت :طب ليه يكسرها ؟ كان يبعتها لى سليمة .كنت هتجرح بردو .لكن هو ليه كسرها كده . كنت أرى الدموع فى عيون عمى حسين وهو يقول : إنتى لسه مافقتيش يا امل لسه تحت تاثير الصدمة لسه مش فى وعيك .قلت له لا أنا حاسة لو مكنتش حاسة مكنتش هعيط ياريتنى فاقدة الوعى فعلا مكنتش أحس بالعذاب ده . قال لى : إنتى إزاى تمشى فى الشارع بالصور دى وأمك إزاى سيباكى تمشى بيها كده ؟ لم أستطع التوقف عن البكاء فكنت استمع له ودموعى تتساقط حتى أدرك الجميع وقتها إننى لم أخرج من أزمتى كما يظنون . وبعد وقت طويل من البكاء المتواصل طلبت من عمى حسين أن أجلس معه على إنفراد وحينما خرجوا الجميع من الغرفة وتركونا إقتربت من عمى وقلت :أنا عملت حاجات كتير مش عارفة صح ولا غلط رد عمى وقال إمسحى دموعك الأول وإهدى وإحكي لى وأنا سامعك . رديت فى إنهيار وقلت : قبل ما أخو شرف يجى ياخد الحاجة بتاعت شرف أنا عورت نفسى وكتبت له بحبك بدمى وبعتها له وسط الحاجة . قال لى : يا مجنونة حد يعمل كده .قلت له : كنت عايزاه يعرف بحبه أد إيه .رد عمى فى غضب وقال: وشوفى هو بعت لك إيه صورك متقطعة . كنت أستمع لعمى وأنا أتذكر ذلك اليوم وكأنه كالمشهد التصورى يمر أمام عينى بكل تفاصيله . إننى لم أنسى هذا اليوم أبدا
قصيدة ( بإيدى جرحت نفسى )
بإيدى جرحت نفسى
وبدمى كتبت بحبك
طب لما فتحت الورقة
يا ترى حسيتها بقلبك؟
يا ريتو كان دم قلبى
عشان يوصف لك حبى
وبرده مش هيوصف لك
قالوا لى الناس بدمك ؟
ده إنتى قلبك قوى
قلت لهم أه بدمى
عشان بحبه أوى
سألونى وقالوا ليه بدمك
قلت عشان حبى له يقدر يوصل لقلبه
قالوا إشمعنى بدمك مكفايا بالكلام
قلت مافيش حد غيره
يوصف فى قلبى حبه
وبعد إنتهاء عمى من لومى وتأنيبى قال : لو شرف بيحبك مش هيسيبك. رديت وقلت : أنا بعت له رسالة قبل ما يسيبنى وقلت له فيها أوعى تخون الوعد اللى بينا من تليفون ماما وخايفة تكون الرسالة دى رخصتنى فى نظره عشان كده محاولش يرجع . رد عمى وقال : ليه بس عملتى كده؟ قلت له : المفروض يفهم من الرسالة إنى شارياه .قال لى : لا إنتى كده فهميته إنك بتجرى وراه لو مكنتيش بعتى الرسالة كان إحتمال رجع لكن إنتى رخصتى نفسك يا أمل لواحد ميستاهلش
قصيدة / رخصت نفسي
رخصت نفسى ليك
عشان تعرف تبيع
سلمت ليك حياتى
وأنا عارفة إنى هضيع
راهنت إنك تبيعنى
وخليتنى لعبتك
وقبلت أكون ضحية
وتحت رحمتك
من كتر حبى فيك
حبك زلنى
سلمت قلبى ليك
وأديك ضيعتنى
كنت عارفة إنى مش ليك
وبأوح فى الزمن
وأدى أخرت حبى فيك
بدفع ليك الثمن
كان الثمن دمارى
وحزنى وحسرتى
وكانت هى دى
نهاية قصتى
تنبهت على يد عمى حسين وهو يأخذنى من
يدى ويقول كفايا عياط يا أمل أمك بتتصل قومى معايا عشان أوصلك .قلت له : ماما عند
خالتى .قال لى : هاجى معاكى ثم أكمل حديثه فى الطريق قائلا : مش عايزك تعيطى
قدامهم عايزك بتضحكى وتعرفيهم إن إنتى قوية وخرجتى من الأزمة وعايزهم يقولوا أمل
رجعت زى الأول. ظليت امسح دموعى وأحاول رسم الإبتسامة حتى وصلنا إلى بيت خالتى دخل
عمى ودخلت أنا وراءه وكان الجميع فى إنتظارى سلمت عليهم ثم جلست كنت أضع يدى على
مكان الدبلة طوال الوقت وأنظر لهم فى إرتباك وكأننى فقدت جزء من جسدى. ولكن كان
عمى حسين يخطف الأنظار منى ويبعد إنتباهم عنى بحديثه معهم فكنت أنظر إلى إصبعى وأتخيل
وجود الدبلة .واتساءل فى نفسى أين ذهبت دبلتى ؟ومن ستلبسها بعدى ؟ ذهب عمى حسين
وترك لى نظراتهم تتأمل عيونى الباكية ومازلت أضع يدى على مكان الدبلة حتى أخفيه عن
أعينهم كنت أشعر أمامهم بإنكسار بعد ما كنت اتحداهم من أجله كسرنى بيده. كانت تمر
الساعات تلو الأخرى وإسبوع تلو الآخر وأنا لم أنسى فكان شكل صور الخطوبة والإسطوانات
متعلق فى ذاكرتى فى كل اللحظات مما جعلنى أتذكر جملة قلتها لشرف فى ذات يوم ونحن
نمشى على النيل وهى( يوم موتى إرمى صورتى فى البحر ) فنظر لى شرف فى تعجب وصمت
فكنت وقتها أقصد من تلك الجملة إنى أقول له لما تسيبنى مترجعليش صورتى ولكنه لم يفهم وقتها بل كان يضحك دون أن يدرك
معنى كلماتى ومازال صوت ضحكاته يسرى فى أذنى حتى الآن. ثم وفجأة تبهت إلى صوته حين
قال بتعملى إيه ؟ إبتسمت وقلت بكتب عنك قال لى نفسى أعرف بتكتبى إيه ؟ قلت : مسيرك
هتقرى بس مش دلوقتى لما أموت عشان تفتكرنى بعد موتى .. هذا المشهد كان يدور فى ذاكرتى
من حديث قديم بينى وبين شرف ثم تنبهت بمرارة الدموع وقلت أكيد قريت دلوقتى اللى أنا
كتبته عنك فى الورق اللى بعته لك وسط الحاجة بتاعتك يوم ما سبتنى (وكان فعلا يوم موتى )
قصيدة / يوم موتى
يوم ما قالوا كل شىء قسمة ونصيب
كان يوم موتى
يوم ماجيت لى عشان تقرر إنك تسيب
كان يوم موتى
يوم ما كنت عمالة أصرخ متسبنيش
ودموعى كاتمين صوتى
كان يوم موتى
يوم ما قلعت دبلتك من إيديه
يوم ما مشيت ودنيتى فضيت عليا
يوم ما كنت بلم حاجتك
وبقول للساعة أوعى تفوتى
كان يوم موتى
يوم ما بإيدى جرحت نفسى
عشان أكتب بدمى بحبك
كان دمى دليل موتى
يوم ما بعت صور الخطوبة متقطعة
إتمنيت إنك تكون باعت معاهم
كفن موتى
هذا هو الشهر الثانى من الفراق .. الأيام بقت شبه بعضها .كل حاجة حواليا كئيبة ومملة . مافيش حاجة ليها طعم حتى العيد الكبير فات من غير ما أحس بفرحته. الدنيا بقت سودة فى عينى أوى. إحساس رهيب بالقهر مسيطر على حياتى .كنت حاسة إنى مش موجودة معاهم فى أى مناسبة سعيدة ومش حاسة بأى حاجة بتحصل حواليا دايما سرحانة وفى عالم تانى. ساعات أبص لباب الشقة وبيتهيئ لى إنى هلاقيه داخل عليا . كنت بدعى ربنا إنى أتعمى أهون من إنى مشوفوش تانى . ومرت الأيام قاسية بكل المعانى لا أعرف كيف أخرج من تلك الدوامة التى تأخذنى إلى طريق الضياع والجنون . نعم أكاد أن أفقد عقلى بعد ما فقدت قلبى برحيله فات أكتر من شهرين علي غياب شرف ومازالت رائحته فى أحضانى . مازالت لمساته فى يدى .مازالت نيرانه تحرق فى قلبى . وفى ذات يوم تفاجئنا بخالتى تتصل وتعزم أمى على فرح قريب جوزها وكانت المفاجئة بعد أن اتصلت خالتى بأمى لتعزمها على فرح قريب جوزها كانت المفاجئة حينما أخبرتنا بمكان الفرح قائلة : الفرح فى نادى السلام. إنه نفس النادى الذى تمت فيه خطوبتى . وعندما أخبرتنى أمى بمكان الفرح رفضت تماما أن أقبل بذهابى إلى هذا المكان . فكيف أدخل تلك القاعة التى كانت تمشى فيها قدمه بجوار قدمى فى زفة واحدة ؟ . كيف أرى تلك الكوشة التى جلسنا عليها سويا وتبادلنا الشربات ؟ كيف أنظر إلى تلك الكاميرا التى جمعتنا يوما فى لقطة واحدة حينما كان يضع دبلة الخطوبة فى يدى . حتما لا أستطيع فكيف أجلس على هذه الكراسى التى كانت تشاهدنا الناس منها . كيف أكون من المعازيم وكنت فى يوما عروسة هذا المكان (ذات الفستان الأحمر) . تقلبت مواجعى لسماعى هذا الخبر وكان رفضى للذهاب يحمل دموع كثيرة .فلقد مر يوم خطوبتى أمام عينى وأنا أرفض ذهابى لذلك المكان لقد مر أجمل يوم فى حياتى كالشريط وفى لحظات سريعة شاهدت يوم خطوبتى كاملا وكنت اتسائل فى دموع محرقة أين ذهبت أجمل أيام حياتى ؟
قصيدة / أجمل أيام حياتى
أجمل أيام حياتى بإيدى دفنتها
بكيت كتير عليها وبدموعى ردمتها
قلبى بيصرخ من صدمته
بعد ما شاف حلمه إنتهى
ضميت قلبى جوه حضنى
والآهات كتمتها
وسلمت عينى للدموع
ما هى الدموع جه وقتها
إنزلى يا دموعى وإملى المناديل
وإوعى فى يوم عن عينى تغيبى
دى قصة حياتنا خلاص إنتهت
واللى نهاها حبيبى
يعنى خلاص يا قلبى
بقينا لوحدنا
لا دبلة فى إيدينا ولا حضن يضمنا
مبقاش حبيبى مبقاش خطيبى
مبقاش من حقنا
يعنى من النهارده مش هيجى تانى
يعنى من النهارده مش هشوفو تانى
مش هيكلمنى ولا هسمع صوته فى ودانى
يعنى مش هيجي لى يوم الجمعة
ومن غير ما يقول أعذار
يعنى لما يجى ميعاده مش من حقى الإنتظار
يعنى إتكتب عليا أعيش حياتى فى نار
دى حتى حياتى فارقتنى والدنيا ودعتها
وأجمل أيام حياتى بإيدى دفنتها
صممت على عدم ذهابى الفرح حيث ذهبت خالتى وأولادها الفرح بدوننا بعد أن بلغتهم أمى رفضى للذهاب. وبعد الفرح بيومين دعتنا خالتى بمناسبة حضور العرسان إلى بيتها قائلة : تعالوا عشان العريس والعروسة موجودين عندى النهارده وعايزين يشوفوكم ومعاهم صور الفرح . وافقت وبالفعل ذهبنا إلى خالتى لنسلم على العرسان و لنرى صور الفرح الذى لم نحضره . وهناك شاهدت الفيديوهات التى كانت تحمل نفس أصوات الأغانى التى كنت أسمعها فى فرحى . لذلك كنت أرى الفيدويهات وأنا ابتسم بمرارة وأريد أن أضع يدى على أذنى حتى لا أسمع تلك الأصوات التى تذكرنى بالماضى . كانت إبتسامتى غطاء لدموعى وقناع مزيف يخفى وراءه أوجاع مريرة . كانت الفيديوهات تحمل مشاهد لجدران القاعة والكوشة فلم يكن أحدا حولى يعلم مدى الألم الذى أشعر به وأنا أشاهد تلك اللقطات وما تأثيرها على قلبى من طعنات . فالكل كانوا يتحدثون ويضحكون وأنا وحدى فقط أتألم فى صمت . وبعد إنتهائى من مشاهدة الفيديوهات وجدت نفسى أنسحب من بينهم وذهبت إلى البلاكونة ووقفت وحدى أنظر للسماء من شدة وجعى وأقول ( يارب إرحمنى مش قادرة يارب ) ولكن سرعان ما وجدت قريبتى ندا تقف بجانبى وسرعان ما عادات الإبتسامة المزيفة إلى وجهى ولكن كان صوتى مختنق فلم أستطع التحدث معها . كنت فقط أستمع لها وهى تحكى عن تفاصيل الفرح كانت كلماتها تلقائية عفوية تخرج منها وهى تضحك وتبتسم وفى وسط كلامها وجدتها تقول : البنت سلوى بنت خالي طاهر لقيتها داخلة القاعة وبتقول لى إلحقى يا ندا ده فيه واحد واقف بره شبه اللى كان خاطب أمل . وخرجنا بسرعة عشان نشوفه لقناه هو . كان خارج من الحمام وبعدين طلع القاعة ودخل البوفيه .كنت أستمع إلى كلماتها ثم إلتفتت إليها فى لهفة وقلت : مين ده اللى بتتكلمى عنه ؟ مين اللى سلوى قالت لك كان خطيب أمل ؟ قصدك مين ؟ شرف ؟ قالت لى : أيوه شرف . سلوى كانت فاكراه واحد شبهه لكن طلع هو حقيقى .. لم أعرف كيف سقط قناع الإبتسامة المزيف الذي كنت أرتديه طوال الوقت وبدون أن أدرى ظهرت الدموع وأنا عينى فى عينيها أنظر إليها بكل لهفة وفضول كانت عفوية ندا وهى تحكى عن تفاصيل الفرح افشت عن حدث لم يتوقعه أحد وهو ظهور شرف فى قاعة الفرح وبدون أن أشعر ظهرت دموعى ثم نظرت إليها فى لهفة وقلت : كان لابس إيه ؟ قالت لى : قميص وبنطلون.قلت لها : كانت إيده فيها دبلة ؟ قالت لى : متهيء لى للأ .. قلت لها : طب هو شافكم ؟ قالت لى : أه . قلت لها : وكان شكله عامل إزاى فرحان ولا حزين ؟ قالت لى : كان عادى وعمال يلعب بميدالية المفاتيح وبيهزر مع صاحبه . إبتسمت وقلت فى سرى : هى دى ميدالية المفاتيح نص القلب اللى معايا.. ثم تنبهت لندا وهى تكمل حديثها قائلة : لكن أول ما شافنا طلع يجرى على القاعة وبعدين بص على العروسة وبعدها دخل البوفيه . قلت لها : بص على العروسة ليه ؟ كان فاكرنى أنا ؟ قالت لى : أه كان فاكرك إنتى العروسة . فرت دموعى من عينى وقلت : غبى إزاى فاكرنى هتجوز غيره ؟ ثم أكملت حديثى وبدون وعى قائلة : ده أنا حرمت على نفسى أروح الفرح عشان ماشوفش المكان بعينى يبقى إزاى هقدر أتجوز فيه وأكون عروسة فى نفس المكان . ردت ندا بتعجب وقالت لى : إيه ده يا أمل إنتى لسه بتحبيه ولا إيه ؟ إلتفت إليها وقلت : شرف لسه خطيبى يا ندى . كل الحكاية إنى قلعت دبلته . لا أعرف كيف سقط القناع من على وجهى ؟ وأين ذهبت إبتسامتى المزيفة ؟ صدمت ندا وأخذت تراقب دموعى فى صمت فوجدت نفسى أطلب منها أن أشاهد فيديوهات الفرح للمرة الثانية وبالفعل أخذت أتفحص كل ركن من أركان القاعة واتسائل وأقول : هو كان واقف فين يا ندى ؟ وكأننى أبحث عنه داخل الفيديو مثل المجنونة ومع كل لقطة أراها تستوقفنى دمعة مريرة فكانت يدى تمسك بالموبايل وصابعى يحرك الصور والفيديوهات بحركات بطيئة جدا وأنا أتمعن تلك المشاهد بدموع لم تتوقف منذ سماعى خبر حضور شرف إلى النادى ولا أعرف هل أندم إنى مرحتش الفرح ؟ ولا أحمد ربنا إنى ماشفتهوش ؟؟افشت ندا عن خبر ظهور شرف فى قاعة الفرح الذى منعت أمل نفسها من أن تحضره . مما جعل أمل فى حالة من اللهفة والندم الشديد لعدم ذهابها الفرح بعد سمعها لخبر حضوره ولكن أكدت ندا على أمل أن يكون هذا الخبر سر بينهما قائلة : أرجوكى يا أمل متقوليش لحد إنى قلت لك عشان هما مخبيين عليكى ولو إنهرتى قدامهم أو حسوا إنك عارفة هبقى أنا السبب . وهنا تقول أمل : لم أجيبها بل كنت أسمعها فى صمت وهى تتوسل إليا أن أتماسك حتى لا يعلم أحد بمعرفتى بهذا الخبر . مرت الأيام وظل الجميع خافيا عنى هذا الخبر توقعا منهم أننى إذا علمت بوجوده فى الفرح سأتذكره بعد أن نسيته وظلوا موهومين فى اعتقادتهم .أما أنا فمازلت ألوم نفسى على عدم ذهابى الفرح وكان عذاب النفس يقتلنى يوميا .فمثل ما حرمت على نفسى ذهابى القاعة مازلت أيضا أحرم على جسدى جميع الملابس التى لبستها لشرف حتى أصبحت شماعات الملابس مغطاة بالتراب وكان كل استعمالى من ملابس جهاز العروسة الذى لم يراه شرف . كنت أتجنب حتى الأكلات التى أكلتها معه فلم أتحمل أن أرى شيئا تشاركنا فيه .مما جعل أبى يقوم بتغير ألوان الشقة بالكامل حتى يمحى أثر شرف من ذلك البيت إعتقادا منه إننى سأعود إلى طبيعتى . وبدأ يضع أبى قوانين التغير وكان فى بند الأول هو (هدم حائط البلاكونة ) ليجعلها أبى شباك ألموتال ويمحى البلاكونة بأكملها كى يمحى معها أثر العصافير . وعندما أخذ أبى رأيى وافقت وظن الجميع إننى وافقت كى أنسى ولم يعلموا أن سبب موافقتى هو أننى تخيلت فى ذهنى النظام الجديد الذى سيفعله أبى يشبه شقة شرف . نعم وافقت بالتغيير كى أشعر أنى أعيش فى بيته بل كنت أيضا أختار نفس ألوان شقته الذى كان يختارها معى . وفى يوم تفاجئت بأمى تقول لى :إيه رأيك يا أمل نطلع السجاد والستاير بتوعك نفرشهم ونطلع طقم الأنتريه من الشقه اللى تحت .إكتملت الصورة فى ذهنى ستكون شقتنا نسخة من شقة شرف بكل التفاصيل . ولكن كيف أعيش فى ذلك البيت بعد أن تكتمل الصورة أمامى بنفس الشكل الذى رسمته فى شقة شرف . كيف أعيش فى ذلك البيت وكل شىء حولى اخترناه سويا . كيف أتحمل أن أرى أمامى الأشياء التى تقاسمنا فيها وهى تصبح الآن ملكى وحدى . فلقد طلبت من أبى أن يتراجع ويوقف كل ما رسمته ولا يفعل شيئا مما طلبت وقلت : أنا لا أستطيع أن أعيش فى بيت شرف وحدى . إنتبه الجميع إلى كلامى وقالوا : يعنى إنتى وافقتى بهدم البلاكونة عشان تبقى شبه شقة شرف ؟ أجبت والدموع تسبقنى : أه . قال أبى : يعنى أنا بحاول أمحى أثر شرف من الشقة وإنتى بتفكرى تعملى الشقة زى شقته ؟ .ردت ماما وقالت : أنا لما طلبت منك نفرش السجاد والستاير بتوعك مش عشان يفكروكى بشرف يا أمل انا طلبت منك نفرشهم عشان تدوسى على الضعف اللى جواكى وتثبتى لنفسك إنك مش فارق معاكى . قلت لها : وعشان فارق معايا مش هقدر أفرشهم . رد بابا وقال : فارق معاكى إيه وزفت إيه ده زمانه إتجوز ماتفوقى بقا ده زمانه غير ألوان الشقة بتاعته كلها ولا إنتى على باله أصلا . وأنهى أبى كلامه قائلا وعلى فكرة إنتى بيجي لك عرسان كل يوم وأنا مستنى عليكى . ردت ماما : ياريت تتجوزى عشان تحرقى دمه وتعيشى حياتك بقا . كانت تمر الأيام حتى جاء أصعب يوم فى تاريخ حياتى وهو ٢١/٩ يوم زفافى. اليوم الذى كنت أنتظره بفارغ صبرى ولكنه جاء متأخرا.. إنه يوم زفافنا الذى لم يأتى بعد .بل جاء فى زمن غير مناسب . لم ينتبه أحد أن اليوم هو يوم زفافى إلا أنا . أنا وحدى التى كنت أعلم .أنا وحدى التى كنت أعد الأيام فى ورقة حتى إنتهت الورقة فى يدى ولم تنتهى الأيام . كان شكل الورقة عبارة عن أيام ماضية مشطوبة بالحبر وباقى الورقهة لم يكن مشطوب فتوقف شطبى للأيام عند يوم الرحيل وباقى الورقة كما هى وكأن أيامها لم تمر . نظرت إلى أخر الورقة فوجدتنى عاملة دائرة على يوم الزفاف فإبتسمت وقلت : إنك اليوم المنتظر فأنا عروسة اليوم ولكن عروسة دون فستان . إحتفلت بيوم زفافى فى حجرتى دون معازيم ودون زغاريت وأيضا دون عريس ولكنى وهبته نفسى تلك الليلة وإعتبرت نفسى أمام الله زوجته ولكنه لم يأتى ليضع دبلته فى إيدى اليسرى . كانت دموعى تسيل كل يوم وأنا أرى أبى وهو يمحى أثر شرف بتلوين الحائط وشراء الألوان المختلفة وهو لم يعلم أن هذه الألوان لم تمحى شىء بل وإن خلع الطوب الأحمر ذاته لم يمحى وجود شرف من ذلك البيت . وظلوا أبى وأمى يحاولون قتل الماضى بأسلحة فشنك ليس لها مفعول . قررت أمى أن تبيع طقم الأنتريه بعد أن علمت أن وجوده له ذكرى كما أنها تراجعت عن تركيب الستاير وفرش السجاد وتراجعوا ايضا عن قرار هدم الحائط بعد أن تنبهوا أن الشقة بعد الهدم ستصبح مثل شقة شرف . وبعد أن تلونت الشقة وإختلفت معالمها وتلونت البلاكونة أيضا وإختلف كل شىء فيها بدأت أدخل البلاكونة بلا خوف لم أرى الكراسى ولم أرى حمالات قفص البغبغانات . كل شىء ضاع أثره ولكن فى حين إقترابى من سور البلاكونة كان يمسنى وجع غريب إنه الشىء الوحيد الذى لم يستطع أبى أن يمحى أثر شرف منه لأن السور هو الشىء الوحيد الذى كان يلامسنا طوال الوقت وبرغم كل التغيرات إلا أننى يأتينى شعور من وقت لأخر أن لم يتغير شىء . فالجدار ذاتها هيا هيا والمقاعد التى جلس شرف عليها هيا هيا .باب الشقة والأرض والسلم هما هما كل ما تغيرهو مجرد لون فقط . ولكن الهواء الذى تنفس به شرف لم يذهب .الأرض التى خطى عليها لم تتغير . الأشياء التى لمسها بيده مثل ريموت التليفزيون وكبايات العصير وأكرة باب الشقة لم يتغيرو.فبصمات شرف مازالت على كل شىء حولى فماذا فعل أبى ؟ وما أستفاد من التعب الذى بذله من أجلى؟ فى أثناء هذه الفترة كان إبن الجيران الذى يسكن فى البيت المقابل لعمارتنا يلاحظ التغير والتجديد لشقتنا ويتابع أبى وهو يدهن الحائط فكان يقف فى شرفته كل يوم ليشاهد الألوان الجديدة . أما أنا فكل شىء تغير أمامى له صورة قديمة فى ذهنى تذكرنى بشكله القديم كنت أقف كثيرا بجانب سور البلاكونة لأشعر بالسكينة والهدوء وكأن قلبى متعلق بهذا الركن فكان إبن الجيران يلاحظنى دون أن أنتبه له . بل كان يتابع حزنى وسرحانى طوال الليل . كنت أعانى من تلك الذاكرة القوية التى ترفض مساعدتى على النسيان بل كانت تجعلنى أتألم طوال الليل وأنا أتذكر رغبتى فى إحتضان شرف فى الأيام الأخيرة وكأن قلبى حاسس إنه سيفارقنى مما جعل تعذيب النفس يزداد وأنا أردد يارتنى كنت حضتنه مرة أخيرة . كنت أقاوم هذا التفكير بالنوم لفترات طويلة جدا تكاد تكون من منتصف الليل إلى منتصف الليلة التى تليها . وأوقات آخرى من الظهر إلى الفجر كنت أرفض الحياة بمعنى الكلمة وكان الآثر السلبى لهذا النوم هو الصداع الذى لم يفارق رأسى طوال فترة إستيقاظى . أما عن إبن الجيران فبدأ يربط موعده بموعد إستيقاظى ليلا ليرانى فى الشرفة وأنا ساهرة وكأنه يحاول تفهم حالتى أما أنا فلم أكن أراه أو أشعر بوجوده . فقط أنظر إليه وعينى سارحة ولا أبالى بما تبادلنى عيناه ظل إبن الجيران يراقبنى فى صمت ولكن لا تبالى به عيناى فكانت جفونى مشغولة بدموع الشوق لحبيبى الغائب . لم يمل إبن الجيران عن سهره يوميا لرؤيتى فلقد إستمرت متابعته لى شهورا طويلة . أما أنا فلم اشعر بشهور تمر فلقد توقفت أيامى وتوقفت معها أوراق النتيجة التى تعودت دائما أن أقطفها ليقترب يوم الزفاف بل ولتقترب أيضا أيام الجمع التى كنت أنتظره فيها . واليوم توقفت أوراقها عند يوم الوداع بل باتت تلك الورقة المعلقة بتاريخ رحيله مغطاة بالتراب فلم يقترب أحدا من النتيجة سوايا ولكنى منذ رحيله لم أستطيع الإقتراب منها أيضا حتى فقدت معرفتى بالأيام .نعم كنت أرفض معرفتى بأيام الإسبوع نهائيا حتى لا أعرف متى تأتى الجمعة التى كنت أراه فيها . مرت شهور طويلة وأنا لا أعرف متى تأتى الجمعة مما جعلنى أشعر بأن الجمعة لم تأتى بعد . وأن الإسبوع أصبح ٦ أيام فقط .ظللت أنام وأنام محاولة الهرب لكن محاربات أبى وأمى كانت قوية فى منعهم نومى كل هذه الساعات الطويلة حتى لا أصاب بالإكتئاب وأيضا لشفائى من الصداع الذى لا يفارق رأسى .فكانوا يوقظونى بالإجبار حتى أتقبل هذا الواقع الذى أهرب منه . بالفعل كنت أستيقظ ولكنى أقضى وقتى فى الكتابة عنه حتى اشعر إنه معى فى فترة إستيقاظى . ومن ضمن كتاباتى عنه قلت ( يوم ما جيت)
يوم جيت تنهى الحكاية
وخدت معاك كل الهدايا
كل ورقة ذكرى منك كانت معايا
خدتها ومشيت
يوم ما جيت عشان تنهى كل حاجة
مستنتش حتى أقول لك أى حاجة
كل همك إنك تاخد كل حاجة
جبتها من يوم ما جيت
مستنتش حتى أقول لك مع السلامة
كنت عايز تمشى كده والسلامة
كنت مستعجل وخايف من الملامة
أديك مشيت
ومن يومها ما فكرتش ترجع لى تانى
وكان فى إيدك مليون حاجة
ماعملتش ولا حاجة عشانى
ياللى كنت بتقول إن عمرك ماهتنسانى
أديك نسيت
الهدية التى ذكرتها هى الدبدوب ذا اللون الأحمر الذى كلما أفتح دولابى لأضع الأوراق كانت يدى تلمسه بدون قصد ليصدر صوتا موسيقيا فى كل مرة أفتح فيها الدولاب فكلما كنت أسمع صوت هذا الدبدوب أخرج من الحجرة فورا قبل أن يسرى صوته فى أعماقى وفى ذات مرة وأنا أخرج من حجرتى فوجئت بأبى وهو يدخل من باب الشقة ومعه شخص و متجهان إلى حجرة الكمبيوتر فكان هذا الشخص مديرا ظهره إليا وكان أبى يقول له : معاك الإسطوانة بتاعة نسخة الوندوز ؟ توقعت إنه مهندس جاى يصلح الكمبيوتر وقبل أن يغلقوا باب الحجرة عليهم وجدت أبى يقول إعملى شاى يا أمل . دخلت إلى المطبخ وأعددت الشاى لهما ثم ذهبت إليهم وطرقت على باب الحجرة وفى يدى صنية الشاى .وعند فتح الباب وجدت الشاب ينظر إليا وكأنه يتفحص ملامح وجهى .أخذ أبى صنية الشاى من يدى و نظر للشاب وقال : دى أمل بنتى .. ثم نظر لى وقال : ده عصام إبن الجيران اللى ساكن فى العمارة اللى قصادنا إلتفت إليه بعينى وقلت أهلا وسهلا ثم بدأت أضع كبايات الشاى أمامهم ولكن عيناه لم تفارق عينى فظل ناظرا إليا حتى وضعت الكبايات وأخذت الصنية فارغة وخرجت من الغرفة .وفى طريقى إلى المطبخ لمحت حذاء عصام بجوار باب الشقة كان يشبه حذاء شرف مما جعلنى أقف لبضع دقائق أتخيل وجود شرف فى البيت وأنا أبتسم فى حزن وكانت الدقائق تسرقنى وأنا جالسة فى الصالة أمام باب الشقة أنظر للحذاء وأتخيل خطوات شرف التى كانت تعلم دائما فى السجادة المقابلة للباب .لكن سرعان ما خرج عصام من الغرفة قائلا : مع السلامة يا عمى وفرصة سعيدة جريت مسرعة اتخفى خلف ستارة المطبخ أنظر له فوجدته جلس يلبس حذائه . وفى ظل ربطه الحذاء تحول المشهد أمامى( من عصام إلى شرف) فرأيت شرف جالس يرتدى حذائه ويربطه فإبتسمت من خلف الستارة وقلت فى سرى إستنى شويه متمشيش . بل وعاد المشهد إلى حقيقته حين قام عصام من على الكرسى متوجها إلى باب الشقة . وقتها أغلقت الستارة وأغمضت عينى لأبتلع مرارة ريقى المدموج بالوجع . ذهب عصام ولم ينتهى تخيلى لوِجود شرف فى كل مكان حولى .وبرغم تغير معالم الشقة وألوان الحائط إلا أن البيت لم يخلو من عطر أنفاسه الساكن فى كل ركن .فكنت أشعر به واقفا بجوارى فى الشرفة. بل كنت أراه جالسا بجانبى على الكرسى ولا أبالغ حين أقول إننى كنت أحيانا اتكلم معه فى فترة الليل
قصيدة/ يعنى إيه
يعنى إيه لما أبقى حاسة إنك جانبى
ومش شيفاك
يعنى إيه لما أمشى لوحدى وأبقى سامعة
صوت خطاك
يعنى إيه ؟
يعنى إيه يجى ميعادك وأحس وجودك
ومش لقياك
يعنى إيه لما أبقى واثقه إنك مش جاى
واستناك
يعنى إيه ؟
يعنى إيه لما أبقى شايفة إن الكرسى
بتاعك فاضى
وأقعد أتكلم معاك
يعنى إيه تظهر قدامى وأبص لعينك وألمس إيدك
وتبقى إيدى مش لمساك
يعنى إيه ؟
يعنى إيه رغم الفراق تبقى معايا كل يوم ونتقابل
وأنا فقداك
يعنى إيه ؟
كان إشتياقى إليه كإشتياق النبات للمطر
بل وكان اليوم الذى أحلم فيه بشرف كيوم السيول الذى أرتوى فيه من رؤيته أمامى ..
بمرور الأيام بدأت فى تظبيط مواعيد نومى فكنت استيقظ فى العاشرة صباحا . بل بدأت أنتبه
إلى يوم الجمعة من خلال صوت صلاة الجمعة من الجامع المجاور للمنزل وعند كل جمعة أشعر
بها كانت تصحى بداخلى وجع وكأن فراقه كان بالأمس .فبعد كل صلاة جمعة أجد نفسى أنتظره
فى البلاكونة والدموع مالية عينى . وفجأة يدخل عصام شرفته ليجدنى أستمع إلى الصلاة
وأنا أبكى فتتحول ملامحه إلى فضول لمعرفة سبب بكائى فى هذا اليوم من كل إسبوع .فأنا
وحدى التى أفهم طعم الالم الذى أتذوقه وأنا أنتظر السراب بل أنتظر مجئيه وأنا أعلم
انه لم يأتى أبدا . مما جعلنى أدخل من الغرفة لأمسك بقلمى وأقول
بيعدى الوقت وتمر الساعة
ويجى ميعادك ومبلقكش
أفضل أستنى وأصبر نفسى
وأقول هيرجع و ما بترجعش
وها هى الجمعة التى تمر ببطء ساعة
تلوالآخرى وأنا أستمع إلى الباب ولم أسمع خبطات يده. كان يوحى لى قلبى إنه سيأتى وأن
خبطاته سوف تهز هذا الباب بعد دقائق .كنت أتوهم وأنا أعلم أن يده لم تلمس هذا
الباب مرة أخرى .هكذا كنت أنتظره كل جمعة
شعر /قدروا يحرمونى منك
قدروا يحرمونى منك قدرو يبعدونى عنك
لكن لا يمكن يقدروأ يخلونى نساك
قدروا يكسرو قلبى قدروا يهدموا حبى
حكموا عليا أعيش حياتى على ذكراك
قدروا حبيبى يفرقوا بينك وبينى
قدروا حبيبى يحرموا عينك من عينى
لكن صدقنى مهما بعدت هفضل شيفاك
بعدونى عنك ومقدروش إن
عيونى ليك بيحنو
ده حتى صوتك يانور عينى حرمونى
منه
طالت المسافة يا حبيبى بينك وبينى
وبرغم بعدك عن عينى هفضل فاكراك
كانت تلك الكتابات التى أكتبها ليلا تفيدنى فى منع الدموع وكتم الحزن بل كنت أخرج حزنى كله على الورق مما جعل الجميع حولى ينخدعون ويظنون أن حالتى تحسنت ودموعى توقفت ولم يعلموا أنى مازلت أبكى من الداخل بل كان الشخص الوحيد الذى يرى دموعى هو إبن الجيران كان الجميع سعداء بى لأنهم حكموا على مظهرى ذا الإبتسامة المزيفة ولم يروا كتاباتى وما فيها.وبعد مرور شهر قررت أستغل فرصة إنهم فاكرين إنى إتحسنت وبطلت أفكر فى الماضى . وقررت أطلب من بابا تليفوني اللى أخده منى من يوم رحيل شرف . طلبته عشان أنقل منه رسايل شرف وأحطها فى كتاب مذكراتى كذكرى لماضى لا ينسى وطبعا كانت خطوة صعبة إنى أطلب من بابا الموبايل إندهش أبى وقال ليه يا أمل؟ قلت له متخفش يا بابا أنا مبقتش أفكر فى شرف أنا بس عايزة الموبايل عشان أنقل رسايل شرف فى كتاب مذكراتى كنوع من التسيلة لكن صدقنى هو مش فى دماغى . كنت بتألم لأنى بكدب وبقول لبابا شرف مش فى دماغى بس كنت عايزاه يثق إنى مش هكلمه لأنى فعلا مش هكلمه . رد بابا وقال لى : يعنى لو إديتك الموبايل مش هتكلميه ؟ قلت له والله العظيم أبدا . قال لى : ماشى يا أمل أنا هثق فيكى وهدي لك الموبايل .ذهب أبى ليحضر الموبايل وهو لم يعلم أن رقم شرف معى منذ يوم الفراق وأن بإمكانى أن أكلمه منذ أن تركنى ولم أفعل أحضر أبى الموبايل ووضعه فى يدى وتركنى وذهب . ضميت الموبايل فى صدرى ودخلت الحجرة التى أكتب فيها ثم نظرت إلى الموبايل الذى يغيطه التراب واخذت أتذكر أن هذا الموبايل هو الذى سمعت فيه صوته . هو الذى سجلت فيه إسمه . هو الذى وضعت فيه صورته وجعلتها خلفية له. كنت أفتح الموبايل وأنا أعلم أن أبى مسح كل الصور وكان كل إنتباهى فى البحث عن الصور والرسايل ولكن عند فتح الموبايل تفاجئت بشىء آخر شد إنتباهى بدموع ووجع رهيب وهو أن أول شىء أشوفه على الشاشة هو تاريخ الخطوبة 21/10 إنه اليوم بالفعل . اليوم 21 ؟ ربما لأننى لم أنظر إلى النتيجة منذ يوم الفراق ولم أتعرف على التواريخ ولكن لماذا اليوم الذى أتعرف فيه على التواريخ يكون تاريخ الخطوبة ؟ أدركت أن مرت سنة . نعم مرت سنة كاملة على خطوبتى دون أن أدرى وكأنها يوم و مر .. وكأن وجود شريف معى طوال السنة زيارة عابرة فى يوم عابر من ضيف مستعجل رحيله قعد شويه ومشى !!
قصيدة /جيت ومشيت
كنت هنا قاعد هنا واقف هنا
إتكلمت معاك وحكيت
جيت وكأنك لما دخلت عليا الفرحة مليت
البيت
جيت ومشيت
بس البيت من غيرك والله مبقاش بيت
كنت زى الضيف مستعجل ترحالك
كنت قاعد قدام عنيه وكأنك فجأة إختفيت
جيت ومشيت
كنت بقول لك خليك شوية اتحايلت واترجيت
كان نفسى تفضل معايا وتشبع منك عينيا
لكن ملحقتش تشبع وعلى الفراق
اصريت
جيت ومشيت
جيت ومشيت وعدى الوقت ولا حسيت
وفجاه لقيت نفسى لوحدى والنار بتايد
فضيت حياتى من بعدك وفضى عليا البيت
أه والله فضى عليا البيت
جيت ومشيت
لم تكن المأساة فى فراق شرف عن أمل فقط .بل كانت المأساة أيضا فى حب عصام لأمل التى لم تشعر به إطلاقا.. فلم يكون قلبها وحده المعذب بحب شخصا لا يبالى فقلب عصام معذب أيضا بحب أمل التى لا تبالى . ولكن لم يستسلم عصام فكان يحاول بشتي الطرق لفت إنتباه أمل له من خلال نظراته لها من الشرفة كل ليلة . ولكن بمرور الأيام بدأ يلاحظ عصام أن أمل لم تعد تقف فى شرفتها كما كانت تفعل من قبل وكان فقط يلاحظ نور حجرتها المضىء دائما من بين شرعات الشباك مما جعله فى حالة من الجنون والفكر المستمر . أما أمل فكانت قد بدأت تشغل وقتها بالجلوس على الإنترنت.. وهنا قالت أمل : كنت أحاول الهروب بأقصى ما عندى وكانت وسيلتى هى الدخول عالم الإنترنت الذى يسحب وقتى بشكل سريع ويفصلنى عن الواقع تماما فكنت أجلس على الإنترنت من بداية صحيانى لحين موعد نومى استمريت على هذا الحال أيام طويله لا أبالى بطولها ولاعرضها فقط كنت أملأ إيميلى بأغانى الوداع وكلمات الرحيل والفراق المؤلمة التى كانت تخرج من تحت أصابعى بمرارة مع كل ضغطة على الكيبورد . كانت صفحتى الشخصية سوداء بمعنى الكلمة وبمرور الأيام تحول إسمى من (أمل حياتى) إلى( فتاة مجهولة)وكان الجميع حائرا فى أمرى بل وكانت تأتينى رسائلهم وتعليقاتهم على صفحتى بسؤالهم إنتى مين يا مجهولة ؟
قصيدة /إنتى مين ؟
إنتى مين ؟
أنا حد عمره ما كان سعيد
ليه مش سعيدة ؟
الأحزان مكتفانى
والأفراح عليا بعيدة
عايشة فين؟
عايشة بين أربع حيطان
شاردة
ووحيدة
حكايتك إيه ومنين لفين ؟
حكايتى دى حكاية طويلة
مستحيل تتقال فى يوم ولا فى يومين
مستحيل أحكيها حتى لو فى شهر
دى حكايتى مأساة سنين
إختصارها إنى حكمت على نفسى بالإعدام
وكان الحكم عليا قاسى
وإنى إخترت طريق مسدود مفروش أوهام
وصممت أكمل فيه وأعيش فى مأاسى
طلعت من تحت جناح بابا وماما
وصممت أطلع للدنيا بالإجبار
بصيت ورايا وقلت لهم مع السلامة
ومكنتش أعرف إنى رايحة برجلى للنار
ومع أول إيد قابلتنى مسكت فيها
وقلت أكيد هو ده فتى الأحلام
كنت أسعد بنت لكن مكنتش أعرف
إن ممكن فرحتى تكسرها الأيام
خطوبة وفرح وحصان أبيض وعشت الحلم
وأول ما خدنى الحصان إتفك اللجام
كان سؤالهم مستمر إنتى مين يا مجهولة وإيه الحزن ده كله ؟ وبعضهم يقول كلامك بيوجع أوى لما بدخل صفحتك بحس إن عايز أعيط وهكذا كانت تأتينى رسايل كثيرة من هذا النوع من شباب وبنات . لفت حزنى إنتباه الكثير .وكانوا معجبين الصفحة يزدادون كل يوم ومع كل منشور يضغطون الإعجاب وهم لا يشعرون أن هذه الكلمات تخرج من أعماقي .وفى ذات يوم فى ظل وجودى على الفيسبوك وجدتنى أبحث عن إسم ( شرف عز الدين) كانت تجربة تلقائية منى فى البحث عن صدفة وهمية تجمعنى به عن طريق الفيسبوك. كنت أبحث عن إيميله وسط آلافات الإيميلات التى كان جميعهم يحمل إسم ( شرف عز الدين ) كنت أرى إسمه بجميع اللغات فى إيميلات مختلفة ولا أعرف من فيهم هو ؟ كنت أرآهن نفسى أن أجده .وبدأت أرسل لكل منهم رسالة تحمل سؤال (أنت شرف أخو على ؟) أرسلت هذا السؤال لهؤلاء الآلاف وكانت تأتينى كل يوم رسالة بالرد بكلمة لا . كنت على أمل أن يكون واحدا منهم يكذب ولكن داخل نفسى أعلم أننى خسرت رهانى .. استقبلت جميع الرسائل التى كانت تنفى وجود هذا الشخص الذى أبحث عنه ولكننى لم أكتفى بكلمة ( لا مش أنا ) التى كانت تملأ قائمة الرسايل .بل إننى وجدت نفسى أدخل على موقع شركته وأبحث فيه عن إيميلات جميع العمال العاملين بالشركة .فوجدت أمامى جروب يحمل إسم الشركة دخلت الجروب فوجدت عدد كبير من الأشخاص دخلت على صفحات كلا منهم وأخذت أبحث فى بيانات الصفحه عن مكان عملهم حتى أتأكد إنهم من عمال الشركة وبالفعل كلما دخلت إيميل أحدا منهم لأبحث عن مكان عمله أجد كلمة (يعمل لدى GM) وجدت هذه الجملة فى جميع إيميلاتهم وقتها تذكرت البدچ الذى رأيته ذات مرة على تشيرت شرف كان يحمل ذلك الحرفين GM وعندما سألت شرف قال ده تيشرت الشغل .وقتها تاكدت انهم فعلا من عمال شركته لم أستطع التحكم بنفسى فوجدتنى آراسل كلا منهم بسؤال وأقول له (حضرتك تعرف حد إسمه شرف عز الدين معاك فى الشركة ) كان بعضهم لم يرد والبعض الأخر يرد على سؤالى بسؤال أخر . اللى يقول ليه ؟ واللى يقول إنتى مين ؟ واللى يقول لى عايزاه بخصوص إيه؟ فلم أستطع أن أجاوب على أسالتهم سوى بالصمت فقط كنت الفتاة المجهولة التى تبحث عن شخص مجهول أستمرت أمل فى البحث عن شرف على موقع الإنترنت تخيلا منها إنها ستجده خلف أى صفحة بإسم ( شرف عز الدين ) بل ظلت تبحث فى موقع شركته حتى أصبح إسم شرف على لسان كل العاملين بالشركة مما جعل الجميع يتساءل من هو شرف عز الدين التى تبحث عنه تلك الفتاة المجهولة ؟ وهنا تقول أمل :ازدادت حولى التساؤلات وكان الجميع يرغب فى معرفة لغز قصتى . وفى ذات يوم تفاجئت برسالة من شخص منهم قائلا : أنا إسمى نادر بشتغل فى الشركة وسؤالك عن إسم شرف عز الدين وغموضك وحزنك بيثير فضولى إنى إعرف إنتى مين ومين الشخص اللى إنتى بتدورى عليه . أنا بجد عايز أعرف حكايتك وتأكدى إنى هساعدك. رديت عليه بحزن وبكل تلقائية : أنا فتاة مجهولة بلا إسم وبلا سن وبلا عنوان . صمت الشخص قليلا ثم قال : ردك بيدل على قمة اليأس وفقدان الأمل .فقلت بداخلى ولكنى للأسف أمل أكمل الشخص حديثه قائلا : أرجو منك منحى فرصة بمساعدتك من أنتى أيتها الفتاة المجهولة ومن هو شرف التى تبحثى عنه ؟ قلت له : أنا ضحية لقصة حب دمرتنى قال ومن شرف ؟ إبتسمت وقلت : شرف هو حب عمرى هو الإنسان اللى فتح ليا الباب للحياة وخطى بيا أول خطوة جوه عالم البشر .ثم سالت الدموع وأكلمت حديثى قائلة : هو اللى عرفنى على الدنيا وعرفنى معناها شوفت معاه السعادة بكل ألوانها وعرفنى الحب بكل معانيه . شرف عز الدين هو بيت أمان عشت فيه سنة وفجأة إتهد وأصبح تراب ماليش مكان تانى . عرفت ليه بلا عنوان ؟ كان هو ده عنوانى. رد الشخص بكل حزن وقال : لا إله إلا الله طب إنتى عندك كام سنة . قلت له : عمرى سنة من ساعة ما شوفته لحد ما مشى هو ده عمرى اللى عشته بجد .باقى السنين مش محسوبة مجرد ورقة شهادة ميلاد والله العظيم ما ليها لزمة. قال لى : وحدى الله إنتى كلامك يوجع الحجر بس مين شرف اللى وجعك بالشكل ده . قلت له خطيبى اللى دلوقتى بعتبره جوزى بس من غير دبلة .سكت شويه وقال لى : أنا ما شفتش حد بيحب حد كده . قلت له : أنا حبيته كده ومكنتش فاكرة إنى هتوجع عشانه كده .قال لى : ده إنتى وجعتى قلبى أنا حرام عليكى نفسك قولي لى أساعدك إزاى أنا مستعد أعمل أى حاجة عشان أريح قلبك الموجوع ده إنتى زى أختى وصعبانة عليا بجد وهنفز اللى إنتى عايزاه . قلت له شرف شغال معاكم فى الشركة . قال لى : بس إحنا الشركة بتاعتنا فيها (100 شرف عز الدين) هو قسم إيه طيب ؟ قلت له مش عارفة توقفت يدى عن كتابة الكيبورد وبدأت أسرح بتفكيرى لمشهد قديم مع شرف حين قال لى شرف : معلش يا أمل مش عارف أرد على الموبايل وأنا فى الشغل لأنى بحط الموبايل بتاعى بره القسم عشان إحنا فى قسم دهان وممكن الموبايل يولع . وفجأة تنبهت لنفسى وكتبت للشخص قائلة : شرف فى قسم الدهان .قال لى : أنا أعرف واحد فعلا فى قسم الدهان إسمه شرف قلت له بجد قال لى أيوه لكن شرف عزب مش عز الدين وتقريبا مافيش فى القسم غيره . قلت له يمكن هو بس إنت غلطان فى الإسم . قال لى أنا متأكد إنه شرف عزب هو الوحيد فى القسم بس لما أروح الشركة هسأل وأقول لك . قلت له إنت هتروح بكرة .قال لى أنا واخد إجازة عشان إيدى مكسورة وهنزل الشغل الإسبوع الجاى .كنت أنتظر الإسبوع الجاى فى لهفة وخوف .نعم خوف من أن يكون هذا الشخص لم يكن حبيبى المقصود .ولهفة من إنتظارى لخبر إنه يكون هو بالفعل .ولكن كان خوفى أكبر من أن ينقطع هذا الخيط الرفيع الذى كاد أن يوصلنى بحبيبى الغائب.مر الإسبوع وجاء الإسبوع الذى يليه وكنت فى إنتظار رسالة من هذا الشخص يخبرنى فيها إنه وصل لشرف .فى ظل هذه الفترة كان يأتينى عدد من طلبات الصداقة منهم( الوردة البيضاء)وغيرها من الطلبات التى كنت أرفضهم جميعا وبعد مرور يوم من الإسبوع الجديد تفاجئت برسالة من هذا الشخص يقول فيها( بصى أنا سألت عن إسم شرف لقيت ثلاثة شرف فى قسم الدهان .لكن مش قادر أعرف مين فيهم ( شرف عز الدين) لأن محدش من الموجودين يعرف أسمائهم الثلاثية .ثم طلب منى أن أصف له شكل شرف المقصود حتى يستطيع الوصول إليه . وقبل أن أصف له وجدته يقول : أنا شوفت واحد فيهم من بعيد طويل شويه وأسمرانى . من شدة لهفتى لقيت نفسى بقول له أيوه هو ده . قال لى : ما تستعجليش لحسن يطلع مش هو . بس لو طلع هو إيه المطلوب منى وأنا أعمله .تحبى أقول له إيه؟ مكنتش قادرة أصدق إن المسافة بينى وبين شرف ممكن تكون قربت اوى كده لدرجة إن مطلوب منى أقول له كل اللى فى نفسى . كنت عاجزة قدام هذا الطلب أقول له إيه ولا إيه ولا إيه ؟ أقول له ليه سبتنى ؟ ولا أقول له مش قادرة أعيش من غيرك ؟ أعاتبه ولا أشتكي له ؟ ألومه إنه سابنى ولا أقول له محتاجة لك ؟ مكنتش عارفة أقول إيه للشخص اللى بيكلمنى عشان يوصله لشرف حاسة إن جوايا كلام كتير بس الحبل الضعيف اللى أنا ماسكاة مش هيقدر يوصله كل اللى جوايا .فجأة لقيت الشخص بيبعت لى وبيقول لى ساكتة ليه . روحتى فين ؟ رديت بحزن وقلت له موجودة أهو بس مش عارفة أقول لك إيه . قال لى أنا حاسس بيكى بصى أنا هروح أقول له خطيبتك بتحبك أوى متخصرهاش قلت له :لا أوعى تقول كده مش عايزاه يعرف إنى بكلمك أنا عايزاه يحس بيا من بعيد لبعيد قال لى طب إزاى؟ قلت له حاول تصاحبه لحد ما يحكي لك عنى قال لى : بس ده هياخد وقت طويل لأنه مستحيل هيحكى لحد عن حياته الشخصية بالسهولة دى .قلت له طيب حاول تعرف المكتب اللى بيشتغل عليه وإكتب له ورقة وإرميها تحت المكتب ده. قال لى تمام أكتب إيه فى الورقة ؟ قلت له إكتب إسمى .ضحك وقال لى : مقلتليش على إسمك يا فتاة يا مجهولة . مكنتش عايزة أذكر إسمى للشخص ده واضطريت أقول له على إسم وهمى قائلة : إسمى سمر . قال لى خلاص هكتب له فى الورقة خطيبتك سمر لسه بتحبك .قلت له لالالا بلاش إسمى خالص . إكتب له خطيبتك رقم خمسة بتموت أرجوك إرجع لها . قال رقم خمسة ؟؟؟ قلت له أيوه إكتب زى ما بقول لك .قال لى حاضر بس ممكن أسألك سؤال :هو خطيبك كان خاطب أربعة قبلك ؟ قلت له : أه . قال لى : طيب هقول لك حاجة بس متزعليش خطيبك ده شكله مش كويس قلت له :يعنى إيه ؟ قال لى يعنى بيلعب ببنات الناس محدش بيخطب أربعة ويسيبهم إلا إذا كان فيه حاجة مش طبيعية معقولة يكونوا كلهم وحشين .قلت له هو قال لى إن كل واحدة فيهم فيها عيب .قال لى وهو اللى ملاك ؟ طيب إنتى عيبك إيه ؟ ده إنتى بتعبديه عبادة الواد ده خسارة فيكى متزعليش منى إنتى زى أختى وهو لعب باللى قبلك زى ما لعب بيكى بالظبط قلت له : إنت بتقول الكلام ده عشان متوصلش الورقة. قال لى والله العظيم أبدا أنا عند وعدى ليكى ومعاكى لآخر لحظة زى ما وعدتك هدور عليه وأدي له الورقة بس أنا بنصحك يابنت الحلال أنا مش غرمان حاجة بس أنا خايف عليكى بجد . قلت له فيه كتير قبلك نصحونى وأنا ما سمعتش لحد ولا عمرى هسمع لأنى بحبه ومش قادرة أنساه أبدا . قال لى طب إهدى أنا هريحك وأعمل لك اللى إنتى عايزاه وأنا آسف لو كنت ضايقتك أنا بكره هدورلك عليه ولما أتأكد إنه هو فعلا هبعت له الورقة بطريقة غير مباشرة .قلت له متشكره جدا بجد هيبقى جميل عمرى ما هنساه قال لى ما تقوليش كده إحنا إخوات قفلت معاه لكن نصيحته كانت طول الوقت فى ذهنى .ليه الشخص ده بيقول لى كده وإزاى حكم على شرف من غير ما يعرفه غاب هذا الشخص عنى يوما وإثنان وثلاثة ثم إسبوع ثم إسبوعين وهكذا كانت تمر الأيام بلا خبر إيميله دايما مقفول ورسائلى له تكثر وتكثر بلا رد كنت كل يوم أنتظره ولكنه لم يفتح إيميله مطلقا .فى هذه الفترة كانت تأتينى رسايل التهنئة بإقتراب موعد رأس السنة ومن ضمن تلك الرسايل رسالة من إيميل( الوردة البيضاء) يحمل تهنئة كنت أتجاهل بإستمرار أى رسالة فقد كنت أنتظر الرسالة الأهم التى تبشرنى إننى لقيت ما فقدته . كانت أوراق النتيجة المتبقية من السنة تستعيد بداخلى أحداث قديمة عشتها فى نفس تلك الأيام الأولى من شهر (ديسمبر) الذى كان يوافق شهر عيد ميلادى .كل يوم كان بيعدى عليا بقول زى النهارده حصل كذا .زى النهارده شرف قال لى كذا .زى النهارده روحنا المكان الفلانى .كنت بعيش اليوم بيومه كإنه شريط بيتعاد من جديد بس الفرق إنى وأنا مع شرف مكنتش بعرف أنام من الفرحة لكن دلوقتى مبعرفش أنام من الوجع وفى ظل مقارناتى بهذه السنة والسنة الماضية تفاجئت بيوم عيد ميلادى الذى لم يعد عيد بعد إنتهاء ميلادى .. نعم فلقد إنتهى ميلادى من قائمة شهور السنة بأكملها ..فبعد شرف لم يعد لى ميلاد .. فى نفس اليوم من سنة جاء شرف حاملا معه هدية عيد ميلادى (العصافير) ولكنه اليوم لم يعد أتيا بل إننى أفتقد حضوره كما أفتقد هديته .إنه يوم وجعى وألمى إنه يوم وفاتى.. لا أعرف كيف أستقبل هذا اليوم .جاء يوم ميلادى وأنا لا أشعر بالسعادة التى إعتدت أن أشعر بها بعد كل سنة تمر من عمرى ولكن هذه السنة مرت وسحبت معها عمرى بأكمله ..فلم أكن أستطيع أن أتعايش مع هذا العيد ميلاد سوى بأن أشعل الشموع ثم أطفئها كما انطفأت أنوار حياتى .
قصيدة ( فى عيد ميلادى )
فى عيد ميلادى بصيت لقيت
فى نفر ناقص
مش موجود بس روحه قريبة
لسه فيه واحد مجبش هديتى
لسه فيه واحد مقالش
كل سنة وإنتى طيبة
فى عيد ميلادى لما جم يطفوا النور
وبدأ يغنوا ويقولوا سنة حلوة يا جميل
كنت ببص فى الوشوش
فى حد لسه مشفتهوش
فى حد لسه مجاليش
لسه فيه ناقص صوت مبيغنيش
فى عيد ميلادى لما جيت أطفى الشموع
طلبوا منى أتمنى حاجة صغيرة
سكت الكلام وابتدت تنزل دموع
أتمنى إيه بعد ما كل حاجة ضاعت
حتى الحاجات اللى فضلت متكسرة
مش لقيا حاجة أتمناها
علشان مافيش حاجة حابها
كل حاجة متغيرة
كانت دموعى مزغللة عنيه
وشايفة الشموع قدامى نارها قوية
إستعد يا وجع إستعد يا ألم إستعدى يا آهات
حان يا قلبى وقت الأمنية
كنت خايفة أتمنى حاجة مش من حقى
خايفة أغلط
كل ما يقولوا لى أتمنى ألاقى حروفي
بتتلخبط
كان نفسى أتمنى ساعتها
إنك تكون واقف على الباب بتخبط
كان نفسى أقول للشموع
متخلصيش قبل ما يجى حبيبى
كان نفسى أقول الدقايق متنتهيش
ده النهارده عيد ميلادى وأكيد هيجى
لا مش هيجى
كفايا يا قلبى متعشمنيش
الأمنية دى مش من نصيبى
طفيت الشموع وإستنيت
مين اللى هيمسح الدموع ملقتش أيادى
كل الأيادى بتسقف
وأنا اللى ببكى فى يوم عيدى
ولعوا النور خلاص أنا همسح دموعى بإيدى
يا شمعتى مين طفاكى بعد ما كنتى بتقيدى
وقفوا كل الأغانى والتسقيف واسمعوا
صوته عليا بينادى
فين اللى كان قاعد هنا من سنة
بسقفته وبضحكته بيغني لى فى ميلادى
ده كان معايا زى الليلة دى
والنهارده خلاص مشى وكأنى بحتفل وحدى
سكتوا ليه ما تسقفوا صوت الوجع مش قادرة
أكتفو
صوت الوجع جوايا بينادى
ناقص دقيقة وينتهى يوم ميلادى
ساعدونى أرسم ضحكتى
ساعدونى أحس بفرحتى وأبدا سنة بقلب
راضى
إمسحوا دموع السنة اللى إشتكيت من
مسحها
ساعدونى أخبى دمعتى ساعدونى أفرح المرة
دى
أيوه هفرح وأنا قلبى حزين بس أوعوا تقولوا لحد
أيوه هحاول أبتسم بس اللى واجع قلبى
بجد
إن فيه واحد مجاش عيد ميلادى
يبدأ المشهد بوجود عصام فى شرفته يراقب شباك أمل الذى يخرج من بين شرعاته ضوء خافت يوحى لعصام أن أمل متواجدة فى الغرفة . فى ذلك الوقت كانت أمل تجلس على الإنترنت تحاول الهروب من حياتها دون أن تلفت لما ينتظرها خلف شباكها المغلق . فقط كانت تبحث عن شرف على صفحات الفيسبوك ولكنها كانت ترفض جميع طلبات الصداقة ومن بينهم (الوردة البيضاء) الذى كان يكرر إرسال طلب الصداقة باستمرار وكأنه يلح أن تقبله إلا إنها كانت مشغولة بشىء آخر قائلة ظللت أنتظر ردا من ذلك الشخص الذى يعمل بشركة شرف والذى عشمنى بأن يرد لى حبيبى الغائب لحضنى ولكنه إختفى تماما من على الفيسبوك غاب هذا الشخص عنى يوما وإثنان وثلاثة ثم إسبوع ثم إسبوعين وهكذا كانت تمر الأيام بلا خبر . إيميله دايما مقفول وراسئلى له تكثر بلا رد وكنت كل يوم أنتظره ولكنه لم يفتح إيميله مطلقا وفى ذات يوم تفاجئت برسالة من إيميل غريب يحمل إسم عشوائى لم يوجد له بيانات وهو ( الوردة البيضاء ) وكانت الرسالة تقول : إزيك يا أمل أنا عارفة إنك خارجة من أزمة صعبة بس هو ده الوقت المناسب اللى عايزه أقول لك فيه إن عصام إبن الجيران بيحبك يا أمل صدقينى بيحبك بجنون ومكنش قادر يتقدم لك عشان أخوه الكبير كان لسه متجوزش ولما إنتى اتخطبتى حصلت له أزمة نفسية ومكنش بيخرج خالص من البيت أول ماعرف إنك سيبتى خطيبك بقى يشوفك كل يوم وإنتى واقفة فى البلاكونة حزينة ومش قادر يقرب منك ودلوقتى قرر يسافر عشان مش قادر يشوف حزنك على واحد غيره .. رديت قائلة : مين حضرتك ؟ فوصلنى الرد : أنا أخته ولاء أرجوكى ساعدينى قبل ما يسافر ويسيبنا ولو سافر أمه هتموت فيها إنتى الوحيدة اللى تقدرى تخليه ما يسافرش لأنه هيسافر بسببك . قلت لها وأنا فى إيدى إيه أعمله ؟ قالت لى تدي له فرصة يقرب منك . قلت لها : لو سمحتى يا ولاء أنا مبحبش حد ولا عايزة أتحب من حد أرجوكى سبينى فى حالى ثم أغلقت الإيميل .ولكنها لم تكتفى بهذا الرفض بل ظلت كل يوم تراسلنى بالتوسل والرجاء أن أقترب من أخيها وأمنعه من السفر . ولكنى لم أشغل بالى به إطلاقا بل كان كل همى وتفكيرى فى الشخص الذى أنتظره ولم أعرف عنه أى خبر ولكن ولاء كانت مستمرة فى محادثتى ولم تمل رغم رفضى الشديد لها . وفى ذات يوم وجدتنى أسألها بعصبية وأقول : إنتى جبتى إيميلى منين؟ .فتفاجئت بالرد الغير متوقع وهو : أنا عصام يا أمل .قلت له : عصام ؟؟؟ قال لى : أيوه عصام اللى متابعك من البلاكونة سنة كاملة وإنتى حزينة على واحد فرط فيكى وميستاهلكيش .قلت له : إنت جبت إيميلى منين؟ قال لى : من صفحة أخوكى لانه متسجل عندى .قلت له وعرفت منين إن الفتاة المجهولة تبقى أنا ؟ قال لى عرفت من تعليقاتك على صورته .قلت له يعنى حضرتك بقا مش ولاء ؟ قال لى : لو قلت لك إنى عصام من البداية مكنتيش هتردى اضطريت أكدب .قلت له : وأنت فاكر إنك لما تكدب هرد عليك تانى ؟ قال لى لو فكرتى إنك مترديش هموت نفسى وتبقى إنتى السبب .قلت له : حضرتك مجنون ؟ قال لى : أنا مجنون بيكى يا أمل إنتى يوم متخطبتى كنت حاسس إنى زى السمكة اللى طالعة من المياة مش عارف أعيش صدقينى أنا بحبك والله العظيم .قلت له : سمعتها قبل كده كلكم كدابين . فتفاجئت به يرد فى إنفعال ويقول : يا أمل أنا مش كداب أنا شاريكى بجد وعايز أتقدم لك. صمتت قليلا ثم قلت تتقدم لى ؟ قال لى أيوه عشان أثبت لك إنى شاريكى . قلت له : ما هو غيرك إتقدم لى وفى الأخر باع . قال لى مش كل الناس زى بعض .إنتى لو بصيتى على شباك أوضتى يا أمل هتلاقينى كاسر حته من الشيش عشان أشوفك منها لأنك كل ما تشوفينى واقف تدخلى وتقفلى البلاكونة وعارف إنى لو طلعت بصيت لك تانى هتسبينى وتدخلى تانى عشان كده كسرت الشباك عشان اعرف اشوفك من غير ما تاخدى بالك .عرفتى أد إيه أنا بحبك أعمل لك إيه عشان تصدقى .قلت له : ما تعملش حاج سيبنى فى حالى أرجوك (ووجدت يدى على البلوك دون أن أشعر). وبعد حوالى يومين لقيت عصام داخل من إيميل تانى وباعت لى رسالة مكتوب فيها : (أنا هكلم أبوكى )..لقيت نفسى برفض بشدة وبقول له مستحيل.وكأنه صحى فيا وجع شرف من جديد .قال لى : مستحيل ليه ؟ قلت له : أنا بحب خطيبى ولايمكن هتخطب لحد غيره.ثم أكملت حديثى قائلة : وبعدين مين قال لك إنى فسخت الخطوبة؟ أنا لسه مخطوبة له بس كل الحكاية إنى قلعت دبلته قال لى : أنا عازرك وحاسس بيكى . قلت فى سرى وأنا عذراك لكن غصب عنى..كان عصام متعاطف معايا جدا لدرجة إنه كان مستعد يستنانى لحد ما أنسى شرف وبعدين يخطبنى قائلا : أنا مش هسيبك يا أمل وهستناكى لحد ماتنسى وهفضل جنبك لأخر لحظة . وساد الصمت صفحة الرسايل بيننا.. لم أستطيع أن أجيبه وكأن قلبى يمنع يدى عن الرد بالكتابة . فقط كان البلوك هو وسيلتى للهروب من عصام وظلت قائمة الحظر تمتلىء بإيميلات عصام الوهمية إلى إننى تفاجئت فى ذات يوم أن عصام كلم أخى على الإنترنت ولمح له إنه معجب بيا وقام أخى بإخبار والدى فى الحال وشيئا فشيئا بدأ عصام يتحدث مع أبى فى الموبايل وكان رد فعل بابا وماما إنهم مرحبين جدا بالموضوع خصوصا بعد ما إكتشفوا إنه بيشتغل موظف وإن والده ووالدته هيسيبوا له الشقة بتاعتهم اللى قصادنا يتجوز فيها وبكده هبقى قريبة من أهلى فى السكن جدا فكان بالنسبة لهم عريس لقطة.. بدأ الكل يقنعنى إنى أوافق عشان حياتى ما تقفش. وإنى مهما منعت نفسى من الجواز شرف مش هيرجع.. وإنه زمانه نسينى وإنى لازم أتخطب عشان أنا كمان أنساه .وافقت تحت تأثير ضغطين. الأول من كلام أبى وهو يقول ( عصام شخص محترم ومناسب أوى ليكى وهو ده الراجل اللى هيحافظ عليكى لأنه شكله بيحبك ) بينما كان الضغط الأخر من دموع ماما وهى بتقول لى :ما تحسسنيش بالذنب يابنتى إنتى كده كده لازم هتيجى يوم وتتجوزى بعد سنة بعد سنتين بعد خمسة هتتجوزى وده عريس لقطة هتبقى جنبى هنا وهطمن عليكى من البلاكونة من غير حتى ما أنزل أحسن ما يجى واحد يسكنك بعيد فى أخر الدنيا لا أعرف أشوفك ولا أعرف أجيلك أنا هنا مطمنة عليكى يابنتى وافقى.. وكانت كلمة ( آه) تخرج بألم وكأن هذه الكلمة لم تعنى الموافقة بل تعنى التوجع . لا أعرف كيف فعلت هذا ؟ كنت أجلس مع نفسى وأقول : ما الذى أنا فعلته ؟ هل أنا فعلا وافقت أن أدخل حياتى رجل آخر بعد شرف ؟ هل سأعيش حياة جديدة بعد شرف ؟ كنت وكأننى أفتح الباب بيد و أصده بيدى الآخرى فأنا لا أتحمل دخول شخص آخر مكان شرف .ولكن الأمر قد إتحسم بعد يومين حضرت والدة عصام وأخته ولاء وجلسوا مع والدتى يتحدثون ثم بدأت والدة عصام تحكى عن إبنها وتقول : عصام ده هادى وفى حاله أوى بيجى من شغله يقعد على النت مع نفسه لحد ما ينام مالوش علاقة بحد ولا بيحط السيجارة فى بقه .إبنى محترم أوى ودمه زى العسل لو عرفتوه هتحبوه أوى . وفى وسط الكلام بدأوا يسألوا عنى ويقولوا: أومال فين عروستنا الجميلة عايزين نشوفها . ردت ماما وهى مبتسمة وقالت : هو أنتم ما شفتوهاش قبل كده ؟.ردت ولاء وقالت : بنشوفها وهى واقفة فى البلاكونة ماشاء الله زى القمر بس نفسى نشوفها من قريب على الطبيعة من غير الستارة اللى دايما مستخبية وراها دى ضحكت أمى وبدأت تنادينى من حجرتي وبعد أن طلبوا أهل عصام رؤيتى قائلين لوالدتى أومال فين عروستنا الجميلة .بدأت أمى تنادينى من حجرتى قائلة : يلا يا أمل .ردوا أهل عصام قائلين : إنتى فين يا عروسة يلا عايزين نشوفك . وبعد دقائق خرجت من حجرتي لإستقابلهم فكانت نظرتى للأمام دون شعور بخجل كأى عروسة فقد كنت فاقدة الإحساس تماما كان شكلى عادى للغاية لم أضع أى ميكب على وجهى عندما رؤنى وجدت الإبتسامه تظهر على وجوههم وبدأت كلا منهما تقول ماشاء الله عروستنا الجميلة زى القمر . ولكنى لم أكن أشعر إنى جميلة ولم أرى نفسى عروسة إطلاقا . بل كان لبسى يحمل معظمه اللون الأسود وإبتسامتى بسيطة جدا فكيف يرونى عروسة بهذا الشكل . جلست بجانب والدة عصام وأخذت هى تمدح فى وتضمنى إلى حضنها وتقول : أخيرا بقيتى بتاعتنا ده أنا كنت شيفاكى لما كنتى عروسة واقفة تحت البيت بالفستان الأحمر كنت باصة عليكى من البلاكونة وبقول يا خسارة والله كنت حزينة أوى إنك اتخدتى مننا لكن الحمد لله رجعتى لينا تانى شوفتى النصيب . كنت أنظر لها بإبتسامة حزينة وأقول لها : صح النصيب .. لم تخوننى دموعى ولم تخذلنى إبتسامتى بل إستطعت أن أظل طوال الوقت متماسكة حتى حان وقت ذهابهم . ذهبوا بعد أن إتفقوا على أن يأتى عصام غدا .. كنت أكره ذلك الغد الذى يأتي ليحارب الماضى . إنه الغد الجاحد الذى يأمرنى أن أمشى عكس إتجاه قلبى ويشدنى بقوة إلى طريق قد إختاروه أهلى ولم يكن إختيارى أنا . إتصل أبى بعمي طاهر إبن خالتى ليحضر فى زيارة غدا . مما جعلنى أتذكر زيارة شرف فى قراية الفاتحة فقد كان عمي طاهر موجود فيها أيضا وكانت الأيام تعيد نفسها ويستعيد ذهنى ذكريات باتت تعذبنى وهى تكرر أمامى كل يوم بإسم عصام وليس شرف .. وكإننى أستعيد نفس قصتى ولكن ببطل آخر .كانت أمى تدفعنى أن أستعد لزيارة عصام بكل قوتها قائلة: لازم بكره تكونى عروسة بجد مينفعش الأسود اللى إنتى لبساه ده . إتذوقى وإلبسى وكمان لازم يكون وشك بيضحك بلاش البوز ده . وقتها إكتشفت إن إبتسامتى اللى رسمتها خذلتنى وإننى فشلت فى رسمها كما ظنيت.. رديت على أمى قائلة : حاضر هستعد .. توجهت إلى دولابى وكان كل ما يشغل تفكيري هو :كيف أستعد لمقابلة عصام وأنا محرمة جسدى على جميع ملابسى التى تذكرنى بشرف . فأنا لم أقترب من أطقم الخروج منذ سنة كاملة ولم أستعمل منها سوى بعض قليل جدا لم يتناسب مع زيارة غدا . لذلك قررت أن أستغل هذا الموقف وأكسر بيدى هذا الحاجز الرهيب بينى وبين ملابسى وأن أختار من هذه الملابس أكتر طقم يذكرنى بشرف ولأول مرة أفتح درفة الدولاب التى قد غطاها التراب من الداخل والتى لم أفتحها منذ رحيله والتى تحمل داخلها كل الملابس التى حرمتها على جسدى . لا أعلم كيف تجرأت أن أفتح هذه الدرفة وأن أنظر إلى الملابس التى لم تراها عينى من يوم فراقه . إننى أرآها اليوم بدموعى وألتمسها بيدى شماعة شماعة وطقم وطقم والوجع يملأ قلبى . كل طقم تقع عينى عليه يذكرنى بيوم خروجى مع شرف بذلك الطقم . وكانت دموعى تسيل.. فمع كل طقم ألتمسه يذكرنى بموقف و لكن حان الوقت أن أختار أكتر طقم يذكرنى بشرف حتى ألبسه لعصام غدا ..ما أصعب هذه اللحظة حين وقعت عينى على طقم ذا لون بنى فأمسكته ونظرت إليه بتمعن ثم رأيت نفسى وأنا مرتدياه وجالسة أمام شرف فى بيت والدته إنه يوم عيد الأم حين كنا نجلس سويا ونضحك وهو يحاول إطعامى من طبق الحلويات الذى بات طعمه فى فمى حتى اليوم . وكان قلبى يتقطع بمعنى الكلمة وأنا أخرج الطقم ذا اللون البنى وأتذكر شرف وهو يقول: أحلى طقم يا أمل هو الطقم اللى جيتى بيه عندنا فى عيد الأم . أخذت الطقم فى حضنى ودموعى تتساقط عليه دمعة تلو الآخرى.. لم أحتمل أن أرتديه .قسما بالله لم أحتمل . وضعته مكانه ومسحت دموعى وأخذت أبحث عن طقم أخر ولكن لم أجد فكل الأطقم لها ذكرى تؤلمنى بشكل مختلف عن الأخر وكل وجع له مرارة مختلفة عن الأخرى ولكنى قررت أن أجمع قوتي للمرة الثانية وأختار أكتر طقم يذكرنى بشرف وفجأة وقع أمامى طقم لونه وردى وهو الطقم الذى إشتراه شرف لى فى العيد .فقد إستعادت ذاكرتى لحظات شرائه حينما شاور شرف على هذا الطقم وطلب من صاحب المحل أن ألبسه فقد رأيت نفسى واقفة أمام شرف فى بروفة المحل أبتسم وأقول إيه رأيك فقال شرف حلو أوى .طلعته وقفلت الدولاب وكتمت دموعى وقررت ألبسه قدام عصام فى زيارة بكره .فضلت أكويه وأنا بغمض عينى بكل مرارة وألم عشان مديش فرصة للدموع إنها تضعفنى .مرت الساعات فى غمضة عين . وجه بكره وطلعت شمس يوم من أصعب أيام حياتى .وفجأة لقيت نفسى واقفة قدام المرايا بستعد لمقابلة عصام.. كان عمي طاهر قاعد فى الصالون هو بابا وماما مستنين حضور عصام . وأنا فى الأوضة قافلة عليا الباب وسمعاهم بيقولوا أمل بتلبس .صحيح بيقولوا كده لكن ميعرفوش إن هدومى بقالها ساعة على السرير وأنا قاعدة جنبها وباصة على المرايا ودموعى مغرقانى .وبقول لنفسى مش أنا العروسة . أنا مش عروسة .يا ناس أنا مش عروسة. كانت الساعة قدامى بتجرى وميعاد عصام بيقرب .لازم أقوم ألبس عشان مصغرش بابا .قلعت هدومى وبدأت ألبس الطقم الوردى كان إحساس بشع وأنا بدخل جوه الطقم كنت حاسة بنار فى جسمى ولأول مرة أشوف نفسى فى المرايا لبساه من يوم رحيل شرف قربت من المرايا وبدأت أفك شعرى وفجأة سمعت صوت شرف بيقول شعرك حلو أوى يا أمل فنظرت خلفى بلهفة إنه صوت الماضى . نعم إنه صوت الماضى ينادينى لموقف قديم فوجدتى أنظر إلى مرايتى وأنا سارحة لأرى شرف يجلس وهو يبتسم ويقول شعرك حلو أوى يا أمل فإبتسمت له وقلت ألمه ولا أسيبه أحسن ؟ رد شرف وقال : أنا بحبه ملموم بس التغير مطلوب كنت أحاول لم شعرى ولكن دموعى لم تكف قمت بتنشيف الدموع وبدأت فى وضع الميكب كان إحساس مؤلم جدا وأنا بتذوق لواحد مبحبوش كان مكياچى عبارة عن قناع بخفى بيه ملامحى الحزينة وفجأة لقيتهم بيقولوا العريس وصل .. جميلة تلك الجملة فهى تذكرنى بحضور شرف فى زيارته الأولى .كنت أنظر لباب الحجرة وأنا مبتسمة ولا أستطيع أن أميز من العريس الذى وصل ؟ عصام أم شرف ؟ ولا يستطيع أن يسوعب عقلى من الشخص الذى سيدخل من خلف الباب المغلق . عصام أم شرف ؟ فقط كنت أنظر للمرأة للمرة الأخيرة قبل خروجى . كنت جميلة أوى بس روحى مكسورة .حلوة من بره بس من جوه موجوعة . لقيت ماما بتفتح عليا الأوضة وبتدينى كبايات العصير عشان أقدمها نظرت للصالون وتذكرت أول زيارة لشرف وكنت أسمع نبرات صوته من على بعد وهى تتبع صوت الزغاريت أخدت من ماما صنية كبايات العصير . فهى نفس كباية العصير اللى قدمتها لشرف بل وكنت أشعر أن بصمات يده مازالت عليها كنت بمنع دموعى بأقسى ما عندى .فقط كنت مستمعة لصوت شرف من بين الزغاريت وكنت أتجه لصوت شرف وأنا أسبق تلك الدموع بخطواتى تجاه الصالون حتى أضع نفسى أمام الأمر الواقع كان عصام منتظرا فى الصالون .و أنا واقفة بالخارج أمنع دموعى بأقصى ما عندى وبالفعل دخلت وفى يدى كبايات العصير مبتسمة خافية وراء إبتسامتى ما لا يحتمله بشر ..قدمت العصير وأنا قلبى يخفق بين ضلوعى من شدة الوجع . وأتذكر شرف وأنا أقدم له نفس الكباية . جلست وأنا حزينة القلب نظرت للعريس ثم نظرت إلى أبى ودموعى واقفة فى عينى .كان عصام يجلس فى الكرسى المقابل نفس الإتجاه الذى كان يجلس فيه شرف كنت أتذكر ملامح شرف حينما كان يجلس فى نفس المكان وأنا انظر له النظرات الأولى فى خجل وأبتسم . ولكنى اليوم لم أستطيع أن أرفع عينى تجاه كرسيه حتى لا أصطدم بملامح غير ملامح شرف .لم يتحمل قلبى ذلك الشعور المؤلم بل كنت أنظر إلى الأرض حتى لا يرى أحد دموعى . وفجأة وجدت عمي طاهر يسألنى السؤال الذى جعلنى أرفع عينى من الأرض إليهم فى دهشة وخوف وهو ( موافقة ولا إيه يا عروسة ) نفس سؤال عمى حسين اللى سأله لى وأنا قاعدة قدام شرف . إفتكرت يومها لما قلت أيوه وأنا باصة لشرف وببتسم .ولما إنتبهت لنفسى لقيت عصام قدامى وعمي طاهر بيقول : ها يا عروسة قولى رأيك . كنت حاسة انى عايزة أقوم أجرى وأهرب منهم كلهم .مش عايزة أجاوب .كان سؤال صعب جدا وإجابته مش عايزة تخرج منى .لم أستطع أن أقول أه . ولم أتمكن من أن أقول لا . كان بداخلى صراع قوى مابين الإجابتين.كلما أتذكر أن هذا الشخص سيأخذ مكان شرف أريد أن أقول لا وبشدة . وظلت إجابتى واقفة فى حلقى حتى نطق عمي طاهر بالحكم وقال السكوت علامة الرضا .إنه الحكم الذى أصاب قلبى ألما وحسرة . إنه الحكم بالموت الذى جعلنى أنظر إلى أبى بدموعى وأقول فى نفسى لا يا بابا لا . كنت أترجاه بعينى أن يرفض هذا الحكم القاتل ولكن كان الكل سعيد ومن بينهم عصام الذى إعتقد إنه فاز بأمل ولكنه فى الواقع فاز بجسد فارغ دون روح أو شعور .وبعد ذهاب عصام وعمي طاهر حكم أبى الحكم الأصعب وهو قرار مسح صور شرف التى احتفظت بها على الكمبيوتر وهنا إنهرت فى بكائى وأنا أمنع أبى من مسح تلك الصور ولكن لا حياة لمن تنادى فقد كان مستمرا فى المسح قائلا إنتى دلوقتى داخلة مرحلة جديدة فى حياتك والصور دى مالهاش لازمة هنا
شعر حرمونى منك
حرمونى منك يا حبيبى وحكموا عليا بإعدامى
نفسى أشوفك أو ألمحك إن شاالله حتى فى منامى
قلبى يا غالى بيندهك كل يوم وكل ليلة
وعنيه عليك بتدور وتقول ده كان قدامي
حكموا عليا أبعد عنك وكان حكمهم صعب عليا
حكموا عليا لازم أنساك ومن رؤياك حرموا عنيه
قدروا حبيبى يفرقونا وقفلوا البيبان اللى ما بينا
حتى شعاع الأمل قطعوه وقالوا لى إنك مش ليا
فرقوا بينك وبينى وعيشونى فى نار وعذاب
قطعوا وصال المحبة وحطوا
مكانه ألف باب
أنا وقلبى فى حكم الزمن مجاريح
ومشاعرنا مكسورة
عشنا قصة حب حلوة والنهاية كانت سراب
حرمونى حتى من صورته وكان حزنى على الصور بيظهر فى منشوراتى على الفيس لدرجة إن عصام كان بيلاحظ وكان بيطلب منى أبطل أنشر الحاجات الحزينة دى كنت أتجاهل كلام عصام وظللت أنشر وأنشر حتى لفت إنتباه أبى أيضا وهو يجلس بجانبى على الكمبيوتر ويرى بعض المنشورات وأصبح هو أيضا يطلب منى أن أقلل من تلك المنشورات الحزينة خوفا على مشاعر عصام . ولكن لم يكن بيدى أن أكف عن هذه المشاعر الحزينة .فأنا لا أستطيع أن أخفيها .كان عصام يعلق على منشوراتى بكلمات رقيقة منها ( جاء من يطيب هذه الجراح) وغيرها من الكلمات التى يظن هو إنها ستشعرنى بالأمان إعتقادا منه إننى سأنجذب إليه وأحبه ومن جهة أخرى كان أبى يحاول أن يقرب المسافة بين العائلتين وطلب من عصام رقم والده الذى كان مسافرا فى هذا الوقت وقرر أبى الإتصال به حتى تزداد العلاقة إندماج وتقرب .وبالفعل أخذ أبى رقم والد عصام وتطورت العلاقة بينهم فكان يتم كل يوم إتصال تليفونى بينهم وأصبح الود مستمر .وفى ذات يوم تفاجائنا بإتصال من والد عصام يقول إنه جاء القاهرة وبيدعونا بالزيارة إلى بيتهم حتى نشاهد الشقة التى يتم فيها زواجى من عصام وافق أبى على الفور وكأنه منتظر هذه الزيارة حتى يقربنى من عصام . وكانت أمى أيضا سعيدة . أما أنا فكنت صامتة كالعادة .فقط أنظر لهم بعيناى الحزينة وأتذكر زيارتى الأولي لشقة شرف وأخذت تتجمع الصورة أمامى بكل تفاصيلها من بداية دخولى شقة شرف وأنا فى منتهى الفرحة والسعادة ورؤيتى لألوان الحائط والحجرات إلى أن ينتهى المشهد بواقع زيارتى لعصام . جاء يوم الزيارة ذهبت معهم بكل ما يحمله قلبى من وجع. لم أكن سعيدة ولم أشعر بتلك اللهفة التى شعرت بها وأنا فى طريقى لشقة شرف .لم أشعر بفرحة مثل أى عروسة تزوربيت عريسها لأول مرة بل كان الحزن يسيطر على جميع المشاعر بداخلى . وقفنا على باب العمارة . نزل عصام وفتح الباب وإستقبلنا وقمنا بالدخول إلى مدخل العمارة. كنت طالعة على السلم معاهم وبفتكر لحظات طلوعى على سلم شرف . إفتكرت وإحنا بناخد مقاس السجاد والستاير وشرف واقف يقيس بالمتر ويبتسم ويقول لى ما تمسكى معايا المتر وساعدينى خلى عندك دم ضحكت ومسكت المتر وقلت له عشان تعرف إنك من غيرى مش هتعرف تعمل حاجة . ضحك وقال لى على أساس إنك بتيجى تساعدينى فى دهان الحيطان أوى يعنى وقتها إنفلت المتر من إيدى وأنا بضحك قال لى كمان هتعورينى أوعى إنتى مساعدة فاشلة إوعى ضحكت وقلت له تستاهل ..كان صوت ضحكاتنا يحوطنى من جميع الإتجاهات وأنا على سلالم عصام أمسك بسور السلم وأصعد بقدمى ببطىء ولا أعرف ما تبقى من السلالم أريد الوقوف لتهتدأ أنفاسى المكتومة ونبضات قلبى الموجوعة وكأنى أرفض وصولى لتلك الشقة الملعونة وفجأة سمعت صوت والدة عصام وهيا بتقول : عروستنا القمر حبيبة قلبى ماشاء الله .. والله البيت نور اتفضلوا .نظرت لها وأنا مبتسمة ولكن قلبى رافض الدخول .دخل الجميع إلا أنا. أخذت أنظر من بعيد و أتسائل هذه هى شقتى ؟ أم هذا هو محبسى ؟ إنه سجنى نعم هذا هو سجنى الذى سوف يعتقلنى للأبد كنت أقف على باب شقة عصام وفجأة لقيت والدة عصام بتقول لى أدخلى يا عروسة إنتى مكسوفة ولا إيه . ده هيبقى بيتك يا عروستنا دخلت الشقة وأنا أبتسم وكنت أنظر حولى حتى وقعت عينى على غرفة النوم .إقتربت منها بخوف ووقفت أمامها لبعض لحظات إنها غرفة إعدامى التى يتم فيها قتلى وسلب حياتى . إنها الغرفة التى ينتهك فيها أغلى ما عندى لمن لا أحب إنها غرفة الموت وفجأة لقيت والدة عصام بتقول لى : إيه رأيك فى الشقة .. إبتسمت وقلت لها حلوة قالت لى إنتى اللى هتحليها يا حبيبة قلبى . مشيت تجاه الصالون وجلسنا أنا وماما وأخى ووالد عصام ووالدته وكان عصام يجلس مع أبى فى المقعد المقابل لنا . بدأ والد عصام يتحدث عن نفسه ثم بدأ الحديث عن الشقة قائلا : بص يا أبو أمل أنا بسافر كتير والشقة دى إعتبرها بتاعتك جهزها على ذوقك وعصام إبنى معاك وأى مصاريف اتصلوا بيا وأنا هبعت لكم متشلوش هم حاجة ثم أكمل حديثه قائلا : وطبعا فى الفترة اللى الشقة بتتشطب فيها هتكون أم عصام مش موجودة فى الشقة وهتقعد عند بناتها لحد مايجى يوم فرح عصام هنحضر الفرح ونسافر إن شاء الله .أما بالنسبة للخطوبة هتتم باذن الله بعد ما أخوه الكبير يتجوز وهو هيدخل إن شاء الله شهر خمسة الجاى يعنى مش بعيد كلها أربع شهور والأيام بتجرى .وقتها وأنا أستمع وقعت عينى على ورقة النتيجة المعلقة على الحائط وأخذت أردد بداخلى وأقول( باقى أربع شهور فقط على إعدامى).. رد بابا وقال له ربنا يتمم لأخو عصام على خير .رد والد عصام وقال : ويتمم لعرايسنا على خير وعلى فكرة الشقة مفهاش شغل كتير وأنا مظبطها كويس بس هى محتاجة شوية تعديلات بسيطة على ذوق العرايس بقا وطبعا البركة فيك يا أبو أمل .ردت والدتى وقالت : بس والله الشارع هيبقى وحش من غيركم يا إم عصام . ردت والدة عصام : الله يخليكى ده الشارع منور بيكم . قال أبى ولازم تنزلوا القاهرة وتيجوا تزورو العرايس طبعا . رد والد عصام: إن شاء الله أكيد ونيجى لعيالهم كمان . كان الجميع يتحدث إلا أنا .كنت أستمع لهم فقط وفى يدى كوب العصير لم ينقص منه شىء فقد ظلت الكباية فى يدى ساعة بنفس وضعها لم أتذوق طعمها وكأن المرار الذى فى حلقى يرفض طعم هذا الكوب بالأخص . لأنى كنت على يقين أن هذا الكوب لم يكن أقل مرارة من تلك المرارة التى أحسها .. وفجأة سمعت والدة عصام تقول لعصام: قوم جيب الهدية بتاعة عروستك . نظرت إلى عصام فى تعجب لقيته بيبتسم وقام دخل الأوضة وبعد لحظات خرج عصام وفى يده شنطة هدايا صغيرة ولقيته بيقرب منى وبيدها لى .أخدتها وأنا مبتسمة وقلت له شكرا وحطيتها جنبى .قالت لى والدة عصام : ما تفتحى الهدية يا عروسة متتكسفيش . رد والد عصام وقال : قوم يا عصام افتحها لها. أخذ العصام الشنطة وفتحها فى هذا الوقت كنت أنظر بعيد فلم أكن متلهفة على هدية عصام كما كنت متلهفة على هديه شرف . ف شتان بين الشعورين .وفجأة وجدت والدة عصام تقول : إيه رأيك فى الهدية يا عروسة بصيت على إيد عصام لقيته طلع من الشنطة موبايل . أعطانى عصام الموبايل عشان أتفرج عليه .قلت له حلو أوى شكرا .قال والد عصام : على فكرة عصام وصانى أجيبه لك وأنا جاى من السفر .. رد عصام : بس ناقص له الخط ثم ضحك . رد بابا على عصام وقال : فى حد يجيب لحد موبايل من غير خط يا إبنى مش اللى يجيب حاجة يجيبها كاملة وكان الجميع يضحك بصوت واحد .رد عصام وهو يضحك وقال : معلش يا عمى نسيت والله بس هجيبه لك لما أجي لكم الزيارة الجاية . قاله له أبى : لا يا حبيبى أنا بهزر إحنا هنجيبه بس عايزين نختار نغمة للموبيل بقا ..وبدأ عصام يشارك بابا فى إختيار النغمة . أما عن والدة عصام فكانت تحكى مع والدتى عن ابناءها قائلة إحنا معانا أربعة غير عصام ٣ بنات وولد .البنات ولاء وشيماء وأمانى متجوزين أما الولد إسمه شرف وخاطب وهيدخل شهر خمسة إن شاء الله . أول ما سمعت إسم شرف فى كلامهم تركت حديث عصام وأبى ورفعت عينى لوالدة عصام فى لهفة ولقيت نفسى بنتبه لكلامها .. إزاى هتجوز واحد أخوه إسمه شرف ؟ يعنى إسمه هيبقى دايما فى ودانى ؟ إزاى هيجى يوم وأنادى عليه وأقول له ياشرف ويرد عليا حد غير شرف حبيبى ؟ إزاى هنطق الإسم ده بلسانى وهيكون الإسم ده أقرب شخص لزوجى المستقبلى .. أخوه ..وفجأة لقيت عصام بيقول لى يا أمل عايزة انهى نغمة .تنبهت له وقلت : ها ؟ أى نغمة حط أى حاجة كنت أنا فى وادى وهما فى وادى محدش فيهم كان حاسس بيا .كنت مستنية كلمه يلا نمشى بفارغ الصبر .وأخيرا بابا قالها ..يلا نمشى عشان ورايا شغل الصبح. رد عصام وقال :وأنا كمان نازل الشغل كمان شويه استنوا ننزل سوا . رد بابا لا معلش هننزل إحنا عشان الوقت إتأخر ..تركت كباية العصير من يدى التى لم ينقص منها بق واحد وقمنا عشان نمشى .وأنا فى طريقى لباب الشقة عديت على أوضة النوم تانى وبصيت عليها وحسيت نفس الشعور البشع خرجت على السلم وأنا اقول لنفسى كيف أكون ربت هذا البيت ؟ كيف أكون زوجة هذا الشخص ؟ نزلنا الشارع .. وقبل أن ندخل إلى منزلنا وجدت أبى يقول : تعالى معايا يا أمل نجيب خط للموبايل .نظرت له وقلت : بلاش خلى عصام يبقى يجيبه أنا كده كده مش محتاجاه . قال لى : يا عبيطة عشان تفاجئيه .قلت له هفاجئه إزاى ؟ قال لى هنجيب الخط ونشحنه ولما نطلع البيت إبقى إبعيت له رسالة أو كلميه عشان يتفاجىء بيكى إنك جبتى الخط .وقتها وقفت مكانى و قلت : هكلمه ؟ قال لى أومال هو جابلك الموبايل ليه ؟ قلت له : أيوه بس المفروض هو اللى يتصل الأول .قال لى : هيتصل إزاى من غير ما يعرف الرقم وبعدين ده خطيبك فيها إيه لما تفاجئيه وتفرحيه بإتصالك له ثم أكمل حديثه وقال إطلعى إنتى مع أمك وأنا هروح أشترى الخط وأشحنه. ذهب أبى لمحل الموبايلات كنت مخنوقة أوى وكنت شايلة هم لحظة إتصالى بعصام جدا لدرجة انى مكنتش عايزة أطلع البيت وكنت بحاول أقنع ماما إننا نروح لخالتى لكن للآسف ماما رفضت وقالت لى : رجلى وجعانى والله يا أمل وكمان الوقت إتأخر نبقى نروح بكره . طلعنا البيت وبدأ أبى يلاحظ تجاهلى لطلب الإتصال بعصام وإنى بحاول أشغل نفسى وأتهرب مما جعل أبى يقول : يلا يا أمل إتصلى بعصام . قلت له : طيب يا بابا هتصل لما عصام ينزل الشغل .قال لى : طب ما تكلميه قبل ما ينزل إيه المشكلة ؟ قلت له : يا بابا سيبنى براحتى إنت ليه مستعجل كده ما أنا هكلمه خلاص قلت لك هكلمه لما ينزل .تعجب أبى وقال : طب روحى بصى من البلاكونة كده شوفيه نزل ولا لسه . دخلت البلاكونة وأنا متعصبة وأخذت أنظر إلى شباكه فى إختناق . كنت أكره ذلك الشباك الذى رأنى منه وحبنى من خلاله . كنت أكره نفسى أيضا التى جعلت يلتفت نظره لى كنت أكره وجهى الذى أعجب عصام بملامحه كنت أنظر ليدى وأنا أمسكها بعنف ببعضها البعض فأنا أكره تلك اليد أيضا التى أخذت منه الموبايل وتقبلت تلك الهدية إنها نفس اليد التى ستلبس دبلته قريبا .إننى أكره كل ما فيا وبدأت دموعى تتساقط على تلك اليدين وأنا أنظر إلى شباك عصام وأرى خياله من خلف الشباك وهو يفوت من أمامه يمينا ويسارا .لم أكف عن النظر للشباك وأنا أتمني عدم نزوله حتى لا تأتى لحظه إتصالى به ظلت أمل واقفة فى الشرفة تنتظر نزول عصام وهى تحمل هم لحظة إتصالها به قائلة : مازال أبى مستمرا فى سؤاله عن نزول عصام و لم يكف عن قوله :عصام نزل ولا لأ يا أمل عشان تتصلى بيه ؟ قلت له معرفش الشباك ضلمة ..فى هذا الوقت بدأ عصام يختفى من قدام الشباك بالفعل وبعد دقائق إنغلق الشباك ففهمت وقتها أن عصام نزل ولكنى لم أراه وهو يخرج من باب العمارة فكان عقلى شاردا ولم أنتبه للحظة نزوله . دخلت من البلاكونة فقال لى أبى ها عصام نزل ؟ قلت له معرفش شباكه اتقفل . قال لى يبقى نزل يلا بقا كلميه . خدت الموبايل ودخلت أوضتى وقفلت الباب وعملت نفسى بتصل وبعدها بدقائق ناديت على أبى بصوت عالى وقلت : يا بابا عصام مش بيرد أكيد وصل الشغل ومشغول دلوقتى هبقى أتصل بيه بكره بقا ماشى . رد أبى وقال : مش بيرد إزاى يعنى؟ هو لحق وصل الشغل؟ وفجأة لقيت بابا بيفتح باب الأوضة عليا وبيقول لى إتصلى تانى يمكن الشبكة وحشة فوجدت نفسى أدير وجهى للخلف وأنا أجز على شفاتى من شدة الإنفعال وكان الهاتف فى يدى أضغط عليه بكل قوتى وكأننى أرغب فى كسر هذا الشىء الذى تسبب فى فتح باب لحديثى مع عصام بالإجبار .. ظل بابا واقفا يطلب منى إعادة الإتصال قائلا إتصلى تانى أكيد العيب فى الشبكة . إضطريت أتصل بجد لأن بابا كان بدأ يقرب منى وشايف شاشة الموبايل . حطيت الموبايل على أذنى وكنت فى شدة التوتر لكن الصدفة الغريبة خلت عصام ميردش حقيقى مما أكد لأبى أن عصام لم يرد فى المكالمة الأولى وإنه مشغول بالفعل . كنت أظن أن أبى يكتفى بهذا ولكن وجدته يطلب منى أن أرآسل عصام برسالة قائلا على فكرة عصام قال لى إن عيد الحب اليومين دول وعشان كده هو جاب لك الموبايل فأنا من رأيي تبعتي له رسالة تهنئة بعيد الحب .مما أدى هذا الطلب إلى إنفعالى وإشتد غضبى وكنت أرفض هذا الطلب بشدة وعنف .قال أبى يا غبية الرسالة اللى هتبعتيها دى بدل ما تتصلى بيه .قلت له خلاص هتصل بس مستحيل أبعت لهرسالة حب أبدا قال لى : ما هو مش بيرد . قلت له عنه ما رد بقا .قال لى ما هو لازم تبعتي له رسالة عشان يعرف إن ده رقمك .قلت له : خلاص ماشى هكتب له أنا أمل وده رقمى مديت إيدى على الموبايل وهبدأ أكتب رسالتى لقيت بابا بيقول لى إستنى بتعملى إيه بصى الرسايل دى وبدأ يسمعنى رسايل رومانسية من على الإنترنت مناسبة أعياد الحب قائلا على فكرة ده فى حكم خطيبك كنت أسد أذنى عن سماع الرسائل وأنا أرى أمامى صورة شرف وهو يقول مفيش حاجة إسمها عيد حب يا أمل واللى بيحبوا بعض بيعيشوا كل يوم فى حب وكمان عيد الحب ده بدعة . كنت أغمض عينى وأقول مفيش حاجة إسمها عيد حب وكنت أردد كلمات شرف وكأننى تشربت من طباعه وأصبحت أتعامل بنفس طريقته . قال لى أبى إنتى إتغيرتى أوى يا أمل. أومال كنتى بتجيبى هدية لشرف إزاى فى عيد الحب ؟ قلت له أيام شرف كنت حاسة بحب لكن دلوقتى مش حاسة بحب يبقى إزاى هحتفل بحاجة مش حساها .قال لى هتحسيه مع الوقت بس إدي له فرصة الواد بيحبك وإنتى كده هتخسريه .قلت له يعنى أبعت له مشاعر مزيفة .نظر لى أبى فى غضب وأخذ منى الموبايل وقال لى هاتى أبعت أنا . كنت أعلم جيدا أن عصام لم يصدق إنها مبعوتة بيدى .وبعد حوالى ربع ساعة من إرسال الرسالة وجدت عصام يتصل .كان أبى سعيد جدا بإتصاله وكان الجميع فى إنتظار رد فعلى رديت عليه بصوت منخفض مختنق وقلت : أيوه .قال لى إزيك . قلت له الحمد لله قال حلوة الرسالة دى . سكت شويه قلت له : شكرا..مكنش عارف يتكلم معايا لأنى كنت برد على أد كلامه. كانت مكالمة مدتها قصيرة جدا وفى نهايتها قال لى : إستنى منى رسالة بالليل وطبعا كان يقصد الفجر لأن الساعة وقتها كانت 1 صباحا . قلت له أوكى . كان يرغب عصام أن يعيش معي الحب والرومانسية يرغب أن يتعايش قصة حب مع واحدة ميتة مشاعرها معدومة وروحها مكسورة وبالفعل الساعة 3 الفجر وصلتنى رسالة مكتوب فيها (بحبك) . ولأول مرة أشعر بكرهى الشديد لهذه الكلمة التى مات معناها منذ رحيل شرف عن حياتى . كنت أجلس فى الشرفة حتى الصباح وأنظر لشباك عصام المغلق واتسائل لماذا ؟ لماذا يحرموننا من الحبيب ويختاروا لنا عريس المستقبل وكأننا ندوم للأبد وينسوا أن الحياة صغيرة جدا فلماذا لم نعيشها بجانب من نحب قبل أن يأتى الفرق الأبدى ثم نظرت بجواري على المكان الذى كان يقف فيه شرف وقلت وأنت ياحبيبى لماذا تستسلم لهذا الفراق المرير؟ ولماذا رحلت عنى ؟ وفجأة إنفتح شباك عصام أمامى لاتفاجئ به ينظر لى فى تعجب وكأنه يسالنى بعينيه مالك ؟ فنظرت للشارع ومازلت أسأله فى خيالى لماذا رحل ..ثم دخلت من الشرفة ..نعم مازلت أحادثه فى خيالى وأسأله لماذا رحل بل إننى نشرتها على الإنترنت للعامة وعلى الملأ من شدة رغبتى فى معرفة الإجابة ( لماذا رحل ) كنت أعلم أن عصام يكره تلك الجمل التى أنشرها ولكنى أنشرها بلا تردد بل وإننى وضعت عنوان الصفحة هو (سأكتب قصة حبى على جدران الزمن فإن عشنا عشنا معا وإن متنا تقاسمنا الكفن) مما أثارت تلك الجمل غضب عصام ووجدته يبعت لى على النت ويقول : بطلى تنشرى الكلام ده يا أمل هو أنا مقصر معاكى فى حاجة قلت له لأ بس دى حرية قال لى عارف إنها حرية بس أنا بضايق لما بشوفك حزينة كان أبى يجلس بجانبى دائما اثناء محادثتى مع عصام على الإنترنت ويرى كلامى ويراجعنى فى ردود أفعالى العصبية له ويقول بصراحة عصام عنده حق لازم تبطلى تنشرى حزين إنتى غلطانة.. سبب وجود أبى بجانبى اثناء محادثة عصام هو إن أبى يخشى من رد فعلى على كلمات عصام الرومانسية فكان أبى يجلس لكى يملينى الرد المناسب مثل وأنا كمان نفسى أشوفك . وأنا كمان سعيدة بوجودك فى حياتى .. وغيرها من الردود المزيفة التى لم تخرج من قلبى إطلاقا بل كنت أكتبها فقط من على لسان أبى وكأننى أكتب املاء . كان يتعشم عصام بتلك المشاعر المزيفة التى اعتبرها مشاعر أبى وليس مشاعرى .. وبدأ يتوهم إننى أحبه . كانوا أهلى سعداء بهذا النفاق الذى أفعله وكانوا يقنعونى بأننى إذا إستمريت سأحبه فعلا وإننى إذا حاولت أردد كلمات الحب شوف أشعر بها بمرور الوقت ولكنى لا أعرف كيف أسميها .. مرحلة المحاولة ..أم مرحلة النفاق؟ فقال أبى ده مش نفاق يا أمل دى فترة هتحاولى فيها إنك تفتحي له فرصة إنكم تقربوا من بعض قبل ميعاد الخطوبة . وافقت وقبل إن أبدا هذه المحاولة كان لى طلب اذهل الجميع وكان طلبى هو إنى أريد تغير عصام ..اندهش الجميع من طلبى وسألونى : تغيريه إزاى يعنى مش فاهمين .. قلت لهم : يعنى عايزاه يحلق شعره الطويل ده ويغير استايل لبسه على ذوقى .نظر الجميع لبعضهم البعض وقالوا لى : إعملى فيه اللى إنتى عايزاه بس المهم تحبيه .. بدأت أفتح مجالا له فى الحديث فى الموبايل بل إننى سنحت له الفرصة أن يحادثنى كل يوم وقت طويل .كانت فرصته إنه يجعلنى أحبه وكانت فرصتى لكى أحاول أحبه . وفى ذات يوم وجدتنى أقول له : عايزة أطلب منك طلب . قال لى : إطلبى أى حاجة . قلت له : استايل لبسك عايزاك تغيره قال لى سهل جدا من عينيا. قلت له وشعرك عايزاك تقصه لو ممكن .قال لى من بكره هكون قاصه ثم أكمل حديثه وقال : بس إنتى عايزة استايل لبسى يكون عامل إزاى ؟ لقيت نفسى بسرح بخيالى وبقول له عايزاك تلبس بنطلون قماش وقميص وتشمر الكوم بتاعه وتلبس جزمة سودة . صمت عصام وكان يسمعنى فى ذهول .فكنت مستمرة فى حديثى قائلة : وفى الشتاء تلبس چاكيت وعليه كوفيه.. فكانت عيونى تملئها الدموع وأنا أصف ذلك الوصف .فلم استوعب ما الذى أقوله ..إنها مواصفات شرف. نعم إنها مواصفات حبيبى لا أعرف كيف ساقتنى مشاعرى أن أصفه وكأنه واقف أمامى وأحكى عن تفاصيله . فوجدت عصام يقول كوفيه ؟ بنطالون قماش؟ طب وماله الچينز ؟ قلت له : ما بحبش الچينز أنا بحب القماش .قال لى : طيب طيب ماشى هعمل اللى إنتى عايزاه .. فى اليوم التالى ..خرجت البلاكونة عن طريق الصدفة وفى يدى السبت لأشترى شيئا من محل البقالة أسفل العمارة .. وإذ بى ألقى بعينى تجاه عمارة عصام لأرى عصام فى استايله الجديد وكانت المفاجئة أننى وجدته حالق شعره بالشكل الذى تخيلته ومرتديا بنطلون قماش وقميص مرفوع الأكمام وجزمة سوداء لا أشعر بنفسى إلا وأنا أنظر إليه بلهفة و أردد إسم شرف ووشى مبتسم وكأننى إستعدت شرف من جديد وكان شعورى ما بين البكاء والإبتسامة مستمر حتى اقترب عصام وأشار لى بيده كما كان يشر لى شرف فرفعت يدى المرتعشة وقلت وحشتنى وهنا تقول أمل : مش عارفة إيه اللى خلانى ابتسمت ؟ ليه شاورت له بإيدى.. ده مش شرف.كنت بشوفه كل يوم فى الشارع بالإستايل الجديد (البنطلون القماش و القميص مرفوع الأكمام والجزمة السوداء)مش عارفة إيه اللى خلانى أعمل كده.. ليه اخترت له نفس تفاصيل هدوم شرف ؟ليه بلبسه زى شرف ؟ حسيت إنى بموت عصام وبعمل شرف جديد. حسيت إنى بضحك على نفسى بشرف مزيف.بخدع نفسى وبظلم واحد مالوش ذنب. كنت ببص لعصام وبسأل نفسى : هو عشان حبى الحقيقى ضاع منى يبقى أصنع حب وهمى وأصدقه ؟ كنت بشوف عصام قدامى طول الوقت جوه لبس شرف. صورة من غير ملامح كنت بعذب نفسى وبقنع روحى أن عصام أصبح شرف لكن كان لازم أعرف أن شرف الحقيقي خرج من حياتى ومش هيرجع تانى وأتقبل الحقيقة بمرارتها. كان صعب عليا وأنا بفوق نفسى وبقول لها : لا يا أمل عصام مش هو شرف وبلحق ابتسامتى له زى اللى بيلحق روحه من لمس خيال وهمى مالوش أى وجود فى الواقع. وبعد مرور أيام تفاجئت برسالة من عصام وفى نهايتها مكتوب كل سنة وإنتى طيبة. أدركت إن النهارده عيد الحب فابتسمت قد أكون وقتها تذكرت نفسى وأنا أهدى لشرف الدبدوب الأحمر .. فى هذا الوقت لمحنى أبى وأنا مبتسمة وفى يدى الفون فقال لى : خير شكلك مبسوطة هو عصام كلمك ؟ إلتفت له وقلت : ها.. لا شرف مكلمنيش ده بعت لى بس رسالة. فقاطعنى أبى وقال : شرف ؟ فقلت قصدى عصام . ثم حاولت الخروج من الموقف وقلت بص عصام بعت لى إيه . فقام أبى بقراءة الرسالة وقال المفروض بقا تردى برسالة إنتى كمان. فقلت له آه أكيد هبعت له.. ف وقتها خطر فى بالى رسالتى لشرف فى عيد الحب الماضى حين كتبت له : إنه عيد حبنا الأول عيد حبنا وهوانا أحبك كل يوم وكأنها المرة الأولى بل إننى سأحبك للأبد) كنت أقول عيد حبنا الأول وأنا لم أعلم إنه عيد حبنا الأول والأخير.. كان عصام فى انتظار رد الرسالة مثل ما كنت أنا فى إنتظاررد شرف لرسالتى. كنت أشعر بعصام ولكنى لا أعرف كيف أرد وماذا أقول..حيث إن كان أبى أيضا فى إنتظار ردى على عصام قائلا : إنتى مش معاكى أى رسالة لعيد الحب ؟ قلت له : مفيش غير واحدة كنت بعتاها لشرف .قال لى طيب ما تبعتيها. قلت له : لا مستحيل مينفعش. نظر لى أبى فى إندهاش وقال :ليه يعنى ؟ قلت له : أصل الحاجة اللى بعتها لشرف مينفعش أبعتها لعصام ثم حاولت تعديل كلامي وقلت أصل أنا عايزة أبعت لعصام رسالة أحلى وكالعادة اخترت رسالة مش حاساها وبعتها اللى كان بيعذب ضميرى هو إن عصام كان بيصدق وبيفرح وبيتعشم بحب مش موجود .كان نفسى أصارحه وأقول له أنا بكدب عليك أنا ما بحكبش . أنا بحب الصورة الخارجية اللى بتفكرنى بشرف .بحب القميص و البنطلون اللى مخلينك شبهه ..كان بيصعب عليا وهو بيسألنى بتحبينى ؟ كنت برد عليه وأقول له لو ما كنتش بحبك ما كنتش هتجوزك ( نفس رد شرف ليا لما كنت بسأله بتحبنى يا شرف؟ ) كان بيرد نفس ردى ويقول لى لو مكنتش بحبك مكنتش هتجوزك . عرفت وقتها إن شرف مكنش بيحبنى وإنه كان بيكدب عليا زى ما أنا دلوقتى بكدب على عصام كان حب عصام ليا ولهفته بيحسسونى إنه زى الطفل اللى لقى لعبة فرحان بيها نفس كلام شرف عنى لما كان بيوصفنى بالطفلة اللى لقيت لعبه كرهت نفسى من كرهى لعصام وعذرت شرف على قسوته عليا .حسيت إنه كان عايش معايا فى نفس النار اللى أنا حاساها مع عصام ( حب من طرف واحد) استمرت المكالمات بينى وبين عصام بل إنه كان يتصل فى نفس مواعيد شرف تقريبا كنت بحس بوجع رهيب وأنا بكلمه فى نفس ميعاد إتصال شرف الساعة 6 صباحا وأنا واقفة عند سور البلاكونة فى نفس المكان اللى بقف أكلم شرف منه وباصة لنفس الشارع بس الصوت مختلف . كنت ساعات أتخيل أن شرف هو اللى بيكلمنى وأفضل أقول له وحشتنى ولما أنتبه لنفسى ألاقى عصام بيقول لى بجد وحشتك ؟ ألاقى نفسى بكتم صوت بكايا بإيدى وبشير برأسى لأ لأ .. وفى يوم وعصام بيكلمنى لقيته بيقول لى : إنتى لسه بتحبى شرف رديت بصوت مخنوق وقلت لا وقتها تذكرت سؤالى لشرف بتحب ليلى ؟ فقال لا .. أدركت وقتها أن شرف كان بيحب اللى قبلى وكان بيرد نفس الإجابات الكاذبة .. وهنا تقف البطلة بكل قهر وتقول ( والله العظيم تعبت .. تعبت من الكذب .. وتعبت من المقارنات بين كلام شرف وعصام ليا.. وكأن صوت أحدهم يتردد خلف صوت الأخر . ف يا من كنت مكانى هل تستطيع أن تكمل مشوار حياتك بهذا الشكل ؟ أم تنسحب وتقطع الطريق ؟ هل تكمل نفاق وغش أم تعلن حبك القديم بكل إستسلام ؟ إننى فشلت فى تحمل ارتداء هذا القناع الثقيل على وجهى وقلبى .فقد ضعفت قوتى وانتهكت من كثرة الألم المكتوم بين ضلوعى المحطمة فقد أكون تحملت مشاعر كفيلة أن تقتلنى بالحيا فلم يكن حرمانى من حبيبى فقط هو المتعب بل تحملت أيضا قسوته فى قص صورى وتكسير الإسطوانات وخروجه من حياتى بصورة صادمة تشبه قطع شريان الحياة أو نزع جهاز تنفس من فم شخص يصارع الموت ومن بعد كل هذا يدخل شخص غريب حياتى ويأخذ مكان شرف بالقوة ؟ هل يجوز أن أعيش ما تبقى منحياتى مع شخص لم احبه وفى قلبى جرح قديم لم يجف ولم يبرد ابدا ؟ هل يجوز أن تكتمل الحياة بهذا الشكل المقزز ؟ وكيف ؟ لقد رميت الماضى خلفى ولكنى أجده راشق فى ظهرى ك السكين .. مع إنه ورائى ولم أراه ولكنى حاسة بوجعه طول الوقت دون توقف .. كل ما شوف إسم شرف على شاشة تليفزيون أو على يافطة محل أو فى صفحة فى جرنال ألاقى الحزن مالى قلبى وأهرب لعصام . نعم أهرب إليه كى أستغيث به من شبح الماضى الذى يهاجم تفكيرى .. كان عصام بيجي لنا بإستمرارعشان يقعد معايا قبل الفرح وفى كل مرة كان عصام بيجي لنا فيها ببقى قاعده قصاد كرسى شرف وكانى شايفاه قاعد وسطينا وكأنى قاعدة معاه هو .. كنت ببقى قاعدة مع عصام باصة للتليفزيون مبقدرش ألفت وشى ناحيته وألاقى واحد غير شرف قدامى . عشان كده بتعمد طول الوقت يكون وشى عكس إتجاه عصام . كان ساعات بيلاحظ إنتباهى للتليفزيون وبيقول لى هتفضلى باصة للتلفزيون كتير ؟ فكان سؤاله يجبرنى أن ألفت إليه وجهى بالإجبار .ولكنى لم أستطيع أرفع عينى إلى عينه فشعورى بالذنب تجاهه يقتلنى .صحيح إننى لم أحبه ولكنى لم أرى منه سوى كل خير ..كان يقول لى : أنا بجي لك مرة كل إسبوعين عشان أوحشك ولكنى لم أشعر بهذا .. أما شرف فكان يأتى كل جمعة وأحيانا فى وسط الإسبوع مرات متتالية ومع ذلك أشتاق له وبشدة فشتان بين الشعورين وحتى موعد الزيارات أشعر بفرق كبير بين ميعاد شرف وميعاد عصام فإنتظارى لعصام هو إنتظار ضيف بيجى يأخد واجبه ويمشى . إنما انتظارى لشرف هو إنتظار الميت لرد الروح . إنتظار العطشان لكباية المياة إنتظار الغريق لقشاية النجاة .وفى كل مرة تنتهى زيارة عصام كان بيقوم يمشى عادى مكنتش بزعل وعمرى ما قلت له خليك شويه .عمرى ما حسيت إنى عايزاه يقعد عمرى ما مسكت فيه زى ما كنت بعمل مع شرف بالعكس لما كان بيجيى وقت نزوله كنت بسلم عليه وأنا جوه الشقة ما كنتش بقدر أوصله على السلم وكنت رافضة نهائى طلوعى السلم مع عصام عشان مفتكرش شرف كنت بخلى بابا هو اللى يوصله . عمرى ما فكرت أبص عليه من البلاكونة عشان أشوفه وهو نازل زى ما كنت بعمل مع شرف .عمرى ما إتصلت بعصام بعد ما بيمشى من عندنا زى ما كنت بأتصل بشرف وهو فى الطريق لبيته وأقول له هتوحشنى للجمعة الجاية . وبرغم تقصيرى فى حق عصام إلا إنى كنت رافضة إن عصام يجي لى أيام الجمعة نهائى . وكأن اليوم ده مخصص لزيارة شرف وبس .ولكن عذاب ضميرى تجاهه لم يكف فكانت مشاعره تجاهى رقيقة فياضة مرهفة وكنت أرى فى عينيه لمعة شوق وإستعداد لفعل أى شئ يجعلنى سعيدة. لكنى لم أخشى من أن أقول إننى مازلت أحب شرف . ولن أكذب وأقول إننى لم أحن لحبه بل إننى بالفعل أشتاق إليه وبكل وجدانى . فلم تستمر آهاتى كتيرا فقد قررت أن أخمدها وأترك لقلبى لجام عقلى لمدة ساعة فقط أرتاح فيها من تعذيبى الأليم وأفعل ما تأمرنى به نفسى فقط 60 دقيقة دون تفكير أو تقييد . ومع بداية اول دقيقة وجدت قدمى تخطو تجاه حجرتى ووجدت يدى تمتد كى تغلق الباب خلفى ومع الدقيقة الثانية وجدتنى أقترب من أوراقى القديمة عن ماذا أبحث أنا ؟ أشعر إننى أبحث عن رقم شرف ؟ لا أدرى ما الذى أفعله ولكنى ظللت أبحث فى الأوراق بجنون كان يقع من وسط أوراقى القديمة بعض من الجوابات وتذاكر القلعة والهرم ولكنى لا أهتم . وفجأة.. ظهرت قدامى الوردة الحمراء اللى شرف قطفها ليا من بوكيه الفرح عند ظهور الوردة الحمراء بين أوراق أمل فأمسكتها بيديها بكل حزن إنها وردة خطوبتها مع شرف التى كانت تشهد يوم عظيم يسمى يوم الخطوبة إرتدت فيه أمل فستانها الأحمر وكانت تمسك بهذا البوكيه الذى لم يتبقى منه إلا تلك الوردة فقالت أمل : إنها الوردة الحمراء التى ذبلت أوراقها حزنا على فراقنا .. كنت أمسكها بتأمل وأبتسم وكأنى أكلمها وأشكى لها وأقول : كنا متفقين أن نبقي معا أنا وهو وكنتى إنتى من ضمن العهود التى ربطتنا حين أعطاكى لى وأوصانى بأن أحتفظ بيكى وها أنا فعلت وإحتفظت بيكى حتى جفت أوراقك ولكن لم تجف دموعى أبدا .فلم أتخيل يوما إننا سنفترق ولم أتوقع أن تظلى معى حتى تصبحى من ضمن ذكرياتى المدفونة داخل خزانة الذكريات التى كلما أفتحها تفوح منها رائحة الماضى الموجعة .. كنت واقفة أمام الخزنة والأوراق وكأننى أقف أمام مقبرتى التى أدفن فيها مشاعرى بالحيا فلم استطيع إظهار تلك الاشياء إلا لنفسى. فوضعت الوردة داخل الكتاب بكل حزن وأغلقته وجلست أبكى بجانب الأوراق ويمر أمامى يوم خطوبتى بأكمله
شعر (فى حاجات)
فى حاجات كتير أوى بتفكرنى
بتبكينى وبتألمنى
وفى عز الليل بتسهرنى
وحاجات تانية بسببها بموت
برسم صورته وأصدق إنه
حقيقى موجود
وبقول يمكن ده يصبرنى
فى حاجات كتير أوى جوايا بتوجعنى
وحاجات كل ما تخطر على بالى بتدمرنى
وحاجات تانية بتسكن أوجاعى
بتنسينى شويه وترجع تألمنى
فى حاجات كتير أوى صعب أنساها
حاجات بتمر قدامى زمان عشناها
مواقف بينا كانت حلوة
حكايات مع بعض قلناها
مين يقدر ينسينى
حاجات مطبوعة فى خيالى
ومحفور فى قلبى ذكراها
وفى ظل وقوفى أمام الورق وقعت عينى على ورقة صغيره تشبه ورقة النتيجة فأمسكتها وفتحتها وإذ اتفاجىء برقم شرف داخل الورقة فأغلقت يدى عليها بكل قوتى وقربتها من قلبى وأغمضت عينى وفجأة سمعت باب حجرتى بيخبط فأجبت : مين؟ قالت أمى يلا عشان العشا جهز ..خبيت الرقم وخرجت .. جلست معهم والطعام فى فمى وكان عقلى شاردا ما الذى ستفعله يا قلبى وما الذى تنوى عليه؟ فبعد انتهائى من الأكل قام الجميع إلى النوم وقمت أنا إلى البلاكونة وكانت الساعة الخامسة فجرا إنه صباح يوم الجمعة (موعد زيارة شرف) فدخلت البلاكونة ونظرت للسماء الصافية. ثم أمسكت بكرسى شرف وجلست أنظر للشارع وأفكر ..هل أحادثه الأن؟ كنت أمسك برقمه وأتمنى أن أفعلها ولكن الخوف يمنعنى وبعد دقائق رن هاتفى فإلتفت بلهفة ولكنى تنبهت إنه عصام فدخلت أمسكت الهاتف وضغطت على زر (رفض المكالمة) إننى لا أريد أن أسمع صوته الأن ..فأنا أشتاق لصوت آخر أشتاق لصوت بات يسرى صداه فى أذنى . نعم أشعر بصوته قريب منى. فقد أسمع صداه من خلف العمائر حولى يردد: أيوه يا أمل هجي لك النهارده.. ظللت أتلفت لكل العمائر وعينى واقفة فيها الدموع . وكان ضوء الشروق على وجهى يعكس لمعان الدموع فى عيونى وأخذت تهمس شفتاى وتردد أشتاق لصوتك يا حبيبى .. فوجدت الهاتف فى يدى يصدر نغمة رسالة فنظرت للهاتف بعيونى الباكية فوجدت رسالة من عصام يقول ( إنتى فين ) فمسحت الرسالة ثم دخلت على وضع طيران حتى لا يأتينى منه أى شىء فعينى ترفض قراءة أى شىء منه بل إننى ظللت أمسح جميع رسائله بكل عنف بل وجميع رسائلى له أيضا وفى ظل تدريج الرسايل بدا تظهر رسائلى القديمة لشرف . وعند أول رسالة أفتحها وجدت مكتوب فيها ( أنت إتأخرت ليه يا شرف أنا مستنياك ) فوضعت يدى على وجهى كى أخفى سيول الدموع وقلت فعلا إتأخرت عليا أوى والله .. فقد ظهرت الشمس ولم تكف عيونى حتى دخلت إلى سريرى واستلقيت على ظهرى وأنا أنظر لسقف الحجرة بكل تعب وإرهاق فكنت أريد نومة طويلة لا استيقظ منها حتى أرتاح من هذا الحجيم .. بالفعل كنت أنام لفترات طويلة جدا كنت أغفو ببال مشتت يفقدنى لذة الراحة لم يطيب النوم لى فلم يكون النوم جدير بأن يجعلنى مرتاحة بالشكل الكافى ولكنى أعتبره المسكن الوحيد لهذا التعب النفسى والذهنى .. كنت أهرب فى النوم لفترات تبدأ من 12 ظهرا إلى 12 صباحا . كنت أتعمد أن أنام طوال وقت استيقاظهم .وأصحو فى توقيت نومهم .وعندما يستقظوا أبدأ انا فى النوم مجددا هكذا كنت أعيش حياتى خارج نطاق السيطرة على أفعالى وكان نومى ملحوظ جدا للجميع بشكل غريب خصوصا عصام انعكس نومى على مواعيد إتصاله وأصبحنا لم نتكلم إطلاقا .فكانت مواعيد شغله غير متوافقة مع مواعيد صحيانى . كنت مبسوطة بده لكنه كان مضايق جدا لدرجة انى لقيته بيشتكى لبابا وبيقول له : يا عمى أنا مبقتش عارف أكلم أمل . رد بابا وقال له : أمل بتكون نايمة . رد عصام : بس أنا برن عليها طول اليوم . رد بابا: ما هى بتنام طول اليوم . رد عصام : طيب هى بتصحى إمتى ؟ رد بابا : بتصحى الساعة 12 بالليل . قال عصام : بس الوقت ده أنا بكون لسه جاى من الشغل وببقى داخل أنام.. رد بابا: يعنى هى تنام أنت تصحى ولما هى تصحى أنت تنام . رد عصام : أيوه وأنا ببقى عايز أكلمها ومش بعرف بسبب نومها رد بابا : أنا هظبط الموضوع ده ..وبالفعل بدأ أبى يلتفت نظري لتعاملاتى مع عصام وبدأ يسألنى ويقول :هو عصام بيكلمك ولا لا؟ قلت له : بقالنا كذا يوم متكلمناش .قال لى ليه ؟ قلت له : بيرن وأنا نايمأ .قال لى : بيرن كام مرة ؟ قلت له : خمس أو ست مرات قال لى: وإزاى مش بتصحى ؟ قلت له : بكون عاملة الموبايل صامت . قال لى : لو شرف اللى بيتصل مكنتيش هتعمليه صامت وكنتى هتقومى من النوم جرى لقيت نفسى إنهرت فى العياط وقلت له : حرام عليكم بقا أنا مش عايزة أكلم عصام ولا زفت سيبونى فى حالى .. لقيت بابا سابنى وقام وفضل يزعق بصوت عالى ويقول إنتى بتدلعى على الواد سيباه يرن عليكى ٥ و ٦ مرات كل يوم ومطنشاه والله الواد ده خسارة فيكى .. كان أبى يقسوا عليا وهو لم يعرف أن هذه القسوة سوف تجعلنى أبتعد عن عصام أكتر .. وتسبب فى كرهى له أكتر وأكتر ولكن شيئا فشيئا بدأ أبى يتقرب منى ليفهم ما سبب هذا النفور الذى جعلنى أبتعد عن عصام بهذا الشكل الملفت والمفاجىء .فقد كان هو الوقت المناسب لكى أرمى من على قلبى هذا الحمل الثقيل وأجبته بكل صراحة وألم قائلة : أنا مش عارفة أحب عصام يا بابا أنا لسه بحب شرف غصب عنى وكانت دموعى تبلل أحضان أبى.. فأجابنى وأنا فى أحضانه قائلا : يادى أم شرف . ثم مسح دموعى وقال لى : بصى يا بابا شرف ده صفحة وإتقطعت خلاص مش هترجع تانى ومش هينفع أصلا إنها ترجع إنتى كده بتضيعى مستقبلك وبتظلمى واحد بيحبك مالوش ذنب غير إنه حبك متضيعهوش من إيدك عشان فى الزمن ده مافيش حد بيحب حد بجد .عصام بقا بيحبك بجد إعقلى وفوقى يا أمل إنتم فرحكم قرب واللى بتعمليه ده غلط . قلت له : طب أعمل إيه؟ قال لى : ما تعمليش الموبايل صامت تانى ولما يتصل بيكى قومى كلميه وأنا بردو هكلمه يا أمل وهخليه يخرجك من الحالة اللى إنتى فيها دى .. سابنى بابا وخرج من الأوضه وراح إتصل بعصام .. جريت أنا إلى خازنتى وأمسكت برقم شرف ونظرت إليه بحزن ثم ضغطت على الورقة داخل يدى بقهر بل إننى كنت كلما شعرت بألم يزداد ضغطى على تلك الورقة أكثر وأكثر. فى هذا الوقت سمعت أبى وهو يتحدث مع عصام بالخارج وبدأ يفهمه سبب نفورى منه وفى وسط الكلام سمعته بيقول له ( أمل لما بتحب حد بتحبه أوى حاول تكسب حبها يا عصام أنا عارف إنك بتحبها بس حاول تعرف إزاى تكسبها) وفجأة لقيت بابا جاى وجايب معاه الموبايل وبيقول لى عصام عايز يكلمك . حطيت الموبايل على أذنى وسكت .سمعته بيقول : ألو.. قلت له أيوه .قال لى : إزيك كل ده نوم . ابتسمت وقلت له عادى .. بابا وقتها لما لقانى ابتسمت إطمن وسابنى وطلع من الأوضة .وفضلت أنا مع عصام على التليفون .قال لى : مالك بقا ..وإيه النوم ده كله ؟ قلت له : النوم هو الحل الوحيد للى زيى قال لى إزاى يعنى؟ قلت له : بيفصلنى عن الحياة وعن التفكير . قال لى : طب وإنتى بتفكرى ف إيه ؟. سكت.. قال لى : هو سر يعنى ؟ . كنت حاسة إنه مش فاهم حاجة ولا عمره هيفهم لأنى عارفة إن اللى بيحب حد بيكون أعمى زى ما أنا كنت عمية مع شرف ومكنتش فاهمة إنه ما بيحبنيش .كنت بكلم عصام وأنا واقفة أمام خزنة الأوراق ألتمس ما فيها من ذكريات والموبايل على أذنى فتنبهت على صوت عصام وهو يقول : أنا هفسحك وأخرجك من اللى إنتى فيه ده هوديكى القلعة والنيل والهرم .وقتها أمسكت بتذاكر القلعة والهرم اللى روحتها مع شرف ودموعى تتساقط عليها وقلت لعصام :لا لا .. فأكمل عصام حديثه وقال: لازم أخرجك أنا هطلب من عمى إننا نروح بكره المول اللى على الشارع إيه رأيك .لقيت نفسى بقول له لا لا المول لا .وطلعت أجرى على بابا رميت الموبايل على الكرسى ورجعت جرى على أوضتى وأنا منهارة فى العياط .كان عصام مستغرب ميعرفش إن المول ده من أكتر الأماكن اللى روحتها مع شرف وكنا بنحب نروح نتمشى جواه فى نهاية كل خروجتنا .ميعرفش إن القلعة والهرم من ضمن الأماكن اللى منعت نفسى عنها من يوم رحيله طوال سنة كاملة ميعرفش إن كل مكان هناك له ذكري فى قلبى بتقتلنى. على كل مقعد قعدنا عليه ..كل رصيف مشينا فوقيه ..كل شجرة ضللت علينا..كل طوبة سندنا عليها ..حتى الأسلفت لسه شاهد على خطواتنا .. ميعرفش إن مجرد دخولى المول بالنسبة لى إنتحار وإن تراب الأرض كان شاهد على خطاوينا.. مشينا فى كل حتة فيه أنا وشرف وكانت ضحكاتنا بتسرى فى كل مكان داخله وهو يمشى بجانبى ويمسك بيدى وكأن بصمات خطواتنا لسه موجودة على كل طرقات المول لحد النهاردرة انتهى المشهد فى الحلقة الماضية عند حديث عصام حين قال: لازم أخرجك يا أمل أنا هطلب من عمى إننا نروح بكره المول اللى على الشارع إيه رأيك .لقيت نفسى بقول له لا لا المول لأ وطلعت أجرى على بابا رميت الموبايل على الكرسى ورجعت جرى على أوضتى وأنا منهارة فى العياط انهى أبى مكالمة عصام فورا وقال له إقفل دلوقتى يا عصام وجالى الأوضة بسرعة وقال لى : فيه إيه هو قال لك إيه ؟ قلت له طلب منى نروح المول قال لى : وده سبب يخليكى تعيطى كده ده أنا قلت فيه نصيبة قلت له : ما هو المول ده روحت فيه مع شرف ومش هقدر أروح مع حد غيره .قال لى : آه عشان كده وفجأة لقيته بيضحك وبيقول لى : يا بنتى هو المول ده معمول لشرف بس .قلت له ما هو كمان طلب منى نروح الهرم والقلعة وبردو دول من أكتر الأماكن اللى مستحيل أروحهم . جلس أبى بجانبى وقال : يا أمل الناس كلها بتروح الهرم والقلعة دى أماكن للناس كلها القلعة مش مكتوب عليها إسم شرف والهرم مش شرف اللى بناه قلت له أنا حاسة إن كل مكان رحته مع شرف ملكه هو وبس حتى النيل يا بابا حاسة إنه كل نقطة فيه شافتنى وأنا واقفة جنبه ومش هعرف أروح مع حد تانى الأماكن دى أبدا قال لى : خلاص طنشى أنا أصلا مش هوافق أخرجك مع عصام وأنتم لسه مش مخطوبين رسمى بس هو يقصد إنه يخرجك من اللى إنتى فيه شوفتى بقا هو بيحبك إزاى .شيلى من دماغك الحاجات دى يا أمل عشان متتعبيش أنا هخليكى تنزلى الأيام الجاية مع أمك تغيرى جو وتجيبوا حاجات للجهاز بتاعك عصام بيحبك ومش هقول لك تانى متخسريهوش مرت الأيام .كنت بحلم بشرف كل يوم ..بحلم إنى واقفة مستنياه عند بوابة كبيرة وشايفاه جاى من بعيد أوى وكل ما يقرب ألاقى المسافة لسه بعيد وبحاول أشاورله وهو مش شايفنى وساعات أحلم إنى واقفة فوق سطح وشايفة شرف واقف على سطح تانى بعيد عنى وبنادى عليه وهو مش سامعنى . وأيام كتير بحلم بفستان الخطوبة الأحمر وهو مرمى فى ركن ضلمة على رصيف فى شارع وعليه تراب كتير وساعات أحلم بنفس الفستان إن فيه عروسة لبساه وناس كتير حواليها بيسقفوا وأنا بدخل من وسط الناس وأقول لها دى بفستانى أنا .ده بتاعى أنا لكن محدش بيسمعنى وتفضل الزفة شغالة لحد ما الكل يمشى ويسيبنى . كنت بحلم أحلام غريبة ومخيفة بتصحينى من عز نومى على دموع بدأت أحلامى بشرف تتحول إنى بشوفه قاعد جنبى فى الأماكن بتاعتنا وإنى بحكي له وبقول له أنا مكنتش بأجى الأماكن دى من غيرك وافتح عينى ألاقى نفسى لوحدى فى الأوضة أيوه كانت دموعى بصحينى من عز نومى كنت بكره دموعى عشان هى اللى بتصحينى وتحرمنى من رؤية شرف فى الحلم
(شعر )
كان واقف قدام عينيه
يا قلبى وكان بينادى عليا
وأول ما قربت منه لقيته وهم
كان بينى وبينه خطوتين
بيبص لى وعينيه مشتاقين
ملحقتش أشبع عينى منه
كان قلبى حاسس إنه حلم
وبرغم أنى بكون مع شرف كل يوم فى الحلم لكن بصحى على واقع عصام اللى بلاقى نفسى مجبورة أعيشه ومبعرفش أصحى منه أبدا .فكان بيكلمنى كل يوم الصبح وكنت برد عشان أحاول أقرب منه زى ما بابا قال لى وفى كل مكالمة يفضل يتكلم عن مستقبلنا . كنت بحاول أرسم مستقبلى معاه بس كانت الصورة قدامى سودة.كنت بسمع منه وهو بيحكي لى عن شكل فرحنا هيبقى عامل إزاى وشقتنا هتبقى نظامها إيه .كنت بحاول أتجاوب معاه لكن كنت شايلة هم لحظة إنه يسألنى على ألوان الشقة لأن ألوان الشقة كانت هى بداية المشكلة اللى بسببها رحل شرف .. وأكيد لو عصام سألنى عن ألوان الشقة هفتكر تفاصيل مشكلة شرف وهترجع ذاكرتي تعيد لحظات رحيله من جديد وهنهار تانى.. كنت ماسكة نفسى مع عصام أوى وكنت متجاوبة مع كلامه بأقصى ما عندى .وفجأة لقيته بيسألنى وبيقول لى تحبى بقا نخرج فين أول يوم بعد الخطوبة . وقتها مش عارفة إيه اللى جاب صورة شرف قدامى وهو بيسألنى نفس السؤال لما كنا خارجين أول يوم بعد الخطوبة.. ساعتها رديت على شرف وقلت له : نروح البحر .ضحك شرف وقال لى : بحر ؟ إسمه النيل . تنبهت لنفسى لقيتنى بقول البحر وأنا مبتسمة وعينى مرغرغة بالدموع ولقيت عصام بيقول لى : البحر حاضر من عينيه .قلت له : لالا مش عايزة أروح البحر أنا عايزة أروح مكان ما رحتوش قبل كده.قال لى : القلعة ؟ قلت له لا . قال لى طب الهرم ؟ قلت له لأ لأ كان كل ما يقول لى إسم مكان رحته مع شرف كانت كلمة لا بتطلع منى بوجع رهيب فقد كنت على يقين بأن الأماكن أصبحت كئيبة والطرق أصبحت غريبة ومخيفة .لقيت عصام بيقول لى : طب إيه رأيك نروح حديقة الحيوانات قلت له إتفقنا خلاص أول يوم هنروح حديقة الحيوانات لكنى لم أعلم أين نذهب باقى الأيام فجميع الأماكن محرمة على عينى رؤيتها ومحرمة خطايا على طرقاتها ..كان حكمى على نفسى قاسى بأن أحرم نفسى من متعة الحياة وأن أحكم على نفسى بمكان واحد فقط أذهب إليه والباقى مرفوض..كنت أعلم أن حكمى قاسى أيضا على عصام بأنه لم يتمتع بحياته معى ولم يتمكن من خروجه بره هذه الدائرة المقيدة .كنت أشعر إننى أظلمه وإننى سوف أحبس هذا الشاب الحر بأغلال من حديد ولكنه لم يستطيع أن يفهم هذا فكان حبه لى يعمى عينه .كان كل يوم يحادثنى برومانسية (وحشتنى --بحبك -- نفسى أشوفك ) كنت أختنق من تلك الكلمات التى كنت أتمناها من شرف يوما ما كانت تمضى كلماته على أذنى ولم أجد لها رد سوى الصمت. قد كان كرهى لرنته تخطى مرحلة الكره .كما إننى بدأت أكره يوم حضوره أيضا فكنت أحاول تأجيل حضوره ليوم أخر ولكنه كان يطلب منى الوقوف فى الشرفة كى يرانى مما جعلنى اتهرب من البيت بإستمرار بذهابى عند خالتى أنا وماما ولكنه لم يعتقنى بل كان مستمرا فى إتصالاته أمامهم بل وكان أيضا يبعت سلامه لخالتى وأولادها الجميع أحبه حتى خالتى وكان كلما أذهب إلى هناك يطلب أن يسلم عليها بنفسه وفى ظل هذه الأيام التى أذهب فيها عند خالتى كانت تتواجد أمانى بنت عمي طاهر ويصدف القدر أن عصام يتصل كل مرة وهى قاعدة معايا وكل ما تيجى تطلع بره الأوضة عشان أكلمه براحتى زى ما كنت بتسيبنى وأنا بكلم شرف أقول لها لأ لأ خليكى تكرر ذلك كثيرا .وفى كل مرة كان عصام يتصل فيها كانت أمانى بتلاحظ إن كلامى معاه قليل جدا كانت مستغربة خصوصا إنها كانت دايما تقول لى يا بختك خطيبك ساكن قصادك وكانت مصدومة لما لقيتنى بكلمه قدامها بدون ما أطلب منها تطلع بره الأوضة وإن كلامى معاه قليل جدا مبكملش ٣ دقايق وإنى طول المكالمة ساكتة كانت مندهشة وملامحها مذهولة وفى يوم وعصام بيتصل إتفاجئت بأمانى بتقول لى ينفع تفتحى الإسبيكر ولا تضايقى ؟.قلت لها : ياستى عادى إن شاالله تاخديه تكلميه إنتى بردو عادى .قالت لى : ليه كده يا أمل ّقلت لها مخنوقة يا أمانى .قالت لى : طب ردى وافتحى الإسبيكر . وفعلا رديت وفتحت الإسبيكر لقيته بيقول لى : إزيك . قلت له الحمدلله .قال لى وحشتينى ..سكت ..لقيت أمانى بتقول لى : قولي له وإنت كمان وحشتنى .شاورت بإيدى وقلت لها لا ..بصت لى بإستغراب . لقيته بيقول لى : على فكرة أبويا كان مسافر وجه امبارح .قلت له :أه.. لقيت أمانى بتقول لى : يابت قولي له حمد الله على السلامة قلت له : حمد الله على السلامة . قال لى : الله يسلمك .قلت له : ماشى إبقى سلم لى على عمي . لقيت أمانى بتقول لى : يخرب بيتك فى حد يقول لحماه عمي المفروض تقولي له بابا . مردتش على أمانى وقفلت مع عصام .. بعد ما قفلت لقيت أمانى بتقول لى : إيه اللى إنتى قولتيه ده..قلت لها : قلت إيه ؟ قالت لى : فى حد يتكلم كده مع خطيبه وحد يقول لحماه يا عمي ؟ .قلت لها : بصى ده مش خطيبى وده مش حمايا ماشى ؟ قالت لى : يعنى إيه ؟ قلت لها : زى ما سمعتى قالت لى: طب ممكن تفهمينى عشان مش فاهمة . قلت لها : أنا مبحبوش يا أمانى قالت لى : أومال إزاى هتتخطبي له ؟ قلت لها : مش عارفة قالت لى : بس إنتم خطوبتكم شهر خمسة يعنى بعد شهر بالظبط قلت لها : عارفة قالت لى طب وبعدين ؟قلت لها: معرفش يا أمانى أنا حاسة إنى فى دوامة أنا وافقت بس عشان ماما عايزانى أبقى جنبها فى السكن بس أنا مش طايقاه قالت لى : مش يمكن مع الوقت تحبيه ؟ قلت لها : حاولت معرفتش قالت لى : طب إنتى فى حياتك حد تانى ؟ قلت لها : لا وفجأة لقيت ماما بتقول لى يلا نمشى يا أمل عشان فيه حاجات هنشتريها للجهاز كنت بسلم على أمانى وبقول فى سرى (نفسى افتح لك قلبى بس ياترى هتفهمينى ) يوم الخميس اللى بعده .ذهبنا عند خالتى ككل إسبوع وكانت متواجدة أمانى كالعادة ولكن هذه المرة تفاجئت بوجود ندا جلست معهم نتحدث ونضحك وفجأة لقيت ندا بتسألنى : عصام عامل إيه قلت لها : والنبى شوفوا لنا سيرة تانية قالت ندا : ليه كده ؟ ردت أمانى : أمل ما بتحبش عصام دى وافقت عشان أمها عايزاها قريبة منها فى السكن ردت ندا : حد يطول يبقى خطيبه جمبه ولما يوحشه يبص عليه من البلاكونة بدل المرمطة اللى إحنا فيها إنما إنتى فى ثانية تلاقيه قدامك قلت لها : الكلام ده لو بحبه أه يوحشنى وأبقى فرحانة إنه جنبى لكن أنا مابحبوش ردت ندا : هو فيه حد فى حياتك ؟ ردت أمانى : أنا سألتها وقالت لأ ردت ندا :بس أنا حاسة إن فيه ردت أمانى : وأنا بصراحة والله حاسة إن فيه رديت عليهم وقلت : اللى فى حياتى ما خرجش من حياتى قالوا لى : يعنى إيه ؟ قلت لهم : يعنى اللى فى حياتى كان فى حياتى من الأول ومسابش مكانه ..بصوا لبعض وقالوا : شرف ؟ إبتسمت وقلت : أه شرف هو ده خطيبى وحبيبى قالوا : هو رجع؟ قلت لهم : ياريته يرجع قالوا لى يآه إنتى لسه بتحبيه يا أمل ردت ندا وقالت : ده أنا نسيت شكله وفجأة دخلت والدة ندا علينا الحجرة وهى حاملة فى يديها مجموعة من فساتين الفرح قالت: إزيكم يا بنات ثم قالت لندا إبقى وريهم يا ندا الفستاين دى قبل ما نأجرهم و إعملوا حسابكم هنبقى ننزل نجيب فستان أمانى بتاع الدخلة اليومين دول ثم نظرت إليا وقالت وإنتى يا أمل عايزين نجيب فستان خطوبتك ده كلها ٣٠ يوم ثم خرجت من الحجرة كنت أرى السعادة فى عيون أمانى وندا وهم يرتدون الفساتين لبعضهم البعض أما أنا فقد اخترت فستان زور يشبه فستانى الأحمر وإرتديته ووقفت أمام المرآة إننى لا أجيد الإبتسام هذه المرة فقد محتها دموع من نار قد ذبلت إبتسامتى تحت قطراتها .. وماتت ضحكاتى لتصحو صرخات فى أعماقى انتهى المشهد فى الحلقة السابقة عند ارتداء أمل فستانها الروز وهى واقفة أمام المرآة تتخيل يوم خطوبتها بعصام التى تعتبره يوم وفاتها .. نظروا أمانى وندا إلى أمل فى لهفة وقالوا شكلك جميل أوى يا أمل بالفستان . وهنا تقول أمل : إلتفت لهم بإبتسامة وقلت كان الفستان الأحمر أجمل . نظروا لبعضهم البعض فى حزن وقالوا : إنتى عايزة تجيبى فستان أحمر تانى ؟ قلت لهم : حتى لو جبت فستان أحمر وكررت نفس لون فستانى القديم مش هعرف أكرر نفس الفرحة .وحتى لو عملنا الفرح فى نفس النادى مش هقدر أحس بنفس السعادة اللى كنت حاساها وأنا قاعدة جنب شرف .وفجأة لقيت أمانى بتقول لندا : بزمتك يا ندا خطيبى الأولانى أحمد أنا كنت هموت عليه إزاى .قالت ندا : أه كنتى بتموتى فيه ولما مشى موتى نفسك من العياط .قالت أمانى : ولما اتخطبت بعده لمحمد ؟ ردت ندا : نسيتى أحمد واللى جابه أحمد كمان . رديت بعصبية وقلت : بس أنا ما نستش شرف ولا عمرى هنساه أنا حبيته بجد. قالت أمانى : ما أنا كنت بحب أحمد بجد ومع ذلك نسيته .قلت لها طالما نستيه يبقى عمرك ما حبتيه ثم نظرت إلى المرآة بكل غضب كانوا فاكرين الحب سهل يتنسى لأنهم للأسف ميتعرفوش معنى الحب الحقيقى كانوا فاكرين إن عصام هو ده العريس اللقطة اللى هيسعدنى ويعوضنى عن شرف .وهو كمان فى كل مكالمة دايما يقول لى كده ( هعوضك يا أمل ) كل اللى كنت حاساه فى الفترة دى إنى بغرق وتايهة ومعاد خطوبتى بيقرب طول الوقت عياط ورعب مع كل يوم بيفوت مع كل ورقة نتيجة بتتقطع بيتقطع معاها حتة من قلبى وفى يوم وأنا خارجة من أوضتى لقيت ماما فاتحة كل الكراتين بتاعة الجهاز القديمة وبتفرزها عشان تشوف إيه اللى ناقص منها عشان تبقى تكمله وهنا تقول أمل :وقفت خطايا وأنا ناظرة إلى جهازى التى إخترت كل شىء فيه بدقة حالمة بإنه سيكون فى بيتنا أنا وشرف يوما ما فقد كانت إختياراتى كلها حسب ذوق شرف وليس عصام فإقتربت من كرتونة الملابس وأمسكت بعلبة البورنس الرجالى وقلت فى نفسى ( لقد إخترته لك وكنت على يقين بأننى سوف أضعه على جسدك بيدى كان يظهر وجه شرف على رقبة البورنس فنظرت إليه أمل بعنيها المملوءة بالدموع وقالت : هو ده اللون اللى أنت بتحبه يا شرف شكله لايق عليك أوى أنا جبته عشانك أنت وفجأة سمعت صوت أبى يقول : إي يا أمل مش سامعة الموبايل بقاله ساعة بيرن فإلتفت وقلت : لا مسمعتش مين اللى بيتصل قال : عصام يا ستى ثم تفاجئت بأبى يفتح الخط ويقول لعصام : أيوه يا سى عصام خطيبتك أهى ياعم عمالة تجهز كراتين الجهاز بتاعكم وكنت أرى السعادة على وجه أبى والضحكات تخرج من بين شفتيه ثم قال : تعالى يا أمل كلمى عصام اقتربت بالخطوة البطيئة وأمسكت بالهاتف وقلت : ألو فقال عصام : أيوه بقا سمعت إنك بتجهزى الكراتين فإبتسمت ونظرت فى الأرض بكل مرارة و قلت : أه رد عصام : طب ياترى بتجهزى إيه بقا قلت : كنت بحط البورنس مع الهدوم وماما بتظبط الكبايات مع الكاسات فقال عصام : البورنس أيوه بقا ده أهم حاجة فى الجهاز وأخذ يضحك فنظرت للبورنس وقلت : فعلا كان أهم حاجة أخذت أوراق النتيجة تتساقط ورقة تلو الأخرى وتمضى الأيام والساعات ويتقرب يوم خطوبتى بعصام الخطوبة التى إذا تمت لن أستطيع أن أتراجع عنها أبدا فهى الخطبة الثانية والتى ستصبح رباط أبدى حول عنقى لا يمكن فكه . وهنا تقول أمل بإنهيار تام : كنت محتاجة حد جنبى محتاجة حد يطمنى ويقول لى أنا رايحة فيه ؟ وإيه اللى بيحصل لى ظلت أمل تتسأل طوال الليل باكية نائمة على وسادتها المغطاة بالدموع حتى غفلت عينيها الحزينة لتذهب فى أحلامها الوردية التى تنغمر بطعم الوجع وهنا تقول حلمت إنى واقفة فى البلاكونة وماسكة الورقة اللى فيها رقم شرف وبتصل بيه بكل لهفة وفجأة ماما دخلت عليا رميت الورقة من البلاكونة من شدة الخضة وفضلت باصة عليها وهى بتقع وقبل ما توصل الشارع صحيت صحيت من النوم على دموعى المعتادة لكن المرة دى كان جوايا رغبة قوية إنى أدورعلى الورقة تانى وكان قرار الإتصال المرة أدى بيراودنى بشدة فقد نفذت طاقة الصبر وقد نفذ تحملى لهذا الوجع الموميت الذى أنهك قلبى وأتعبه وأرهق عيونى من البكاء اليومى فتحت خزنتى وأخذت أبحث عن الورقة بطريقة هستيرية وأول ما لقيت الورقة بدأت أتذكر تفاصيل الحلم لما كنت بتصل بشرف فى الحلم سمعته وقتها بيقول لى (وحشتينى) وبعدها ماما دخلت عليا ورميت الورقة من البلاكونة إتنبهت لنفسى وبصيت للورقة وضميتها فى إيدى وقلت ده إنت والله اللى وحشتني أوى قررت أكلم شرف مش عارفة إزاى أو إمتى ؟ بس كان قرار نهائى نابع من جوه قلبى مكنتش بفكر غير فى إنى عايزة أسمع صوته بأى وسيلة. كنت خايفة أتصل بيه من خطى الجديد اللى معايا لحسن من كتر غيظه من بابا ممكن يقول له بنتك كلمتنى عشان يحرجه ويبقى خطى الجديد دليل عليا فضلت أدور على الخط القديم اللى شرف جابه لى لكن للأسف ملقتهوش كنت كل يوم بستنى الوقت اللى بابا ينزل فيه الشغل وتكون ماما نايمة وأدخل أوضة بابا بشويش عشان أدور فى درج بابا على أى خط قديم من الخطوط القديمة اللى هو شايلها لكن كنت كل ما ألاقى خط قديم أكتشف إن ما فيهوش رصيد وخايفة اشحنه لحسن بابا ياخد باله بعد كده ويقول مين شحن الخط وتبقى مشكلة فضلت إسبوع كامل أدور وأفكر أتصل بشرف منين؟ لحد ما جيت فى يوم وأنا قاعدة على الكمبيوتر الساعة ٧ الصبح بعد نزول بابا الشغل مباشرة كان المشهد كالأتى: قاعدة بكل هدوء مشغلة خطوبة أمانى وبجيب اللقطات اللى شرف موجود فيها وبنرقص فيها أنا وهو.وفجأة لقيت نفسى قمت من على الكرسى وقفلت باب الأوضة وبصيت لتليفونى بكل إصرار وقررت أتصل بشرف من الخط الجديد اللى معايا ومهمنيش إن الخط الجديد بتاعى يتكشف .قررت أفك من على جسدى جنازير الإجبار والعافية والغصب بل قررت قطع حبل المشنقة الملتف حول رقبتى غمضت عينى عن أى شىء وسبت قلبى يتصرف ولأول مرة أترك لقلبى حريةالتصرف لقيت نفسى بقفل ترباس الباب وجبت الورقة وبدأت أطلب رقم شرف وإيدى بتترعش كانت بتترعش من شدة اللهفة والخوف فى نفس الوقت . أول ما بدأت أسمع صوت جرس المكالمة كنت حاسة إن قلبى قرب يقف من سرعة دقاته خلص الجرس للأخر ومردش شرف .إتصلت تانى بلهفة أكبر وبخوف أكبر ودقات أسرع وفجأة لقيت صوت بيقول لى : ألو كنت حاطة إيدى على بقى عشان ميسمعش صوت أنفاسى السريعة وعينى مليانة بالدموع .فضل يقول : ألو ألو ألو .. وأنا قلبى بيتقطع بين ضلوعى لا أنا قادرة أرد ولا قادرةأاقفل .لحد ما هو اللى قفل . مكنتش مصدقة إن ودنى سمعت صوته . كل حرف من كلمة ( ألو ) كان له صدى مختلف بيسرى جوايا .كنت زى الورده العطشانة اللى نزل عليها نقطة ميه بلت الغصون ومشيت . أد إيه كان قلبى محتاج يسمعه تانى ويتأنى فى كل حرف بيطلع منه وبرغم إنى كنت متأكدة إن ده صوته لكن كنت بقول إتصلى تانى وإتأكدى يمكن مش هو . يمكن غير رقمه واللى رد عليا ده شخص تانى؟ يمكن خوفى ولهفتى صوروا لى إن ده شرف ؟ لقيت نفسى بعمل إعادة الإتصال بالرقم عشان أتأكد برغم إن إحساسى بيه عمره ما يكدب .أول ما رد عليا وكرر كلمة ألو بدأت أتمعن أكتر فى صوته .
شعر ( أيوه هو )
أيوه هو نفس صوته
نفس أنفاسه وسكوته
ده اللى رد الروح لقلبى
وده اللى كان السبب فى موته
أيوه هو
أيوه هو صوته فعلا
مش هتوه عن حسه أبدا
ده اللى ساكن جوه قلبى
هو ده اللى واحشنى جدا
أيوه هو
نفس إسلوبه وكسوفه
نفس النبحة اللى فى حروفه
ده اللى بحلم يبقى جنبى
هو ده اللى نفسى أشوفه
أيوه هو
أيوه هو ده حبيبى
ده اللى فراقه قايد لهيبى
هو ده اللى حلمت إنى
أبقى له ويكون نصيبى
أيوه هو
كنت حاطة التليفون على ودنى وباصة فى
المرايا . أول مرة أشوف عيونى مبتسمة كده عايزة أقول لنفسى اشبعى منه بسرعة قبل ما
يقفل.كنت خايفة يقفل تانى وأحرم ودنى من كلمة ( ألو ) اللى اتمنيت إنها تكون متكونة من مليون حرف .. كرر شرف كلمة ألو حوالى
أربع مرات متتاليهة وكنت على يقين أن الخامسة لم تكتمل فحتما سوف يغلق الخط . وقبل
أن ينتهى من كلمة (ألو) فسرعان ما وجدت نفسى أسبقه قائلة : ألو أول ما سمع صوتى
لقيته بيقول لى إنتى مين ؟ ساعتها حسيت بوجع جامد جوايا وبقيت أقول بينى وبين نفسى
إزاى نسيت صوتى .. لقيته بيقول : ألو مين معايا ؟
أنا التى أتذوق سكرات الموت كل لحظة فى غيابك
أنا التى تجرعت العذاب والألم بكل
معانيه من أجلك
أنا التى توجعت من أجل أن أنساك ولن أنساك
والأن أتوجع بك وأنت ناسينى
وبعد لحظات من السكوت لقيت نفسى برد
عليه بصوت موجود وبقول له : مش مهم أنا مين .. أنا بس عايزة أتأكد أنت ولا مش أنت
؟. قال لى : مش فاهم . ابتلعت ريقى بكل مرارة وإستجمعت قوتى وقلت : صاحب الرقم ده
شغال فى شركة سيارات .قال لى : أه . ساعتها إتأكدت إنه هو وإن احساسى بصوته طلع فى
محله وإنى قدرت أميز صوته من خلال تلت حروف ( أ ل و) إنها الحروف التى ستظل عالقة
فى مسمعى طوال عمرى . وفى ظل اللحظات التى يؤكد فيها شرف إنه من شركة
السيارات بل إنها اللحظات الأخيرة التى
ستنتهى فيها المكالمة كنت أسمعه وأنا مبتسمة ودموعى نازلة قربت الموبايل من شفاتى وبوسته بصوت واطى وبكل
وجع قلت له : طيب شكرا وقفلت
.
قصيدة ( نسيت صوتى )
نسيت صوتى ؟ معقول بجد نسيت صوتى
ياريته قبل أما كان يوصل كان جالك خبر
موتى
طب الصوت اللى كان مكتوم بإيديا محستهوش؟
طب قلبى اللى كان عمال يصرخ فيا
مسمعتوش ؟
طب الرعشة اللى فى إيديا ودموعى
طب اللهفة طب الآه اللى فى ضلوعى
طب الجرح اللى فى سكوتى
نسيت صوتى ؟
ده الصوت اللى كان يوماتى بينده لك
ده الصوت اللى كان بيئن من جرحك
ده الصوت اللى كان بيقول لك إستنى
ومتمشيش
ده الصوت اللى كان بيقول عشان خاطرى
متسيبنيش
ده الصوت اللى كان بيصرخ عشان ترجع
ده الصوت اللى كانت تنهيدته بتوجع
ده الصوت اللى بيردد صدى آهاتى
نسيت صوتى ؟
قفلت معاه الخط وقعدت على كرسى الكمبيوتر مكنتش عارفة أفرح إنى سمعت صوته ولا أحزن إنه معرفش صوتى .لكن كنت بموت فى كل الأحوال لأنى مقدرتش أقول له أنا مين . فضلت تمر الساعات لحد بليل . كان الموبايل جنبى طول اليوم معمول صامت على أمل إنه ممكن يتصل إعتقادا منى إنه لما يقعد مع نفسه ويفكر فى المكالمة يفتكرنى ويعرف مين أنا ويتصل . لكن الظاهر إنه لسه معرفنيش وإن المكالمة كانت بالنسبة له مجرد مكالمة غلط..( الساعة ٨ مساء)لقيت أمانى بنت عمي طاهر بتخبط كانت جاية بالصدفة بخصوص حاجة لماما .وكالعادة دخلت قعدت معايا فى الأوضة اللى فيها الكمبيوتر وفضلنا ندردش مع بعض وفجأة لقيتها بتقول لى مالك يا أمل . قلت لها : مالى ؟ قالت لى : مش عارفة حاسة إن فى حاجة .بصيت لها بحزن وقلت لها : أنا كلمت شرف . لقيتها إتفاجئت وقالت لى : يخرب بيتك إنتى مجنونة ؟ قلت لها كان لازم اعمل كده وحشنى يا أمانى ومكنتش قادرة أمسك نفسى أكتر من كده .قالت لى :طب هو قال لك إيه ؟ قلت لها : معرفنيش نسى صوتى (وفجأة دموعى نزلت) فضلت أمانى تطبطب عليا وتقول لى : طب خلاص لحسن أمك تيجى فجأة وتلاقيكى بتعيطى . مسحت دموعى وقلت لها : أنا مكنتش مصدقة إنه هو كنت حاسة إنى بحلم وجسمى بيترعش وأنا بكلمه .سألته عشان أتأكد وقلت له هو صاحب الرقم ده شغال فى شركة سيارات قال لى أه بس اللى واجعنى بجد إنه مش عارفنى . شرف نسينى يا أمانى. قالت لى : المفروض إنتى كمان تنسيه زى ما نسيكى .قلت لها :مقدرش أنا نفسى أسمع صوته تانى .قالت لى : إنتى إتجننتى ربنا ستر أول مرة محدش عارف المرة الجاية ممكن حد يعرف وتحصل مشكلة .قلت لها : مبقاش يهمنى اللى يعرف يعرف قالت لى : طب إهدى .قلت لها : أنا عايزة اكلمه دلوقتى فرصة وإنتى موجودة هقفل الباب وكأننا بنتكلم مع بعض قالت لى : ولو أمك دخلت فجأة ؟ قلت لها : مش مهم مبقتش أخاف من حاجة .قالت لى : بلاش جنان اللى بتعمليه ده غلط يا أمل أنا لو سمعت كلامك هتعملي لى أنا مشكلة ويقولوا أمانى عارفة .قلت لها : خلاص أنا هتصرف . قالت لى : هتعملى إيه ؟ قلت لها : إحنا بكره رايحين لخالتي قابلينى هناك واقفلى عليا باب الأوضة وأنا بكلمه . قالت لى : طب لو حد سأل وقال بتعملوا إيه ؟ قلت لها : إبقى قولي لهم بتكلم عصام بس تخليكى واقفة على الباب عشان محدش يجى فجأة ويسمعنى .قالت لى : طب وهتقولى لشرف إيه؟ قلت لها : مش عارفة بس أنا واثقة إن اللى أنا بعمله ده مش غلط لأن شرف فى مرة قال لى (إعملى أى حاجة نفسك فيها بس فى حدود الصح ) وأنا شايفة إنى مش بعمل حاجة غلط ده خطيبى يا أمانى . فى اليوم التالى ذهبنا لخالتى أنا وأمى وكانت أمانى هناك حسب الإتفاق قعدت شويه معاهم وبعدين غمزت لأمانى وقلت لهم : أنا هقوم أكلم عصام .ودخلت الأوضه ( ملحوظة) الأوضة دى مفتوحة على شقة تانية فاضية .وهنا تقول أمل : دخلت من الأوضة على الشقة التانية .. اخترت أن المكالمة تتم فى المكان ده لأنها شقة فاضية محدش بيدخلها غير أطفال العيلة لما بيجوا بيلعبو فيها . فضلت ماشيه لحد ما دخلت أخر أوضة فى الشقة وأمانى ورايا .قلت لها خاليكى بره و اقفلى الباب عليا .قالت لى مش هسيبك وإنتى فى الحالة دى أنا هفضل معاكى متخافيش محدش هيجى أنا هقف جنبك وهوارب الباب وهبقى شايفة أى حد جاى .طلعت الموبايل والرقم وبدأت أتصل وأمانى واقفة جنبى .وفجأة لقيته بيقول لى: ألو .بصيت لأمانى وعينى مدمعة ومسكت إيدها بكل ألم .قال شرف : ألو ؟ لقيت نفسى برد بصوت موجوع وبقول له : صاحب الرقم ده فى يوم قال لى إعملى أى حاجة نفسك فيها بس فى حدود الصح . وانا مش عارفة اللى أنا بعمله ده صح ولا غلط . أول ما شرف سمع الجملة دى لقيته بيقول لى : إنتى أمل ؟.. عرفنى .. نطق إسمى .. مسحت دموعى وابتسمت وقلت له : أيوه وإنت شرف بجد ؟ قال لى : أيوه أنا شرف يا أمل .فى اللحظة دى كانت أمانى عينها مدمعة . لقيت نفسى بقول له : أنا لسه بحبك يا شرف إنت ليه سبتنى أنا ميتة من غيرك .لقيته بيقول لى : مينفعش يا أمل . كنت منهارة فى العياط ومش سمعاه وبكمل كلامى بدموع وألم : أنا محتاجة لك يا شرف أنا هتخطب فى شهر خمسة لواحد مبحبوش يعنى الشهر الجاى ده قال لى وافقى يا أمل .. تنبهت لكلماته القاتلة وقلت له : إيه اللى إنت بتقوله ده ؟ أنا مبحبوش أنا بحبك إنت قال لى : يا أمل بقول لك مينفعش المكالمة بتاعتك دى جات متأخر .وقفت دموعى فى عيونى وقلت له : يعنى إيه ؟ لقيته سكت .قلت له : يعني إيه رد عليا هو فى حد فى حياتك ؟ بردو ساكت .. قلت له : إنت خطبت يا شرف ؟ رد أرجوك رد . رد شرف بصوت واطى وقال: أيوه.. صمت قليلا وقلت له أيوه إيه ؟ أخذت أنظر حولى وكأننى استغيث ثم قلت: أيوه إيه ؟ خطبت ؟ قال لى :أيوه خطبت يا أمل إبتسمت قلت له إنت بتضحك عليا صح .قال لى بقول لك يا أمل أنا خطبت ..وهنا تقف البطلة فى وسط الحجرة تائهة مشلولة الحركة مكسورة القلب والخاطر لم تستطيع التنفس أو النطق بحرف تلف الدنيا من حولها والصمت يعم المكان وكانت صرخات قلبها تدوى فى أركان الحجرة وبعد أن إبتلعت أمل صدمتها المريرة بسماعها خبر خطوبة شرف الخبر الذى جعل قدميها تتحسس الأرض بخطوات تشبه خطوات المحكوم عليه بتفيذ الإعدام وهى تسند بيدها على الحائط وتبكى قائلة : خطبت إمتى؟ رد شرف خطبت الشهر إللى فات . سرحت امل بخيالها وقالت فى نفسها :الشهر اللى فات يعنى فى نفس الفترة إللى كانوا بيقنعونى فيها إنى اتخطب لعصام وأنا مكنتش راضية كنت مصدومة وبسأله وأنا بعيط :بتحبها ؟ مردش عليا . قلت له بتخرج معاها زى ماكنت بتخرج معايا وبتمسك إيدها وكده ؟ وبتروح لها تقعد معاها صح؟ مكنتش عارفة أحوش دموعى لقيت نفسى بقول له بس إزاى ده أنا مقدرتش اتخطب لغيرك إزاى أنت قدرت؟ قال لى ده نصيب يا أمل أنا إتصلت بيكى كتير وإنتى كان تليفونك مقفول وكنت مستنيكى تكلمينى ومكلمتنيش المكالمة دى جات متأخر أوى كنت بسمعه ودموعى على خدى وهو بيقول لى المكالمة بتاعتك جات متاخر مكنتش قادرة استوعب كلامه المؤلم مما جعلنى اقاطعه وأقول : إيه إللى أنت بتقوله ده . قال لى أنا مش عايز أخونها إنتى لما كنتى خطيبتى أنا ماخنتكيش فمقدرش أخونها خلينا أنا وإنتى إخوات وأى حاجة عايزاها أنا تحت أمرك .. كنت بموت بمعنى الكلمة وأنا بسمعه وكاتمة بإيدى صوت عياطى عشان محدش يسمعنى من اللى قاعدين بره أنهى شرف المكالمة قائلا : وافقى على العريس وكملى حياتك إنتى لازم تنسينى وهنا تسرى فى أذن البطلة أغنية( اه من الفراق اللى يتفقو الحبايب فيه يبقو صحاب وياعينى على اللى كان بيحب
التانى اكتر ويهرب من المكان ويبقى
عذابه اكبر
شعر (بتقول لى مينفعش نرجع )
بتقول مينفعش نرجع
بتقول إنسى إللى فات
بتقول مش عايز تخونها
وإن أنا وإنت نبقا إخوات
يا خسارة إنتظارى ليك
والعذاب والآهات
يا خسارة تفكيرى فيك
والدموع والذكريات
بتقول إنك خطبت
وقدرت تكمل حياتك
يعنى عايزنى إنى أبعد
وأحاول أنسى ذكرياتك
حاضر هبعد واسيبك
حاضر هسمع كلامك
لكن مش هنسى حبك
ولا هعرف أنسى أيامك
هيفضل جوايا جرحك
وهتفضل عيونى تدمع
والحكم اللى إنت قلته
هيفضل فيا يوجع
هقول لك إيه يانور عينيه
بعد ما حكمت بالموت عليا
وقلت إن مينفعش نرجع
بعد ما قال شرف كلمته الأخيرة لقيت الخط قطع عرفت إن رصيدى خلص . طلعت الكارت إللى معايا عشان اشحن الرصيد. وأنا بشحن اتفاجئت بخالتي واقفة بره جنب باب الأوضة وماسكة فى إيدها غسيل .. كنت مستغربة إيه إللى جاب خالتي هنا مع إن محدش بيدخل الشقة دى أبدا. وإزاى سابت ماما وقامت تعمل الغسيل دلوقتي وفين أمانى؟ لقيت خالتي بتقول لى بتعملى إيه يا أمل قلت لها بكلم عصام ثم أكملت حديثى لها : أومال فين أمانى؟ قالت لى : قاعدة بره وطلعت هى كمان وسابتنى كنت مستغربة أمانى قاعدة بره ليه وسيبانى وأنا منهارة وليه منبهتنيش إن فيه حد جاى فجأة لقيت أمانى جاية قلت لها إنتى كنتى فين شرف بيقول لى وافقى بعصام وبعدها الخط قطع خدى ملينى الكارت أنا مش عارفة اتحكم فى أعصابى قالت لى هتكلميه تانى ؟ قلت لها أيوه لازم أعرفه إنى مش هقدر اتخطب لغيره . وفعلا شحنت الكارت وإتصلت بشرف للمرة التانية أول ما رد لقيت نفسى بقول له : يا شرف انا محتاجة لك أنا مش هعرف اتخطب لعصام أنا مبحبوش وفجأة وأنا بكلمه وبعيط ملقتش أمانى جنبى ولقيت خيال حد واقف بره قربت من الباب لقيت ماما قدامى مسحت دموعى وقلت : أيوه يا عصام راح شرف قافل فضلت أكمل كلامى كأن عصام إللى معايا على الخط .لقيت ماما بتقول لى إنتى بتكلمي مين قلت لها بكلم عصام قالت لى طب هاتى أكلمه قلت لها الخط قطع بس ممكن أتصل لك بيه لو عايزة قالت لى ده مش مش عصام أنا سمعت كل حاجة .قلتلها سمعتى إيه قالت لى إنتى كنتى بتكلمى شرف بصيت لأمانى وقلت أنا كنت بكلم عصام إسألى أمانى ردت ماما وقالت لى أنا سمعتك بتكلمى شرف ليه عايزة تصغرينا ليه عايزه ترخصى نفسك هى حصلت تتصلى بيه يا أمل حصلت تفضحينا كده قدام الناس ردت خالتي وقالت هو إحنا أغراب ؟ كويس إنها جت على أد كده . قلت لهم أنا معملتش حاجة غلط شرف خطيبى هو عيب أكلم خطيبى .ردت ماما : شرف كان خطيبك لكن دلوقتي مبقاش خطيبك بقا زيه زى الغريب . قلت لها وعصام مش غريب ؟ قالت لى عصام فى حكم خطيبك جاب لك الموبايل وطلب يكلمك فى النور قلت لها بس عصام مش خطيبى وعمره ما هيكون خطيبى أنا مبحبوش وعمرى ما هحبه.. كنت عاملة زى المجنونة بصرخ فى وشهم وبقول (مبحبوش أنا بحب شرف ) مكنش هاممنى من كتر الوجع اللى جوايا حاسة إن الخوف اللى جوايا مات مبقتش بخاف من حد اد ما أنا موجوعة ومكسورة فضلت اصرخ وأقول لهم أهو خطب خلاص خطب إنتم السبب خرجت أمى بره وخرجت خالتي وراها عشان تهديها وأنا فضلت قاعدة لوحدى فى الأوضة أعيط . فجأة لقيت أمانى دخلت عليا وبتقول لى أمك بتعيط بره قلت لها شرف خطب يا أمانى عارفة يعنى إيه خطب ؟يعنى راح لغيرى إنتى حاسة بيا قالت لى : حاسة بيكى بس هتعملى إيه خلاص هو خطب لقيت نفسى بتصل بيه تانى قالت لى كفاية يا أمل إنتى كده بتعذبى نفسك هو خلاص خطب هتكلميه ليه تانى قلت لها: عايزة أقول له ليه عملت كده . كنت حاسة إن صوت عياطى واصل للشارع وأنا واقفة جنب الشباك باخد أنفاسى بصعوبه وحاسة إن كل نفس خارج منى بيكسر فى ضلوعي ..وأنا مستمرية فى إتصالى بشرف لكنه مردش.. اإصلت تانى مردش كررت الإتصال 7مرات مردش وبعد كده بدأ يبقى مشغول فضل مشغول لمدة 15 مرة لقيت أمانى بتقول لى يبقى هو كده حاطك على القايمة السودة يا أمل قلت لها ليه؟ ليه طيب؟ طب أتصل بيه من رقمك إنتى؟ لما يلاقى رقم غريب هيرد قالت لى والله يا أمل مش معايا رصيد كنت حاسة إن باب الأمل اتقفل فى وشى بعد ما كان بينى وبين شرف خطوة واحدة نزلت مع ماما عشان نروح البيت وكنت طول الطريق ساكتة وسرحانة كأنى مضروبة برصاصة وصلنا البيت فى الوقت ده كان بابا نايم دخلت أمى الصالون عشان تكلم خالتي فى التليفون أما أنا دخلت إلى حجرتى وكنت فى قمة الحزن والوجع قفلت الباب عليا وقعدت فى الأرض قدام الدولاب . سندت رأسى على رجلى وفضلت أعيط بعزم ما فيا كنت حاسة بنار جوايا بتحرق كل حته فى جسمى كنت بخبط رأسى فى الدولاب من كتر الوجع اللى فيا وبسأل نفسى إزاى قدر يخطب غيرى كنت ببص فى إيدى مكان الدبلة وأقول : زمانها لابسة دبلته وهو لابس دبلتها وأنا فين دبلتى ؟كنت بعيط بحرقة بعيط على غبائى إنى حاولت أحب غيره لقيتنى راجعة أحبه للمرة التانية وفى الوقت اللى قدر هو يحب غيري وهنا تقف الدموع فى عيون البطلة وهى تأن من وجع قلبها المنكسر وتتنهد ببطئ قائلة فى سرها : علمتنى الحياة أن أزرع الورود فى الخريف وأحميها من البرد فى الشتاء واسقيها حنانا فى الصيف ثم اودعها ليقطفها غيرى فى الربيع وبعد مرور ساعة من إنهيار البطلة وهى جالسة فى أرض حجرتها تحاول التئام كسورها قالت ظليت جالسة اضرب رأسى فى الدولاب ضربة تلو الآخرى وكأننى أريد فقدان ذاكرتى : دخلت أمى عليا قائلة : يلا يا أمل عشان تاكلى قلت لها مش عايزة أكل أنا عايزة أقعد لوحدى ولقيت نفسى بقوم وبسيبها وبدخل البلاكونة .. فى اللحظة دى دخلت ماما بتتصل بخالتى للمرة التانية عشان تقول لها إنى رافضة الأكل .. أما أنا كنت فى البلاكونة باصة فى الشارع وعمالة افتكر كلام شرف لما قال لى( المكالمة دى جت متأخر أنا إتصلت بيكى كتير وإنتى كان تليفونك مقفول وكنت مستينكى تكلمينى مكلمتنيش) كنت بفتكره وبقول لنفسى بابا هو اللى كان قافله مش أنا والله مش أنا يا شرف اللى قفلت التليفون صدقنى ثم جلست على الكرسى الذى كان يجلس عليه وقلت أيوه أنا اللى قفلت تليفونى بحكم بابا يبقى أنا اللى بعدت فعلا هلومه ليه بقا كان له حق إنه ميعرفش صوتى فى المكالمة الأولى وكان له حق يقول لى إنتى مين .. له حق إنه ينسانى
شعر ( معزور )
معزور حبيبى إنه نسينى
ألومه ليه ما أنا اللى بعدت
أنا اللى حرمت منه عينى
وبحكمهم أنا استسلمت
خرجت من حياته وسبت مطرحى
وفرطت فى مكانى
يبقى أكيد من حقه يملي المكان بغيرى
ويحب حد تانى
مش من حقى ألومه ولا أقول له ليه حبيت
لأن عنده حق
مهما خانى وجرحنى مهما طعنى ودبحنى
مش هقدر أقول له لأ
اكسر فى قلبى واوجعه اجرح أنا مسمحاك
وإن طلت بإيديك تطعنه والله أنا
موافقاك
حقك يا حبيبى تكسرنى برحتك
ادبح وعذب على مهلك أنا عذراك
فجأة لقيت ماما بتنادى عليا وبتقول لى: يا أمل تعالى كلمى خالتك . مسحت دموعي ودخلت لماما خدت منها التليفون وقلت أيوه يا خالتي لقيتها بتقول لى إنتى مكلتيش من الصبح يا أمل كلى واسمعى كلام أمك احنا كلنا خايفين عليكى . قلتلها : ماما حرمتنى من أهم لحظة فى حياتى ثم نظرت لأمى بكل وجع وقلت :حتى لو كانت دى أخر مكالمة كنتى سيبتينى أشبع منه ردت ماما قالت لى : إنتى عايزة تعذبى نفسك ردت خالتي وقالت: صح يا أمل إنتى كده بتعذبى نفسك على الفاضى إنتى قلتى إنه خطب كنتى عايزة تسمعى منه إيه تانى. قلت لها: كنت عايزة أعرف مين اللى قص صور الخطوبة كنت عايزة أسأله عن حاجات كتير ثم توقفت الكلمات فى فمى وقلت بداخلى نفسى أسأله قرى القصة إللى بعتها له وسط حاجته ولا مقرهاش عايزة أعرف إنى لما بعت له الرسالة إللى مكتوب فيها ( أوعى تخون الوعد) ليه خانه وإزاى بعد ما أخوه هدى الموضوع اتصل هو وطلب ياخد حاجته؟ طب والدم إللى أنا كتبت له بيه بحبك فى الورقة شافه ولا مشافوش؟ طبعا كل الأسئلة دى مقدرش أقولها لخالتي لأن محدش يعرف بكل ده غير شرف وفى نهاية المكالمة طلبت من ماما أدام خالتي أنها تخلينى أكلم شرف مرة واحدة عشان أعرف منه كل الأسئلة اللى فى دماغى فضلوا يقنعونى إن مكالمتى له مش هيكون ليها أى لزمة وإنى مش هستفاد حاجة لما أعرف إجابات الأسئلة وإنى هعذب نفسى على الفاضى مكنتش قادرة أتقبل كلامهم غير بعياط سيبت ماما وفضلت طول الليل فى البلاكونة مستمرية فى إتصالى لشرف ولكنى مازلت على القائمة السوداء. وفجأة لقيت نفسى بتصل بأمانى وأول ما سمعت صوتها رديت بلفهة وقلت لها أنا محتاجاة لك أوى يا أمانى شرف لسه حاططنى على القايمة السودة يا أمانى ردت أمانى وقالت إنتى لسه بتتصلى يا أمل ؟قلت لها أيوه أنا واقفة فى البلاكونة ومش هدخل ولا آكل ولا أنام غير لما يرد إنتى أكتر واحدة حاسة بيا صح يا أمانى قالت لى أيوه حاسة بيكى بس هو خلاص خطب لازم بقا تنسيه قلت لها بس كان نفسى أكمل معاه المكالمة هما أزاى بس شافونى وأنا بكلمه قالت لى مش عارفة والله أنا لقيتهم فى ضهرى ومبقتش عارفة أقول لك إنهم واقفين بره قلت لها طب أنا نفسى أكلمه تانى. قالت لى أنا هيبقى اجي لك اقعد معاكى ونتكلم المهم دلوقتى روحى كلى مع مامتك عشان متزعلش حسيت إن كلام أمانى ريحنى جدا وإدانى أمل إنى ممكن أكلم شرف تانى قفلت مع أمانى ودخلت لماما لقيتها مجهزة الأكل قعدت قدام الأكل وملامحى كلها حزن وكلام شرف وبيتردد جوايا بدأت ماما تبص لى وتقول لى يلا كلى . قلت لها أنا عايزة أعرف إنتى إزاى شوفتينى وأنا بكلمه . قالت لى هقول لك لما تاكلى قلت لها قولى الأول وأنا أوعدك هاكل . .وبدأت أمى تحكى المشهد بالتفصيل قائلة : إن فى الوقت اللى أنا بكلم فيه شرف لقيت أمانى خرجت من الأوضة اللى أنا فيها وقربت من خالتي وقالت فى ودنها أمل بتكلم شرف وبعد شوية بدأت خالتي تقول لماما كنت بسمع من ماما وبعيد المشهد فى خيالى لما أمانى سابتنى فى الأوضة واختفت وفجأة لقيت خالتي جاية ماسكة فى إيدها غسيل وأنا كنت مستغربة إزاى سايبة ماما لوحدها وجاية تلم غسيل وإيه اللى جابها الشقة دى وهما أصلا مش بيدخلوها كنت وقتها بسأل نفسى فين أمانى وليه مش واقفة بره عشان تنبهنى إن خالتي جاية زى ما اتفقنا أتارى هى اللى ندهت لها كنت تحت تأثير صدمة قوية من صديقة عمرى التى كانت هى الإنسانة الوحيدة التى استأمنتها على سرى بل استعنت بها أن تساعدنى فى مكالمتى مع شرف وأن تقف بجانبى فى لحظات انهيارى وكنت متعشمةأن تصون اتفاقنا بأن تقف أمام باب الحجرة كما وعدتنى وأن تكون هى اليد التى تسترنى من أعينهم ولكنها خانت ثقتى بكل ندالة وحاولت لفت انتباه الجميع إليا بل وطاوعها قلبها أن تقول لخالتى ( أمل بتكلم شرف) كنت استمع لماما وعلى ملامحى نظرات الإستحقار وأنا باصة فى الأرض وبفتكر
شعر (الإسم إنك قريبة)
الإسم إنك قريبة جدعة وبتخاف عليا
لكنك فى الحقيقة أكبر عدو ليا
ده أنا فاتحة ليكى قلبى وقلت على أسرارى
مكنتش فاكرة إنك فى يوم تغدرى بيا
ده أنا كنت فى عز وجعى وقلبى كان مدبوح
جرت عليكى إنتى تخففى الجروح
وكنت فاكرة إنك إنتى إللى حاسة بيا
مش هندم عليكى ولا أقول كانت صديقتى
ولا هثق تانى فيكى ولا أقول
دى زى أختى
عشان مش عايزة أكون ضحية خدعة تانيا
طعنتينى فى ضهرى ومصعبتش عليكى
فكرتك صاحبة جدعة واتخدعت فيكى
كنت عملاكى سندى. اتاريكى ضاحكة عليا
وفى نهاية كلامى بقول لك الوداع
بوصلك سلامى وشكرا على الخداع
شكرا على ثقتى فيكى وميت مليون تحية
وفى نهاية الحديث استحلفتنى أمى إنى
مجيبش سيرة لأمانى إنى عرفت اللى هى عملته وفضلت تقنعنى إن أمانى عملت كده عشان
كانت خايفة عليا لكن فى الحقيقة كانت خايفة على نفسها فى الوقت ده كان موضوع عصام بيقرب أوى لدرجة إنهم
بدأو يتكلموا عن حجز القاعة ولون الفستان
كان الكل فرحان والتليفونات شغالة طول الوقت الكل عمال يبارك لى كانوا فرحانين وطول الوقت
بيقولوا لى هاتى فستان الخطوبة فوشيا برغم إنهم عارفين إنى كنت زمان بقول ( فستان
خطوبتى عايزاه أحمر ) لكن دلوقتي مش قادرين يقولوا لى هاتيه أحمر لأنهم متأكدين إنى
مش هقدر أكرر الفستان الأحمر تانى.. الفستان الأحمر كان حلمى لكن الفستان الفوشيا
مش حلمى لم يدرك أحد ذلك المعنى الكبير سوايا وبعد مرور سبع أيام جات الجمعة أول
جمعة تمر عليا بعد ماعرفت إنه خطب كان وجعها وجع مختلف عن كل جمعة الجمع اللى فاتت
كان وجع إنتظار مجرد إنى كنت بستنى حبيبى ومبيجيش لكنى الجمعة دى أنا بستناه وعارفة
إنه مع واحدة تانية كان نفسى أقول له أمانة عليك متحكلهاش عنى..قول لها كنت خاطب
4بس متحسسنيش إنى من ضمنهم لأنى كنت واثقة
انه لو حكى لها عنى هيطلع فيا نفس العيوب إللى طلعها فى اللى قبلى وهيقول لها إنه
مكنش بيحبنى زى ما قال لى انه محبش إللى قبلى مدبوحة مكسورة هو ده إحساسى إللى كنت
حاساه وأنا بفتكر كل كلمة قالها لى وبقول لنفسى زمانه دلوقتي بيقول لها إحساس بشع
بمعنى الكلمة لما تكون حاجة ملكك وفجأة تلاقيها مع حد تانى ومش من حقك تاخدها
شعر (بحبه ومش من حقى أحبه)
بحبه ومش من حقى أحبه
عشان دلوقتي بقى ملك غيرى
قولوا له إنى مش قصدى يخونها
أنا إللى خانى خط سيرى
ومكنتش أقصد قولوا له إرجع
ما أنا عارفة إنه مبقاش نصيبى
قولوا لها تخلى بالها منه
قولوا لها إنه كان حبيبى
كنت مستلقية على ظهرى داخل غرفتى وانظر لسقف الحجرة والدموع تتسرب من جانب عينى على الوسادة دمعة تلو الآخرى وفجأة وجدتني أرفع الموبايل أمام وجهى وأكتب رسالة لشرف قلت فيها ( لما كانت الجمعة بتيجى قبل ما أعرف إنك خطبت كنت بقول كان زمانه معايا لكن بعد ما عرفت إنك خطبت بقيت أقول زمانه معاها ) أرسلت الرسالة لكن كنت خايفة لأحسن رسالتى ماتوصلش ويكون لسه حاططنى على القائمة السوداء قررت أرن عليه رنة صغيرة عشان أعرف إنه شالنى من القائمة السوداء ولا لأ عشان اتأكد إن الرسالة وصلت وأول ما بدأت أرن سمعت صوت جرس عرفت وقتها إنه شالنى من القايمة السودة واتأكدت إن رسالتى وصلت فعلا وبرغم فرحتى إنه شالنى من القائمة السودة لكن كنت خايفة أتصل بيه لأحسن يحطنى على القايمة السودة تانى أو يقفل موبايله كنت ببعد نفسى عنه عشان مضايقهوش فى نفس الوقت كنت بستنى إتصاله على أمل إن يجى يوم وأوحشه أو يحن يسمع صوتى لكن عدم إتصاله كان بيأكد لى إنه فعلا بيحبها كانت بتيجى الجمعة عليا أحس بنار طول اليوم وأفضل أفكر وأقول زمانه معاها زمانهم خرجين زمانه ماسك إيدها زمانهم بيضحكوا زمانهم بيتمشوا فى الشارع ومش بعيد يكون بيتمشوا فى نفس المكان اللى كنا بنتمشى فيه وبرغم حرقة قلبى كل جمعة لكن كانت بتيجى جمع معينة أقلق عليه من نزول المظاهرات وأفضل أدعى ربنا وأقول يارب خليه يروح لها ومينزلش التحرير يارب هى تخليه يقعد معاها كان المهم عندى إنى أبقى مطمنة عليه حتى لو كان وجوده معاها هيوجعنى بس يكون فى أمان بعيد عن المظاهرات كنت بحسدها وبقول يا بختها كان نفسى أبقى مكانها ولو جمعة واحدة بس إنما فى الحقيقة هى اللى خدت مكانى و أنا أصبحت مجرد شخص بينتظره كل جمعة وبس كنت بنتظره وميجيش وبقيت بنتظره وهو مع غيرى وهنتظره وهو متجوز وكنت أعلم إن زواجه منها قريب ولكنى لا أعرف بموعد زفافه حتى لا تأتى أصعب جمعة كنت ابتسم عندما أتذكره حينما كان يقول : الحب يا أمل عامل زى الطفل الصغير لازم يكبر بين إتنين وللأسف أنا إللى كبرت الحب لوحدى (سنة كاملة) فى الوقت اللى كان هو فيه بيزرع حب جديد و بيخطب غيرى رقم (ستة) وكنت بسأل نفسى أتهرب من ماضيه ولا أتهرب من الحاضر أتعذب من إللى قبلى ولا اتعذب من إللى بعدى .. مرت الأيام وفى ذات ليلة تفاجئت بأمانى تدق باب البيت ولكنى لم أعلم إنها أتيه فتحت الباب بتلقائية وعندما رأيتها تراجعت قدمى إلى الخلف خطوتين ثم نظرت إلى عينيها نظرات خزلان وندم بثقتى العمياء بها مديت يدى لها بالسلام وأنا أشعر داخلى باشمئذاذ شديد من إلتماسى بتلك اليد الخائنة تركتها تسلم على أمى ودخلت أنا إلى حجرة الكمبيوتر وجلست أتصفح النت وفجأة دخلت أمانى وجلست بجانبى على الكمبيوتر وأخذت تتحدث معى وتسألنى عن أخبار عصام قلت لها :كويس كانت تحاول محادثتى وأنا عينى على شاشة الكمبيوتر ولم ألتفت لها فقط استمع وأهز رأسى بكل برود وفى وسط حديثها وجدتها تطلب منى فيديو فرحها وقالت : عايزة أوريكى حاجة فيه تركت لها الماوس وربعت زراعى وأنا ناظرة إلى الشاشة منتظرة الشىء التى تريدنى أن أراه أخذت منى الماوس وفضلت تجرى بعض اللقطات وفجأة توقفت عند لقطة يوجد فيها شرف وهو يقف بجانبى ثم نظرت لى وابتسمت آثار هذا الفعل غضبى ونظرت لها بحرقة وقلت : إيه ده يعنى ؟ إنتى عايزة تضايقنى؟ أنا مش فهماكى ردت بكل براءة وقالت : لا والله العظيم مش قصدى ده أنا اتفاجئت بصورته نسيت إنه كان حاضر الفرح قلت لها ماشى ماشى عايزة تورينى إيه كنت أشعر بسوء نيتها وسواد ضميرها وكنت متأكدة تمام التأكيد إنها متعمدة تورينى صورة شرف عشان تعذبنى خصوصا إنى فى طريقى لخطوبتى من عصام ذهبت أمانى وتركت لى صور فرحها على شاشة الكمبيوتر والتى كانت تحمل صورتى معها وأنا أحتضنها
قصيدة ( بنيتى بإيديكى الحواجز)
بنيتى بإيديكى الحواجز وعملتى بينك وبينك حاجز
وبعد ما كنا شخص واحد بقينا إتنين متفرقين
كنت معاكى وإنتى معايا وسلمتك ثقتى برضايا
عملتى من جرحى مرايا يبصوا فيها المجروحين
فكرتك فعلا أخت ليا وقلت دى بتخاف عليا
أتاريها طلعت تمثيلية وكنتى فيها بشخصيتين
الأولى كانت زى أختى والتانية خزلتنى وخانتنى
برافو كانت تمثيلية تستحق جايزتين
كنت اؤمن دائما بمقولة أن طعنة العدو تدمر الجسد وطعنت الحبيب تدمر القلب ولكنى لم أكن أعلم شيئا عن طعنة الصديق بل لم أعرف ما هى طعنة الصديق إلا اليوم .. اليوم فقط جربت طعنة الصديق على يد صديقة عمرى التى وضعت فيها ثقتى فطعنة الحبيب جربتها مرارا وتكرارا فهو بالفعل طعننى كتيرا الطعنة الأولى حين تركنى والطعنة الثانية حين أحب غيرى وكلاهما طعنات دامية قاتلة.. ولكنى كنت أتوجه بتلك الطعنات إلى عصام وكأننى أنتقم فيه دون ذنب فكنت أجلس كل ليلة على الإنترنت لأكتب على صفحتى منشوراتى القاسية التى كانت تتوجه لقلب عصام كالرصاص فكنت أقول (لماذا اختفيت ..استيقظت من نومى فلم أجدك فراغ كبير تركته من ورائك بحثت عنك فى كل ركن فى حياتى نزلت الشارع أبحث عنك على الطرقات لم يراك أحد سوى قلبى المكلوم الموجوع لم يعد لأكلى طعم لم يعد لشربى طعم ولم يعد لحياتى طعم سوى المرار القاتل الذى اتجرعه كل ليلة وحدى لماذا انسحبت فجأة من حياتى كيف استطعت أن تقول الوداع وقد قلت لك من قبل ما أصعب الوداع ) ( حينما نويت الفراق لماذا لم تسألنى عن رغبتى الأخيرة فكل منساق إلى إعدامه له حق الأمنية الأخيرة) (ما اسوء الأوقات التى تجعلنى فى أشد الحاجة لإنسان خرج من حياتى ولم يعود أبدا ) ( كنت دائما أقول لن يبعدنى عنك سوى الموت فوجدت يدك هى التى تحفر لى قبرى) ( كم أنا بحاجة إليك .. إلى سماع صوتك .. إلى رؤيتك .. والشعور إنك معى من جديد .. كثيرا ما تمنيت أن ألتقى بك ولو دقيقة واحدة أرى فيها ملامحك عن قرب عينيك ابتسامتك فقد ألمنى البعد كثيرا )( أعلم إنك لم تأتى ولكنى أشعر بوجودك دائما ) نعم كنت قاسية عليه بكلماتى الجارحة التى لا استطيع التحكم فيها وهنا تقف أمل أمام المرآة قائلة : أيوه لقيت نفسى بتعامل مع عصام بنفس معاملة شرف ليا برمي له نفس الدبش إللى شرف كام بيرميه لى بجرحه بطلع فيه عيوب بصده مبقدرش رومانسيته . بستهتر بكلامه الحلو إللى بيقوله لى وكأنى أنا وشرف مرايا طبق الأصل .. أخذت منه روحه القاسية ومشاعره الجافة وقلبه الجاحد بقيت اتعامل بيهم مع شخص مالوش أى ذنب غير إنه حبنى بجد زى ما كنت بحب شرف بجد معرفتش أقابل عصام بالحب إللى كان نفسى شرف يقابلنى بيه بل بالعكس كنت قاسية على عصام أكتر من قسوة شرف عليا لدرجة إنى لقيت نفسى بصارحه بمنتهى الجراءة وبقول له بص يا عصام أنا إديت لشرف الحب اللى فى قلبى كله مبقاش فيه جوايا حب عشان أديه لحد تانى
قصيدة ( إيه يعنى )
إيه يعنى لما أكسر قلب مرة
إيه يعنى لما اجرح قلب مرة
ما
أنا بردو إللى حبيتهم جرحونى
إيه يعنى لما أغدر بحد مرة
إيه يعنى أخون الوعد مرة
ما أنا بردو أصحاب الوعود خانونى
إيه يعنى لما أخذل حد مرة
إيه يعنى لما أبيع العشرة مرة
ما أنا بردو إللى كنت شارياهم باعونى
وفى ذات يوم وأنا جالسة على الإنترنت
وجدت مقولة تقول( حمقاء من تركت من يحبها وذهبت لمن تحب ) وغيرها من العبارات التى
تقابلنى كل يوم وكأنها إشارة لتجعلنى أفيق من وهم شرف وأعود إلى عصام الذى يحبنى
ولكنى لا أجيب لتلك العبارات سوى بخروجى من صفحة الفيس بكل هدوء فلم تهزنى
المقولات التى أراها بقدر ما يهزنى شوقى له
فى ذالك الوقت كنت أرى عصام ينشر حزين على صفحته وكأنه يشرب من نفس كأسى
المدموج بالمرار الكأس الذى أشرب منه أنا كل ليلة بدموع الحرمان فكلا منا يشرب من
كأسه ليتجرع مرارة الآخر فأنا اتجرعها من يد شرف فى الوقت الذى يتجرعها عصام من
يدى فكان الحزن مشترك بينى وبين عصام كان كلا منا يحزن على ضياع حبيبه كان يتفقدنى
رغم وجودى معه أما أنا كنت أشعر بوجود شرف رغم غيابه عنى فكلا منا يحزن ولكن الحزن
الحقيقى هو أن أغمض عينى فأرآه وأن أخلو بنفسى فأراه وأن أقف أمام المرآة فأراه وأن
ألمح هداياه فأراه وأن أقرأ رسائله فأراه وعندما أعود إلى واقعى لا أراه هذا هو
الحزن الحقيقى بالنسبة لى أما بالنسبة لعصام فبرغم حزنه إلا انه كان مستمرا فى
محاولاته بأن يجعلنى أحبه لم يستسلم بل ظل فى كل مكالمة يحلف ويقسم بأنه سيعوضنى
وكان مستمرا فى قوله كلمة بحبك التى لم تخلو من كل مكالمة كان حبه لى يضعفنى وكانت
قسوتى عليه تؤلمنى فكان تانيب ضميرى وشعورى بالذنب يجعلنى من وقت لآخر أقول له (
سامحنى متزعلش منى مش عارفة أثق فى حد غصب عنى ) كان يرد بكل براءة ويقول بس أنا
بحبك وبرغم براءته ظليت أرد بكل قسوة وأقول متقولش بحبك مش مصدقاها سمعتها قبل كده
من ناس قبلك قالوا لى بحبك واكتشفت إن عمرهم ما حبونى أعذرنى
قصيدة( الناس إللى قالوا لى بحبك)
الناس إللى قالوا لى بحبك
عمرها ما حبيتنى
والناس اللى قالوا لى مش هسيبك
أول ناس فرقتنى
والناس إللى قالوا معلش
هما الناس اللى دبحتنى
والإيد اللى كانت بتطبطب
نفس الإيد اللى جرحتنى
الناس اللى قالوا لى اشتقنالك
نفس الناس اللى هجرونى
والناس اللى قالوا ثمنى غالى
نفس الناس إللى باعونى
يبقى لما أقول مبحبش حد
أعذرونى
أصل اللى أنا حبتهم زمان
كسرونى
اتعشمت وإديت امان
خذلونى
يبقى إزاى أحبكم
حتى لو كنتم بتحبونى
معلش بقا سامحوني
صراحتى خانتنى
ولا هعرف أحب عشان الحب
ناره كاوتنى
ولا حتى عايزة حد يقول إنه حاببنى
عشان الناس إللى قالتها عمرها ما حبتنى
كانت تمر الأيام وكان يقترب موعد
خطوبتى على عصام وفى ذات يوم تفاجئنا بوالدة عصام تتصل بأمى وتقول إزيك يا أم أمل
كنت عايزة أقول لك حاجة مهمة أنا إبنى الكبير هيأجل فرحه شوية فأنا قلت إيه رأيك نلبس العيال الدبل على الضيق
كده عشان يبقى إسمهم مخطوبين والخطوبة هتتعمل بردو بس لما إبنى الكبير يتجوز ردت
ماما وقالت : والله مش عارفة يا أم عصام إنتى فاجئتينى ردت والدة عصام وقالت : أنا
بقول خير البر عاجله فكرى براحتك خالص وإحنا مع بعض قفلت ماما التليفون وبدأت تقول
لبابا رد بابا وقال : والله صح الست دى عندها حق لازم الناس تعرف بقا ونلبس الدبل
كنت استخبى خلف باب حجرتى واحرك رأسى يمين ويسار.. لا ..لا: وبعد ان إتصلت والدة
عصام بأمى طالبة منها التعجيل بموعد تلبيس الدبل قفلت أمى التليفون وحكت لأبى عن المكالمة فوجدته يقول : والله صح الست
دى عندها حق لازم الناس تعرف بقا ونلبس الدبل كنت استخبى خلف باب حجرتى واحرك رأسى
يمين ويسار ..لا ..لا ..أنها الكلمة التى لا أستطيع أن أواجه أبى بها أنها الكلمة
التى عجز لسانى عنها وعجز صوتى عن نطقها كانت تمر الأيام والخوف بداخلى يزداد من
ذلك القدر القاسى الذى سوف يحكم بموتى فى الغد القريب كان نفسى حد يمد إيده جوايا
ويشيل كمية الوجع نفسى أقف فى مكان فاضى واصرخ وأقول كفايا إللى بتعملوه فيا
قصيدة( نفسى أصرخ )
نفسى أصرخ وأسمع الكون صرختى
نفسى أصرخ وأرفع فى إيدى شكوتى
نفسى كل الناس تسمعنى ويفتحوا لى أبوابهم
نفسى كل الناس تفهمني ويحسوا بيا
بقلوبهم
نفسى همومى وجراحى تبان وتظهر من بره
علشان يشوفوها كل الناس ويدوقوا أحزانى
المرة
نفسى بعلو الصوت انده على كل واحد مش
سامع
أجيبو أحكي له ويسمع قصص أحزان ومواجع
أحكي له عن قصة بطلة حكموا عليها بالإعدام
عاشت وحيدة فى سجن كبير تصرخ وتبكى ورا
القضبان
ولما جه يوم إعدامها ملقتش حد يودعها
الحبل نازل قدامها والحزن باين فى
دموعها
تصرخ وتقول أنا بريئة محدش راضى يسمعها
وراحت المسكينة بلاش والنار بتحرق فى
ضلوعها
فعلا ولما جه يوم إعدامها ملقتش حد يودعها فعلا يوم فراق شرف ملقتش حد يواسينى كان فعلا يوم إعدامى لكن السؤال إللى بسأله لنفسى هو (ما موتنيش بجد ليه عشان أرتاح) كان حكم مع إيقاف التنفيذ حكم إعدام بالبطيئ .. ومرت الأيام كانت زيارتنا لخالتى مستمرة وفى ذات يوم أثناء حضورنا هناك تفاجئنا بوجود عمى طاهر أبو أمانى كان يوم طبيعى جدا وكان يدور حوار عاديا جدا بين أمى وعمى طاهر وخالتى وفجأة وفى وسط حديثهما تفاجئت بعمى طاهر يقول لى : ها عملتوا إيه فى موضوع عصام ..نظرت له ثم لأمى وصمت قليلا ثم نظرت إلى الأرض فتفاجئت بأمى تقول له : أم عصام إتصلت بيا وطلبت منى نلبس دبل كده على الضيق عشان يبقى إسمهم مخطوبين وقالت إن الخطوبة هتتعمل بردو بس دى حاجة مؤقتة عشان بس الناس يعرفوا رد عمى طاهر وقال: والله هى كلامها صح المفروض الناس تعرف فعلا وعشان كمان الواد غلط يدخل ويخرج عليكم كده من غير دبل ردت خالتى وقالت : صح ..رفعت رأسى إلى خالتى فى تعصب وقلت لها : هو إيه إللى صح رد عمى طاهر وقالى: يعنى هو ينفع يا أمل إن عصام يفضل خارج داخل عليكم من غير دبل قلت له: وهو حد قال له تعالى أنا أصلا مش عايزاه يجى . تفاجئت بعمى طاهر يقول لى : أنا عارف إنك مبتحبهوش وعارف إنتى بتحبى مين بس مافيش فايدة من إللى إنتى بتعمليه ده يا أمل .عصام هو العريس المناسب ليكى بصيت له بتعجب وقلت: قصدك بحب مين ؟ قال لى :شرف ..ردت خالتى وقالت : ده خطب رد عمى طاهر وقال: يعنى واحد سابك وخطب متمسكة بيه على إيه عايز أعرف رفعت رأسى والدموع فى عينى وقلت له: ما هو كان معايا إنتم إللى قعدتو تنصحونى اسيبه اهو مشى قبل ما أنا اسيبه
قصيدة ( قدروا يحرمونى منك)
قدروا يحرمونى منك قدروا يبعدونى عنك
لكن لا يمكن يقدروا يخلونى أنساك
قدروا يكسرو قلبى قدروا يهدموا حلمى
حكموا عليا أعيش حياتى على زكراك
قدروا حبيبى يفرقوا بينك وبينى
قدروا حبيبى يبعدوا عينك عن عينى
لكن صدقنى مهما بعدت هفضل شايفاك
بعدونى عنك ومقدروش إن عيونى ليك بيحنوا
ده حتى صوتك يا نور عينى حرمونى منه
طالت المسافة يا حبيبى بينك وبينى
وبرغم بعدك عن عينى هفضل فاكراك
أكملت البطلة حديثها لطاهر إبن خالتها
قائلة : قلتوا لى هيجي لك سيد سيده عصام ده سيد سيده؟ رد طاهر وقال: كنا خايفين
عليكى ردت أمل: خايفين عليا من مين ؟ وإيه ضمنكم إن عصام أحسن من شرف قال طاهر :
عصام باين عليه بيحبك ومحترم وشقته جنب أمك ومش هتلاقى المواصفات دى تانى قالت أمل
: بس أنا مش عايزاه ولا عايزة شقته أنا عايزة شرف رد طاهر: نجيبه لك منين ؟ نرخص
نفسنا ؟ نقولوا تعالى إتجوز بنتنا ؟ هو لو عايزك هيرجعلك وهنا قالت أمل لقيت دموعى
نزلت وقلت له : ما هو مش هيرجع ..مش هيرجع ..وكنت أنهار فى البكاء أمام الجميع
لقيت عمى طاهر قام وقف وشدنى من إيدى وخدنى فى حضنه وبدأ يهدينى وقال لى : والله أمانى
كانت كده بس لما اتخطبت لمحمد نسيت أحمد ده
خالص وبقت تشوفه فى الشارع تلف وشها الناحية التانية فضل يقنعنى إنى مسيرى
هنساه لحد ما جه ميعاد نزولنا وقام نزل معانا عشان يوصلنا وكان طول الطريق عمال
يقنعنى أوافق بتلبيس الدبل قائلا : شرف كبير فى السن عنك بكتير وإنتى صغيرة ومش
هتعرفى تتمتعى بحياتك معاه إنتى محتاجة واحد صغير زى عصام يدلعك قطعت كلامه وقلت له
: أنا عايزة أسألك سؤال إنتم ليه بتختاروا لينا عريس المستقبل وكأننا هنعيش للأبد
مع إن الحياة قصيرة أوى ليه ما نعيشهاش جنب اللى إحنا بنحبهم ده محدش ضامن عمره
..سكت عمى طاهر واتنهد تنهيدة كبيرة وقال : ده نصيب يا أمل ما فيش حد بياخد إللى
هو عايزه قلت له : ليه؟ قال لى: عشان كل واحد بياخد نصيبه صدقينى عسى أن تكرهوا
شيئا وهو خير لكم ثم نظر عمى طاهر إلى السماء وقال شايفه النجمة إللى فوق دى موجودة
بس إحنا مش هنشوفها غير لما نركز فيها إنتى كمان حاولى متركزيش مع الماضى لأنك لو
فضلتى تركزى مش تعرفى تنسى حاولى تنسي لازم تنسى كنت استمع لكلام عمى طاهر وعينى
على النجمة وفجأة تحول المشهد من حولى وأنا أنظر لتلك النجوم وابتسم وشرف يجلس
بجانبى فى الحديقة ويقول بتبصى على إيه قلت له شايف ياشرف النجوم دى أهو أنا بحبك قد
النجوم دى كلها
قصيدة (نسيانك صعب)
نسيانك صعب يا حبيبى عليا أوى
ده فراقك بس عن عينى بيوجع أوى
إزاى نويت تخرج منى
وأنت إللى رد فيا الروح
إزاى رضيت تبعد عنى
ده أنا قلبى فى غيابك مدبوح
شهور غيابك عذبونى
نويت تغيب بالسنين
عايز تسهرنى الليالى
عايز تدوقنى الحنين
والله دقته فى بعادك
وجربت وجع القلب
جربت السهر للصبح
وكأنى عليا ذنب
يحرم عليا الحب بعدك
وقلبى هيفضل رافض يحب
واللى قالوا بكره تنسى لا مش هنسى
عشان يا حبيبى نسيانك صعب
أكمل عمى طاهر حديثه قائلا بتبصى على إيه قلت له مافيش بسمعك قال لى : والله لما تتخطبى لعصام هتنسى إدي له فرصه قربى منه حوالى تحبيه إنتى كده كده مسيرك هتتجوزى بعد سنة بعد عشرة هتتجوزى بس ساعتها هيكون عصام ضاع منك وممكن تقعى فى واحد يكون ساكن بعيد عن أمك لكن عصام جنب أمك والأهم إنه بيحبك إتكلى على الله يا أمل وإلبسوا الدبل ومتنسيش إن أمه المفروض تسيب الشقة اليومين دول عشان تبدأوا تجهزوا فيها ويكون فى علمك أول ماهيبدأوا يشتغلوا فى الشقة مش هينفع ترجعى تقولى لا عشان الست تاخد عفشها بره وتسافر هى وجوزها أخد منى عمى طاهر وعد بأننى لن أقول كلمه لا مرة ثانية وكنت أفكر كيف أوفى بهذا الوعد الثقيل واستسلم لحكم موتى وأوافق عليه برغبتى وأضع رقبتى بنفسى داخل حبل إعدامى
قصيدة ( إزاى أقول حبيبى)
إزاى أقول حبيبى لواحد غير حبيبى
إزاى أروح فرحى وما يكونش فيه حبيبى
إزاى ألبس فستانى وأبص
ألاقى إيدى
فى دراع غير حبيبى
إزاى ألبس الدبلة وأبص ألاقى فيها
إسم غير حبيبى
إزاى بعد الخطوبة أبص ألاقى خطيبى
مش هو ده حبيبى
إزاى أخرج معاه ومش هو ده حبيبى
إزاى أروح مكان كنت فيه أنا وحبيبى
وأروح ملاقيش حبيبى
إزاى أمشى فى شارع كل خطوة فيه
كانت خطوات حبيبى
إزاى أدخل محل مطعم أو حاجة ساقعة
كان قاعد فيه حبيبى وأدخل مافيش حبيبى
إزاى أروح اتفسح وألقى كل الأماكن
فيها ريحة حبيبى
إزاى اقف على البحر وأبص جنب منى
ألاقينى من غير حبيبى
إزاى أفرح وأضحك وحاجة ضايعة منى
كان إسمها حبيبى
إزاى أعيش حياتى وأنا فاقدة أغلى ما فيها
إللى إسمه حبيبى
إزاى أفتح دولابى وأشوف
قدامى طقم
كنت لبساه لحبيبى وألبسه
لغير حبيبى
إزاى أحط ريحة كنت بحط منها
وأنا خارجة مع حبيبى
إزاى أمسك موبايلى وأسجل إسم حبيبى
بواحد غير حبيبى
إزاى أكلم ناس ويكلمونى ناس
ومسمعش صوت حبيبى
إشمعنى بس حبيبى
إزاى أحكى عنه وأنطق بلساني إسمه
من غير ما قول حبيبى
ليه ما قولش حبيبى
إزاى أشوفه صدفة وأبعد عنيا عنه
إزاى ما روحش أسلم ده كان فى يوم خطيبى
كنت فى هذا التوقيت أحلم كل ليلة
بزفافى على عصام وكنت أرى نفسى بالفستان الأحمر وهو متسخ وممزق ووجهى بدون ميكب وأنا
أبحث عن عريسى وسط الزحام فأجد شرف يجلس على ترابيزة فى أخر القاعة وينظر إليا ثم
يذهب ..وفى حلم آخر أرى فستانى الأحمر ملقي على رصيف فى الشارع ومغطي بالتراب وأنا
أشير إليه وأقول للمارة إنه فستان زفافى
قصيدة (فستان الفرح)
فستان الفرح من غير عريس
من غير زفاف من غير فرح
فستان الفرح غطاه التراب
غطاه الحزن واتنزع منه الفرح
فستان الفرح ضاعت منى طرحته
وضاعت منى فرحته واتكسر فى قلبى الفرح
كل اللى جه الفرح واقف ليه حزنان
حتى بوكيه الفرح الورد فيه دبلان
جنازة دى ولا فرح
فستانى ده ولا كفن ؟
مين إللى مات ؟
أنا ولا الذكريات
مين قتلنى ؟مين قتل جوايا الفرح
ومين السبب ؟
مين اللى وجعنى مين إللى جرح
مين إللى حكم عليا بموتى
مين إللى جاب لى فستان الفرح
كنت مستعدة أن أوافق بتحديد موعد تلبيس الدبل ولكنى من جهة أخرى كنت أحاول أن استغيث بجميع أقاربى حتى ينقذونى من ذلك المستنقع النارى البشع الذى سوف ألقى نفسى به دون أن أشعر كنت استغيث ببعض المقريبن منهم عمتى وأسماء بنت خالتى التى كنت أطلب منهم المساعدة بكل ضعف ودموع وكان طلبى لهم غير متوقع .. فكنت أطلب من عمتى إنها تخرجنى وتساعدنى أقابل شرف دون علم أحد ومن جهة اخرى كنت أطلب من أسماء أنها تودينى نادى الصفا إللى شرف بيلعب فيه كورة كل يوم خميس كنت بطلب أشوفه ولو من بعيد من غير ماهو يحس بوجودى فى المكان ولكن كان كلا منهما يرفض طلبى بمنتهى القسوة اعتقادا منهم أنهم خايفين على مصلحتى كانت يدى ممدودة لهم بكل تحايل وإزلال ولكن لم تجد يدى من يساندها الطريق للوصول إلى باب شرف الذى كنت أتمنى أن أقف خارجه واترقبه فقط من بعيد ولكن لم يطاوعنى أحد أن أفعل هذا وفى يوم قررت أن أخبر أمى إننى أحتاج أن اشترى ملابس لكى أستعد لخطوبة عصام فطلبت منها الذهاب لإحدى الشوارع المتفرعة من الهرم وهو الشارع الذى يؤدى إلى نادى الصفا مباشرة وكان هدفى هو أن ألتقى به ولو صدفة وبالفعل ذهبنا وكنت فى أتم الإستعداد لتلك الصدفة المنتظرة ..وفى طريقنا وجدت الكثير من الشباب يمشون بجانبنا وكنت انظر إلى كلا منهم لعلا الصدفة تحدث وأجد شرف من بينهم وفجأة وجدت شخص يقف على بعد خطوات يحمل شنطة رياضة وظهره إليا فكان يشبه ملابس شرف ونفس وقفته من الخلف فإنتابتنى الفرحة ووجدتنى انظر له وأنا ابتسم وأنتظر رؤية وجهه بكل لهفة وفضول وعند ذهابه بدأ يظهر وجهه تدريجيا وفجأة توقفت الإبتسامة على شفتى بعد أن تأكدت إنه ليس شرف
قصيدة ( بشوف يا حبيبى ناس شبهك)
بشوف يا حبيبى ناس شبهك
ويفرح قلبى من جوه
وأول ما تيجى عينى فى عينهم
أبكى وأقول مش هوه
بلمح طيفك من بين الناس
وأمشى ورا الطيف ملقكش
وبيتهيئ لى إنك موجود
وهشوفك لكن مبشوفكش
وساعات بحس إنك واقف
فى مكان بعيد وحدانى
وأول ما أجى أقرب منك
ألاقيك يا حبيبى واحد تانى
كان فى الوقت ده بابا وعصام بيتواصلوا يوميا ببعض عشان يتكلموا فى تجهيز شقة الزوجية إللى هنعيش فيها أنا وعصام أما أنا كنت مقضية أيامى كلها نوم عشان محسش باللى بيحصل حواليا مرت الأيام وفى ذات يوم وأنا نائمة كالعادة فى حجرتى صحيت على صوت عمى طاهر وهو يتحدث مع أبى فى الصالون وكانت الساعة التاسعة مساء .. لم أتوقع مجيئه فى ذالك الوقت خصوصا أنه فى هذه الأيام كنت أسمع إنه مشغول كثيرا فى عمله فكان حضوره غريب.. ظليت فى سريرى أستمع إلى كلامه مع أبى فسمعته يقول لأبى إيه أخبار عصام فرد أبى قائلا: البت مش مدياله فرصة مع إن الواد بيحبها وهى عمالة تتنمرد عليه خليها كده لحد ما تضيعه من إيدها وساعتها ربنا هيرزقها بواحد يديها على دماغها وتعرف قيمة عصام والله لتندم عليه رد عمى طاهر وقال: بس اللى فهمته من أمل إنها مبتحبوش رد بابا : وهى أصلا مدياله فرصة ؟ رد عمى طاهر: عمرها ماهتعرف تحبه طول ما قلبها متعلق بحد تانى رد بابا : حد تانى مين إن شاء الله ؟ رد عمى طاهر: ياعم ما أنت عارف شرف رد بابا : هى لسه بتفكر فيه ؟ طب وحياة أبوه ما هو طايلها لو السما انطبقت على الأرض ويمين بالله لو ده أخر واحد فى الدنيا ما هى متجوزاه رد عمى طاهر : ياعم اهدى رد بابا : وعليا الطلاق بالتلاتة لو جه راكع تحت رجلى ما هو طايلها كنت استمع إلى يمينات أبى وحلفناته التى تهز السبع سموات بأن شرف لم يكن لى وتتساقط دموعى على وسادتى فى صمت وأنا أضمها بيدى إلى صدرى المحترق واتألم فى الخفاء دون أن يشعر بى أحد كان بأمكانى أن أخرج من حجرتى واكشف دموعى للجميع واتوسل لأبى ولكن كنت أعلم أن دموعى لن تهزه ولن تراجعه عن قراره فكنت أشعر بغضبه فى نبرات صوته التى كنت أسد أذنى عن سماعها إنها نبرات قوية قاسية وكان قرار رفضه لشرف قرار حاسم وفجأة دخلت أمى الحجرة وقالت : إنتى صاحية يا امل رديت بصوت منخفض: أيوه يا ماما صاحية قالت لى : طب ما تقومى تسلمى على عمك طاهر قلت لها :حاضر قايمة ..كانت دموعى مختبئة بظلام الحجرة فلم تراها أمى ولكنى كنت على يقين إنها تشعر بحزن صوتى خرجت أمى من الحجرة وقمت أنا أستعد لمقابلة عمى طاهر ثم خرجت لإستقباله سلمت عليه وجلست جهزت أمى الطعام وجلسنا نتعشى وفجأة لقيت عمى طاهر بيقول لى: عاملة إيه مع عصام نظرت له وقلت كويسين . رد بابا وقال : كويسين؟ هو إنتى أصلا بتكلميه ؟ إسألها كده يا طاهر أخر مرة كلمته إمتى ؟ رد عمى طاهر : أخر مرة كلمتيه إمتى يا أمل قلت له : من حوالى خمس أيام مش فاكرة .. رد بابا وقال : الواد بكلمه النهارده الصبح لقيته تعبان و بيقول لى رايح المستشفى بالليل والهانم ولا سائلة فى أمه وهى لما كانت تعبانة كان كل شوية يتصل عشان يطمن عليها فضل بابا يلوم فيا ويأنبنى لحد ما خلصنا آكل وبعد ما شيلنا الأكل وقاعدين نشرب الشاى لقيت بابا بيقول لى : خلى عندك دم وإتصلى بيه قلت له: مش معايا رصيد قال لى: خدى موبايلى أهو ولقيته بيرن رقم عصام خدت الموبايل من بابا لقيت عصام بيقول ألو كان صوته واطى جدا وواضح إنه تعبان بجد قلت له : إزيك قالى كويس قلت له: مالك ؟ قال لى : تعبان شويه ورايح للدكتور دلوقتي قلت له : ألف سلامه عليك قال لى : الله يسلمك . مكنتش قلقانة عليه زى ما كان قلقان عليا لما تعبت مكنتش حاسة إنى خايفة عليه زى ماكان خايف عليا قفلت معاه . لقيت بابا بيقول لى: إيه ؟ قلت له : مافيش بيقول رايح للدكتور قال لى: شوفتى صوته عامل إزاى وإنتى ولا بتسألى فيه رد عمى طاهر وقال لبابا : إدخل إنت بس أقعد على الكمبيوتر وسيبنا شوية لوحدنا خدنى عمى طاهر أنا وماما ووقفنا في البلاكونة وسألنا :فين بلاكونة عصام شاورت ماما وقالت : اللى هناك دى رد عمى طاهر و قال لى: ده إنتى هتبقى قريبة أوى من إمك يا هبلة قلت له : قريبة من أمى بس مش هبقى سعيدة معاه قال لى: وإنتى مش مدياله فرصة يا أمل قلت له : أديله فرصة إزاى يعنى رد عمى طاهر : يعنى مثلا لما يجي لك المرة الجاية خديه وادخلى البلاكونة واقفو مع بعض هنا واتكلموا قلت له :مستحيل ده مكان شرف لقيت عمى طاهر وماما بيبصوا لى بإستغراب قلت لهم : إزاى اقف مع عصام فى المكان اللى كنت بقف فيه مع شرف ده أنا لحد النهارده مبقدرش أقف فى البلاكونة لوحدى يبقى إزاى أقف فيها مع واحد تانى محدش فيهم كان فاهمنى كانوا بيبصوا لبعض وفاكرينى مجنونة محدش فيهم كان حاسس بمدى صعوبة الطلب إللى بيطلبوه منى .. مشى عمى طاهر وكان أخر كلمه قالها لى وهو ماشى ( مافيش فايدة) وبعد ذهاب عمى طاهر بربع ساعة تفاجئت برقم غريب يرن على موبايلى فأصابنى التعصب وأخذت أزعق بصوت مرتفع وأقول مش وقت معاكسات وزفت ثم أخذت الموبايل واعطيته لأبى وأنا فى قمة عصبيتى وقلت له خد رد أنت أنا مش عايزة أكلم حد .. رد أبى على الرقم الغريب وفضل يقول : ألو ألو وقفل و قال لى: محدش بيرد قلت له : خلاص سيبه تلاقيه واحد بيستظرف ظليت طوال الوقت فى تعصب وكان غضبى يسيطر على نومى مما جعلنى ساهرة طوال الليل حتى طلوع الشمس نزل أبى إلى شغله ودخلت أنا إلى حجرة الكمبيوتر الذى كان يجلس عليه أخى الساهر أيضا جلست بجانبه وظليت أستمع إلى الأغانى التى كان يسمعها وبمرور الساعات استلقيت على ظهرى على السرير وظليت مستمرة في سماع الأغانى. وفجأة وجدت صوت رسالة ترن على هاتفى . مسكت الموبايل وفتحت الرسالة فوجدت مكتوب فيها ( أغنية أنت ماصدقت جميلة أوى ) تعجبت كثيرا من تلك الرسالة خصوصا إن أغنية أنت ماصدقت هى الأغنية المفضلة بالنسبة لى والأغرب من ذلك هو أن الرسالة مبعوتة من نفس الرقم الغريب اللى إتصل بيا إمبارح مما أثار فضولى بأن أعرف من هذا الشخص صاحب هذا الرقم كنت أود أن أتصل به فورا ولكن وجود أخى بجانبى منعنى وبعد مرور نصف ساعة ذهب أخى لينام وتركني لوحدى فى الغرفة وبعد ذهابه بدقائق قمت أنا وأغلقت باب الحجرة وأمسكت الموبايل وأنا متشوقة بأن أعرف من هذا الشخص المجهول ولكن عند إتصالى به وجدت موبايله مغلق مما جعل الفضول يزداد بداخلى ولكنى لم أملك شىء سوى أن أضع الموبايل أمامى فقط وأنظر له فى حيرة ثم بمرور الوقت بدأت اندمج فى الكمبيوتر ومرت حوالى ساعة.. وفجأة وجدت رقم الشخص المجهول يرن أمامى مسكت الموبايل فى لهفة وفتحت الخط . وما بى إلا وأن اسمع نبرات صوت شرف يهمس (ألو) لم استطيع إلتقاط أنفاسى .قلت له بصوت منخفض مين معايا ؟كنت أريد أن أعرف مين هذا الرقم المجهول صاحب هذه الرسالة وعند تواجدي لوحدى فى الغرفة وجدت رقم الشخص المجهول يرن. مسكت الموبايل فى لهفة وفتحت الخط وما بى إلا وأن أسمع نبرات صوت شرف يهمس (ألو) لم أستطيع إلتقاط أنفاسى قلت له بصوت منخفض مين معايا ؟ رد قائلا: أنا شرف يا أمل .لم أصدق سمعى فوجدت نفسى أقول : شرف؟ أنا مش مصدقاك وكانت الدموع تنزل من عينى من قوة المفاجئة قال لى :والله أنا شرف ..وقتها فقط تذكرت أغنيه أنت ماصدقت كنت بغنيها لشرف فى البلاكونة وكان مسجلها بصوتى على موبايله فوجدته يسألني إنتى اتخطبتى ولا لسه يا أمل ؟ ابتسمت والدموع فى عينى وقلت: أنا ؟أنا عمرى ما أتخطب لحد بعدك ياشرف تحرم على إيدى أى دبلة إنت مش عارف أنت بالنسبة لى إيه أنت مش مجرد خطيب وفركشنا أنت كنت مصدر الحياة والسعادة والأمان ولما بعدت عنى خدت من حياتى كل حاجة حلوة ومشيت أنا بحبك أوى يا شرف اتفاجئت بيه بيقول لى : وأنا بحبك يا أمل وكانت المفاجئة الأكبر إنى لقيته بيقول لى أنا سيبت خطيبتى عشانك ومش هسيبك أبدا لأول مرة أعرف يعنى إيه دموع الفرحة أكمل شرف حديثه قائلا : أنا عرفت قيمتك بجد وعرفت الفرق بينك وبين كل إللى قبلك هما كانوا بيحبونى عشان طمعانين فيا وإللى كنت خاطبها الأخيرة كانت طمعانة فيا زيهم لكن إنتى الوحيدة إللى حبتينى من غير طمع إنتى إللى حبتينى بجد من قلبك من غير أى سبب أنا بجد عرفت قميتك مكنتش عارفة أرد من كتر الدموع إللى نازلة من عنيا وأنا مبتسمة وبسمعه بكل شغف وعطش لكلامه الحلو إللى إتحرمت منه سنة كاملة قال لى : على فكرة لما إتصلت بيكى إمبارح كنت متوقع إنك هتدى الموبايل لأبوكى ضحكت وقلت له مكنتش أعرف إن أنت إللى بتتصل قال لى ما أنا عارفك وحافظك وكنت متأكد إنك هتدي له الفون عشان كده ما إتصلتش تانى قلت له : طب وأغنية أنت ما صدقت جبتها منين بقا ؟ قال لى إنتى ناسية إنك كنتي بتغنيها لى فى البلاكونة وأنا سجلتها يومها على تليفونى ضحكت وقلت له : لا مش ناسية.. أول مرة أحس إنى بضحك من قلبى إنتهى الوقت سريعا وفى نهاية المكالمة لقيته بيقول لى : إكتبى الرقم إللى بكلمك منه ده فى ورقة وملانى رقم تانى وقال لى: دى أرقامى لما تعوزينى إتصلى بيا وأنا مش هرن عليكى عشان أبوكى ومتنسيش تمسحى الرسالة أول مرة أحس بخوفه عليا بعد سنة كاملة ورجع الأمان لقلبى من جديد . قفلت معاه وأنا فى قمة السعادة فضلت أبوس الموبايل وأعيط وأبص لرقمه و فجأة لقيت نفسى بجرى على الكمبيوتر وبفتح صور الخطوبة وقعدت قدامها ووشى مبتسم ومديت إيدى ولمست وشه وقلت له: أخيرا سمعت صوتك وقمت بلهفة جبت ورقه وقلم ونقلت الأرقام فى ورقة ومسحت الرقم والرسالة من على الموبايل خبيت الورقة إللى فيها الأرقام فى حضنى وفتحت باب الأوضة . وأول حاجة عملتها إنى دخلت اتوضيت وطلعت فردت المصلية وفضلت أصلى وأنا وشى بيضحك كنت بصلى بحرارة وكأنى مشتاقة أقف بين إيد ربنا عشان أقول له شرف رجع مشتاقة أشكره إنه إستجاب لدعوتى إللى كنت بدعيها كل ليلة قبل ما أنام كنت بركع فى الأرض وأنا بعيط بحرقة وبقول ألف حمد وشكر ليك يارب كنت بحمد ربنا بكل ما فيا من خشوع وببوس الأرض ودموعى نازلة على المصلية .أول مرة أصلى بالطريقة دى . فضلت أصلى أكتر من 50 ركعة شكر لله من الساعة 10 لحد الساعة 12 لم أشعر بالوقت .. لم أشعر سوى بالفرحة وكأنى طايرة بين إيد ربنا مش حاسة إنى تعبت وكانت ركعتى طويلة وأنا واضعة رأسى على الأرض فى كل سجدة أسجدها شكر لله عز وجل . وفى ركعتى الأخيرة تفاجئت بدخول أبى من باب البيت ولكنه لم يرانى لأن الشقة كانت ظلام لم يدخلها سوى شعاع بسيط من الشمس وأخى وأمى نائمين إنتهيت من الصلاة ودخلت إلى سريرى قبل أن يرانى أبى ويسألنى عن سبب صحيانى إلى هذا التوقيت خصوصا أنه شافنى سهرانة للصبح وهيعرف إنى ما نمتش من إمبارح دخلت إلى حجرتى وخلدت إلى النوم سريعا وكانت أول مرة أشعر فيها لذة النوم ومتعته ظليت نائمة لوقت طويل وكلما كنت أفتح عينى أجد وجهى مبتسم ثم أعود إلى النوم مجددا مرت الأيام وكنت كل يوم أغلق باب حجرتى وأحدثه بالساعات وكان عصام هو حجتى إذا سألنى أحد بتكلمى مين أتصل بعصام فورا كى أظهر لهم إننى أحآدث عصام استمريت على هذا الحال أسابيع وكنت أفكر كيف لى أن أتخلص من عصام وهو حجتى الوحيدة التى تجعلنى أغلق الباب وأحادث شرف بحرية دون خوف . وإذا تخلصت من عصام سيأخذ موبايلى الذى إشتراه لى وسأصبح أنا بدون وسيلة تواصل للإتصال بشرف وإذا أخذت من أبى تليفونى القديم فلن أستطيع محادثة شرف بتلك الحرية التى أحدثه بها الأن. فلم أتمكن من غلق باب غرفتى وستكون الأنظار حولى من كل إتجاه أما الأن معى كل الحرية فإذا خسرت عصام سوف أخسر حريتى وأخسر شرف أيضا .فكان موقفى صعب للغاية . وكان حديثى مع شرف بتلك الساعات الطويلة يصعب عليا رفضى لعصام فكيف أرفضه وأنا فى ذات الوقت أقنعهم بأنى كل هذه الساعات الطويلة أحادث عصام . ومن جانب آخر لا أعرف ماذا يحدث إذا إتصلت والدة عصام كى تحدث أمى عن موضوع تلبيس الدبل كما قالت لها سابقا . وماذا أفعل إذا إتصل والد عصام بأبى كى يحدد معه اليوم وماذا يحدث إذا رفضت وكيف يكون مصيرى مع شرف كنت فى مأزق ولكنى قررت أن أترك كل هذه الصعاب على الله وأترك مصيرى إلى أوانه وكنت أحاول أن أستمتع بكل لحظة مع شرف قبل أن يأتى هذا الأوان المجهول استمرت مكالمتنا ومن ضمن هذا المكالمات رن شرف ذات ليلة أنا : ألو ..شرف : وحشتيني إبتسمت ثم قلت وإنت كمان وحشتني أوى فوق ما تتخيل رد شرف : إيه إللى وحشك فيا ؟ قلت : كل حاجة فيك وحشانى . رد شرف : زى إيه . قلت له : يعنى كل حاجة فيك إبتسم شرف وقال ما أنا بردو مش فاهم زى إيه يعنى إنتى مثلا وحشنى فيكى نظرت عنيكى . لمست إيديكى . الوقفة معاكى فى البلاكونة . ضحكت ثم سكت قليلا أكمل شرف حديثه وقال : إنتى عارفة لو إنتى قدامى دلوقتى كنت خدتك فى حضنى وأفضل ألف بيكى . فضلت ساكتة وبسمعه وأنا مبتسمة وفرحانة بكل كلمة بيقولها .رد شرف : مستغربة ليه يا أمل ؟قلت له : أول مرة أسمع منك الكلام الحلو ده .قال لى: إنتى إللى كنتى منعاه قلت له : أنا ؟ قال لى : أيوه كنت هقولك إزاى كلام حلو فى المشاكل إللى كانت بتحصل .قلت فى سرى :مش عايزة أفتكر .عايزة أنسى كل إللى فات وأبدأ معاك قصتى من أول وجديد .. وحين تنبهت وجدت شرف يقول: إنتى كنتى بتعملى إيه قبل ما أكلمك .قلت له: كنت بكتب .قال لى : لسه بتكتبى؟ قلت له : أنا كل ما بكتب بحس إنى معاك .قال لى : هانت قريب أوى . إبتسمت وقلت له : قصدك إيه؟ قال لى : هانت خلال إسبوع أو أسبوعين بالكتير و كل حاجة هتبقى تمام .ما كنتش مصدقة نفسى من الفرحة معقول حلم حياتى هيتحقق وشرف هيخطبنى تانى كنت حاسة إنى تحت تأثير المفاجئة مش قادرة استوعب إللى بيقوله .كنت بسمعه وحاسة إنى بحلم نفس إحساسى فى كل مرة بكلمه فيها بكون مش مصدقة إن ده رقمه إنى بكلمه فعلا . دايما بحس إنه مش بجد وإنى متهيئ لى وفعلا مش هصدق إن ده شرف إلا لما اشوفه قدامى فجأة تنبهت على صوت شرف وهو يقول : مالك ساكتة ليه قلت له خايفة تكون وهم خايفة يكون متهيئ لى إنى بكلمك وأنك مش حقيقى. ضحك شرف و قال لى : طب أخليكى تصدقى إزاى ؟ قلت له : مش هصدق غير لما اشوفك قدامى .تفاجئت بيه بيقول لى : طب إيه رأيك تقابلينى ؟ قلت له: أقابلك ؟بجد ؟ بس إزاى أنا مش متعودة ومش هعرف قطع شرف حديثى وقال: عارف عارف إنك مقفول عليكى وإنك مبتعرفيش تخرجى ابتسمت وقلت له : يعنى تخيل أنت خطيبى إللى كنت بخرج معاك فى النور ودلوقتي عايزين نتقابل من وراهم كأنك واحد غريب .قال لى معلش هانت الوضع ده مش هيستمر كتير وهخطبك وهنرجع نتقابل فى النور تانى زى الأول قلت له يبقى كده هنشوف بعض من بعيد لبعيد قال لى موافق .لقيت نفسى بحدد الميعاد وبقول له : يوم الخميس هروح مع ماما وخالتى المستشفى عشان ماما تعبانة وصفت له عنوان المستشفى وحددنا الساعة الثامنة مساء وفى صباح يوم الخميس قمت من النوم متلهفة وبدأت فى تجهيز ملابسى فتحت دولابى وقررت ألبس الطقم البنى إللى كان شرف بيحبه والذى حرمت نفسى من ارتدائه طوال سنة كاملة مما لفت إنتباه أمى وآثار دهشتها قائلة : يعنى لبستى الطقم البنى ؟ رديت عليها وأنا مبتسمة وقلت : أصل الطقم ده وحشني .. كنت بتزوق بفرحة أول مرة اشوف نفسى جميلة أول مرة أقف قدام مرايا وأشوف أمل خطيبة شرف مش خطيبة عصام نزلت مع ماما وقابلنا خالتى وركبنا عربية لحد المستشفى وعند وصولنا أمام المستشفى بدأ قلبى يدق نبضات سريعة وأخذت عينى تبحث فى اليمين وفى اليسار عن نورها الذى غاب عنها سنة كاملة . أول مره أحس بكمية اللهفة اللى كنت حساها وأنا بدور عليه بعنيه وسط الناس زى الطفلة إللى تايهة من أمها .فضلت أدور بين وجوه الناس على وجه حبيبى الذى طال إنتظارى لرؤيته وفجأة ظهر شرف أمامى من بعيد وتلاقت عينى بعينه ولأول مرة بعد سنة كاملة . ابتسمت وأخدت تنهيدة طويلة تحمل كلمة آه بصوت منخفض وكانت الدموع تقف على جفونى من شدة فرحتى برؤيته لا أستطيع أن أصف هذا الشعور من لهفة ووجع ورغبة فى البكاء كان موقف صعب جدا إنى أشوف شرف قدام عنيا بعد سنة كاملة بعد عذاب وألم ووجع وحرمان وإنتظار آلاقيه واقف قدام عينيه بالسهولة دى من غير ما أجرى علي حضنه وأقول له وحشتنى من غير حتى ما أمد إيدى وأسلم عليه كان نفسى اشتكي له من العذاب إللى عشته طول السنة اشتكي له من الجرح إللى دمر قلبى فى غيابه بس إزاى اشتكي له وهو نفسه الإنسان إللى جرحنى وسابنى كنت أتوجه نحو باب المستشفى بالخطوة البطيئة وعيونى عليه لم أريد الدخول فكانت قدمى تخطو خطوة إلى الأمام ثم تتوقف قليلا.. ولكن أمى وخالتى كانوا يستعجلو دخولى كى نحجز دورنا فى الكشف وسرعان ما وجدت قدمى قد تقدمت خطوات إلى الداخل حتى أصبحت لا أتمكن من رؤيته .. دخلت المستشفى مع ماما وخالتى وأنا فى قمة لوعتى وإشتياقى لم تشبع عينى من رؤيته لم أكتفى بهذا الوقت القصير أريد أن أظل واقفة أمامه طوال حياتى لم أكتفى لم أكتفى وعند صعودى الدور الأول نظرت إليه من أعلى المبنى ولم أجده . كنت أنظر إليه من كل دور أصعد إليه ولكنه إختفى تماما من الشارع .. دخلت مع أمى وخالتى كالمسجونة بقيود حديدية أريد أن أنزع يدى من يدهم وأجرى إلى الخارج وألقى نفسى فى أحضانه ولكنى فى الواقع لا أستطيع فعل هذا فلا أملك سوى أن أجلس على كراسى الإنتظار داخل طرقة طويلة وبداخلى أصوات السيارات مع مشهد وقوفه أمامى وهو يبتسم من بعيد ظل طوال الوقت فى مخيلتى وقفته ونظرته التى لا أعلم هل تتكرر مرة ثانية أم أنها المرة الأخيرة .. لم يغيب عن بالى لحظة طوال فترة وجودى داخل المستشفى حتى انتهت أمى من الكشف وكان موعد ذهابنا خرجنا من المستشفى وعند مرورى من الباب وجدت وجهى يلتفت بكل لهفة إلى المكان الذى كان يقف فيه شرف رغم مرور وقت طويل داخل المستشفى ورغم أن الوقت متأخر ولكنى لم أفقد الأمل إنه مازال واقفا مكانه ولم يذهب فكنت أقف بجوار باب المستشفى على أمل أن أراه قبل ذهابى ولكنى كنت أرى الشارع فاضى وظلام ..وفجأة وجدت خالتى تقول لماما : تعالى نشترى فطير من المحل إللى على أول الشارع مما جعلنا نمشى نحو الإتجاه الذى كان يقف فيه شرف . كنت اقترب من مكان وقوفه وفى قلبى حزن شديد يالها من لحظة صعبة وأنا أرى مكانه عن قرب ولكنه فاضى كنت أريد أن ألم تراب قدميه بين يدى وأضمه إلى صدرى كنت أشم رائحته فى أنفاسي وأنا أخطو على بصمات خطواته بقدمى وفى ظل ذهابى تنبهت أن هذا المكان هو نفس المكان الذى إلتقيت بشرف فيه أول مرة حين طلب يدى من أمى وقالت له بنتى مخطوبة وأثناء ذهابى فى هذا الشارع إفتكرت لما كان ماشى ورايا فى أول مرة شوفته فيها ولقيت نفسى بدور عليه فى نفس الأماكن كأنه لسه واقف من يوميها كنت بدور عليه وأنا بأتمنى إنى أقابله تانى ويمشى ورايا من جديد مرت الأيام وبرغم حرمانى من رؤيته ولكنى كنت سعيدة باللحظات التى أسمع فيها صوته وكانت هذه اللحظات بالنسبة لى كلحظات التنفس التى أعيش بها . كلحظات ضخ الدم فى عروقى . كلحظات دق النبض داخل قلبى وكنت أعيش بهذه اللحظات فقط التى لا أتخيل حياتى من دونها إستمرت المكالمات التلفونية يوميا و فى ذات يوم تفاجئت بشرف يقول أثناء مكالمته : على فكرة اليوم إللى جيت لك فيه عند المستشفى كانت والدتى عارفة إنى جاى أشوفك وكانت ماشية ورايا بشوية قلت له فى دهشة :يعنى هى عارفة إننا بنكلم بعض؟ قال لى : أيوه عارفة وعايزة تكلم أمك كمان كنت فى قمة الفرحة وأنا أسمع منه هذا الخبر ولكنى صمت قليلا وقلت له :بس ماما ما تعرفش إنى بكلمك قال لى :لازم تقولى لها يا أمل أومال أمى هتكلمها إزاى لازم تقولى لها الأول . وترك شرف الكورة فى ملعبى كما يقولون ولكنى لا أعرف هل سأصيب هدف أم أصيب نفسى . كنت أفكر فى كلامه ليل نهار .لم أنام ولا أرتاح وكنت دائما فى خوف كيف أبدأ لهم وماذا أقول وما رد فعلهم كنت أخشى أن أخسره لأنى أعلم جيدا أن خسارته هذه المرة ستكون دون رجعة . كنت أخشى كثيرا أن أفقده وكنت على يقين أن إعترافى لهم سيفرقنا للأبد عاد الحزن إلى قلبى من جديد وكان ذلك الحزن يظهر إلى أمى دون أن أشعر بنفسى . وفى ذات ليلة وأنا جالسة مع أمى أمام التليفزيون جاء فى إحدى القنوات أماكن للهرم والقلعة أنها الأماكن التى زرتها مع شرف أيام الخطوبة ظليت أنظر للتلفاز فى حزن وفى يدى كوب القهوة ارتشف منه القليل وعينى دامعة وأنا أشاهد الأماكن كانت أمى تعلم أن هذه الأماكن تذكرنى بشرف مما جعلها تقول إنتى ليه بتعذبى نفسك كده وبتعذبينى معاكى . بتحسسينى بالذنب ليه حرام عليكى . نظرت لها وقلت : ذنب؟ قالت لى : أيوه بتحسسينا إن إحنا السبب فى فركشة الخطوبة بس ربنا عالم إننا خايفين عليكى وهو لو بيحبك كان رجع لك . لقيت نفسى بقاطعها وبقول لها: طب لو رجع هتوافقى ؟ قالت لى: يرجع إزاى وهو خاطب ؟ قلت لها : ردى بس عليا لو رجع هتوافقى؟ قالت لى: لو كان رجع والله لكنت وافقت أحسن من العذاب إللى إنتى فيه ده .قلت لها: بجد . بصت لى بإستغراب وقالت : فى إيه يا بت هو كلمك ولا إيه ؟ إبتسمت ولقيت نفسى بدأت أحكي لها كل شىء من ساعة ما بعت لى الرسالة إللى قال لى فيها( أغنية أنت ماصدقت ) لحد يوم ما شافته قدام المستشفى كنت شايفة الفرحة فى دموعها وهى بتسمعنى وفى الأخر لقيتها بتحضنى وتعيط وتقول لى: يا جزمة ليه ما قلتليش كنت أنا كمان بعيط فى حضنها وبقول لها : كنت خايفة . لقيتها بتقول لى : طب وهو ما كلمنيش ليه ؟ قلت لها: ما هو أمه عايزة تكلمك قالت لى: هى أمه عارفة ؟ قلت لها: أيوه وهو قال لى أقول لكم وأهو إنتى عرفتى خلاص لكن الخوف بقا من بابا قالت لى: أوعى تقولي له ده لو عرف هيبهدل الدنيا قلت لها: طب وهنعرفه إزاى؟ قالت لى: الحل الوحيد إن أم شرف تكلمنى وبعدها أنا هقنع أبوكى بمعرفتى . كنت فرحانة أوى وتانى يوم الصبح كلمت شرف وقلت له إن ماما عرفت وطلبت منه أن أمه تكلمها حسب إتفاقنا .لكن لقيته بيقول لى: استنى يومين كده . على أد ما كنت مستغربة ليه استنى يومين؟ على أد ما كنت مستعجلة ومبسوطة إن ماما عرفت وإن موضوعنا خلاص قرب يتم.. ومن كتر إنبساطى كان نفسى اشوفه تانى وكانت فرصتى الوحيدة إنى اشوفه فى ميعاد الإستشارة عند المستشفى زى المرة اللى فاتت وفعلا اتصلت بشرف عشان أقول له على ميعاد الإستشارة لكن تفاجئت بيه بتقول لى: مش عارف إيه ظروفى .وبرغم استغرابى للمرة التانية لكنى كنت على يقين إنه سيأتى فى الموعد .ظلت تمر الأيام وقبل نزولى المستشفى بساعات اتصلت بيه كى اؤكد عليه الموعد ولكنه مازال على موقفه قائلا: قلت لك يا أمل مش عارف إيه ظروفى . بدأت أشعر من رده بعدم اشتياقه لى بل كنت أشعر بعدم رغبته فى المقابلة ولكنى كنت أتمنى يكون شكى فى غير محله وقررت أن لا أستسلم لهذا الشعور المخيف وظليت على يقين إنه سيأتى . وعند الموعد نزلت انا وماما وخالتى وكانت امى تشعر بتوترى . وقبل ذهابنا إلى المستشفى تفاجئنا بخالتى تقول: تعالوا معايا الأول نروح العيادة إللى جنبنا عشان أستلم الأشعة على بال ما دورنا يجى فى المستشفى . وبالفعل روحنا العيادة وقبل ما ندخل لقيت ماما بتقول لى : خليكى إنتى بره إتصلى بشرف شوفيه فين ليكون سبقك على المستشفى وبعدها دخلت أمى هى خالتى يستلموا الأشعة . أما أنا فضلت واقفة بره وبدأت أتصل بشرف على أمل إنه يكون مستنينى عند المستشفى . وعند إتصالى به رد وقال لى: أيوه يا أمل .قلت له : أنت فين ؟ قال لى: أنا فى مشوار ..وكانت هى صدمتى .. قلت له : أنت مش هتيجى عند المستشفى .قال لى : مش عارف يا أمل والله .قلت له: طب وهترجع من المشوار إمتى؟ قال لى: كمان نص ساعة أو ساعة .قلت له : طب أنا دلوقتى عند العيادة إللى بعد المستشفى لما أخلص ونروح المستشفى تكون أنت خلصت المشوار؟ قال لى: مش عارف لو خلصت المشوار بدرى هرن عليكى .ابتسمت وقلت له : ماشى وأنا أول ما أوصل المستشفى هرن عليك بس انت حاول تخلص مشوارك بسرعه عشان اشوفك قبل مدخل المستشفى.قال لى : ماشى نص ساعة مش هتأخر ..عاد الأمل إلى قلبى المتلهف ودخلت إلى أمى العيادة وأنا مبتسمة وقلت لها :شرف فى مشوار وهيروح على المستشفى بعد نص ساعة وظليت طوال الوقت أنظر إلى ساعتى حتى استلمت خالتى الأشعة وذهبنا ..ركبنا السيارة وفى طريقنا إلى المستشفى كتبت رسالة لشرف قلت فيها( أنا فى طريقى للمستشفى متتأخرش) ولكنى لم أجد رد . وعند وصولنا المستشفى انتهت النصف ساعة ودق موعده . أخذت أبحث عنه ولم أجده.دخلت ماما وخالتى المستشفى أما أنا لم أشعر بدخولهم فقد كنت منشغلة بالبحث عنه وفى يدى الموبايل أحاول الإتصال به وهو لم يرد كررت الإتصال مرتين وثلاثة حتى وصلت مكالماتى له ل 7مكالمات لم يستجيب لها شرف .وفجأة تنبهت أن أمى وخالتى قد دخلوا وتركونى فاضطريت إلى الدخول ورائهم ولكن اثناء دخولى كنت أنظر إلى الشارع وأنا مستمرة فى الإتصال لكن مافيش فايدة .دخلت أمى إلى حجرة الكشف وأنا جالسة أنتظرها بالخارج مستمرة فى إتصالى به خايفة نمشى قبل ما يجى فضلت مستمرة فى الإتصال وفجأة لقيته قفل الموبايل . رنيت على الرقم التانى وبعد رنات طويلة لقيته بيكنسل وفضل يكنسل لحد ما اتفاجئت إن الخط ده كمان اتقفل ساعتها حسيت بصدمة وبقيت أقول فى سرى: معقولة مش عايز يشوفنى ؟معقولة يكون بيتهرب منى؟ كان جوايا قلق رهيب والخوف باين على وشى لحد ما لقيت ماما خلصت ومشينا. خرجنا من المستشفى وركبنا تاكسى ..كنت بطمن نفسى طول الطريق وأقول: ده قال لى إن أمه هتكلم ماما يبقى بيحبنى وعايزنى بس يمكن مشغول النهارده وعند وصولى البيت بعت له رسالة قلت له فيها( أنا وصلت البيت) كنت حزينة إنى ا مشفتوش لأن الإستشارة كانت هى الفرصة الوحيدة إللى أقدر اشوفه من خلالها وبعدها مش هعرف أخرج تانى . لكن شرف معرفش يستغل الفرصة واستهان بأنسب وقت كان ممكن نشوف بعض فيه . كان نفسى أعرف السبب إللى خلاه ميجيش لكن معرفتش أكلمه لأنى لما وصلنا البيت لقيت بابا موجود ومكنش ينفع أتصل بشرف فى وجود بابا . تانى يوم الصبح بعد نزول بابا الشغل إتصلت بشرف. لقيته بيرد عليا عادى جدا : إزيك يا أمل ..قلت له :كده ياشرف مجيتش تشوفنى ؟ قال لى: معلش كنت فى مشوار وقايل لك إنى معرفش ظروفى . قلت له : طب مكنتش بترد على الموبايل ليه ؟ قال لى:وآلله ما كنت سامعه كانت الدنيا زحمة قلت له طب إزاى الموبايل اتقفل بعدها ؟ قال لى : أكيد شبكة .قلت له : والخط التانى لما رنيت عليه كنت بتكنسل يعنى سامعه .قال لى :والله الخط التانى كان مع أمى وأنا قايل لها متردش على حد .. كنت قلقانة من تبريراته ولكنى أكملت حديثى له قائلة: طب ولما خلصت المشوار مرنتش عليا ليه زى ما قلت لى .قال لى: ما أنا لما خلصت لقيت رسالة منك إنك روحتى البيت هرن عليكى إزاى وإنتى فى البيت.قلت له: خايف عليا يا شرف ؟ قال لى : أكيد .. كنت بحاول أصدق كلامه وبفرح نفسى بخوفه عليا برغم عدم إقتناعى بأسباب عدم مجيه وإن خوفى وقلقى وشكى لسه جوايا لكن كنت بحاول أصدق إن دى الأسباب الحقيقية إللى خلته ميجيش فكنت بردد كلمة ولا يهمك لكن من جوايا بقول له ليه ضيعت الفرصة الوحيدة إللى كنت بستناها . ده كان هو ده اليوم الوحيد إللى ممكن اشوفك فيه لأنى مش هيعرف أخرج تانى ليه ضيعته ليه ..كنت حزينة جدا إنى مش هعرف اشوفه تانى .وفجأة لقيته بيقول لى : ساكتة ليه ؟ قلت له : مضايقة إنى مش هعرف اشوفك تانى كانت الإستشارة بتاعة ماما هى الفرصة الوحيدة إللى ممكن اشوفك فيها عند المستشفى .قال لى : مش لازم يعنى نشوف بعض ادينا بنتكلم فى التليفون أهو .قلت له: بس أنت وحشتنى ونفسى اشوفك .قال لى: وإنتى كمان وحشانى بس هنعمل إيه .سكت شويه و قلت له : أنت لسه بتلعب كورة يوم الخميس ؟.قال لى : أه ..ابتسمت وقلت له : طب خلاص يوم الخميس الجاى وأنت راجع من الماتش عدى من شارعنا .قال لى : ماشى .قلت له : بجد هتيجى .قال لى : بجد يا حبيبتى اجي لك كل خميس لو عايزة . كنت مبسوطة أوى إنى لقيت فرصة تانية اشوفه فيها ومبسوطة أكتر إن كلام شرف بدأ يهدى المخاوف والقلق إللى جوايا ..وفى نهاية المكالمة اتفقنا إنه يرن عليا قبل ما يدخل شارعنا عشان أقدر أدخل البلاكونة بدون ما بابا ياخد باله . وفعلا يوم الخميس الساعة واحدة صباحا كان شرف بيرن ولحسن حظى إن بابا كان نايم .أول ما شفت إسم شرف على شاشة موبايلى جريت على البلاكونة بلهفة وطبعا كنت مسيبة شعرى ومتزوقة على سنجة عشرة وأنا فى إنتظار حبيب القلب . بصيت من البلاكونة لقيت الشارع فاضى وهدوء وفجأة لمحت خيال شخص جاى من بعيد وكلما كان يقترب ذلك الخيال كلما كانت تذداد دقات قلبى .فبدأت تظهر هيئته بالتدريج ولكنها لم تكن هيئة شرف مما جعل الإبتسامة تتوقف على شفتى وأنا أحاول رؤية ملامح هذا الشخص كانت ملامحه تظهر تدريجيا وعندما اقترب تبين لى أن هذا الشخص هو جارنا جمال الذى سأله شرف عنى فى بداية علاقتنا وتقدم لخطبتى من خلاله وهو أيضا صاحب شرف فى النادى كنت اترقبه من بعيد وهو أتى بمفرده فكان كان همى أن عينى تقع على من يشتاق نظرى لرؤياه أين هو ؟ أين هو ؟ هذا هو سؤالى الذى كنت اردده داخل نفسى وأنا أمد رأسى من سور البلاكونة كى ألمحه .وفجأة وجدته يظهر من بين ظلمات الطريق وهو يمشى بجانب صديقه جمال أخذوا يقتربوا حتى وصلوا إلى بيت جمال المقابل لبيتنا . كنت أرى شرف عن قرب ولكن لا أستطيع أن أتمكن من رؤية وجهه كاملا فقد كان يرتدى كاب يخفى نصف وجهه وفجأة خلع الكاب وإلتقت عينى بعينه . كنت ابتسم له دون أن اشعر بنفسى وكأن لا يوجد جيران حولى وكأن شباك عصام لم يكن أمامى فقد كان كل همى هو النظر إليه حتى ترتوى عيونى من ملامح وجهه . ظل واقفا لدقائق معدودات هى تلك الدقائق التى أحاول فيها إشباع عينى من رؤياه بكل تركيز وتأمل وكنت أتذكر حين كان يقف بجانبى على هذا السور بدون خوف واليوم يقف بعيدا نعم إنه كان يوما يقف هنا بجانبى وبإمكانى أن أقول له لا تذهب .. .لكن اليوم هو بعيدا عن يدى فلا أستطيع أن أمنعه من الذهاب فكل كل ما عليا هو أن أطلب منه أن يتمهل الخطوات سلم شرف على جمال وذهب من أمام عينى وأنا أقف بدموعى كالمشلولة لا أستطيع أن أناديه ولا أستطيع أن أطلب منه البقاء .. كنت أنتظره كل إسبوع فى نفس الموعد كما كنت أنتظره كل جمعة أيام الخطوبة ولكنه أيام الخطوبة كان يجلس معى يوما كاملا أما الآن فهو يمر أمام عينى فى لحظات عابرة .. وكانت المقارنة بينهما قاسية كنت أحاول أن ائقلم نفسى على هذه اللحظات حتى لا أشعر باليأس بل كنت أصبر نفسى وأقول إن رؤيته للحظات أفضل من فراقه للأبد وظليت على هذا الحال كل إسبوع أسرق الفرحة فى الخفاء مع كل موعد مرور له من أمام البيت . فكنت أعيش فقط على إنتظارى لتلك اللحظات السريعة التى تخطو فيها قدمه من أمام عمارتى ولكن ومع مرور الأسابيع بدأ شرف يتأخر عن موعده ويطول إنتظارى ثم فى النهاية لا يأتى . وفى الأسبوع الذى يليه أيضا تأخر وبعد إنتظار طويل تفاجئت بجمال وحده يفوت أمام العمارة دون شرف . ظل على هذا الوضع أسابيع . رغم مواعداته لى كل مرة بأنه سيأتي ولكنه كان يخلف الوعد وسرعان ما أجد نفسى كل خميس أنتظر سراب وتطول بى الساعات وأنا واقفة أمسك بسور البلاكونة وأرتعش فى ليالى قاسية البرودة . لم يرحم شرف ضلوعى من برد الهواء القارس ولم يرحم قلبى من نار الإشتياق الحارق فكان يتجاهل إنتظاري بكل إستخفاف دون الشعور بأى تأنيب ضمير تجاهى. كنت أكره ذلك الإنتظار الذى يأتى من ورائه خيبة الأمل والتعب والإرهاق .. أصبحت لم أعد أراه فى ليالى الخميس إطلاقا ولم أتمكن من الإتصال به فى هذا التوقيت من كل إسبوع بسبب وجود أبى فى البيت فلم أستطيع إستعجاله سوى برسائل نصية قصيرة تحمل كلمة ( أنا مستنياك _ مجتش ليه _ إتأخرت أوى عليا ) وأنا أقف فى شرفتى على أحر من الجمرأمسك بالهاتف وأنتظر الرد ويدى ترتعش من شدة الهواء ولكن لم تكف عينى عن النظر إلى الشارع حتى الساعة الثانية صباحا ثم ينتهى الوضع بدخولى من الشرفة بكل حزن وأظل على هذه الحالة إلى يوم السبت دون إتصال بسبب إجازة أبى الجمعة وفى السبت يبدأ شرف بالمكالمات التليفونية التى تمتلأ بالأعذار والأسباب الغير مقنعة عن عدم مجيئه والتى لم أفهم هل هى كذب أم صدق ؟ وفى ظل هذه المكالمات وجدت نفسى أسأله عن والدته وقلت له : هى مامتك ما إتصلتش بماما ليه ؟ لقيته بيقول لى : مانا كنت عايز أكلمك فى الموضوع ده ثم أكمل حديثه قائلا : هيا مامتك جانبك دلوقتى ؟ قلت له : لاء ليه؟ قال لى : طب إندهي لها يلا إديها التليفون وأمى هتكلمها .قلت له : ما ينفعش أديها تليفونى علشان بابا صاحى دلوقتي ولو عرف إن مامتك إتصلت على تليفوني هيعرف إننا بنكلم بعض خلى مامتك تتصل بماما على تليفونها هيا عشان يبقى الموضوع بعيد عننا أنا وأنت قال لى: ما ينفعش أمى تتصل على تليفون أمك قلت له : ليه ؟ قال لى: أصلها مش معاها رقمها قلت له : أنا هدي لك رقمها بس أنا مش حفظاه دلوقتى . قال لى : خلاص هبقى أخده بعدين .قلت له: هبعته لك فى رسالة دلوقتي .قال لى: لا أصبرى بقا شويه لما أشوف ربنا يسهل. كنت أتعجب من رد فعله ليه مش عايز ياخد رقم ماما دلوقتي؟ ليه عايزنى استنى؟ واستنى إيه ؟ وفى المساء جلست مع أمى وقلت لها عن ما حدث وكانت تتعجب قائلة :إزاى مش عارف رقمى ده بيستعبط عليكى قلت لها : أكيد مسحه لما فركشنا الخطوبة .قالت لى : لا رقمى معاه قلت لها : إش عرفك ؟ قالت لى : أصل فيه حاجة حصلت بعد الفركشة بشهرين كنا مخبينها عليكى أنا وأبوكى قلت لها : إيه هى؟ قالت لى : بعد الفركشة بشهرين لقينا رسالة جات لى من رقم غريب مكتوب فيها ( حرام عليكى تكسرى قلب بنتك) عرفنا أنها من شرف وخبينا عليكى عشان متتعذبيش قلت لها : فين الرسالة دى ؟ قالت لى :مسحتها بس الرقم بتاع الرسالة معايا فتحت ماما شنطتها وطلعت ورقة فيها الرقم . خدت الرقم منها وقارنته بالرقمين بتوع شرف إللى معايا وفعلا طلع واحد فيهم نفس الرقم إللى مع ماما . قلت لها: ده رقم شرف قالت لى: يبقى الواد ده عارف رقمى وبيستعبط عشان أمه ماتتصلش بيا .صمت لبعض لحظات وعلى ملامحى الذهول ثم قلت لا لا مستحيل هو قال لى إنها عايزة تكلمك ردت ماما وقالت : إفهمى هو بيتهرب من حكاية الرقم عشان مش عايزها تتصل على تليفوني أنا وعايزها تكلمنى من خلالك إنتى قلت لها مش مهم إيه الفرق لما يخليها تتصل على تليفوني وإبقى خدى كلميها . قالت لى: ماينفعش أكلمها من تليفونك ده إحراج ليا المفروض تتصل بيا أنا عشان لما أفتح الموضوع مع أبوكى أقول له أم شرف إتصلت بيا مش ببنتك . هو كده نيته إنه يخلى أمه تكلمنى من تليفونك عشان يورينا إنك بتكلميه وإن الموضوع جاى من خلالك إنتى عشان يضيع كرامتك ويعرفنا إنك بتجرى وراه فهمتى . إقتربت منها بكل قهر وقلت :حتى لو دى نيته أنا راضية أضيع كرامتى بس عشان خاطرى خليها تكلمك من تلفونى وابقى قولى لبابا إنها متصلة بيكى إنتى .قالت لى: ماينفعش يا أمل لازم يكون عندنا كرامة شويه مش كفاية إنى عارفة أنكم بتكلموا بعض كمان أكلمها من تليفونك هيبقى شكلى إيه قدامها وأنا بكلمها من تليفون بنتى ؟ كنت بسمعها وعارفة إن عندها حق فى كل كلمة وساعتها فهمت إن شرف عايز يخلى أمه تكلم ماما من تليفوني عشان يكسر أمى قدام أمه تانى يوم إتصلت بشرف وفى وسط المكالمة لقيت نفسى بقول له: على فكرة أنت عارف رقم ماما وبعت لها رسالة منه بعد الفركشة لقيته أنكر وقال لى: إمتى ده محصلش قلت له : أنا شوفت الرقم بنفسى ولقيته هو نفس رقمك قال لى: والله ما أعرف رقم أمك أنا مسحته من يوم الفركشة كنت عارفة أنه كداب .قلت له: خلاص أنا هبعت لك دلوقتى رقم ماما فى رسالة قال لى : لا أمى مش هتكلم أمك من تليفونها أمى هتتكلم من تليفونك إنتى ومش هقول أكتر من كده قلت له : أنت عايز تصغر ماما يعنى ؟ قال لى: والله يا حبيبتى إللى عايز الكحل يتكحل . قلت له : أنت بتقول إيه ؟قال لى : زى ما سمعتى إللى عايز الكحل يتكحل وقتها تأكدت تمام الثقة إن شرف يستغل حبى حتى ينتقم من أهلى ويكسرهم أمام أهله فكنت استمع لتلك الجملة القاسية ( إللى عايز الكحل يتكحل) وأنا أضرب بقبضة يدى على الحائط من بشاعة الشعور بالخذلان وبعد إنتهائى من مكالمته أرسلت له رسالة بها رقم أمى وكتبت بجانبه (ده رقم ماما لو إتصلت بيها هعرف إن أنت شارينى ولو ما إتصلتش هعرف إنك بايعنى) وبعد إرسالى للرسالة كنت أنظر للموبايل وأنا حائرة ما بين حلم عمرى الذى سيضيع من يدى وبين أهلى الذى سأكسرهم بنفس اليد التى أمسك بها حلمى وكلاهما أصعب من الأخرى مرت الأيام ولم يتصل شرف بأمى ولكنه كان مستمرا فى إتصاله بى فكنت أحاول أن أذكره إن الرقم معه ولكنه كان يقول إن كرامته لم تسمح له أن يتصل بها وكان يرفض رفضا باتا وهكذا أمى لم تسمح لها كرامتها بأن تكلم والدة شرف من موبايلى وكان كلآ منهما متمسك بكرامته ولم يفكر أحد منهم فى وجعى وحيرتى كنت حائرة بينهم وكنت فى صراع بين إرضائى للطرفين .وفى ذات يوم تفاجئت بشرف يتصل ويقول : أنا عايز أشوفك تعجبت من طلبه خصوصا أنه إستهان بفرص سابقة لرؤيتى فأجبته متعجبة وقلت : عايز تشوفنى إزاى؟ قال لى : إتصرفى إنزلى قابلينى .قلت له : وأنا من إمتى بعرف أنزل ده أنت أكتر واحد عارف إنى مش بنزل لوحدى قال لى : يبقى إنتى مبتحبنيش براحتك كنت أتعجب من تلكيكاته الملحوظة .فقلت له : إنت عارف إنى بحبك وأرجوك متستغلش حبى أنت طول عمرك عارف إن أهلى قافلين عليا ده أنا مكنتش بعرف أخرج معاك وإحنا مخطوبين يبقى إزاى عايز تقابلنى ؟ قال لى : خلاص هاتى أمك معاكى .قلت له : نعم ؟ مستحيل طبعا .قال لى: ليه ؟ما هى أمك عارفة إننا بنكلم بعض قلت له : بلاش تصغرها أكتر من كده ياشرف وهى أكيد مش هترضى قال لى: إسأليها بس وقولي لها نتقابل فى نادى الصفا اللى بلعب فيه كورة ونقعد نتكلم . قفلت مع شرف وبدأت أتكلم مع ماما وأقنعها بالمقابلة .لكن أول ما سمعت بالطلب إللى شرف عايزه كان رد فعلها عصبى جدا وقالت لى: هو عايزنى كمان أروح له برجلى ؟ وليه هو ميجيش؟ هو المفروض مين إللى يروح لمين ؟ الكبير إللى يروح للصغير ولا الصغير إللى يروح للكبير ؟ ده عايز يمسح بكرامتك الأرض قلت لها :خلاص يا ماما أنا جات لى فكرة كويسة انا هفهمه إنى لسه ما قلتلكيش على المقابلة ولما ننزل أنا وإنتى أخليه يقابلنا كأنها صدفة وكأنك إنتى اتفاجئتى بالمقابلة كانت أمى رافضة هذه الفكرة رفضا باتا وكنت أنا مستمرة فى اقناعها . ومن جهه آخرى كنت أقنع شرف بنفس الفكرة ولكنه أصر هو الأخر بأن أمى لازم تعرف أنها جايه تقابله قائلا: مافيش حاجة إسمها صدفة لازم تكون عارفة أنها جايه تقابلنى كنت أبكى كل يوم من شدة حيرتى وأحيانا كنت أصيح فى وجه أمى وأقول لها : إنتم ليه مش عاجبكم حاجة أنا تعبت هو كل حاجة كرامة كرامة كنت أسهر كل ليلة وأفكر فى حلول بعيدا عن كرامة كلامنهما ولكن كلما كنت أجد حلا كان شرف يضرب به عرض الحائط قائلا : متحاوليش ترضى أهلك على حساب كرامتى . أهلك هما إللى قالوا كل شىء قسمة ونصيب أهلك غلطوا يا أمل قلت له :ما أنت إللى خليتهم يقولوا كده وحسستهم إنك مش شارينى قال لى طلاما قالوا كده يبقى غلطوا والغلط ده مش بتاعى . كان يحملني شرف ذنبهم وكنت أدفع أنا تمن هذا الذنب بسهرى وتفكيرى طوال الليل فى البحث عن حل وسط يجعل شرف يعود إليا بكرامته ويظل أهلى فى ذات الوقت بكرامتهم أيضا ..وفى ذات يوم وجدت الحل المناسب وهو إنى اتفق مع شرف إن لما بابا ينزل القهوة ينزل شرف يقعد على نفس القهوة كأنها صدفة ويتقابلوا ويتكلموا وبكده يبقى كل واحد كرامته محفوظة .. لما قلت الحل ده لماما وافقت جدا وقالت إنها فكرة كويسة.لكن لما جيت أقول الحل ده لشرف لقيته بيقول لى: استنى يومين أصل أبويا تعبان ..كان هذا التهرب والتلاعب يقتلنى بكل المعانى ففى كل مرة أذهب إليه بالحل على صنية من ذهب ليصدمنى بصفعته على وجهى حتى أعود بكل خزلان إلى نقطة البداية . كنت أنتظر شفاء والده المريض حسب قوله حتى إستمر إنتظارى شهر كامل وأنا على هذا الحال .. وعندما بدأت افتح له الموضوع مجددا وجدته يقول : أصل أبويا مكنش موافق على الجوازة دى وخايف أفاتحه فى الموضوع دلوقتي يحصل له حاجة وهو تعبان كده . ظليت أنتظر شفاء والده الذى طال شهرين وفى ظل تلك الفترة كنت أبحث عن حل آخر بعيدا عن والد شرف المريض .فإتصلت بشرف وقلت له: أنا فكرت فى حل أخير وهو ده الحل الوحيد ياريت تفهمني كويس.. قال لى : إيه هو ؟ قلت له : أنت تقابل بابا على القهوة بالصدفة زى ما قلت لك وتتفق معاه إن الموضوع يستنى لحد ما أبوك يخف .فوجدت شرف يقاطعنى قائلا : مينفعش يا أمل أكلم أبوكى دلوقتي خالص . قلت له : ليه ؟ قال لى: بصراحة لازم أبوكى يعرف الأول أننا بنكلم بعض فى التليفون .وقتها تذكرت أمى حين قالت لى (ده عايز يورينا إنك بتكلميه وإن الموضوع جاى من خلالك إنتى عشان يضيع كرامتك ويعرفنا إنك بتجرى وراه فهمتى )فتنبهت لنفسى وقلت : إزاى عايزنى أقول لبابا إنى بكلمك أنت عايزه يضربنى؟ .رد شرف بكل جبروت وقال : معلش إستحملى مش إنتى إللى عملتى فى نفسك كده من الأول وسبتيهم يرفكشوا الخطوبة يبقى إستحملى بقا يا حبيبتى علقة تفوت ولا حد يموت وهنا قالت أمل : لم أتوقع هذا الرد من شرف مما جعلنى أرد بعصبية وأقول : إنت بتعاقبنى عشان بحبك ياشرف؟ رد بإستهتار وقال : هو إنتى بس إللى هتضربى يا حبيبتى ما هو أنا كمان هتهزق من أبويا مش إنتى لوحدك وكمان يعنى هو هيضربك بالنار ؟ ده هى علقة وتعدى وأنهى شرف مكالمته قائلا: لو بتحبينى إعترفى لأبوكى واستحملى وتركنى بدموعى ما بين ألف نار كانت أمى تسمع بكائى كل ليلة وأنا نائمة ولكنها لا تملك شيئا سوا الصمت أما أنا فقررت أن أعترف لأبى عن كل شىء وأتحمل ما سيحدث لى منه مهما كانت عواقب هذا الإعتراف حتى أثبت لشرف إننى سأتحمل أى شىء من أجل حبه وقلت فى إتصالى الأخير لشرف ( أنا مستعدة أتحمل كل شىء هيحصل بس فى النهاية تكون ليا لكن خايفة بعد ما أتحمل إللى هيحصلى من بابا ألاقى فى الأخر يرفضك كنت أتكلم معه بدموعى وفى نهاية المكالمة طلبت منه أن أراه غدا فى الصباح من شرفتى كنت أطلب منه أن أراه وكان قلبى ينفطر خوفا من أن تكون هذه المرة هى المرة الأخيرة التى تراه فيها عينى وبالفعل فى اليوم التالى فى الصباح جاء شرف تحت العمارة وكانت الساعة السابعة صباحا خطى بخطواته من تحت البلاكونة ووقف بعيدا كان يقف فى نفس المكان الذى وقف فيه فى المرة الأولى حين جاء يبحث عن بيتى ليخطبنى كنت أنظر له ودموعى تسبق نظراتى إليه كنت أعلم أن هذه اللحظات ستمضى مثل اللحظات التى مضت ولم تعد نعم كنت أراه واقفا و لكنى أخشى أن أرى ذلك المكان فارغا فيما بعد ظللت أنظر وأنا أشير بيدى باى ودموعى لم تتوقف وظل هو واقفا ينظر إليا وفجأة وجدته يتصل أمسكت بالموبايل بلهفة وأخذت أنظر له وقلت : ألو رد شرف وقال: إيه مالك قلت له مافيش هتوحشنى قال لى : ليه بتقولى كده بس؟ قلت له :مش عارفة خايفة قال لى : متخافش وبدأ شرف يتحرك من مكانه كى يذهب وفى أثناء ذهابه قال : إن شاء الله أبوكى هيوافق بس إنتى جمدى قلبك ذهب شرف وكانت تمر الأيام وكان قرار إعترافى لأبى يتأجل يوم بعد يوم حتى أشبع من صوت شرف قبل أن ألقى مصيرى المجهول معه ولكن ومع مرور الأيام فجأة وبدون مقدمات إنقطعت تليفونات شرف تماما وأصبح لم يرد على أى مكالمة منى نهائيا بل وإنه كان يغلق موبايله باليوم واليومين حتى لا أستطيع الوصول إليه وكلما فتحه ووجد رنتى يغلقه فى الحال إستمر هذا الوضع لمدة شهر كاملا أيقنت وقتها إنه لا يريدنى حقا و لكنى لا أملك شيئا سوى إننى أرسلت له عدت رسائل وهم( إنت مش محتاج تقفل موبايلك عشان مكلمكش إنت بكلمة واحدة منك ممكن تريحك منى نهائى ) ( ياريت ترد عليا حتى لو كانت أخر مرة هنتكلم فيها بس أرجوك قول لى أيه إللى جواك وأنا هقبله ) ( شرف فهمنى فيه إيه وبعدها مش هتصل بيك تانى بس رد عليا ) ( إنت كده بتموتنى بالبطيئ قول إللى جواك وموتنى مرة واحدة وخلصنى حرام عليك) (عشان خاطر ربنا رد عليا ولو مرة واحدة أرجوك يا شرف قول لى بس أنا عملت إيه عشان متردش عليا كده ) وفى رسالتى الأخيرة قلت فيها (ليه رجعت وإديتنى الأمل لما أنت ناوى تسيبنى تانى إنت شايف إن دى رجولة منك ويا ترى ضميرك مرتاح ) لم يرد شرف على أى رسالة منهما مما جعل العذاب بداخلى يزيدنى ألما غاب عنى شرف فترة طويلة الفترة دى أكدت لى إنه كان راجع ينسى بيا الماضى زى ما أنا كنت بحاول أنسى شرف بعصام ..شعر ( راجعلى ليه حبيبى)
راجع لى ليه حبيبى وليه بعدت عنها
راجع عشان وحشتك ولا زهقت منها
إرجع يا حبيبى ليها وبلاش تعذبها
أرجوك خليك معاها أرجوك بلاش تخونها
أوعى تضحك عليها أو تكدب يوم وتخدع
متحسسهاش ببعدك عشان بعدك بيوجع
كتر من حبك ليها وقدر حبها
خليك دايما معاها خليك قريب منها
أنا عارفة أنها بتحبك وإن أنت كمان حبيتها
أنا عارفة إن أنت شاريها ودخلت من باب بيتها
دلوقتي هى حبيبتك وأنا ماليش مكان
أرجوك حافظ عليها وخلى
بالك منها
كنت حاسة إنه لسه بيحب خطيبته عشان كده
سابنى وأكيد رجع لها مكنتش قادرة أوصف مدى الألم اللى كنت حاسة بيه ولقيت نفسى فى
يوم بكتب له رسالة بقول له فيها( وكأنك لقيت إللى يعوضنك على فكرة أنا كمان لقيت اللي
يعوضني عنك) ولكنى فى آخر لحظة لقيت نفسى بلغى الرسالة وببعت له رسالة تانية وبقول
فيها ( هقولك حاجة واحدة بس إللى بيحب حد مهما عمل مبيعرفش يبعد عنه مبيعرفش يبيعه
مبيعرفش يعيش من غيره ) كنت حاسة إنى بهين نفسى حاسة إن خسارة أبعت له أى حاجة
خسارة فيه أى كلمة خسارة حتى أفكر فيه
يا
خسارة حبى فيك
يا خسارة حبى فيك
يا خسارة لهفتى
ده أنا كنت لما أشوفك
بتنزل دمعتى
ناويت تسيبنى تانى بعد ماعشمتنى؟
طب ليه صحيتنى تانى بعد ما موتنى ؟
ما أنا كنت قافلة قلبى وراضية بالنصيب
ليه رجعت تانى لما أنت ناوى تغيب؟
مالكش فى الدنيا عزيز
ولا حد غالى عليك
يا خسارة فرحتى برجوعك
يا خسارة حبى فيك
كنت حزينة على نفسى جدا إنى كنت فريسة
لهذا الوحش الكاسر الذى اقتحم حياتى بدون إرداتى وبعدما استكفى من حبى له فر هاربا
كاللص ما كنت أحب أن أشبهه باللص ولكنه بالفعل لص وقاتل أيضا قتلنى بعد أن سلمت إليه
رقبتى بكل أمان وللآسف كنت أعتقد إنه عاد نادما كى يداوى جرحه السابق حتى يعوضنى
عن ما فات ولكنه يقصد أن يداوى جراحى كى يفرغ مكان لجراح جديد
إيه يعنى
إيه يعنى لو زاد على
قلبى جرح كمان
ما أنا قلبى أصله متعود على كده من زمان
مش فارقة كتير والله عادى
عادى جدا
ما هو الوجع هو الوجع وفى
نفس المكان
ما هو أصل لما الجرح جوه القلب يتجرح
ويجى جرح تانى فوقيه ويتجرح
بتحس كأن قلبك مع الجراح متواعد
تحس إن الجرح بقى جرحين والألم جامد
تقعد تصبر نفسك وتقول معلش عادى
كل الحكاية أن الوجع زاد وجع لكن الجرح واحد
بس إزاى أقول عادى وأنا عنيا بدموعى غرقانة
أصل إللى جرحنى حبيبى وسابنى بوجعى تعبانة
مكفاهوش إنه يجرحنى مرة واحدة راح
جارحنى مرتين
المرة الأولى لما سابنى والمرة التانية جيت أسامحه
راح واخدنى على خوانة
عدت إلى النوم من جديد الذى لا أجد ملجأ لى إلا هو فقد كنت أنام و التليفون في يدى منتظرة رد شرف على الرسائل وفى ذات يوم الساعة التاسعة مساءا تفاجئت بأبى يصحينى من النوم قائلا : قومى يا عروسة صحى النوم أبو عصام إتصل وحددنا قرايت الفاتحة الأسبوع الجاي صدمت من هذا الخبر وقررت الإتصال بعصام كى أتأكد من كلام أبى وبعد ذهاب أبى من الحجرة إتصلت بعصام فورا وكانت المكالمة كالأتى : إزيك يا عصام . رد عصام :إزيك يا أمل أخيرا إفتكرتى تكلمينى . قلت له : هو الكلام اللى بابا قاله لى ده بجد ؟ رد عصام : قصدك على قراية الفاتحة أيوه بجد أنا والدى كلم والدك عشان يحددوها الإسبوع الجاى .قالت له : طب ليه مقلتليش ؟ رد عصام : هو إنتى بتردى عليا أصلا يا أمل أنا بقالى شهور مش عارف أكلمك وقراية الفاتحة هتخلينا نقرب من بعض أكتر .قلت له فى إضطراب : أه أيوه فعلا . قال عصام : مالك يا أمل أنا حاسك مش مبسوطة .قلت له : لا مبسوطة طبعا . رد عصام : ربنا يقدرنى واسعدك كمان وكمان . أغلقت الخط مع عصام وأنا لا أستطيع تمالك أعصابى من المفاجأة الغير متوقعة . كان عصام يتصل من وقت إلى اخر كى يستشيرنى عن شكل الفرح وإستايل البدلة قائلا فى كل مكالمة : إيه رأيك لو لبست بنطلون جينز على البدلة ؟ أنا عايز أكون عريس مختلف . أنا عايز يكون شكل الفرح مختلف أنا بفكر بلاش نعمل الفرح فى نادى ونعمله فى ڤيلا . وغيرها من الكلمات التى كان يرددها عصام فى كل مكالماته حالما بيوم الخطوبة الذى كان يرسمه وحده بدونى فقد كانت يدى منشغلة بمسح دموعى ولم أستطيع أن أشاركه فى هذه الرسمة التى أعتبرها لوحة إعدامى ظل عصام يرسم ويحلم بيوم الفرح فى الوقت التى كنت أحاول فيه مسح هذه الصورة بشتى الطرق بل كنت أحاول أبحث عن أسباب لرفض هذه الخطوبة وكنت فى صراع بين رفضى لعصام وبين هاتفه الذى اشتراه لى فهو الوسيله الوحيده لتواصلى بشرف واذا رفضت عصام سأعيد إليه الهاتف ولم أستطيع التواصل بشرف نهائيا . فكانت محاولتى فى الحفاظ على الهاتف تدفعنى إلى تأجيل رفضى لعصام ولكن يوم قراية الفاتحة يقترب فكنت أشعر بتشتت كبير داخلى. فرفضى لعصام سلاح ذو حدين سأرفضه ولكنى سأقطع بيدى وصال شرف بالتخلى عن الهاتف . كانت أمى تراقب حالتى فى صمت من سهر وتفكير وخوف وتوتر وكانت تتابعنى بإستمرار بطريقة غير مباشرة وأنا أبكى كل ليلة . وفى ذات يوم الساعة العاشرة صباحا تفاجئنا بوالدة عصام تتصل .. ردت أمى وهى تنظر إليا قائلا : ألو ظلت أمى تنظر إليا وهى تسمع كلمات أم عصام وكانت تعابير وجه أمى توحى بأن أم عصام تتكلم عنى قراية الفاتحة فوجدت أمى ترد وبدون مقدمات وقالت : إسمعينى يا أم عصام من الأخر ربنا يوفق إبنك مع واحدة تانية كل شىء قسمة ونصيب نظرت إليها بذهول فوجدتها تكمل حديثها قائلة : إحنا جيران بردو وهنفضل حبايب بس أنا بنتى بصراحة مش مرتاحة . تقبلت والدة عصام هذا الخبر بصدمة وكان حزنها على إبنها الذى يعشقنى عشقا شديدا يظهر على صوتها وهى تسأل أمى عن السبب . كنت أنظر إلى شباك عصام والدموع مغرقة وجهى وأقول بداخلى السبب هو إن عشق إبنك ليا لم أستحقه . السبب إننى لم أستطيع أن أرد له جزء من حبه إليا لأن كل حبى إستنفذته لحب شخص أخر السبب إننى حمقاء أجرى خلف الأوجاع بقدمى وأرفص النعمة دون وعى السبب إننى أظلم إبنك كل يوم بحبى لغيره وهو لم يدرى بهذا . السبب إن إبنك يستحق أفضل منى فأنا التى لا أستحقه .. كانت والدت عصام منهاره على ابنها المسكين وكانت امى متعاطفه جدا معها وتحاول تهدئتها ببعض الجمل مثل : إبنك أمور وألف واحدة تتمناه وأكيد هو هيفهم موقف أمل وهيكون قوى بس إنتى شجعيه .كنت أستمع وأنظر إلى شباكه وأتذكر فرحته بإستعداده ليوم الفرح وسؤاله عن شكل البدلة والفستان والصورة الجميلة الذى لم يكمل رسمتها وكإننى أخدت منه الورقة ومزقتها فى لحظات كان قلبى ينفطر وأنا أنظر إلى شباكه وأبكى وأردد سامحنى غصب عنى مش بإيدى أنهت أمى المكالمة قائلة إنتى بس شجعيه وخليكى جنبه ودى حاجة مش بإيدى ولا بإيدك ده نصيب وكله بإيد ربنا .. إنتهى عصام من حياتى . وحتى يرتاح ضميرى تجاهه قررت إسترجاع الموبايل إليه فكنت أجلس فى حجرتى وأمسح من الهاتف جميع رسائلى لشرف حتى لا أجرح عصام بتلك الكلمات التى كنت أكتبها بكل وجدانى . نعم كنت أبكى وأنا أمسح الرسايل وكان بكائى يحمل حزنين حزنى على عصام وحزنى على كلمات خرجت من قلب صادق لم ينوبه منها إلا الإنكسارمسحت جميع الرسائل وبدأت فى تجهيز شنطة وداعى لعصام التى وضعت بداخلها الموبايل بالكرتونة و الشاحن والسماعات وأثناء تجهيزى لهذه الشنطة تركزت نفسى وأنا أجهز حاجة شرف ليأخذها يوم فركشة الخطوبة وقلت بداخلى ( اليوم سأودع عصام كما ودعت شرف مسبقا ولكنى اليوم سأودع الشخص الذى يستحق حزنى على خسارته حقا . وكنت أتخيل رد فعل عصام عندما يرى موبايله وهو يعود إليه كما أعاد شرف هديتى يوم الفراق فكنت أشعر بألم عصام وتعذيب قلبه فاليوم سأجرحه بنفس السلاح الذى جرحنى شرف به مسبقا .. وكنت أتألم على نار سوف أشعلها بيدى فى قلب عصام تذوقت حرقتها مرارا وتكرارا فقد كنت أردد سامحنى .وفعلا أعدت له الموبايل بعلبته عن طريق أخت عصام وعندما رأتنى أمى فعلت هذا الموقف أعطت لى موبايلها فى السر وقالت لما تحبى تتصلى بشرف حطى الخط بتاعك هنا بصيت لها بحزن وقلت لها : مش بيرد عليا .قالت لى : معلش مسيره يعرف الفرق بينك وبين غيرك .قلت فى سرى فعلا زى ما أنا هعرف الفرق بين عصام وبين غيره أما عن أبى فكان يتعامل معى بكل صمت دون تعليق عن ما حدث مع عصام وكان هذا الصمت يخيفنى كثيرا أخذت تمر الأيام إسبوع تلو الآخر وأبى كما هو صامتا .وفى ذات يوم كنت جاية من عند خالتى أنا وأمى وعند دخولنا البيت لقيت بابا بينادى عليا قائلا : يا أمل تعالى أنا عايز أتكلم معاكى .. حطيت إيدى على قلبى وكنت مرعوبة جدا ..كنت فاكراه هيكلمنى عن عصام لكن لقيته بيقول لى : أنا مش هعاتبك عن رفضك لعصام أنا قلت لأمك تعمل إللى يريحك وسيبتها تلغى الموضوع لكن أنا دلوقتى عايزك فى موضوع أهم .قلت له: إيه هو .قال لى :فيه واحد شافك النهارده وإنتى جاية مع أمك من عند خالتك وسأل عليكى والناس اللى على القهوة قالوا له إنك بنتى .رديت فى تعجب وقلت : مين ده أصلا ؟ قال لى : ده إبن واحد صاحبى إتصلوا بيا ودلوقتى وقالوا لى إنه شافك ومعجب بيكى أوى . ردت ماما وقالت : وده شغال إيه ؟ قال لها: عنده عمارة ملك وفاتح محل فراخ بتاعه ومشغل ناس عنده وبينزل بس يباشرهم .ردت ماما وقالت: طيب وده شكله إيه يمكن ميعجبهاش . رد بابا وقال: ميعجبهاش إيه ده واد زى القمر شبه الممثل اللى إسمه أحمد عز أنا شوفته بنفسى مرة مع أبوه واد زى العسل ولو عايزة تشوفيه يا أمل أجيبه لك هنا .كنت أنظر إلى أمى وهيا تعلم ما بداخلى كنت حاسة إنى فى دوامة . أرفض تانى؟ أضيع مستقبلى للمرة التانية وشرف عايش حياته؟ . كان ردى على بابا إنى هفكر . وفضلت أنا وماما طول الليل نفكر .عريس لقطة للمرة التانية هرفضه عشان شرف . أيام بتجرى ومستقبل بيضيع قدام عينيه عشان واحد بايع .وفجأة لقيت ماما بتقول لى : يا أمل لو لسه بتحبى شرف يبقى مش هتعرفى تحبى الشخص ده وهتظلميه ولو جه وشافك عن قرب هتعجبيه أكتر وهيتعلق بيكى زى عصام وبردو هترفضيه عشان شرف يبقى حرام عليكى تعلقيه بيكى هو كمان كفاية عصام واللى هو فيه .كلام ماما شجعنى على الرفض لأنى فعلا لسه بحب شرف ومش هقدر أحب غيره وإنى لو وافقت يبقى هظلم الشخص ده زى ما ظلمت عصام .. وعندما علم أبى برفضى كان على وشك الجنون أخذ يصيح قائلا : ده زى القمر شوفيه وبعدين أحكمى هتخسرى إيه لما تشوفيه ولكنى مازلت على موقفى قائلة : ما أنا بعد ما أشوفه هرفضه . ردت ماما وقالت لبابا : ليه نعشمه طلاما هى كده كده هترفضه .رد بابا : يجى مرة واحدة تشوفه بس وبعدين ترفض .ردت ماما: مجرد مجيه هنا يبقى معناها إننا موافقين وكده هنديه أمل .رد بابا تشوفه بس وأنا متأكد إنها هتغير رأيها ولو معجبهاش بلاش. ردت ماما : وإفرض ملقيناش فيه عيب وساعتها مش هنلاقى سبب للرفض . رد بابا فى غضب: ولو ملقيناش فيه عيب هترفضه ليه بس؟ هتفضل تتبتر على النعمة لحد إمتى؟ .ثم نظر إليا وقال: يعنى هتفضلى ترفضى فى العرسان كده عاجبك قعدتك من غير جواز كده يعنى ؟.بتعملى كده عشان إيه وعشان مين ؟ مستنية إيه ؟ دلوقتى الفرص قدامك كتير للجواز .لما تكبرى مش هتلاقى الفرص دى ..كان كلام أبى يدوى حول مسمعى كأصوت الرصاص ولكننى كنت متمسكة بقرار الرفض وبالفعل ضحيت بمستقبلى للمرة التانية من أجل شرف. لم أندم على تضحياتى بل أندم على من لا يقدر هذه التضحيات .أين هو الآن ؟ ولماذا غاب عنى لا أفهم؟ كان غيابه قاسى ومؤلم للغاية ولكنى لا أعرف إلى متى سأظل أنتظره فأنا حقا سئمت الإنتظار
شعر( إستنيتك كتير)
إستنيتك كتير وفراقك كان بيوجع
إستحملت العذاب وقلت بكره ترجع
كان كل همى اشوفك وأطمن بس عليك
ومهمنيش كرامتى كان كل همى ألاقيك
وأنت عايش حياتك ولا راضى تسأل فيا
مهمكش إنتظارى ولا همك دموع عنيا
عمال تقسى وتهجر وتبعد بالشهور
وأنا عمالة أبكى ودموعى تملا بحور
حرام عليك ده فراقك بيحرق جوه قلبى
عمال بيكوى فيا ويزود نار حبى
من يوم ما بعدت عنى وأنا شايلة هم كبير
يا حبيبى إمتى ترجع إستنيتك كتير
كانت تمر الأيام حتى إقترب شهر رمضان وكنت أنزل مع أمى وخالتى دائما لنشترى بعض الأطعمة واللحوم وغيرها وفى يوم أثناء عودتنا إلى المنزل كنا نحمل الكثير من الشنط وكنا محتاجين توكتوك وأشرنا إلى توكتوك وركبنا وأول ما بدأ التوكتوك يمشى لقينا صاحب السواق جه قعد جنبه وفجأى لقينا السواق بيقول لنا معلش يا جماعة مش هقدر أوصلكم عشان رايحين مشوار مهم أنا آسف نزلنا ومكناش لاقيين توكتوك تانى فضلنا ماشيين بالشنط لحد ما وصلنا قدام فرن كبير لقيت خالتى بتقول لى :والنبى يا أمل هاتي لى فطيرتين وقفت أشترى الفطير لخالتى وكانت أمى بجانبى على بعد خطوات تنظر إلى أشكال المخبوزات أما خالتى فذهبت تجلس على الرصيف المقابل لنا لتنتظرنا . وبعد ما إشترينا الفطير أنا وأمى توجهنا إلى خالتى على الصف التانى لنعطى لها الفطير لقيت ماما بتقول لى : إستنى نجيب فطير لينا بالمرة إلتفت للوراء حتى أعود إلى الفرن مرة أخرى وفجأة لقيته قدامى ..أيوه شرف .. واقف بيجيب فطير مكنتش مصدقة عينيه بينى وبينه خطوتين واقف بيكلم بياع الفطير ومش شايفنى وأول ما إلتفت بعينه ولقانى فضل باصص لى فى ذهول.. نفس نظرة الذهول اللى أنا بصاها له .فضلنا نبص لبعض. وماما فى النص عمالة تبص لنا. ومش قادرة تعمل حاجة أو تنطق بحرف . كان متهيئ لى الناس كلها بتبص علينا حتى بياع الفطير . خد شرف الفطير من الرجل وفضل باصص لى وفجأة لقيت ماما بتقول له : طب مش تسلم ده إحنا بينا عيش وملح . لقيت شرف بيسلم على ماما بالإيد وبيقول لها :إزيك يا ماما عاملة إيه .وفجأة لقيت إيده بتتمد لى قربت إيدى من إيده وـنا جسمى كله بيترعش حطينا إيدينا فى إيد بعض فى نفس اللحظة إللى عنينا فى عين بعض وبيقول لى : إزيك .قلت له:الحمد لله ..كنت ماسكة دموعى بالعافية لقيته بيقول لماما: سلمى على عمى . وبدأ يتجه فى طريقه إلى الذهاب أخدت ماما الفطير من البياع وذهبت إلى خالتى على الصف التانى مشيت أنا وراها بالخطوة البطيئة وأنا باصة لشرف وقلبى بيتقطع بين ضلوعى.وقفنا جنب خالتى وفضلت ماما وخالتى يلموا الشنط .وأنا عينى على شرف مش قادرة أبعد عينى عنه وفجأة لقيت واحد صاحبه جه خده ومشيوا هما الإتنين من قدامنا كانوا معديين من قدامى وأنا باصة لشرف بكل وجع وكان صاحبه عمال يبص عليا بتركيز كأنه مستغرب وعايز يعرف أنا مين أكيد كان شايف دموعى وهى نازلة وهيقول لشرف أكيد هيسأله عن سبب دموعى بس ياترى شرف هيعرف يجاوب ؟ فضلو يبعدو ويبعدو وفجأة النور قطع من الشارع كله وكأن ربنا أراد إنه يخفى دموعى عن الناس عشان محدش يشوفها شيلنا الشنط ومشينا على ضوء كشافات الموبايلات اللى خارجة من المحلات اللى حولينا كانت دموعى نازلة ومحدش شايفها فى ضلمة الشارع الحاكلة وظليت أمشى بالخطوة البطيئة وسط الظلام وأنا أتذكر نظرته والذهول الذى كان يملأ عينيه ثم أنظر إلى عتمة الشارع وأنا أبكى بحرقة ثم أتذكر يده وهى بين يديا ثم أتحسسها وهى فارغة والدموع تتساقط وتتساقط وأنا مستمرة فى البكاء كنت بتمنى إن النور يفضل قاطع عشان محدش يشوفنى وأنا بالمنظر ده كنت ماشية فى الضلمة وحاسة إن شرف جنبى لكن مش شايفين بعض حاسة بروحه حواليا لكن عينى مش شيفاه وأول ماطلعنا الشارع اللى فيه نور فضلت أتلفت على شرف يمين وشمال وأنا بمسح عيونى بالمنديل مكنش باين من وسط الناس بس حاسه إنه ممكن يكون شايفنى من غير مشوفه .. مر الوقت وأول ما وصلنا البيت فضلت افتكر اللى حصل وأعيد المشهد فى خيالى ألف مرة . ومع استرجاعى المشهد بدأت انتبه إن صاحب شرف كان مستنى شرف وهو بيجيب الفطير وكان شايف الموقف من أوله وأكيد كان شايف لهفتى بدليل إنه فضل يبص عليا وهو ماشى أكيد كلم شرف عنى أكيد قال له دى بتحبك وفجأة لقيت ماما بتقول لى : إنتى مستنيه إيه ؟خدى الموبايل بتاعى حطى الخط بتاعك فيه زمان شرف بيتصل قلت لها: يتصل؟ قالت لى: أكيد هيتصل أنتى مش شايفة كان بيبص لك إزاى ثم تركتني وخرجت من الغرفة ماما إديتنى أمل كبير وفعلا حطيت خطى فى موبايلها وفضلت منتظرة إتصاله حسب كلام ماما .وبعد ربع ساعة فتحت أمى الباب وقالت شرف متصلش؟ نظرت لها وقلت :لا . قالت لى : إتصلى إنتى بيه هيرد عليكى ده أكيد مستنيكى تتصلى . وفعلا أول ما إتصلت بيه لقيته رد وقال : أيوه يا أمل .رديت بلهفة و قلت له : إزيك ياشرف . قال لى: الحمد لله إزيك إنتى .قلت له : تعبانة من غيرك إنت ليه مكنتش بترد عليا .قال لى: كان لازم أعمل كده يا أمل قلت له: ليه ؟ قال لى: عشان مش عايز أعلقك بيا أكتر من كده .قلت له: وتفتكر إن أنا كده مش متعلقة بيك يا شرف ؟. قال لى: يا أمل ما أنا خايف منكونش لبعض عشان كده بحاول أبعد .قلت له: لا يا شرف متقولش كده طول ما إيدى فى إيدك هنعمل المستحيل ونحارب أى حد . قال لى: بس دول أهلك يا أمل هتحاربى أهلك؟ قلت له : ماما موافقة ناقص بابا. قال لى : ما أنا كمان ماما موافقة ناقص أبويا. قلت له نحاول نقنعهم يا شرف رد قائلا: ربنا يسهل يا أمل يلا إقفلى دلوقتى عشان أبوكى مياخدش باله من حاجة قلت له: حاضر هقفل بس لما أتصل بيك متقفلش موبايلك يا شرف ورد عليا .قال لى: متخافيش هرد عليكى ثم قفل . أدركت من كلامه إنه كان يحاول الإبتعاد عنى كى لا يعلقنى به وعرفت بعد ذلك إنه جاء فى اليوم الذى كنت أنتظره فيه عند المستشفى وكان يقف بعيدا وحرمنى من رؤيته بالعمد . وإعترف شرف إنه كان يرانى من على بعد دون أن أشعر به ..بل كان واقفا مستمتعا بتعذيبى وأنا أتلفت عليه يمين ويسار ..كان يظن أن غيابه عنى بهذا الشكل سيكرهنى فيه ولم يدرك أنه غاب عنى سنة كاملة ولم أنساه لحظة إنه لا يدرك مدى حبى له حتى الآن مرت الأيام وجاء شهر رمضان وكنت كل يوم ساعة الإفطارأدعوالله أن يجمع شملنا قريبا ولم أحضر رمضان القادم إلا وأنا فى بيته ولكن كان هذا الشهر ممتلئ بالإعتصامات والمظاهرات مما جعل شرف منشغلا بمشاركته فى الإعتصامات فكان يحادثنى مرة كل يومين وكلما كنت أفتح له موضوع زواجنا كان يقسم لى أن ظروف البلد هى التى تمنعه خصوصا إن شغله متوقف بسبب هذه الظروف .. كنت أثق فى قسمه لى .وبالفعل وقفت بجانبه وإنتظرته شهرين كاملين بل كنت مستعدة أن أنتظره العمر بأكمله فى سبيل أن يكون لى فى النهاية وفى ظل هذا الإنتظار كان يخبرنى أن شركته توقفت تماما وإذا لم تعمل خلال الأيام القادمة فإنها ستتوقف نهائيا ووقتها لن يستطيع شرف الرجوع إليا لأن أبى حتما لم يوافق عليه وهو بدون عمل كنت خائفة كثيرا بل كان هذا الخبر يعرض على قنوات التليفزيون الإخبارية ويراه أمى وأبى ومن هنا بدأ شىء جديد يرعبنى فبالتأكيد لم يوافق أبى على شرف وهو عاطل أما عن نفسى فكنت مستعدة أن أعيش معه على أرصفة الشوارع لا أريد منه مال ولا نفوذ بل أريده هو فقط هو الذى يشبعنى ويروينى بوجوده بجانبى فالجوع والعطش لم يكونوا أصعب من الشعور بحرمانى منه فرؤيته أمامى بالدنيا وما فيها .. ومرت الأيام تحملت من أجله إنتظار وصبر شهورا حتى عادت الشركه تعمل من جديد وعاد شرف إلى عمله أما عن حال البلد فقد إستقر قليلا مما جعلنى أقرر أن أفاتح شرف فى موضوع زواجنا مرة أخرى وأنا متفائلة جدا بأن الظروف قد تحسنت وأن العواقب قد زالت وإننا سنتفق أن نخطو تلك الخطوة معآ وفى ذات يوم نزل أبى إلى القهوة فأسرعت إلى هاتفى وإتصلت بشرف وسألته : أنت فين؟ رد قائلا: أنا فى الشارع فى حاجة ولا إيه ؟ قلت له : أصل بابا دلوقتى على القهوة وفرصة إنك تقابله قاطعنى شرف وقال : مش وقته يا أمل تعجبت من رده وقلت : أومال إمتى وقته يا شرف ؟ قال : ربنا يسهل قلت له : كل يوم تقول ربنا يسهل وأنا أفضل أستناك حلفت لى إن اللى مانعك حال البلد وظروف شغلك وأنا صدقتك وفضلت جنبك واستنيتك لحد ما كل حاجة اتصلحت عايز إيه تانى ؟ قال لى: ما أنا قلت لك خلى أمك تنزل تقابلنى إنتم اللى خايفين على كرامتكم خلى بقا كرامتكم تنفعكم صدمت من أسلوبه وقلت له : يعنى إيه ؟ قال لى : يعنى مش هينفع أقابل أبوكى ابتلعت مرارة كلماته وبعد لحظات من الصمت القاتل قلت : طب روح لعمى حسين أو خالتى وهما هيتصرفوا قال لى : أسف .. قلت له : أسف ؟ يعنى إيه ؟ قال لى : يعنى ده اللى عندى يابنت الناس ولو مش عاجبك كل واحد يروح لحاله شعرت بصدمه هزت قلبى وأوجعتنى بقوة وكانت دموع الدهشة تسيل على خدى ووجدت نفسى أصرخ له بدون وعى قائلة : أنت أصلا عمرك ما حبيتنى لما أنت مبتحبنيش رجعت ليه ؟ ليه إتصلت بيا وقلت لى إنك سيبت خطيبتك عشانى ؟ ليه إدتنى الأمل وعايز تاخده منى تانى؟ منك لله حسبى الله ونعم الوكيل فيك دمرت حياتى وضيعت مستقبلى رفضت علشانك كل الناس وإخترتك أنت وإتمسكت بيك وأنت أصلا ما تستاهلش أنت واحد بياع مالكش أمان أنا بكرهك لقيته بيرد بصوت واطى وبيقول لى : خلصتى؟ قلت له : منك لله . قال لى : خلصتى ؟ كنت حساه عايز يقفل بس مش قادر يقفل فى وشى عشان كده عايزنى أخلص الأول. بس للأسف الكلام اللى جوايا مكنش بيخلص قال لى : خلاص يا أمل كفاية وإقفلى إقفلى يا أمل قلت له : أنا فعلا هقفل بس قبل ما أقفل عايزة أقول لك حاجة واحدة أوعى تفكر أن ربنا هيسامحك ربنا هينتقم منك قريب أوى وإن شاء الله هيرزقك بواحدة تعمل فيك زى ما عملت فيا وساعتها إبقى إفتكرنى ولقيت نفسى بقفل الخط فى وشه وبقعد على الأرض مكنتش عارفة أكتم صوتى من شدة الإنهيار اللى كنت فيه .. شعر
روح ياطير غيب ياطير
أنت خلاص مابقتش طيرى
لو كان لك فيا خير
كان بقالك خير فى غيرى
امشى وغادر سافر وهاجر
ما أنت بقيت على البعد قادر
أنت خلاص مابقتش ملكى
يابايع حبى يا ناكر خيرى
فلقد وقفت جانبه فى محنته حتى عاد إلى عمله إنتظره شهرين وكنت على أتم استعداد ان انتظره طوال حياتى فى سبيل ان يجمعنا النصيب ولم أتوقع أن قلبه يحمل كل هذا السواد والجحود كنت واثقة فى قسمه لى حين قال بأن الذى يمنعه هو ظروف عمله فقط ولم أتوقع منه هذه الضربة الدامية وهو يردد ( أسف . خلوا كرامتكم تنفعكم) فكنت جالسة على الأرض أبكى وأنا أنظر إلى الهاتف ثم ألقيته بعيدا بكل قوتى
شعر
شوفتو حبيبى إزاى قدر
يكدب ويمثل عليا ؟
خد هو دور البطل
وإدانى دور الضحية
رسم فى عينيه البراءة
وعملى فيها بيحبنى
وأنا من خيبتى صدقته
أتاريه بيضحك عليا
معرفش بس إزاى قدر
وجاله قلب يخدعنى
ضحك عليا بكل جراءة
وقدام عينيه بيبعنى
وبعد ما خلصت أدواره
والتمثلية خلاص نجحت
راجع بيقتل أحلامى
وبكل قسوة يودعنى
بقى ده اللى كان بيحبنى ؟
يا خسارة والله بستغرب
بعد أما دمرلى حياتى
عمال يسيبني وبيتهرب
قولوا كتر ألف خيرك
فى الغدر عمرك ما بتغلب
جايز نجحت في هروبك
وعرفت تشربنى المقلب
لكن صدقنى من ذنبي
عمرك ما هتعرف تهرب
فلقد وقفت بجانبه فى محنته حتى عاد إلى عمله انتظرته شهرين وكنت على أتم استعداد أن انتظره طوال حياتى فى سبيل أن يجمعنا النصيب ولم أتوقع أن قلبه يحمل كل هذا السواد والجحود كنت واثقة فى قسمه لى حين قال بأن الذى يمنعه هو ظروف عمله فقط ولم اتوقع منه هذه الضربة الدامية وهو يردد ( أسف . خلو كرامتكم تنفعكم) فكنت جالسة على الأرض أبكى وأنا أنظر إلى الهاتف ثم ألقيته بعيدا بكل قوتى .. ومرت الأيام فى حزن رهيب ووجع قاتل حتى اقترب العيد الكبير..كنت أحاول أن اتأقلم على الوضع الذى أجبرنى شرف عليه وهو أن أكون مثله بلا قلب وبلا مشاعر وفى صباح يوم العيد اثناء الصلاة كنت أنظر من الشرفة كعادتى كل سنة ولكن هذه السنة قررت أن أظهر بشكل جديد . لم أكن أشعر بحزن فى ذلك اليوم .لم أشعر سوى بأننى أريد أن أفرح هذا العيد بقدر ما أستطيع . كنت أشعر بجمالى وبأنوثتى وأنا شعرى مدلل على كتفى بكل ثقة وشموخ . ولأول مرة وبدون خجل أفتح ستارة الشرفة بكل قوتى . أريد أن يراني الكل أريد أن أظهر نفسى وأقول إننى مازلت على قيد الحياة وإننى لن أموت من فراقه لا تهمنى الدموع التى تختبئ خلف الكحل الأسود أما قلبى المدمر لا تهزنى أوجاعه فقد كنت متماسكة تماما .. ظللت واقفة إلى أن عاد المصلين من صلاة العيد . وبدأ الشارع يفضى تدريجيا . وفجأة لقيت جمال صاحب شرف باصص من شباكه اللى قصاد عمارتى . مش هكدب وأقول كنت عادية ..الحقيقة إنى بدأت أحس بألم شديد فى قلبى أول ما شوفته لأنى كنت متأكدة أن جمال كان مع شرف الصلاة . كنت بحاول أخبى عنيا من جمال عشان ما يشفوش دموعى قفلت الستارة عليا لحد ما جمال دخل من الشباك وبعدها لقيت نفسى ببص على المكان اللى تحت بلاكونة جمال اللى كان شرف واقف لى فيه لما جالى بالليل يوم ما كان بيلعب كورة فى النادى . فضلت أفتكره لما كان واقف لابس الكاب وهو بيبص لى وبدأ يقلع الكاب عشان أعرف أشوف ملامحه انتبهت لقيت نفسى بمسح دموعى من عنيا وأنا باصة على المكان الفاضى اللى شرف مبقاش واقف فيه وإحتمال كبير إنه ميقفش فيه تانى . كنت بتنهد بكل وجع وبقول فى سرى يابخت خطيبتك الجاية مع إنى عارفة إنها مش هتكمل معاك لأنها مش هتحبك زيى لكن يا بختها لأنها هتقضى معاك يومين . نفسى اسألك هتفضل تخطب وتسيب كتير كده ؟ هتفضل مالكش غالى كده ؟ مافيش حد تتمسك بيه ؟ مافيش حد تضحى عشانه؟ كل حاجة رخيصة عندك كده ؟ كل حاجة سهلة عليك كده؟ تروح واحدة تيجى غيرها ؟ لقيت نفسى ببكى بحرقة وببص على مكانه وبقول نفسى أفرح بيك بقا .نفسى تتجوز بقا وتلحق سنك اللى معرفتش تلحقه معايا .كفايا لعب ببنات الناس بقا .هتتحاسب بذنبهم وأنا خايفة عليك من ذنبهم أوى .كنت أقصد ذنبهم اللى هو ذنبى أنا .مسحت دموعى على صوت ماما وهى بتنادى .دخلت من البلاكونة وأنا فى طريقى لماما لقيت نفسى بحط الخط بتاعى فى تليفونها مش عارفة ليه عملت كده ..دخلت اشوفها عايزة إيه وفى رجوعى مسكت التليفون بصيت عليه وكانت المفاجئة إنى بعد دقايق معدودة من فتح التليفون سمعت صوت رسالتين . الرسالة الأولى مكتوب فيها ( هذا الرقم حاول الإتصال بك ) وفى الأعلى أسم (شرف).. والرسالة الثانية مكتوب فيها ( عارف إنك زعلانة أنا أسف غصب عنى وكل سنة وإنتى طيبة ) كان بداخلى قرار بأن لا أجيب على رسائله أبدا ولكنى اثناء قراءة الرسالة ضميت الموبايل إلى حضنى وقلت ( وإنت طيب ) اكتفيت بالرد فى سرى فقط لكن مكنتش قادرة ابعت له الرد نهائيا ..كان الوجع اللى جوايا أقوى بكتير من إنى أرد وعلى أد ما كنت فرحانة إنه اتأسف لى لكن مكنتش قادرة أسامحه أبدا لأن جرحه كان أقوى من أى كلمة أسف ممكن تتقال
قصيدة أسفك
أسفك مش هيداوى الجرح
أسفك مش هيرجع فرح
أسفك ليا مجرد كلمة
بتقولها عشان ترضى ضميرك
أسفك مش هيوقف دمعى
أسفك مش هيقلل وجعى
قصدك يعنى تطيب خاطرى
لا وفرها وكتر خيرك
كنت أشعر بوجع لم يحتمله قلب بشر . كنت أشتاق إليه وأتذكره أيضا عندما كان يقول لى وحشتنى كل حاجة فيكى لم أستطيع نسيان تلك الكلمات الجميلة التى كان يرددها لى .. ولكنى لم أنسى أيضا كلماته القاسية التى أعتبرها خنجر فى صدرى يؤلمنى كل يوم وكل ساعة وكل لحظة .وفى يوم لقيت نفسى بكتب له وبقول له( عارف إزاى تقتل حد ؟ قول له بحبك قول له أنا ليك قول له وحشتنى كل حاجة فيك وبعد يومين سيبه قول له إنسانى أصل أنا مش ليك قول له خدعتك وأنت صدقت زى العبيط قول له (أسف) أصلى كنت بجرب الحب عليك وتأكد ساعتها والله هيموت . زى ما أنت عملت فيا بالظبط ) وبعد دقايق اتفاجئت بالرد .. يقول شرف فى رسالته ( فكرى شوية أنا أبويا كان معايا هو وأخويا . ووالدك قدامهم قال كل شيء قسمة ونصيب هفتح الكلام إزاى من غير مايكون فيه بوادر من عندك وأقول إن الناس شاريين ) أرسلت له الرد وقلت ( قلت لك خد رقم ماما وكلمها وهيا هتظبط لك كل حاجة لكن أنت حاطط السكينة على رقبتى وعايز تدبحنى تانى وكنت فى انتظار الرد ولكنه لم يرد مازال متمسكا بكرامته .. مازال قاسيا..لم يخضع لجرحى ..ولم يرحم ضعفى .لكنى فى هذا الوقت أحاول أن أحنن قلب أمى على شرف فهى كادت أن تكرهه من شدة قسوته عليا فكنت أحاول تهدئتها تجاهه فقرأت لها رسالته ولكنى زودت فى أولها (عارف إنك زعلانة بس والله غضب عنى ) الذى أخذتها من رسالته الماضية لتجمل رسالته العنيفة الجديدة وبعد ما زودت تلك الجملة أكملت قراءة رسالته لأمى ثم نقلتها فى مسودة الهاتف حتى تكون دليل لهم إن شرف شارينى ..نعم كنت أكذب ولكنى لا أعرف هل أكذب على أمى أم أكذب على نفسي .هدئت أمى تجاه شرف ولكن لم يهدأ قلبى من جرحه . فقلبى يعلم الحقيقة المرة التى جملتها لأمى وأنا أتذوق مرارتها بمفردى كل يوم وهى أن شرف لم يعاود الإتصال بى مرة ثانية.. كنت أبرر غيابه أمام أمى محاولة أقنعها أن ظروف عمله هى التى تمنعه من الإتصال وأنا أعلم بداخلى أن ظروفه تحسنت بكل تأكيد . كانت تمر الأيام إسبوع تلو الأخر وكانت تمر التواريخ وتمر معها أوراق النتيجة حتى تفاجئت بتاريخ فراقنا الموافق ( ١٣ / ٨ ) . نعم إنه التاريخ الذى جاء فيه ( على) أخو شرف ليأخذ منى هدايا شرف ويرجع ليا هدايايا مع صور الخطوبة المقصوصة .ياله من أصعب يوم ..تقلبت المواجع وتحرك الحنين مما جعلنى أمسك بالموبايل وأكتب لشرف والدموع على خدى تسيل وقلت فى رسالتى ( عارفة أنك مبتحبنيش لكن مش عارفة لحد إمتى هتفضل توحشنى ) وبعد دقائق وجدتنى أكتب له رسالة أخرى قلت فيها ( النهارده نفس التاريخ اللى سيبنا بعض فيه عدت سنة ونفس الوجع موجود ياترى أنت حاسس بوجعى ولا لاء ) ولكن قبل إرسال هذه الرسالة لقيت التليفون بيرن فى إيدى . فى ذالك الوقت كان أبى فى الشغل جريت على البلاكونة وكانت الساعة السادسة صباحا .رديت بلهفة وقلت : ألو ..فوجدته يقول : إيه الكلام اللى إنتى بعتاه ده ؟ قلت له : باعته إيه ؟ قال لى : إيه مبحبكيش دى مين قال لك إنى مبحبكيش .ابتسمت وقلت له : قلبى . قال لى : قلبك عارف إنى بحبك .قلت له : فيه حد يحب حد يبيعه .قال لى : أنا مبعتكيش يا أمل أنا موقفى زى موقفك زيى زيك بالظبط مش عارف أكلم أبويا زى ما إنتى مش عارفة تكلمى أبوكى إحنا الإتنين موقفنا واحد .قلت له : بس أنت الراجل أنت اللى المفروض تيجى قال لى : والله عارف بس أجى لو أنا اللى رافض مش هتكسف وهكلم أبوكى واجي لكه البيت كمان لكن المشكلة إن أنا اللى مرفوض وأبوكى قال لنا كل شىء قسمة ونصيب يعنى كأنه طردنا من البيت بالظبط يبقى إزاى أقول لأهلى يجو تانى ؟ وحتى لو كلمت أبوكى . أبويا لما يعرف هيقول لى كلمت الراجل اللى طردك ؟كان كلامه مقنع .وموقفه محرج فعلا أنا لو مكانه هتحرج أروح لناس طردونى . قلت له طب لما أنت بتحبنى فعلا ليه بتعاملنى بالقسوة دى ؟قال لى : عشان عايز أكرهك فيا مكنتش عايزك تتعلقى بيا أكتر من كده .أنا لو فعلا بكرهك يا أمل كنت قفلت فى وشك ساعة ما دعيتى عليا لكن فضلت مستنيكى لحد ما أنتى اللى قفلتى فى وشى .لو بكرهك مكنتش بعت لك رسالة فى العيد وأقولك فيها كل سنة وإنتى طيبة .. كنت بدمع وأنا بسمعه مكنتش لاقية رد على كلامه غير كلمة (بحبك) فضلنا نكلم بعض لحد الساعة ٩ صباحا . وكل ما نقفل مع بعض ألاقيه بيتصل تانى ويقول لى مش عايز آسيبك ونفضل نتكلم كمان ساعة وأول ما نقفل ألاقيه بيتصل ونفضل نكمل كلامنا كمان ساعتين فضلنا كده لحد الساعة ١٢ الضهر . كنا كل يوم بالوضع ده نفضل مع بعض بالساعات وكل كلامنا حب فى حب . نعم دق الحب بابى من جديد فتحت له وأنا أعلم أن الطارق هو أنت .. صاحب اليد التى طرقت باب قلبى سابقا واليوم تدق باب قلبى مجددا وسأظل أفتح وأفتح ولم أتردد بل كان حبه يدق قلبى كل يوم وكأنها المرة الأولى . جعلت له مسكنا وعنوانا جديدا فى قلبى فهذه المرة الحب من طرفين وليس من طرف واحد . كنت أعيش معه سعادة لا يوجد لها وصف وأتفقنا أن كلا منا يعترف لأبيه عند أول فرصة يكون فيها الوقت مناسب وهو الوقت الذى يكون الأب فيه رايق البال حتى يتقبل الموضوع بهدوء وببساطة وكان قرار الإعتراف هذه المرة قرار حاسم ..كانت أمى بجانبى تدعمنى وتبحث معى عن الوقت المناسب الذى أستطيع فيه الحديث مع أبى . وفى ظل هذه الأيام تفاجئت بشرف يقول لى أنه قابل أمانى بنت عمي طاهر بالصدفة وتعمد أن يسألها عنى فقالت له: أمل زى ماهى رافضة تتخطب وعندما سألته هى هل هو خاطب أم لا قال لها أنه لم يخطب بعدى .. كان سؤاله عنى لها دفعة قوية تجعلها تحكى لأهلى عن المقابلة وستكون هذه فرصة كبيرة لنا لتسهل علينا إقناع أبى ولكن لم تخبرنى أمانى عن هذه المقابلة نهائيا رغم تبادل المكالمات التلفونية بيننا يوميا مما جعلنا نشعر أنا وأمى بإحباط إنها فرصتنا الوحيدة ..وبعد يومين تفاجئت أمى ببنت خالتى تحكى لها وتقول دى أمانى قابلت شرف وسألها عنكم وقال إنه لسه مخطبش ده شكله لسه بيفكر فى أمل . وأخيرا مسكت أمى الفرصة وكنا نحن الإثنين فى انتظار الوقت المناسب بفارغ الصبر وكلما كنت أدخل لأبى وأنوى أن أحكى له تقول لى أمى إستنى بلاش النهارده كان الخوف يحوم حولنا وكان قلبى ينقبض كلما يقترب لسانى من الإعتراف ..فى هذه الأيام كان خطى دائما فى تليفون أمى لكثرة المكالمات بينى وبين شرف وكنت دائما أجعله فى وضع صامت واخبئه فى دولابى ومرت الأيام هكذا مابين الرعب والخوف وفى ذات يوم وأنا نائمة دخل أبى حجرتى قائلا : فين موبايل أمك ؟ استيقظت مفزوعة وظل أبى يردد سؤاله : فين موبايل أمك ؟ لم استطيع الرد فالموبايل فى ذالك الوقت كان بداخله خطى وكانت أرقام شرف موجودة فى سجل المكالمات وجميع رسائله أيضا موجودة داخل الموبايل فكنت أرتعش من شدة خوفى وكان تفكيرى مشلول تماما . ومازال أبى يسألنى عن الموبايل وأنا أردد فى رعب معرفش قال لى أبى : قومى دورى عليه قمت بالفعل وكنت أبحث بطريقة عشوائية فى أماكن مختلفة ومن شدة رعبى كنت أعيد البحث فى نفس الأماكن دون أن أشعر وفجأة وجدت أبى يقول : فين رقم شرف ؟ نظرت له وأنا مصدومة وقلت : شرف مين ؟ رد قائلا : رقم شرف اللى على الموبايل .كنت ابتلع ريقى وقلبى يدق بشدة . وهو مازال يقول: فين رقم شرف اللى إنتى حطاه على الموبايل ؟ رديت بصوت مرتعش وقلت : يعنى إيه ؟ وفجأة وجدته يضحك ويقول إنتى مالك أنا عايز رقم شرف عشان أكلمه وبعدها سمعت صوت أمى أيضا تضحك بالخارج ثم يفاجئنى أبى بقوله ( أمك قالت لى كل حاجة ) وجدت نفسى فى هذه اللحظة أرمى نفسى فى أحضانه وأنا أبكى وأقول : يعنى أنت موافق ؟ ضحك أبى وقال أيوه موافق يا حبيبتى . ظليت أحتضنه وأبكى وأخذت أقبل يده ودموعى تتساقط عليها من شدة سعادتى . لم أصدق نفسى ولم أستطيع أن أستوعب ضحكات أبى وهو يقول ( أمك قالت لى كل حاجة ) هل إننى مازلت نائمة؟ هل أنا أحلم ؟ كانت المفاجئة شديدة وكأن انزاحت من على صدرى جبال . أعطيت لأبى الموبايل وخرجنا إلى أمى .كانت أمى تضحك وتنظر لى وتقول ( وفرت عليكى أى خدمة) حضنتها وقبلت رأسها وكنت فى قمت سعادتى . جلس أبى وأمى يحكوا لى كيف علم أبى بموضوع شرف وكيف دار الحديث اثناء نومى . قال أبى : أنا جيت من الشغل بقول لأمك إنى قابلت جمال صاحب شرف سلمت عليه وفضلنا ندردش وفى وسط الكلام جت سيره شرف فبقول له هو خطب ولا لسه ؟ رد جمال وقال لى : أه خطب فبقول لأمك ده شرف خطب .ردت أمك وقالت : لا مخطبش.. فبسأل أمك عرفتى منين إنه مخطبش .ردت أمك وقالت لى :إن شرف قابل أمانى بنت طاهر وقال لها إنه مخطبش وسألها عن أمل . فبقول لأمك الواد ده مشفتوش خالص من يوم الفركشة والله نفسى اشوفه . ردت أمك وقالت : إحنا شوفناه عند الفرن وسلم علينا وبعت لك السلام .فبسأل أمك : أمل سلمت عليه ؟ قالت لى أه سلمت. فسألتها: عيطت ؟ قالت لى : أه عيطت . قلت لها: والله أمل صعبانة عليا بس إنتى اللى مش هتوافقى إنه يرجع لأنك كرهاه من أفعاله .ردت أمك وقالت : أنا عن نفسى لو شرف رجع هوافق .قلت لأمك : بعد إيه .بس والله ياريت يرجع على الأقل البت تتجوز بدل ماهى عمالة ترفض فى العرسان كده ومحدش فينا قاعدلها .لقيت أمك بتضحك وبتقول لى: ماهو فعلا رجع بس البنت خايفة تقول لك . قلت لها رجع إزاى ؟ فأمك حكت لى إنك كلمتيه لما كنتى عند خالتك وقال لك إنه خاطب ورجع إتصل بيكى وقال لك إنه ساب خطيبته ومن يومها وأنتم مش عارفين تقولوا لى قمت أنا بقا أعمل فيكى مقلب وأخضك .ردت ماما وقالت : ده أول ماعرف فضل يقول أه يابنت اللزينه وقام دخل عليكى الأوضة وأنا هنا عمالة أضحك على منظرك ..فضلنا نضحك أنا وبابا وماما.وفجأة لقيت بابا بيقول لى تعالى ملينى رقم شرف .ردت ماما وقالت : أنت هتكلمه؟ رد بابا : أيوه هتصل وهفهمه الأول إنى بره البيت عشان ميشكش إنى عارف حاجة وهقول له إن جمال قال لى إنك خطبت فحبيت أتصل أبارك لك .ردت ماما وقالت : ده كويس بقا إن جمال قابلك النهارده .رديت وقلت: فعلا لو مكنش جمال قابل بابا مكنش بابا هيلاقى حجة يتصل عشانها ومكنش بابا عرف الموضوع أصلا . وبعد لحظات من الضحك دخل بابا البلاكونة وبدأت أملي له رقم شرف وفعلا إتصل بشرف .كنت واقفة جانبه حاطة إيدى على قلبى ووشى مبتسم .وأول ما رد شرف لقيت بابا بيقول له : إزيك يا حبيبى أنا عمك ثم أكمل قائلا : لالا أنا عمك أبو أمل .. إزيك أنت يا حبيبى أخبارك إيه .. ده أنا قابلت النهارده جمال وجات سيرتك فى الكلام وعرفت إنك خطبت وقلت أتصل أبارك لك إيه ده فركشت إمتى إيه السرعة دى وفضل يضحك . وفجأة لقيت بابا بيقول لا أنا بره البيت ليه فيه حاجة ولا إيه ؟ ماشى يا حبيبى نتقابل فى أى وقت النهاردة الساعة كام ؟ ماشى يا حبيبى ٨ ونص هكون على القهوة ..قفل بابا مع شرف وبدأ يحكي لنا إن شرف عايز يقابله النهاردة بالليل الساعة ٨ ..كنت أسعد إنسانة فى الدنيا وفعلا أول ما جات الساعة ٨ نزل بابا عشان يقابل شرف على القهوة .. اليوم ده فكرنى بأول يوم شرف جه اتقدم لى فيه وبابا نزل يقابله على نفس القهوة .. كنت بحسد بابا وبقول يا بخته إنه هيشوفه ويتكلم معاه ويقعدو مع بعض فى مكان واحد . كنت مستنية بابا كأنى عروسة جديدة أبوها بيقابل عريسها .. كأن شرف بيتقدم لى لأول مرة وكأنى أول مرة اتخطب جه بابا وجاب معاه الخبر السعيد شرف خلاص هيكون نصيبى وهيجى يوم الخميس هو مامته . كنت بفتكر عصام وبقول سبحان مغير الأحوال كان عصام ومامته هما إللى بيجوا ودلوقتي شرف ومامته هما إللى هيجو؟ مش قادرة أصدق نفسى كنت مستغربة أوى من فعل ربنا واللى كنت مستغربة له أكتر إن النهاردة 21/9 هو نفس التاريخ إللى كنا هنتجوز فيه السنة إللى فاتت .يعنى رجعنا فى نفس تاريخ جوازنا إللى كنا محددينه قبل الفركشة . كانت أجمل صدفه وطبعا بابا قالها لشرف لما قابله على القهوة وشرف طلع فاكر التاريخ وقال لبابا مكتوب لنا نتجوز بعد سنتين ضحك بابا وقال له عشان كنت إنت مستعجل وطبعا فى نهاية المقابلة بابا أدى رقمى لشرف على أساس إن بابا ميعرفش أننا بنكلم بعض .. تانى يوم الصبح وبابا بيلبس عشان يروح الشغل لقيت شرف بيتصل . أول مرة أحس إنى بكلمه فى النور .أول مرة أكلمه وأنا فاتحة باب الأوضة .أول مرة اكلمو من غير ما اوطى صوتى . اول مره أسجل رقمه بإسم حبيبى من غير ما أمسح الرقم بعد المكالمة .أول مرة أعلى صوت النغمة بتاعته .أول مرة مخبيش الموبايل فى الدولاب كنت بكلمه وأنا حاسة إنى أسعد إنسانة على وجه الأرض وكان هو كمان صوته مبسوط أوى وهو بيقول لى : إزيك يا أمل رديت بسعادة و قلت له الحمد لله ياشرف . قال لى :صوتك مبسوط النهاردة أوى قلت له طبعا مبسوطة جدا جدا وطايرة من الفرحة كمان .لقيت بابا داخل عليا بيقول لى : أيوه يا عم المبسوط بصيت له وضحكت وفجأة لقيته بيأخد منى التليفون وبيقول لشرف : صباح الخير يا حبيبى إيه يا عم شرف أول مرة أشوف البنت فرحانة كده ربنا يسعدكم يا حبيبى. فى أثناء حديث ابى مع شرف كنت أنظر لأبى وأتزكره حين كان يجبرنى على محادثه عصام فلم يرى على وجهى تلك السعادة الذى يراها اأن .أنهى بابا حديثه مع شرف قائلا: يلا أسيبك عشان أروح الشغل أنا قلت أصبح عليك خد أمل معاك أهى أخذت من أبى الهاتف فى لهفة فلم يعد يحتاج أبى إلى محايلات أو إجبار .إنه شرف وليس عصام .. تركنى أبى وذهب إلى شغله أما أنا فأكملت مكالمتى مع شرف دون أن اغلق الباب فكنت بكامل حريتى أحادثه بصوت مسموع .وفى وسط الحديث وجدته يقول: على فكرة أنا كلمت أخويا وقعدنا أنا وهو أقنعنا أبويا .واتفقنا إن أمى هتجي لكم يوم الخميس .قلت له : وإنت مش هتيجى معاها ؟ قال لى : هى هتجي لكم الأول على الظهر كده وأنا هبقى أجي لكم بالليل .مكنتش قادرة اصدق ان شرف هيجى بعد أربع أيام . كنت بعد الساعات والدقايق بفارغ الصبر ففى هذه الفترة كنت أسمع من أبى كلمة خفوا بقا إنتى وشرف من الإتصالات عشان ندخل بقا فى الجد وسيبو بقا الكبار يشوفوا هيعملوا إيه كنت سعيدة بتلك الكلمات التى تشعرنى بأن تحقيق الحلم قد إقترب وظليت أعد الأيام إلى أن أشرق صباح يوم الخميس .ودقت الساعة 12 ظهرا .. حضرت والدة شرف وأخته مريم .. تغيرو كثيرا وكانت الإبتسامة علي وجوههم طوال الوقت أخذت تتحدث والدة شرف مع والدتى .وقمت أنا ومريم ووقفنا في البلاكونة وأخذنا نتحدث عن فستان الفرح و الكوافير وغيره ..وفى وسط الحديث وجدتنى أقول لها : هو شرف هيجى بالليل .قالت: أه إبتسمت وقلت لها مش قادرة أصدق إنى هشوفه وأكيد هيدخل معايا البلاكونة زى زمان وهيقف مكانك كده . يعنى هو هيقف جنبى هنا بجد مش قادرة أصدق . كانت تنظر لى مريم وتبتسم وأنا أقف بجانبها أحلم بحضور شرف وأرسم ما أنتظر حدوثه .مر الوقت وجاء الليل وكنت فى إنتظار الساعة المنتظرة . تفاجئت بذهاب والدة شرف وهى تقول : همشى أنا بقا عشان عايزة أعمل أكل وشرف باين عليه هيتاخر وأنا مش هقدر أستناه . كنت أنظر لها وأقول فى نفسى : أنا الوحيدة اللى بستناه و هستناه وهفضل أستناه العمر كله . ذهبت والدة شرف وكنت أنا مستمرة فى إنتظارى لموعده .وأخذت الساعات تمر وتمر .وفى ظل إنتظاري وجدت بابا يتصل بشرف وسأله قائلا : إنت جاى إمتى إحنا مستنينك . رد شرف : أنا جى من الشغل أهو فى الطريق بس الطريق زحمة لو وصلت بدرى هجيب على وأجى ولو الوقت إتأخر يبقى خليها بكرة . أخذ الوقت يمر وإتأخرت الساعة ولكن مازلت أنتظره فى الشرفة .. كان أبى يقول لى: خلاص يا أمل هو شكله مش جاى النهاردة أدخلى غيرى هدومك بقا . ولكنى مازلت أنتظره .لم أغير هدومى ولم أمسح مكياجى بل ظليت بلبسى وإستعدادى لمقابلته إلى الساعة 11 مساءا .وبعد إنتظار طويل إقتنعت إنه لن يأتى ولكنى ظليت بملابسى إلى أن أتصل شرف وإعتذر قائلا : معلش يا عمى مش هقدر أجى النهاردة هجي لكم بكرة إن شاء الله أنا وأخويا على الساعة 6 كدة . كنت أنام الليل وأنا أتخيل دخوله من الباب وكيف يكون رد فعلى . إستيقظت فى اليوم التالى على صوت أمى وهى تقول لأبى فى الهاتف إنها هتنزل تقبض المعاش وهترجع قبل ميعاد شرف وأكملت المكالمة قائلة : عايزين نجيب حلويات وفاكهة عشان الناس اللى جاية . وبعد انتهاء المكالمة خرجت إليها وقلت : أجى معاكى ؟ فقالت : لا خليكى إنتى رتبى الشقة عشان الناس اللى جاية وأنا مش ه أتاخر . إبتسمت لها وقلت حاضر كنت فى قمة ساعدتى وأنا أنظر إلى الشقة التى سأرتبها بيدى لحبيبى الذى طال إنتظاره . الشقة التى سأمحى منها تراب الغياب الطويل لأستعد للقاء بعد ساعات .. دخلت أمى حجرتها لتلبس.. وذهبت أنا أجهز الفطور لنفسى بكل فرحة و سعادة ثم جلست على الكمبيوتر وقمت بتشغيل أغانى مبهجة قد حرمتها على أذنى منذ عام كامل وفى مقدمة هذه الأغانى أغنية ( هنونى هنونى )
هنوني هنوني
يا ناس هنوني
حبيبي راجع لي
وبتفرح عيوني
في رجعته ليا
بتنور الدنيا
خلوني أتهنى
و لا
تلوموني
138
واحشني قد الكون
بس انتم ما تدرون
أخبي في قلبي
أشواقي و شجوني
و إن حسيته حولي
أطيح من طولي
الغالي لي جاني
يخطفني من كوني
يسلملي، يسلملي
سيدي وكل أهلي
أبدا معاه أبدا
ما خابت ظنوني
والله ما أدري
أناديه يا عمري
أو روحي أو بقلبي
يا ناس دلوني
هنوني، هنوني
يا ناس هنوني
حبيبي راجعلي
وبتفرح عيوني
139
في رجعته ليا
بتنور الدنيا
خلوني أتهنى
و لا
تلوموني
دخلت أمى اثناء الأغنية وبدأت تنتبه إلى كلمات الأغنية ونظرت لى وفي عينيها دموع الفرحة وقالت الأغنية دى معبرة أوى إنتى جبتيها منين . إبتسمت وقلت لها عجبتنى أوى وهشغلها يوم الفرح نزلت أمى وأحضرت الفاكهة والحلوى ثم جاءت في وقت قصير ورتبت أنا الشقة بكل ما فيها ودخلت حجرتى أستعد للزيارة التى طال إنتظارها . دخلت أستعد لإستقبال حبيبى وأنا بداخلى شغف مفرط بأن أراه وهو يدخل من الباب . متى تأتى هذه اللحظة ؟ متى أسمع خبطة يده ؟ متى تخطو قدمه داخل عتبة شقتنا .كنت أنظر إلى الساعة وفى عيونى الفرحة تتعجل العقارب .فكيف يكون اللقاء بعد عام كامل ؟ وفجأة دق جرس الباب .وجدت نفسى أجرى إلى الخارج ووقفت فى الصالون أنظر إلى الباب الذى يدق بل إننى لا أستطيع تحمل إنتظارى داخل الغرفة كما كنت أفعل . فوقفت بجانب أمى وأنا أنظر إلى الباب ويدى على قلبى وعينى مملوؤة بالدموع . ذهب أبى ليفتح . كنت واقفة ناظرة إلى الباب وانا انتظر لحظه دخوله متلهفه ان ارى خطوات حذاءه الاولى وهى تلامس أرض بيتنا .وبعد لحظات بدأت تهل رائحته وبدأت قدمه تخطو إلى الداخل بالخطوة البطيئة وفجأة رأيته . إنه الفجر الذى طال إنتظاره . الفجر الذى جاء لينير ما أظلمه الحزن وما أطفئته الدموع .لقد عاد حبيبى ليملأ الفراغ القاتل الذى تركه لى طوال فترة غيابه.. عاد ليحيا قلبى الذى فقد الحياة عاما كامل عاد ليحتوينى كالطفل الرضيع ألى أحضان أمه .عاد ليظلل عليا بجناحاته كالطائر الذى يظلل على صغاره عاد ليغمرني إلى أحضان المليئة بالدفئ والاطمئنان .عاد ليشبع قلبى من حبه ويسقى روحى من حنانه ويملأ عينى من رؤياه .نعم عاد شرف وارتاح قلبى من العذاب فاليوم هو نهاية كل العذاب والآلام والأوجاع لم أحزن بعد اليوم ولن أبكى مرة ثانية . فقط تتبقى دموع الفرحة هى التى تملأ عيونى الأن وأنا أراه أمامى . دخل شرف ومعه على وسلموا على بابا وماما ثم توجه شرف ليا ومد يده للسلام مديت يدى بكل إشتياق وعينى تبتسم لعينه . جلس شرف على الكرسى المقابل لى كما جلس فى الزيارة الأولى وبدأ ينظر إليا ويبتسم وهو يتحدث مع أبى فلم أكن أستمع إلى حديثه بقدر سماعى إلى كلمات عينيه المبتسمتان والتى افتقدت النظر إليهما منذ عام طويل .ولأول مرة عن قرب بدأ يتحدث على وشرف عن الفترة الذى سنكمل فيها باقى الجهاز وهى شهرين فقط . وفجأة لقيت شرف طلع الشبكة بتاعتى .استغرب بابا وقال له : هى الشبكة لسه معاك ؟ رد شرف وقال : أمى شايلاها بنفس شنطتها زى ما يكون قلبها حاسس إننا هنرجع رغم إنى خطبت لكن مرضناش نفرط فى الشبكة رد على وقال :سبحان الله والله كنا حاسين .كانت الإبتسامة علي وشوشنا كلنا والشبكة قدامنا على الترابيذة وفجأة لقيت بابا بيقول لى :تعالى إقعدي جنب خطيبك عشان يلبسك الشبكة وفعلا قعدت جنب شرف ومديت له إيدى وبدأ يلبسنى الشبكة .ياااه مين يصدق إن اليوم ده يجى .مين يصدق إنى ألبس شبكتك تانى .مين يصدق إنى ألبس الدبلة دى تانى . كان قلبى طاير حواليا وأنا وشرف بنلبس بعض الدبل وفجأة لقيت شرف بيقول لبابا هات مسمار وشاكوش والنبى يا عمى عشان أدق الدبلة دى فى صباعها عشان متتقلعش تانى . أخد الجميع يضحك ويقولوا لنا ربنا يسعدكم يا شرف ويخليكم لبعض . انتهينا من تلبيس الدبل وبعدها قمنا أنا وشرف دخلنا البلاكونة ولأول مرة تجمعنا البلاكونة تانى ونقف سوا على نفس السور وإيدينا فى إيد بعض . وكانت أول كلمة أسمعها من شرف وإحنا فى البلاكونة هى ( أنا أسف حقك عليا وأوعدك إنى هعوضك عن كل إللى فات ) مرت الأيام بدأت أدخل على الفيس من إيميلى الذى يسمى فتاة مجهولة وقمت بحذف جميع الصور الحزينة وأول حاجة أنشرها بعد رجوع شرف هى رسالة لأصدقائى قلت لهم فيها ( رسالة لكل أصدقائى . أنا المجهولة التى كنت أقول لكم دائما وطوال سنة كاملة إننى بلا إسم وبلا سن وبلا عنوان ولكن لا أحد يعلم سر غموضى طوال هذه السنة .. سر غموضى هو حزنى على فراق حبيبى وخطيبى الذى كان بالنسبة لى هو إسمى وسنى وعنوانى حيث أن فقدانى لحبيبى افقدنى اسمى وسنى وعنوانى وحياتي بأكملها واصبحت مجهولة بلا هوية لا أحد يعلم عنى شيئا سوى كلمات حزينة أنشرها على صفحتى تحمل أوجاع وصور دموع وفراق وبرغم تعليقاتكم وإعجابكم لا أحد يعلم ما يختبئ وراء هذه المنشورات المؤلمة سوايا ولكن بصبرى وصلاتى وتقربى من الله عاد حبيبى وعادت معه حياتى من جديد. وبفضل الله عز وجل عادت دبلته إلى إصبعى بل وعاد النبض إلى قلبى وعادت الروح إلى جسدى فلهذا الحدث السعيد قررت أن أحترم هذه الدبلة وأعتذر لكل صديق وأخ بأننى لا أستطيع الحديث معه نهائيا بسبب رجوعى لخطيبى مع رجائى الشديد بعدم زعل أحد منى وتمنياتي لكل شخص منكم بتحقيق حلمه وبالنسبة لأصدقائى البنات أكيد مش هبطل أكلمكم لكن هسيبكم قريب لأن دخلتى بعد شهرين ومش هعرف أفتح النت تانى عقبالكم كلكم وبتمني لكم السعادة من كل قلبى ولكل شخص حزين حبيبه سابه وشاف منشوراتى وعمل لايك نصيحتى ليك هى الصبر والصلاه والتقرب من ربنا زى ما أنا عملت وأكيد هتلاقى أخر صبرك خير) .وبالفعل لم يزعل أحد منى .بل كان الجميع فى إنتظار يوم الزفاف .وفى أواخر الشهرين الباقين على الزفاف بدأنا في إستعداد نقل العفش إلى شقه شرف . وفى يوم نقل العفش الساعة 3عصرا كانت تقف تحت بيتنا أربع سيارات نقل كبيرة وكان الجميع يقوموا بتنزيل كراتين الزجاج والصينى وشنط الملابس والفرش وغيرها حتى امتلؤا الأربع سيارات بكامل عفشى. كنت أنظر من البلاكونة وأنا مبتسمة سوف يسبقنى جهازى إلى عش الزوجية .سوف تسبقنى ملابسى الى دولاب حبيبى . سوف تمتلأ شقته بكل ما إخترته له وإليه .. وفجأه تنبهت إلى صوت البنات أقاربى وهم ينادونى من أسفل ويقولوا :يلا يا أمل إنزلى ومن بينهم أهل شرف الذين تفاجئت بحضورهم ..نزلت على السلالم مسرعة والفرحة تسبق خطواتى ولكنى تفاجئت بأمى تقول لى : إستنينى يا أمل أنا نازلة معاكى بس رجلى بتوجعنى مش قادرة أنزل بإستعجال . قلت لها : على مهلك أنا معاكى وفضلت مع أمى إلى أن وصلت إلى أخر سلمة . وعند وصولنا الشارع وجدنا أهل شرف يملؤون السيارات دون أن يبقى مكان لى ولا لأمى وبدأت تتحرك السيارات بأمر من أخو شرف فى تعجل وإستهتار بتواجدنا .وبكل لا مبالاة ذهبوا بالسيارات وتركونا أنا وأمى مما أضطر أبى إلى توقيف سيارة وذهبنا ورائهم ولكن لم نستطيع اللحاق بهم .فقد ساد الزحام وتاهت السيارات من أمام أعيننا وبقينا وحدنا طوال الطريق دون أن تفرح أمى بعفش إبنتها الوحيدة بل وأنا أيضا افتقد صوت الزغاريد كما إفتقدت فرحتى بالذهاب خلف عفشى وساد الصمت من حولنا إلى أن وصلنا شقة شرف . وعند وصولنا وجدنا السيارات واقفة وبها نصف العفش فقط . فقد كانو سبقونا فى طلوع العفش ولم ينتظرنا أحد منهم .. مما جعل أمى تهمس قائلة فى حزن : طب مش يستنونا حتى لما نيجى؟ كده مفرحش بعفش بنتى؟ وقفنا أنا وأمى بجانب السيارات لبعض لحظات ثم بدأنا فى الصعود إلى الشقة وفى اثناء صعودنا كنت أنا وأمى نحاول نسيان ما فقدناه من فرحتنا حتى نستطيع أن نفرح بما تبقى منها.. وعند وصولنا الشقة وجدنا أخوات شرف البنات وأمه وأخوه ومرات أخوه وعيال أخوه الصغار الذين وجدناهم يدهسون بالتنطيط على طقم الأنتريه بأقدامهم بدون أن يخلعوا الحذاء مما جعلنى أنا وأمى فى حالة من الدهشة نهمس فى صدمة : إيه ده ؟ فوجدنا أمهم تنزلهم من على الأنتريه ولكن الغريب أن أم شرف كانت معترضة على نزولهم وقالت لزوجة إبنها ما تسبيهم يلعبوا ولكن أصرت زوجة إبنها على نزولهم مما جعلنى أنا وأمى خائفين على باقى العفش الذى لا نستطيع إنقاذه من يديهم بدأ بعض أقاربى البنات فى فك الكراتين ورص القليل من الزجاج فى النيش والبعض الأخر يفرش دولاب الملابس . فى هذه اللحظات كانت أم شرف وأولادها البنات يجلسون على طقم الأنتريه ويتابعون فى صمت مما جعلنى أنا وأهلى نتعجب من تواجدهم الغير مفهوم فقد كنت أسمع دائما إن يوم العفش هو لأهل العروسة فقط وليس لأهل العريس ولكنهم أتو دون أى استأذان أو سابق معرفة وفى اثناء رص النيش تفاجئت بوالدة شرف تأخد أمى وتدخل بها حجرة الأطفال وتفتح التلاجة وتقول لها :مقولتيش بقا بالنسبة لخزين التلاجة هتجيبى إنتى اللحوم ولا العصائر والجبن والمربى .تعجبت أمى من هذا السؤال لأنها كانت تسمع من اقاربى إن العريس هو المسؤل عن كافة مستلزمات التلاجة . ولكن أجابت أمى على والدة شرف وقالت : هجيب العصائر والجبن فأجابت والدة شرف وأوعى تنسى المربى شرف بيحبها .خرجت أمى إلى أقاربى كى تبعد عن إستفزاز أم شرف ولكى يمر اليوم دون عواقب فوجدت البنات توقفوا عن رص النيش وبدأو ينشغلوا بتركيب حلقات الستائر فجلست أمى تساعدهم وجلست أنا جنبها أنظر إلى شرف وهو يقوم بتركيب المواسير ويبادلنى بنظرات تضحكنى وتنسينى ما يدور حولى فكل ما يشد إنتباهى هو تحركات شرف حولى الذى تشعرنى بالطمئنانية والسكينة وشعورى بإننى فى بيته وسأصبح زوجته خلال أيام . مر اليوم وقرر الجميع الذهاب لأن الوقت قد تأخر وتركوا باقى الكراتين مغلقة ..واثناء نزولنا وجدنا أم شرف تغلق الشقة ثم أخذت المفتاح معها فنظرنا أنا وأمى وأبى إلى بعضنا البعض وبداخلنا ألف سؤال : إزاى خدت المفتاح وإحنا عفشنا جوه ؟ والدولاب بتاعى فيه متعلقاتى الشخصية ومش معانا مفتاحه . إيه اللى بيحصل وفين الخصوصية ؟ أسئلة كتير كانت بتدور فى دماغنا وإحنا ماشيين فى الشارع . ذهب الجميع كلا منهم إلى منزله وتركونا نفكر فيما يحدث فقرر أبى الإتصال بشرف وقال : إزيك يا شرف دلوقتى إحنا مش معانا مفتاح الشقة . رد شرف :تمام رد أبى بالنسبة لهدوم أمل وحاجتها الشخصية اللى فى الدولاب ؟ رد شريف لو كنت قلت إنك خايف على الدولاب كنت أدي لك مفتاح الدولاب بس إنتم مقلتوش .رد بابا مجاش فى دماغنا رد شرف مافيش مشكلة أنا هقفلك الدولاب بالمفتاح . مر اليوم وفى اليوم التالى تفاجئنا بإتصال من أم شرف إلى والدتى تقول : فين طقم الشاى ؟ ردت ماما : طقم الشاى ؟ ردت أم شرف : أيوه طقم الشاى مش موجود فى الكراتين . ومن هنا عرفت ماما إن حماتى فتحت الكراتين المقفولة وفتشت فيها .ردت ماما : هو إحنا لسه كملنا رص ده الوقت إتأخر والناس اللى معانا كانوا عايزين يروحو وبكرة هنكمل ولما يكمل النيش إبقى اتكلمى . ردت أم شرف : هو إنتم أصلا جيبتوا حاجة . ردت ماما : أربع عربيات محملين حاجات وتقولى جبنا حاجة ؟ وبدأت مشادة تليفونية بين أم شرف وماما وفى وسط المشادة قالت أم شرف لأمى : وفين ترابيزة المكوى .ردت ماما والله ما أنا جيباها استمرت والدة شرف فى استفزاز امى حتى انتهت المكالمه بينهم بشجار عنيف انهته امى برفضها التام لمتتطلبات والدة شرف . وبعد ربع ساعه تفاجئنا بحضور شرف . دخل شرف من الباب وقال لأمى إيه اللى حصل قالت أمى : أمك مش عاجبها اللى أنا جايباه وعمالة تطلب حاجات ما إتفقناش عليها وبعدين هى عرفت منين إن طقم الشاى مش موجود يعنى معنى كده فتحت الكراتين وفتشت فيها . كنت أقف خلف أمى وأنظر إلى شرف وأشير له أن يكون رد فعله هادئا فوجدته يقول لأمى طب إهدى بس يا ماما وإن شاء الله كله هيتحل وبعد إن هدأت أمى ذهب شرف واثناء ذهابه قال لأبى أنا هجيب أمى وأجى بكرة ونحل الموضوع ده . وفى اليوم التالى حضر شرف ومعه والدته وبداوا فى فتح الموضوع مرة أخرى فقالت والدة شرف إزاى مافيش طقم شاى فى الجهاز ؟ ردت ماما وإنتى مش صابرة لما نكمل باقى فرش النيش عشان تعرفى فيه طقم شاى ولا مافيش .ردت والدة شرف أنا فتحت الكراتين كلها ودورت .ردت ماما وإنتى من حقك تفتحيهم أصلا . ردت والدة شرف أيوه من حقى أشوف عفش إبنى .رد بابا إزاى ياستى تفتحى الكراتين طبعا مينفعش فيه أصول ما ينفعش نتعداها هما لسه مكلموش باقى فرش الشقة لما يخلصوا هيبان إيه اللى ناقص واللى مش ناقص برغم إن المفروض محدش يفرض علينا نجيب إيه ومنجبش إيه لأن فيه إتفاق عليكم كذا وعلينا كذا باقى الحاجات التانية بتكون مننا إحنا مش مفروضة علينا .. وهنا كان رد فعل شرف الغير متوقع . حين وجدناه يقطع الحديث برزعة قوية بيده على يد الكرسى بكل عنف قائلا : يلا يا ماما لما يخلصوا فرش نشوف إيه اللى ناقص.. وفى اثناء خروجهم من البيت قالت والدة شرف لأمى خربتيها ؟ وبعد ما مشيو ماما قالت والله ما أنا جايبة حاجة حتى لو المفروض أجيبها طلاما هى اللى نطقت وقالت أجيبها مش هجيبها إحنا كل إتفاقنا مع شرف إنما هى ما جتش إتفقت معانا فى حاجة .رد بابا وقال لى: بقا ده اللى إنتى عايزة تتجوزيه شايفة أسلوبه بيزعق لأبوكى إزاى قدامك؟ وإنتى راضية على أبوكى كده؟ بكرة لما يتجوزك يطردنى أنا وأمك بره ولو حد فينا إتكلم معاه هيقول مراتى وأنا حر فيها . جريت إلى حجرتى وجلست أبكى بحرقة وأسأل نفسى : هو ليه شرف لما جه لوحده كان هادى ولما جه مع مامته بيزعق وبيرزع على الكرسى . ليه لما يكون من غيرها بحس إنه حنين ومتفاهم ولما بيتواجد معاها بيلغى شخصيته وبيمشى ورا رأيها حتى لو غلط . سرحت بخيالى ليوم شراء الشبكة وبدأت استرجع ذاكرتى إن قبل شراء الذهب بيوم طلب شرف إنه ينزل معانا أنا وبابا من ورا أمه وخلانى أختار الذهب فى حدود ٥٠٠٠ وحجز الذهب ومشينا ولما أمه جت تانى يوم على أساس إننا أول مرة نيجى عشان نشترى الذهب راح شرف إدى لأمه الفلوس عشان تطلعها من جيبها قدامنا وتدفعها هيا بنفسها لكن اتفاجئنا يومها إن الدهب رخص ٢٠٠ جنيه راحت واخدة الفرق فى جيبها . حسيت وقتها إنه لاغى نفسه خالص ومدي لها هيا زمام التحكم فى كل شىء . وبدأت افتكر يوم العيد لما جات لى تدينى العدية بداله والأغرب إنها كانت قاصدة تديها لى قدام ماما وإحنا بنوصلها على الباب وماشية لقيتها بتطلع الفلوس عشان تعرف ماما إنها أديتنى العدية برغم إن المفروض أخدها من خطيبى مش من حماتى . ليه لاغى شخصيته كده كنت قاعدة بعيط والمواقف بتمر قدام عنيا ومن ضمن المواقف لما روحنا أنا وماما نأخد مقياس الستاير أيام الخطوبة لقيت والدة شرف بيتقول لماما خدى مقاس الميكرويف ردت ماما وقالت إحنا متفقناش على ميكرويف لقيت شرف بيغمز لماما عشان تقولها طيب وخلاص وبعدها بشوية لقيت أم شرف بتقول لماما إحنا عايزين الستاير من الحيطة للحطية ردت ماما و قالت لها: بس الموضة إن الستارة تكون على قد البلاكونة أو الشباك وبس وقتها لقيت شرف بيغمز لماما تانى عشان تقولها حاضر وتسكتها كان وقتها شخصيته ممسوحة قدام أمه المتحكمة وبرغم كده ماما زودت فى أمتار الستاير عشان ما يحصلش أى مشاكل أو أى عقبات . كنت قاعدة لوحدى بعيط والمواقف عمالة تمر زى شريط الفيديو كنت شايفة نفسى جاية على أهلى أوى وقابلة عليهم حاجات كتير ما ينفعش تتقبل قابلة عليهم حتى الإهانه قلة القيمة وبدأت أفتكر لما أم شرف جات فى رمضان زيارة مع إبنها على وجابت معاها كوفيرتة بدل الياميش وقتها لقيت على بيقول لماما إحنا قلنا نجيب كوفيرتة تساعد معاكم فى الجهاز . ردت ماما وقالت: ليه هو إحنا مش عارفين نجيب كوفيرتة وحسينا بإهانة شديدة . وبعدها شرف وضح لى قصدهم وقال لى أصل إحنا لو كنا جبنا ياميش و بلح كانوا أهلك هيأكلوه إنما إحنا جبنا كوفيرتة عشان تبقى حاجة ليكى إنتى وطبعا يقصد إنها حاجة ترجع له فى بيته ويستفاد بيها . كانت المواقف حواليا من كل مكان وكأن ربنا بيفكرنى عشان يورينى إن الناس دى إستغلالية أد إيه وطماعين وعينهم بجحة ومن الطبيعى إنهم مش هيتكسفوا يفتحوا كراتين الجهاز ويفتشوا فيها لأنهم من يوم ما دخلوا حياتنا وهما ميعرفوش فى الأصول ظلت دموعى على خدى لم تجف وكأن فرحتى محسودة لاأعرف مصيرها وظليت بدموعى إلى اليوم التالى كان أبى مشغول بمكالمات تليفونية طول الوقت مع أمير جوز بنت عمى اللى طلب إنه يتدخل فى الصلح وكان عايز يعرف تفاصيل الموضوع ..كان بابا بيحكي له بكل عصابية وفجأة سمعتهم بيحددوا إنهم يعملوا قعدة رجالة هيكون موجود فيها بابا وأمير وطاهر إبن خالتى وشرف وأخوه والقعدة دى هتم بالليل . كنت مرعوبة جدا وبسأل نفسى ياترى إيه نتيجة القعدة دى وإيه اللى هحصل فيها كنت قلقانة أوى لأن القعدة هتكون بره البيت ومش هبقى عارفة إيه اللى بيتقال . مر الوقت وحان الموعد المحدد لنزول بابا من البيت نظرت إليه من البلاكونة فوجدت أمير تحت العمارة أشار بيده إليا ثم أخذ أبى وذهبوا . كنت فى إنتظار مصيرى بكل شغف مؤلم .. ولأول مرة أعرف معنى الألم الشغف حين تنتظر شيئا وتتلهف لمعرفته بكل وجع . هكذا كنت أنتظر عودة أبى . ولكن اثناء إنتظارى كنت أتذكر عصبية شرف وشكله حين ينفعل ثم أتخيل شكل أبى وهو غاضب ويحلف إننى لن أتزوجه . مما جعلنى أجرى إلى هاتفى وأرآسل شرف برسالة صغيرة كتبت فيها ( أوعى تضيع منى تانى ) وظليت أنتظر . مرت ساعات طويلة حتى عاد أبى إلى المنزل ومعه أمير كان مشهد حضور أمير يذكرنى بحضوره يوم فركشة الخطوبة فكان المشهد متشابها ولكن كنت أتمنى أن تختلف نهايته فدخلت جلست معهم وسألت أمير إيه اللى حصل .إبتسم لى وقال ما تقلقيش .ثم صمت قليلا ثم قال أنا عارف إن كلامى ليكى مالوش لازمة لأنك كده كده متمسكة بيه بس أنا عايز أقول لك الواد ده مالوش أمان . قلت له ليه ؟ حصل إيه ؟ قال لى إنتى بعتي له رسالة صح .صدمت ونظرت إليهم بخجل وقلت أيوه عرفت منين . رد أمير وقال : البيه فتح الرسالة قدامنا وورانا كلامك وقال أنا ها أسكت عشان دى وخلانا قاعدين فى نص هدومنا . يا أمل شرف مالوش أمان المفروض مكنش يعمل الحركة دى ويعريكى قدامنا ويورينا كلام بينك وبينه المفروض محدش يشوفه هو عايز يصغرنا ويحسسنا إنك إنتى اللى بتجرى وراه . كنت أسمعه والدموع تتساقط من عينى ولكنه أكمل حديثه قائلا عموما إطمنى الأمور هتمشى .رد بابا وقال اقسم بالله أنا كنت هبعت عربيات تجيب العفش كله الصبح ومكنتش هقول لحد إنى ناوى على كده وكانت أمل هتتفاجئ إن العفش راجع بس مرضتش أكسر فرحتها ..جريت إلى حضن أبى وقلت يعنى الموضوع هيتم قال لى ما تقلقيش هيتم . فى صباح اليوم التالى تفاجئنا بجرس الباب يرن فتح أبى فوجدت شرف وأخوه على إستقبلهم أبى وجلسوا فى الصالون ومع دخولى أنا وأمى قاموا شرف وأخوه وسلموا علينا ثم جلس على بجانب أمى وقال لها : أنا مش عايزك تزعلى من أمى إنتى مخك أكبر من مخها هى جاهلة لكن إنتى متعلمة وفاهمة وموضوع ترابيزة المكوى مش صعب قالت أمى :أنت بتقول على أمك جاهلة أنت حر فيها لكن أنا حلفت إنى مش هجيب حاجة .ضحك على وقال : خلاص ياستى متجبيش بس المهم متكونيش زعلانة ثم قام شرف وباس رأس أمى وبدأ الهدوء يعم البيت .فأكمل على حديثه قائلا: يلا بقا عشان تنزلوا ونكمل باقى الفرش بدأت السعادة تدخل قلبى من جديد وبدأت الإبتسامة تعود إلى شفاتى ودخلت البس واستعد للنزول وقبل نزولنا دخلت أمى إلى التلاجة وأخرجت شنطة العصائر والجبن والمربى الذى طلبتها والدة شرف ونزلنا جميعا إلى الشقة . وعند وصولنا هناك اثناء دخولنا من باب العمارة بدأت أمى تتصل على أقاربى البنات كى يأتوا لتكملت الفرش معنا . وبدأنا فى صعود السلم وعندما وصلنا الشقة وجدنا أم شرف فى إستقبالنا أخذت الشنط من يدينا فى لهفة وظلت ترص العصائر والجبن والمربى وغيرها وكأنها أمسكت بفريسة دخلنا أنا وأمى وجلسنا ننتظر قريباتى ثم دخل شرف وعلى ثم حضرو إخواته البنات وفجأة وجدت والدة شرف تهمس فى أذنى قائلة قومى أقفى مع شرف راضيه وقولي له معلش على اللى حصل بصى شكله زعلان إزاى يلا قومى متتكسفيش قلت لها بس ده واقف بيعمل كهرباء فى الحمام إزاى أدخل معاه الحمام كده . ردت وقالت : ده فى حكم جوزك دلوقتى يلا قومى أقفى جنبه وقولي له متزعلش من اللى حصل وحاولى تفكيه .قمت وأنا مترددة وبدأت أتجه إلى الحمام فى توتر وعندما رأنى شرف قال : إيه مالك فيه حاجة ؟ قلت له مافيش أنا جيت أقف معاك . ثم أكملت حديثى وقلت : متزعلش من اللى بيحصل . قال لى وإنتى ذنبك إيه قلت له ماليش ذنب بس مش حباك تكون مضايق . قال لى لا مافيش حاجة والله . انتهيت من الحديث مع شرف وعندما نظرت خلفى وجدت قريباتى قد وصلوا فاقتربت منهم وأنا مبتسمة وبدأنا فى تكملت الفرش وبعد انتهائهم من فرش النيش وقف على ينظر بتأمل ويقول : النيش شبه اللوحة الفنية والله ثم اقترب من والدتى وقال ألف مبروك وبعدها اقترب من والدته وقال يلا بقا إنتم الإتنين بوسو بعض وباركو لبعض وبالفعل باسو بعض ولكن ردت والدته وقالت مبروك على إللى هيتجوزوا . تصافت أمى من أجل فرحتى ولكن بداخلها تعرف أن رد حماتى لم يكن صافيا فالمعنى المقصود مبروك على إللى هيتجوزو وليس مبروك لأمى . انتهى الموقف بقبلات غير مقنعة ولكن اعتبرها الجميع بأن تم صلح بين الحماتين وبدأ الجميع يدخلوا حجرة النوم ليكملوا رص التسريحة و الأدراج وغيرها . فى هذا التوقيت وجدت شرف يقول لى : سبيهم هما مع نفسهم وتعالى إنتى أقعدي معايا نسمع أغانى على الكمبيوتر . تركتهم ودخلت معه وعندما جلسنا سويا أمام الكمبيوتر وبدأ فى تشغيل الأغانى على الصب .. وفى اثناء تشغيل الأغانى قلت له :هو إنت ليه مخلتنيش أرص معاهم .رد قائلا : عشان ما يحصلش مشاكل .قلت له مشاكل إيه ؟ قال لى : ممكن حد فيهم يرص حاجة مش عجباكى وتحبى تنزلى الرصة فيزعلوا يبقى ليه بقا نوجع دمغنا خلينا هنا مع نفسنا أحسن عشان مش طالبة حاجة تحصل تانى ولا إنتى مش عايزة تقعدى معايا .ابتسمت وقلت له : طبعا عايزة أقعد معاك وبدأت استمع إلى الأغانى الرومانسية فى تأمل ثم نظرت إلى الأرض بخجل .ابتسم شرف وقال لى: مالك مكسوفة ليه كده هو إحنا أول مرة نقعد مع بعض . رفعت عينى فى عينه وقلت : أيوه أول مرة أقعد جنبك فى شقتنا وعلى سرير الأطفال إللى هينام عليه إبننا .ابتسم شرف وقال لى : يعنى إنتى مكسوفة كده وكل الناس دى موجودة معانا أومال لما نبقى لوحدنا هتعملى إيه . نظرت إلى الأرض وقلت له : معرفش بقا . ضحك شرف وقال طب كفايا أغانى وتعالى اشغل لك فيلم حلو أوى نازل جديد وعلى فكرة عايز أوريكى فستان فرح فى الفيلم ده عاجبنى أوى وعايزك تجيبى زيه وبدأ شرف فى تشغيل الفيلم وجاب لقطة فستان الفرح ولقيته بيقول لى أهو ده الفستان إللى عايزك تجيبى زيه .. قلت له ده من النوع المجسم قال لى أيوه أنا بحب النوع ده أكتر من المنفوش قلت له بس أنا بحب المنفوش أكتر لكن هجيب إللى أنت بتحبه طبعا عشان أكون فى الشكل اللى أنت نفسك تشوفنى بيه .قال لى تمام أنزلى بكرة إنتى وإخواتى وشوفى الفستان علشان خلاص مافيش وقت ولازم الفستان يتحجز . كنت أنظر إلى عينيه وهو يتكلم وأقول بداخلى أخيرا هلبس لك الفستان الأبيض يا نور عينى فكنت أشاهد معه الفيلم وأرى العروسة وهى مرتدية الفستان وأتخيل نفسى مكانها وأنا أراقص شرف بنفس الفستان. ظليت أتخيل وأتخيل حتى مر الوقت سريعا وحان وقت ذهاب الأقارب فبدأ الجميع يلم الكراتين الفارغة والبعض الآخر يلم الأشياء المتكررة من الجهاز ووضعوها فى كرتونة واغلقوها حتى يعيدوها إلى بيت أمى ولكن وعندما بدأ إبن خالتى يحمل الكرتونة وينزل بها على السلم . تفاجئنا ب على أخو شرف يوقفه ويقول له : أنت نازل بالكرتونة دى على فين تعجبت أمى وقالت له : دى حاجات أنا جايباها زيادة ومتكررة ردت بنت خالتى وقالت : أصل هى جايبة من نفس الحاجة إتنين وتلاتة فإحنا إخترنا أحسن حاجة منهم ورصناها .رد إبن خالتى قائلا وباقى الحاجات المتكررة دى هترجع على البيت عشان أمها اللى جايباها ومن حقها تاخدهم . كانت نظرات على تثير جدل الجميع وكأنه كان متعشم إن يأخد منا الكرتونة إلى بيت والدته . كان الطمع يشع من عينه وهو معترض على أخذ أمى لتلك الكرتونة وكأنها من ماله . ولكن لم تستمر نظرات الطمع كثيرا فسرعان ما تحولت إلى نظرات ذهول حين أخد إبن خالتى الكرتونة بالإجبار ونزل بها كى يعيدوها إلى بيتنا . وعندما رأى على نفسه أمام الأمر الواقع رد قائلا : أيوه طبعا من حقها تاخدها . نزل الجميع وذهب كلا منا إلى بيته . وصلنا المنزل بالكرتونة و بات أبى وأمى فى تلك الليلة سهرانين يتذكرو نظرات على وإعتراضه على نزول الكرتونة ثم يستعيدو كلمات إم شرف وردها المستفز حين قالت مبروك على إللى هيتجوزو .أما أنا فكنت أستعد للغد المشرق إنه يوم حجز الفستان الذى إختاره لى شرف .. حبيب العمر الذى سيصبح زوجى خلال ساعات قليلة فى اليوم التالى .اتفقنا على النزول مع أخت شرف الصغيرة التى تكبرنى بعشرة أعوام تسمى هنادى نزلت معها وأنا فى قمة سعادتى متلهفة وأنا أنظر إلى فتارين فساتين الأفراح باحثة عن الإستايل الذى يرغبه شرف . فدخلت عدت محلات وقررت أقيس بعض الفساتين الموجودة.. كنت أرغب بشدة أن يكون فستانى منفوش كما كنت أحلم أن يكون . فلذلك طلبت من صاحبة الأتيليه أن أقيس فستان منهم على سبيل التجربة فقط كى أرى نفسى به لآخر مرة قبل شرائى للإستيال المجسم وبالفعل ارتديت الفستان المنفوش ووقفت به أمام المرآة فقالت صاحبة الأتيليه على فكرة المنفوش عليكى أحلى من المجسم . رديت وقلت وأنا كمان بحب المنفوش جدا : بس خطيبى عايز المجسم وأنا عايزة أكون فى الشكل اللى هو بيتمنى يشوفنى فيه. فابتسمت وقالت ربنا يخليكم لبعض . ثم بدأت فى خلع الفستان وذهبنا إلى أتيليه أخر كى أبحث عن الإستايل الذى طلبه شرف . فدخلنا أتيليه به عدت فساتين زفاف مجسمة وبدأت أنظر إليهم فى ابتسامة ثم طلبت من صاحبة الأتيليه أن أقيس فستان معين منهم وبدأت أرتديه وأنا أردد قائلة : أكيد الفستان ده اللى هيعجب شرف أوى . فى هذا الوقت كانت أخت شرف تقف مع صاحبة الإتيليه ويتحدثوا سويا .وبعد لحظات خرجت لهم بالفستان وقلت إيه رأيكم ؟ قطعت أخت شرف حديثها وإلتفتت إليا بذهول ثم قالت آه حلو . كانت نظراتها غير طبيعية وأنا ألف أمامهم بالفستان الأبيض وعلى وجهى السعادة ثم اقتربت من هنادى فى لهفة وقلت تعالى كده بصى لما أرقص كده فى القاعة هيبقى شكل الفستان حلو ولا ضيق من ورا وممكن يتفتح وأنا برقص .ضحكت وقالت هو إنتى هترقصى ؟ قلت لها طبعا هرقص . قالت لى : ماشى يا أختى ثم خرجت إلى صاحبة الأتيليه وقتها تذكرتها عندما كنا نشترى فستان الخطوبة الأحمر حين قالت هو إنتى هتلبسى الفستان عريان كده ده إنتى منحرفة .. تنبهت لنفسى فوجدتها تواصل حديثها مع صاحبة الأتيليه وهى تنظر إليا وتبتسم بكل حقد .ثم وجدت صاحبة الأتيليه تنظر إليا هى الآخرى وتضحك . تركتهم وإلتفت إلى المرآة وبدأت اتأمل شكل فستانى ثم قمت بخلعه وقلت أنا إخترت ده .فقالت صاحبة الأتيليه لازم تدفعوا عربون للفستان فقالت هنادى طيب هتصل بوالدتى تيجى تدفع لأنى مش عاملة حسابى وبالفعل اتصلت هنادى بوالدة شرف ووصفت لها مكان الأتيليه وفهمت من حديثها إن مريم أخت شرف الكبيرة ستأتى معها . وفى اثناء انتظارنا لهم . وجدت شرف يتصل ويقول لى شوفى والدتك لو حابة تجي ليكم على مكان الأتيليه عشان ميبقاش كله راح إلا هى . بالفعل اتصلت بأمى وقلت لها بإننى اخترت الفستان وإننا فى إنتظار والدة شرف وأخته كى يدفعو العربون وعرضت عليها أن تأتى ووصفت لها المكان فقالت لى : ماشى هبلس وجيالك وبعد ربع ساعة حضرت حماتى وعندما علمت بسعر الفستان وجدتها تقول ده غالى أوى مش للدرجة دى ووجدتها تتصل بشرف وتبلغه أنها ستلغى حجز الفستان ولكنه قال لها : لا سبيه طلما شكله حلو مافيش مشكلة . وبعد لحظات حضرت أمى وأعجبت بالفستان كثيرا فقلت لماما :شرف كان عايزنى أعمل كوم قصير للفستان يخبى بس الجزء اللى عند الدراع فوق وأنا عايزة اختار شكل الكوم. ردت صاحبة الأتيليه : بس محتاجين وقت اعملك الكوم . ردت والدة شرف :لا مافيش وقت ده الفرح بعد يومين .واثناء دفع العربون طلبت والدة شرف بادى نصف كوم تحت الفستان ثم أكملت قائلة وقصى الرقبة خليه بحوض مدور فقلت لها بس أكيد هيبقى شكله وحش أنا عايزة كم مش بادى . قالت : لا هيبقى حلو أوى ده على ذوقى واسمعى الكلام مش هتندمى .. أمسكت بالبادى وكنت مترددة فى إتخاذ قرارى وهل حماتى تنصحنى أم تضللنى ؟ هل يهمها مظهرى أم تشوهه حتى ترضى حقد بناتها .. فقالت صاحبة الأتيليه يعنى خلاص العروسة موافقة على البادى ده ردت والدة شرف أيوه مواقفة بس لما نروح البيت مش عايزين زن ومتوجعيش دماغ أمك وتقولي لها لا مش عاجبنى كانت تعاملنى كالطفلة أمامهم ولأول مرة أشعر بهذا الضيق الشديد فى صدرى الذى يجعلنى أريد الذهاب من المكان . خرجنا من الأتيليه وأنا فى غير المود الذى أتيت به . قد فقدت ابتسامتى التى أتيت بها وفقدت أيضا شكل الفستان اللى حلمت به . وبعد خروجنا الشارع العمومى قالت هنادى أنا هروح لصاحبتى يا ماما واسبقكم على البيت ثم ذهبت . ومشينا أنا ووالدتى وحماتى ومريم حتى وصلنا قرب محل عصير . فقالت أمى : تعالوا بقا نشرب عصير قصب من المحل ده . فوجدنا حماتى تقول : لا مريم مبتحبش القصب مريم بتحب كوكتيل . تفاجئت مريم من رد أمها وقالت : إيه ده يا ماما ميصحش كده . فقالت أمى : لا عادى هجيب لك كوكتيل وبالفعل دخلنا محل العصير وطلبت أمى كوكتيل للجميع . كان طلب حماتى يعنى الجوع وإنعدام الذوق والإتيكيت . فنظرات الطمع التى كانت فى عيون إبنها على وهو ينظر إلى كرتونة الجهاز هو نفس الطمع الذى أراه فى عيون حماتى وهى تطلب الكوكتيل بدون حياء .وهذا أثبت لى إن الطمع فى هذه العائلة بالوراثة . انتهينا من شرب الكوكتيل وعند ذهاب والدة شرف وإبنتها وجدت والدة شرف تقول أنا عارفة إن البادى مش داخل دماغك بس صدقينى هيبقى شكله حلو ده على ذوقى ردت مريم وهى تبتسم هيبقى حلو متخافيش على ضمانتى ثم تركونى اختنق من إصرارهم وتحكماتهم الغير مفهومة وذهبوا. ثم ذهبنا أنا وأمى فى طريقنا إلى المنزل ولكن عند دخولى شارعنا كنت أشعر بالإختناق الشديد لم أحتمل الطلوع إلى بيتنا فقد كنت أقف تحت البيت أريد أن أتمشى مع أمى فى شوارع جانبية حتى أهدأ من هذا الضغط النفسي الذى واجهته اليوم . فوجدت نفسى أتصل بشرف وعندما رد وجدته يقول : إيه يا عروسة عاملة ايه . قلت له الحمد لله . قال لى :إيه رايك فى الفستان عجبك قلت له أه عجبنى بس البادى إللى تحت الفستان مش عاجبنى وحاساه هيبقى شكله وحش ومش لايق على الفستان خالص . قال لى لا هيليق . قلت له بس لو ركبنا كوم بدل البادى هيكون أحسن وأشيك .قال لى بقول لك إيه يا حبيبتى مبحبش الزن الكتير أنا مش فاضي للكلام ده .قلت له افهمنى يا شرف أنا عايزة أفرح بالفستان إنت مش مقدر إن أنا جبته مجسم عشانك برغم إنى مبحبش المجسم أصلا بس جبته عشان أرضيك وكمان البادى ألبسه غصب عنى قطع شرف حديثى وقال : بصى يا حبيبتى هو ده إللى عندى لو عايزة الجوازة تتم مشى حالك. مش عاجبك البادى نروح نلغى الفستان وبلاها جواز ده إللى عندى يا بنت الناس .أغلقت الخط معه وأنا فى قمة الإنهيار وأخذت أسأل نفسى : بقى ده شرف إللى كان قاعد معايا على الكمبيوتر وبيقول نفسى أشوفك بالفستان ده هيبقى حلو عليكى فين الرمانسية إللى كان بيتكلم بيها . فين الكلام الحلو اللى كان بيقوله وقتها . طلعت البيت مع أمى وعشت أسوأ ليلة وأنا أرى صفحات أحلامى التى أرسمها تتبدل برسمات ليست من صنع يدى.. بل من صنع يد حماتى وأولادها نعم نمت بدموعى وأنا أرى فرحتى بالفستان قد تهشمت كما تهشمت فرحتى بالذهاب خلف عفشى الذى حرمت منه بسبب أيضا حماتى وأولادها فهم دائما السبب فى تحطيم كل شىء جميل أتمناه .. كما كانوا السبب أيضا فى تحطيم فرحتى بالشبكة يوم شراؤها حين أحرجتنى حماتى وسط الحضور وقالت : يلا إقلعى الدبلة إنتى ما صدقتى . هم دائما السبب فى تشويه كل صورة جميلة رسمتها وسعيت فى تحقيقها فكانت يدهم تلاحقنى بتحطيم كل ما تمنيت حدوثه وكان شرف يخطو على خطاهم دون تفكير .. مر اليوم .وفى اليوم التالى تفاجئت بإتصال من شرف وهو يقول . إزيك يا نكدية . رديت وقلت :كويسه . رد شرف : يعنى بزمتك ده منظر عروسة فرحها بعد يومين. قلت له : يعنى هو فيه عريس يقول لعروسته مش عاجبك البادى نلغى الفستان وبلاها جواز وده إللى عندى يا بنت الناس ؟ ضحك شرف ضحكة كبيرة وقال لى ما إنتى بتتكلمى فى حاجات هايفة يا حبيبتى بادى إيه بس إللى بتفكرى فيه أنا مخى مشغول بحاجات تانية عشان كده بقول لك مش فاضى للكلام ده إحنا فيه عندنا حاجات أهم لسه عايزين نجيب الصندل ونحجز الكوافير ونكلم الست بتاعة الحنة إللى هتجي لك . قلت له حنة ؟ قال لى أيوه طبعا مش إنتى عروسة ولازم ترسمى حنة . ابتسمت وقلت له أيوه .قال لى طيب فكيها بقا ونفكر فى المهم وبالنسبة للبادى والله أنا واثق إنه هيبقى حلو وهتشوفى إمتص شرف كل ما أغضبنى بالأمس وكأن شيئا لم يكن فأكمل حديثه قائلا : إسمعى بقا الأغنية دى أنا ب أهديها ليكى .وعندما بدأت أسمع كلمات الأغنية وجدتها تقول( كل يوم أنام أقوم على الهموم) واكتشفت أنها عبارة عن اغنيه شعبى كلماتها اضحكتنى كثيرا وقلت له : يعنى أنا هموم ؟ قال لى أيوه والأغنية دى بتوصفنى جدا .ضحكت و قلت له لسه دبش زى ما أنت .. فى اليوم التالى ذهبنا إلى الشقة كى نرص المطبخ ونتمم على ما تبقى من الفرش . فوجدت شرف يقول لأخته مريم : بقولكم إيه إنزلى إنتى وأمل جيبوا الصندل وإكسسورات الفستان عشان نكسب وقت . وبالفعل نزلت مع أخته مريم وهى الأخت الكبيرة التى تكبرنى ب12 عام . كانت مريم تحاول التقرب منى أكثر من هنادى فكنت أشعر تجاهها ببعض من الأمان .أخذت طوال الطريق تتحدث معى عن الزواج وقالت : برغم إن أنا وأختى نصيبنا لسه مجاش ومتجوزناش لحد دلوقتى بس أنا أقدر أنصحك بحاجات كتير عن الجواز. قلت لها : زى إيه ؟ قالت لى : يعنى فى أول الجواز بلاش تلبسى كعب عالى عشان ممكن يكون حصل حمل وانتى متعرفيش والكعب خطر على الحوامل . وبدأت تتكلم معى وتحكى لى مواقف وحكايات وفجأة توقفنا عند محل صنادل وإخترنا سويا صندل أبيض اللون ودخلت معى وقسته وأحسست وقتها إن مريم أفضل من هنادى فلم تحمل كمية الحقد التى رأيتها فى عيون أختها حين إرتديت أمامها فستان الزفاف . وبعد أن إشترينا الصندل خرجنا من المحل نبحث عن تاج للفستان دخلنا محل بوتيك وبدأنا نسأل عن تاج ثم بدأنا نختار طقم الإكسسوار إللى هيتلبس على الفستان وهو عبارة عن كوليه وحلق وخاتم وفجأة وقعت عينى على إسورة من نفس شكل الخاتم وعندما سألت عن سعرها وجدتها تلاحقنى وتقول لا بلاش الإسورة دى إختارى حاجة غيرها .قلت لها بس دى شكلها حلو أوى لأنها من نفس شكل الكويله والخاتم رد صاحب البوتيك وقال فعلا دى أكتر إسورة تليق على الكوليه لأنها من نوع الخاتم فوجدتها تقترب من أذنى وتقول أصل هنادى أختى عندها نفس الإسورة دى ولو إنتى جبتى زيها هتزعل وقتها تعجبت من ما تقوله فأمسكت بالإسورة ونظرت إليها ثم أعطيتها لصاحب البوتيك وقلت : شكرا مش عايزاها .خرجنا من البوتيك وأنا أحمل فى يدى شنطة طقم الإكسسوار الغير مكتمل . فالشنطة تحتوى على طقم جميل ولكن ينقصه شىء أحببته ولم أستطيع تكملته فدائما ينقصنى أشياء أحبها وأعجز عن تكملتها . عدنا إلى الشقة وفى يدى شنطة الإكسسوار والصندل . استقبلنى شرف بابتسامته التى دائما تكون كالمسكن لأوجاعى الداخلية .وقال لى : فرجينى بقا جبتى ايه . ابتسمت له ثم اخرجت الصندل وطقم الاكسسوار .قال لى شرف مبروك عليكى . ثم بدأت أفرجهم إلى أمى وأبى وجميع الموجودين ثم بعدها وجدتهم يقولوا : إحنا خلصنا المطبخ تعالى اتفرجى وقولى رأيك . دخلت فوجدت نفسى اسرح بخيالى ورأيت نفسى وأنا أقف أطبخ لشرف . كنت ابتسم وأنا أنظر إلى شكل المطبخ الذى سأقف فيه قريبا وأطبخ لشرف بيدى . قلت لهم جميل أوى تسلم إيديكم وبدأت أنظر إلى باقى الشقة فى تأمل إنها ستصبح مملكتى أنا وحبيبى . إنها عش زواجنا الذى سنختبىء فيه من كل ما يحدث الآن إنها الجنة التى سأخلع فيها ثوب العذاب وأستشعر فيها بكامل سعادتى . لقد فات الكثير و باقى من الزمن يوما واحد فاقتربت مريم منى وأنا سارحة وقالت إحنا مش هنفرش السجاد دلوقتى عشان أنا هاجى بكرة بالليل أرش لكم فيها ميه بملح عشان العين فابتسمت إليها وقلت . ربنا يخليكى ليا يا حبيبتى . ردت أم شرف وقالت : يلا بقا عشان تلحقى تنامى لأن بكرة العصر هنجي لك ومعانا الست الحنانة عشان ترسم لك الحنة . قلت لها بس ليه بدرى كده مش المفروض الحنة تكون بالليل ؟ قالت لى لا عشان تكونى إنتى أول واحدة ترسم وتختارى الرسمة قبل البنات كلهم لأن إنتى العروسة ما ينفعش حد من البنات ترسم نفس رسمتك . فابتسمت لها وقلت : حاضر وأخذت استعد للذهاب مع أهلى إلى المنزل . فى صباح اليوم التالى تفاجئت بإتصال من زوجة على أخو شرف الساعة 11 صباحا تقول فى إتصالها :أنا جاية لك دلوقتى ومعايا الحنانة . قلت لها بس لسه قرايبى ما جوش قالت لى معلش أصلها مستعجلة عشان مسافرة . قلت لها : طب وأنتم مش هتيجو .قالت لى لا إحنا خلاص رسمنا الحنة . صدمت وبدأت أتذكر كلمات حماتى حين قالت ( هنجي لك العصر عشان تكونى إنتى أول واحدة ترسم وتختارى الرسمة قبل البنات كلهم لأن إنتى العروسة مينفعش حد من البنات ترسم نفس رسمتك ) فتنبهت على صوت مرات على وهى تقول : أنا طالعة ومعايا الحنانة هوصلها وأنزل أجبتها بحزن وقلت : طيب . دخلت الحنانة من باب البيت استقبلتها أمى ثم دخلت إلى غرفتى رحبت بها ثم جلست بجانبى وسألتنى : إنتى العروسة؟ .قلت : أيوه قالت طب ومين هيرسم معاكى .أجبت بحزن : مافيش حد .كانت إجابتى حزينة فلقد كنت العروسة الوحيدة التى ترسم الحناء دون أحد حولها وكان هذا بتدبير من أهل الشرف الذين وعدونى بأن يكونوا معى ولكنهم تركونى ولا منى فرحت معاهم ولا منى فرحت بالليل مع قرايبى كنت أشعر بوحدة شديدة وأنا أختار الرسومات التى وعدتنى والدة شرف أن تكون أول الإختيارات.. فقد أكدت لى أن إختيارى سيكون الأول فى الرسومات ولكنى وجدت إختيارى هو الإختيار الأخير مما جعلنى أشعر بخزلان شديد وأنا أختار بقايا رسومات فقط مجرد بقايا وإنما الرسومات الأجمل فقد كانت من نصيب بناتها. بدأت الحنانة فى رسم الحنة وظليت أنا طول الوقت أقول فى سرى . ليه مسابونيش أفرح مع قرايبى بالليل ؟ ليه أجبرونى أستعجل وأرسمها دلوقتى فى عز النهار ولوحدى ؟ ليه عشمونى إنى هكون أول واحدة ترسم وسبقونى هما ؟ ليه وعدونى إنى هختار الرسمة الأول وإختاروا هما قبلى ؟ ألف سؤال وألف كلمة ليه ؟ وأهم ليه فيهم . ليه فرحتى دايما مش كاملة؟ . انتهت الحنانة من رسم الحنة ثم ذهبت دون زغاريت .فقد كنت اتفتقد الكثير من المشاعر التى تخيلت أن تكون. مر الوقت وبعد مرور ساعة تفاجئنا بإتصال من والدة شرف تتصل بأمى تسأل عن أخبار الحنة وتذكرنا بحجز فطير الصباحية وفى وسط حديثها قالت : أعملوا حسابكم على 10 فطاير عشان أوزعهم على جيرانى إللى كانوا فى الحارة القديمة اللى عزلت منها . أغلقت أمى معها الخط وبدأت تحكى لبابا عن طلبها الغريب . رد بابا : مافيش مشكلة مجتش من 100 جنيه كمان مشى الأمور مش عايزين مشاكل . تقبل أهلى طلبها بصدر رحب ولكنى لا أفهم لماذا كل هذا الطمع المفرط وهل من حقها أن تطلب 10 فطاير لها ولجيرانها وكأنها توزع لحمة ؟ والأغرب إنه من جيب أهلى وليس من جيبها حتى تتجرأ أن تطلب لجيران الحارة. هل فطير الصباحية أصبح وليمة لتقرر حماتى توزيعه على الجيران الذين يقيمون فى سكنها القديم .وهل هذه صباحيتى أم صباحيتهم ؟ لا أجد إجابات لتساؤلاتى سوى التعجب من أفعالها التى تدل على الجوع . ربما يكون الجوع هو الإجابة المفيدة لجميع لتساؤلاتى . كنت اتغاضى عن هذه الصفات الشاذة التى أراها فى أهل شرف فكان كل ما يهمنى هو شرف نفسه .ولكن وبعد لحظات تفاجئت بإتصال من شرف يدعونا إلى شقته فورا أنا ووالدى فسأله ابى : خير فيه حاجة ؟ رد شرف : لا أبدا بس فيه مشكلة بسيطة فى مقاس السجاد .رد أبى : طب أنا جاي لك. ذهبنا فى الحال وعندنا وصلنا إلى هناك رن أبى جرس الباب وبعد لحظات فتح شرف ولأول مرة أرى شرف بملابس البيت الداخلية وهى فانلة حملات وبنطالون ترينج ابتسم لى شرف وقال طبعا أول مرة تشوفينى بالمنظر ده بس هتتعودى .تعالى أدخلى ابتسمت له ثم دخلت . ومع أول خطوة داخل الشقة وهى مفروشة كنت أشعر بشعورالزوجة التى تدخل شقتها لتجد زوجها بملابس البيت .وكأنه مشهد سوف أراه لاحقا وفى القريب العاجل . ظليت أنظر إلى شرف وإلى شكل شقتنا بعد فرشها بالكامل .وأنا مستمتعة بهذا المشهد الذي أعتبره جزء من المستقبل الذي سأراه كل يوم وظلت الإبتسامة على شفاتى وأنا أدخل خلف شرف أنا ووالدى فقال شرف تخيلوا إنى لسه بعمل فى البلاكونة لحد دلوقتى برغم إن الفرح بكرة ولسه مخلصتهاش تعالوا شوفوها . دخلنا أنا ووالدى إلى البلاكونة وبدأت اتأمل ما يفعله شرف وإختياره للألوان الذى يقوم بدهنها بل إنه يقوم بتكملة عش زواجنا بلمساته الأخيرة التى ستظل حوالى دائما ولن تفارقنى طوال حياتى. ظلت الإبتسامة على وجهى حتى صولنا إلى الأنتريه فقال شرف بص كده ياعمى مقاس السجادة دى صغير إزاى . نظر أبى إلى السجادة وقال ما أنت اللى واخد المقاسات بنفسك أيام الخطوبة وكانت مظبوطة وأنت إللى قايل إنك عايز سجادة الأنتريه تكون نفس مقاس المربع إللى فى النص ده . رد شرف وقال بس لما الجماعة عندى جم يفرشوا إمبارح لقيوا السجادة صغيرة أوى. وهنا فهمت إن هذا رأى أم شرف . فرد أبى يعنى السجادة صغرت يا شرف ما أنت كنت قايسها بنفسك وقلت أنها كويسة على أد المربع . كنت استمع لهم وأقول فى سرى . لا تتعجب يا أبى فرأيه القديم لم يدم وأخذت أتذكر سبب فركشة الخطوبة حين قال لى شرف إنه قام بدهان الشقة اللون الذى نحبه وعندما حضرت والدته أثناء المكالمة أغلق الخط معى وبعد ذهابها وجدته يتصل ويقول إنه إختار لون آخر وهنا فهمت إنه رأى والدته . إنه الرأى الذى لم يترك حياتنا . الرأى الذى يجعلنا دائما نفعل ما لا نريد . فتنبهت على صوت أبى وهو يقول لشرف طب والحل هنعمل إيه دلوقتى والفرح بكرة .رد شرف وقال روحوا بدلوا السجادة من المحل إللى أنتم جبتوها منه .رد أبى وقال : صاحب المحل مش هيرضى يرجعها لأن فات سنة كاملة على شراء السجادة . رد شرف حاول يا عمى تتصرف لأن شكل السجادة كده مينفعش . كنت أنظر إلى شرف وإصراره على ترجيع السجادة وأتذكر إعجابه بها أيام الخطوبة وأتعجب . فهل رأى والدتك مسيطر لهذا الحد ؟ أين إعجابك وإنبهارك بالسجادة ؟ وكيف استطاعت والدتك أن تتحكم فى شخصيتك لهذه الدرجة ؟كيف استطاعت أن تمحى رأيك بهذا الشكل الملحوظ . فوجدت نفسى أقول لشرف : السجادة دى ألوانها حلوة أوى يا شرف فاكر كانت عجباك أد إيه وأكيد مش هنلاقى نفس الشكل ده تانى رد شرف وقال نجيب سجادة أكبر وفيها نفس الألوان حتى لو شكلها مختلف بس المهم تكون أكبر أصر شرف على تغيير السجادة ولم يراعى إن الفرح غدا. أخذنا السجادة ونزلنا أنا وأبى إلى محل السجاد الذى اشتريناها منه وفى طريقنا إلى هناك قال لى أبى : ينفع إللى شرف بيعمله ده ؟ فرحكم بكرة وعمال يلففنا فى الشوارع كده عشان خاطر السجادة ؟ هى مش السجادة دى إللى كانت عجباه وهو إللى واخد المقاسات بنفسه جاى بعد سنة يقول لى غيرها وأكيد صاحب المحل مش هيرضى نرجعها وهنضطر ندفع تمن سجادة جديدة . كنت صامتة تماما طول الطريق لم أجد الرد فلم يترك لى شرف الرد الذى أدافع عنه به . فقد كنت طوال الطريق استقبل التهانى من أصحاب أبى الذين يقابلونا قائلين : مبروك يا عروستنا يا جميلة . ربنا يتمم بألف خير . وغيرها من الكلمات التى تشعرنى بالفرحة المنتظرة .. الفرحة التى تجعلنى أغمض عيونى عن كل ما يحدث الآن فى سبيل أن أرى الفرحة غدا .. وصلنا إلى محل السجاد .وعندما طلب أبى من صاحب المحل ترجيع السجادة رفض بشدة وقال: دى بقالها سنة كاملة يا أستاذ وأنا مقدرش أخدها بعد المدة دى . فتفاجئت بأبى يختار سجادة بنفس ألوانها ويسأل عن السعر وبدأ يدفع ثمنها الأغلى من السجادة القديمة . مما جعلنى أنظر إلى أبى بكل حزن وأقول له معليهش يا بابا . ذهبنا إلى المنزل بالسجادتين ولا أعرف ما رد فعل أمى حين يحكى لها أبى عن ما حدث وصلنا إلى الشقة وعندما دخلنا من باب المنزل تفاجئت أمى بالسجاتين وقالت لأبى : إيه ده ؟ بدأ أبى يحكى لأمى عن كل ما حدث .. أخذت أمى تضرب كف على كف وتقول هما الناس دول عايزين مننا إيه بالظبط وإيه كمية الإستغلال دى ؟ وليه شرف مستسلم أوى كده لرأيى أمه برغم إن كانت السجادة عاجباه أيام الخطوبة وهو إللى واخد مقاسها بإيده .هى أمه سيقاه للدرجة دى ؟ هى الحاكم الناهى وهو ماشى وراها وخلاص ؟ وبدأت هى الاخرى تحكى ما حدث يوم حجز فستان الفرح وتحكماتها حماتى فى شراء البادى قائلة : أنا كنت ساكتة يومها عشان منكدش عليكى يا أمل ومتجيش تقولي لى إنى عملت مشكلة عشان كده سيبتك تسمعى أحكامها بنفسك . رديت على أمى بإختناق وقلت عارفة إنهم زفت بس المهم عندى شرف وأنا بستحمل مواقف كتير لمجرد بس إنى أوصل بيته و أكون معاه فى بيت واحد . ردت ماما وقالت : استحملتى إيه هو حصل حاجة إنتى مخباياها؟ رد بابا : قولى يا أمل متخافش مش هنعمل حاجة والله فضفضى يا حبيبتى متخافيش . وبعد لحظات من الصمت بدأت أحكى موقف يوم شراء طقم الإكسسوار عندما حرمتنى مريم من تكملة الكوليه برفضها شراء الإسورة التى إخترتها حين قالت : أصل هنادى أختى عندها نفس الإسورة دى ولو إنتى جبتى زيها هتزعل . وقتها تعجبت من ما تقوله فأمسكت بالإسورة ونظرت إليها ثم أعطيتها لصاحب البوتيك وقلت : شكرا مش عايزاها . تفاجئت بأمى تقول لى : إزاى توافقى بكده إنتى من حقك تختارى الإسورة اللى تعجبك مش من حقها تمنعك . ثم أكملت حديثها بعنف وقالت : بالليل لما ننزل نحجز الفطير هنروح مع بنت خالتك نجيب لك الإسورة وخليها تتفاجىء بيكى لبساها فى الفرح . نظرت إلى أمى وأنا مبتسمة وأحسست وقتها بأن أهلى هم سندى الحقيقى الذى لا يعوض ولكن لم تستمر ابتسامتى كثيرا فسرعان ما وجدت هاتف أبى يرن فتفاجئت بأبى يقول ده شرف بيتصل رد أبى : أيوه يا شرف أكرة الستاير ؟ تمام ودى تعمل كام ؟ ماشى ياشرف هبعت لك إبنى ب100 جنيه . وعندما أغلق أبى الخط قال لأمى شرف عايز فلوس عشان يجيب أكرة للستاير بس ميعرفش ثمنها كام فأنا هبعت محمد ب100 جنيه وشرف يبقى يجيب الباقى .وبالفعل نزل أخويا محمد بال 100 جنيه وذهب إلى شرف ليشترى أكر الستاير ولكن لم يعود أخى بالباقى ولم يقول شرف على سعرها حتى حل المساء ولم نعلم شىء عن تمن هذه الأكر وما تبقى من المبلغ الذى بعته أبى . وفى المساء نزلنا أنا وأمى وأبى وبنت خالتى إلى الفرن الذى سنحجز منه الفطير وبعد حجز الفطير ذهبنا جميعا إلى البوتيك الذى اشتريت منه طقم الإكسسوار وعند دخولنا المحل . نظر لى صاحب المحل وقال : أهلا إزى حضرتك .قلت له : الحمد لله ثم أكملت بخجل قائلة : كان فيه هنا إسورة . فوجدت صاحب المحل يقاطنعى ويقول : أيوه الإسورة إللى حضرتك اخترتيها وبعدين سبتيها . رد بابا وقال : أيوه هى ممكن نشوفها . وبعد لحظات وجدت صاحب المحل يأتى ومعه الإسورة انبهر الجميع وقالوا : فعلا لايقة جدا على الكوليه والخاتم .فرد صاحب المحل وقال : ما أنا قلت لك أنها لايقة لكن حضرتك إللى رفضتى تاخديها ..لم يعلم صاحب المحل سبب رفضى ولا يدرى ما الآلام التى كانت تختبئ خلف كلمة ( شكرا مش عايزاها ) لا يعلم معنى الفرحة حين تنكسر وكل ما تختاره بفرحة يصبح ممنوع و مرفوض بالإجبار .لا يعلم معنى إن كل ما تشعر إنه ملكك تجده مسلوب منك بالإكراه . لا يعلم شعور القهر الذى كنت أشعر به يومها وأنا أرفض الإسورة التى أعجبتنى بشدة وتنازلت عنها كى أرضى من لم يهمهم إرضائى . كنت سعيدة بالإسورة كثيرا برغم إن تمنها بسيط جدا .كنت كالطفلة التى تبتهر بأقل الأشياء التى يسعى أهل شرف فى فقدها من يدى. وبفضل والديا استعدت السعادة التى فقدتها بشرائى الإسورة البسيطة خرجنا من البوتيك حاملة فى يدى علبة الإسورة وعلى وجهى الإبتسامة . ذهب أمى وأبى إلى المنزل وتوجهنا أنا وبنت خالتى إلى أتيليه الفساتين حتى نستلم فستان الفرح . وفى طريقى ظلت الإبتسامة ولم تفارق وجهى فكنت أشعر أن باقى من مشوار العذاب خطوة واحدة كى أصل إلى حلم عمرى إنها مجرد ساعات قليلة وسأصبح معه فى بيت واحد . وعند وصولنا الأتيليه رأيت فستانى معلق أمامى وجاهز للإستلام . كان جسدى مقشعرا والدموع واقفة فى عيونى وأنا أنظر إلى فستانى بكل فرحة ولهفة إنه فستان الزفاف الابيض الذى طال انتظاره .إنه الثوبب الذى سأرتديه كى أدخل حياة شرف الأبدية التى لن أفارقها يوما واحدا ..قالت لى بنت خالتى : هتفضلى باصة للفستان كده كتير إبتسمت وقلت لها أنا معاكى أهو . قالت لى:إنتى مش معايا خالص وعند استلامنا الفستان وجدت بنت خالتى تقول لصاحبة الأتيليه : ممكن نقيس الفستان قبل إستلامه . ردت صاحبة الأتيليه : آه طبعا إتفضلى . دخلت البروفة ومعى بنت خالتى وبدأت في ارتداء الفستان بمساعدتها وبعد ارتداءه اقتربت من المرآة وبدأت أنظر إلى نفسى بتأمل وأنا مبتسمة سعيدة بشكلى الذى سيراه شرف غدا بل سيراه جميع من شهدوا على قصة حبى له من الأقارب . فوجدت بنت خالتى تقول : مين اللى جه معاكى وإنتى بتقسيى الفستان ده ؟ قلت لها : أخت شرف . نظرت لى فى صمت ثم قالت: محدش قال لك إنه هيتفتح من ورا وضيق والحزام ضعيف جدا . ثم أكملت حديثها بغضب وقالت : يا بنتى ده ممكن يتفتح وإنتى بترقصى إزاى محدش قالل ك كده . وقتها بدأت أتذكر نظرات هنادى أخت شرف وهى تتحدث مع صاحبة الأتليه وتنظر إليا وتبتسم . فالآن فقط علمت لماذا كانت تبتسم فقالت بنت خالتى لصاحبة الأتيليه ماينفعش نغير الفستان ده بمقاس أكبر ؟ ردت صاحبة الأتيليه ماينفعش يا أفندم لأن الفستان لازم يتحجز من قبلها عشان يتغسل ويتظبط ويتركب له الترتر والخرز . نظرت بنت خالتى إليا وقالت :حسبى الله ونعم الوكيل فى إللى جات معاكى بس إن شاء الله محلولة وأنا إللى هلبسك الفستان وهقفله لك بطريقة ميتفتحش منك ثم طلبت من صاحبة الأتيليه حزام آخر يساعدنا على قفل الفستان ثم وبعدها بدأنا فى إختيار الطرحة وكانت بنت خالتى تشاركنى الإختيار بطريقة مريحة وهى تختار لى الأجمل والأنسب وتحاول الحفاظ على سعادتى بالفستان وتطمئننى بأنها ستكون معى غدا اثناء ارتدائه .أخذنا الفستان وذهبنا إلى الكوافير الذى حجزه شرف لى وعندما طلبت بنت خالتى عمل ماسك الوجه ردت الكوافير وقالت : أخت العريس لما جات متفقتش معايا على ماسكات نظرت لى بنت خالتى فى تعجب وقالت إزاى ده ؟ وفى اثناء حديثنا مع الكوافيرة تفاجئت بحضور اسماء بنت خالتى الأخرى وهى تقول : إنتم فين ده كله إتاخرتوا ليه الناس مستنياكى فى البيت يا أمل . ردت أختها وقالت تصدقى إن أخت شرف متفقتش على ماسك بزمتك فى عروسة ميتعملهاش ماسك . ردت الكوافيرة بصراحة العروسة مش محتاجة ماسكات ما شاء الله عليها هى محتاجة حاجات بسيطة هعملها دلوقتى وبكرة إن شاء هتيجوا لى الساعة 4 العصر لأن العريس هيجى يأخدها 7 حسب إتفاق العريس فياريت تيجوا بدرى . عادت الإبتسامة إلى وجهى وأنا أجلس على الكرسى أمام المرآة وأرى ملامحى بتأمل وكأننى أودعها . ملامح البراءة والطفولة . ملامح البنوتة الصغيرة التى ستصبح غدا إمرأه . نعم ستصبح غدا إمرأه وبعد انتهائى من الكوافير توجهنا إلى المنزل وكنت فى قمة سعادتى وأنا ادخل الشارع بفرحة لا يوجد لها وصف كنت أرى الأنوار على بيتنا تخفق وتضئ .أنها الليلة الاخيرة التى سأبات فيها فى هذا البيت .ومن بعدها سيصبح حضن حبيبى هو مكانى إلى الأبد . دخلت البيت فوجدت الكثير من الأشخاص فى إنتظارى منهم الأقارب ومنهم الجيران كان الجميع فى إستقبالى بالذغاريت والطبل والأغانى . دخلت حجرتى وارتديت عبائة الحنة التى اشتريتها من ضمن جهازى وقضيت معهم أجمل ليلة إنها الليلة الأخيرة من وجودى بينهم إنها ليلة الوداع والفرحة فى ذات الوقت . كان شرف معى على الهاتف يطلب منى أن أنام كى أستعد للغد المنتظر ولكن النوم كان يرفض أن يلتقى بعيونى رفضا باتا . فكنت أنام فى غيابه فقط حتى لا أشعر بعذاب بفقدانه .ولكن كيف أنام اليوم والغد يناديني كى ألتقى بزوجى وحبيبى فى عش زواجنا . كيف أغفو وأنا بينى وبينه مجرد شمس تشرق . فالليل زائل والجميع ذاهب إلا اشتياقى له سيظل باقيا حتى نلتقى تحت سقف واحد . سنلتقى وسيظل لقائنا علامة لن يزيلها الزمن ولن تمحوها السنين وبالفعل ذهب الجميع إلا القليل من الأقارب ومنهم بنت خالتى فقد ظلت معى تلك الليلة الأخيرة وفى اثناء سهرها معنا وجدتها تلاحظ أن الحنة المرسومة على يدى وقدمى قد بهت لونها ولم تعد ظاهرة . فوجدتها تبعت إبنتها إلى العطار لتشترى حناء وأخذت طوال الليل تعيد على الحناء المرسومة حتى ظهر لونها مجددا وهنا بدأت أستعيد فرحتى برسم الحنة وسط أقاربى كما كنت أتمنى مر اليوم وفى الصباح استيقظت بكل فرحة وخوف إنه يوم دخلتى . قمت من سريرى دون أن أنتبه إنها المرة الأخيرة التى سأقوم فيها من هذا السرير بل إنها المرة الأخيرة التى سأفارق فيها تلك الوسادة التى امتلئت بالدموع طول سنة كاملة . قمت وبدأت استعد للذهاب إلى الكوافير . واثناء فطورى معهم وجدت أمى تدمع . فتعجبت وقلت لها مالك ؟ ردت بنت خالتى وعينيها مرغرغة بالدموع وقالت : أمك زعلانة إنك ماشية يا أمل فنظرت إلى أبى وجدته يقول مش هتباتى معانا تانى يا أمل . فوجدت عينى تمتلىء بالدمع دون إرادة وأنا أنظر لهم فى حزن عميق ثم قلت : هبقى أجى أنا وشرف نبات هنا سوا . ردت بنت خالتى وقالت خلاص بقا يا جماعة بلاش نكد . يلا يا أمل قومى إلبسى علشان ننزل للكوافير .قمت و كنت أخطو داخل الشقة بحزن وأنا أنظر إلى تفاصيلها . إنه البيت الذى ولدت فيه وكبرت فيه . إنها حجرتى . إنه سريرى . إنه دولابى وأدركت وقتها إننى سألتقى بشرف ولكن سأفارق الكثير ذهبت إلى الكوافير مع بنت خالتى وبدأت فى عمل الميك آب الذى غير ملامحى من فتاة ال 20 إلى أنثى مكتملة الأنوثة ولكن وفجأة وجدت بنت خالتى تقول لى: تليفونك بيرن . أخذت منها الهاتف فوجدته أبى .رديت قائلة : أيوه يا بابا . فسمعته يقول فى غضب: وبعدين فى شرف بتاعك ده يا أمل .رديت فى لهفة: فيه إيه ؟ رد أبى : البيه لقيته بيتصل بينا وبيقول إزاى طبق الفاكهة فاضى يا عمى نزلت جبت له فاكهة وبعتها مع أخوكى على الشقة . راح شرف إتصل بيا تانى وقال لى ينفع تيجيبوا موز صغير كده اضطريت أنزل تانى اشترى موز كبير . هو مش هيبطل طلبات بقا إحنا مشغولين وعايز أجمع الناس عشان أخدهم على النادى وده عمال يتصل ويطلب فى حاجات هو مش هيجيبها البر بقا ولا إيه . وبعد لحظات من الغضب أخذ أبى نفس عميق ثم قال متفكريش فى حاجة يا حبيبتى وخليكى فى إللى إنتى فيه . أنا بس بفهمك هو بيعمل إيه عموما يا حبيبتى هنبعت لك آكل على الكوافير ثم أغلق الخط . نعم كنت أرى التنازلات كتيرة من أهلى الذين يضغطون على أنفسهم فى سبيل إكتمال فرحتى بعدها بلحظات إتصل شرف ليخبرنى إنه سيأتي بعد ساعة ومعه الزفة فعندما سمعته أحسست بأن قلبى يدق بشده من الفرحة . إنها الساعة الأخيرة من حياة العزوبية إنها الساعة الأخيرة التى أنتظره فيها . إنها الساعة الأخيرة التى اشتاق فيها لحضوره . فاليوم سيحضر شرف ليأخذنى معه ولأول مرة سيأتي إليا دون ذهاب . وفجأة وجدت الكوافيرة تقوم بتشغيل أغانى وبدأت فى إنتظاره حتى تتحول الأغانى فى ذهنى إلى أغنيه شادية (على عش الحب وطير ياحمام على عش الحب قول للأحلام أنا جاية أوام على عش الحب) وبدأت فى ارتداء فستان الفرح لينبهركل من حولى بجمالى وحسن مظهرى الذى سحر العيون وأبهر كل من دخل الكوافير ليرددو (اللهم صلى على النبى - الله اكبر) وبعد تجهيزى بالكامل وقفت بنت خالتى ترش برفان على فستانى ولكنى كنت فى إنتظار رائحة أخرى. إنها رائحة شرف . نعم رائحة برفان شرف الذى اشتاقت له أنفاسى منذ يوم رحيله فمنذ اليوم ستكون هذه الرائحة التى اشتاق إليها هى رائحتى أنا أيضا التى سنضعها سويا وبعد لحظات وجدت كل من يقفوا على باب الكوافير يرددوا قائلين : العريس وصل وبدأ صوت الزغاريت من كل اتجاه حولى . كنت اشعر بقشره فى جسدى من شده الفرحة وأنا عينى على باب الكوافير أنتظر دخول شرف بل دخول زوجى الذى سيصبح حلالى خلال دقائق . دخل شرف من وسط الزحام بالبدلة وفى يده بوكيه الورد وعندما نظرإليا ظل يبتسم ويقول الله ينور إيه الجمال ده ابتسمت له فى خجل وأنا فى قمة سعادتى ثم وضعت يدى فى ذراعه وبدأت الزفة .قد تشبه زفة الخطوبة ولكن هذه المرة أرتدى الفستان ذا اللون الأبيض ذهبنا بالسيارات حتى وصلنا إلى الأستوديو وعند دخولى كان المشهد يذكرنى بصور الخطوبة الذى قصها شرف بالمقص وفصل صورتى عن صورته . ولكن اليوم وعند دخولنا حجرة التصوير بدأنا نلتقط الصور التى تمنيت أن أظهر بها بجانب شرف مجددا حتى اكتملت الصور بوجوده بجانبى مرة ثانية . خرجنا من الأستديو بالزفة حتى وصلنا إلى النادى نزلنا من السيارة وبدأنا نتوجه إلى القاعة.. كنت أمشى بجانبه ولن أصدق أن كل هذا الكم من الأهل فى إستقبالى أنا وشرف. والمأذون فى إنتظارنا ..ظليت أمشى بجانبه ويدى فى ذراعه وعند وصولنا أمام القاعة وجدنا المأذون فى انتظارنا ومعه الدفتر الذى سيدون فيه شهادة ميلادى الجديدة وليس عقد زواجى اقتربنا من المأذون وقد حان موعد كتب الكتاب . جلسنا على كراسى امام القاعه وجلس شرف أمام المأذون ومعهم عمى الأكبر حيث بدأ المأذون بالصلاة والسلام على رسول الله وبعد ذلك طلب من الحضور قراءة سورة الفاتحة . كنت أنظر لهم وقلبى يدق بشدة . فوجدت عمى يمسك بيد شرف ومن فوقهم المنديل الأبيض ويردد قائلا :إني استخرت الله العظيم وزوجتك موكلتي وإبنتي البكر الرشيد “أمل ” على كتاب الله وسنة رسوله وعلى الصداق المسمى بيننا عاجله وآجله والحضور شهود على ذلك والله خير الشاهدين. فى هذه اللحظة كنت أمسك بيد إبنة عمى ويدى ترتعش فوجدتها تهمس فى أذنى قائلة: ركزى يا أمل اللحظة دى أهم لحظة فى حياتك .ثم وبعدها طلب المأذون من شرف أن يردد قائلا : إني استخرت الله العظيم وقبلت زواج موكلتك البكر الرشيد“أمل ” على كتاب الله وسنة رسوله. وعلى الصداق المسمى بيننا عاجله وآجله والحضور شهود على ذلك والله خير الشاهدين. كنت أسمعه وهو يردد الكلمات خلف المأذون والفرحة ترفرف فى عيونى و قلبى ينبض بشدة بين ضلوعى من رهبة المنظر . وبعد لحظات. وجدتهم يطلبوا منى الإمضاء والبصمة على الموافقة بالزواج . وقتها نظرت إلى شرف وكأننى أقول له بأن الموافقة لم تحتاج إمضائى أو بصمتى فهناك بصمة أقوى..هناك سنة كاملة تشهد على الموافقة دون امضاء . هناك دماء سالت على الأوراق تشهد حبك دون شهود .هناك دموع جفت فى غيابك تشهد حبك دون بصمات .هناك عهد قديم اقسمته بين نفسى بأننى زوجتك دون مأذون. كنت امسك بالقلم ويدى ترتعش من الفرحة ثم وضعت بصمتى بجانب بصمة شرف زوجى ولأول مرة أرى صورتنا سويا فى عقد الزواج وسرعان ما وجدت الشهود تضمى على تلك الورقة التى تحمل بصمتنا فبدأ المأذون يردد والحضور ورائه : بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير كنت أنظر إلى شرف وابتسم وصوت الحاضرين يرج المكان وهم يرددوا خلف المأذون كان جسدى مقشعرا والدموع تقف على حافة جفونى .وفجأة وجدتنى زوجته اقترب شرف منى وقام باحتضانى وقد حدث ما كان يجب أن يحدث منذ عام هذا هو اليوم التاريخى الذى تمنيته من شهور طويلة . اليوم الذى انتظرته منذ زمن بعيد. نعم كم كنت أتمنى هذا اليوم وانتظره بفارغ الصبر .كم كنت أتمنى أن يكتب أسمى بجانب أسمه فى عقد الزواج . كم كنت أتمنى أن أرتدى له الفستان الأبيض كم كنت اتمنى ان تبدل دبلته من يدى اليسرى الى اليمنى .ولأول مرة أتذوق طعم دموع الفرحة فى أحضان زوجى كان صوت الزغاريت يسرى فى أركان النادى وكان الجميع يحاول مسح دموعى حتى لا يبوظ الميك آب . وها هى اللحظة التى أدخل فيها من باب القاعة بالفستان الأبيض ويدى فى يده والجميع حولنا يلقوا علينا الورود كنت أسمع صوت التصفيق والزغاريت يملأ المكان والدخان الأبيض يظهر من حولنا وكأننى بين السحاب . كنت أرآقصه طوال الوقت بشراهة وكأنها المرة الأولى التى أرآقصه فيها فلم أجلس فى الكوشة سوى لحظات معدودة وأرآقصه باقى الوقت دون توقف .. إنتهى الفرح بأغنية سهر الليالى التى كانت تشهد لحظة احتضانى له وهو يلف بى وسط المعازيم الذين كانوا يقفوا حولنا بشكل دائرة كبيرة وصوت التصفيق والتصفير يرج القاعة .. كنت أشعر إننى طائرة بين يديه وهو يحملنى ويلف وأنا أضحك من قلبى .لم تلمس قدمى الأرض وكأننى أملك نجوم السماء بيدى . الجميع حولنا يبتسم وفجأة أضاءت أنوار القاعة وحان وقت الرحيل ولكن فى هذه المرة لم يكن رحيله وحده بل رحيلنا معا ولأول مرة سنرحل معا وضعت يدى فى ذراعه ووقفنا نودع الكاميرا بإشارة باى باى . وكأننا نودع حياة العزوبية . أما عن نفسى فكنت أودع حياة الفراق والإنتظار . خرجنا من القاعة وكنا فى طريقنا إلى باب الخروج . كان خروجي من القاعة يحمل شعورين مختلفين بل شعورين عكس بعض تماما . كنت سعيدة .لكن نظرات أهلى وهم يقفون عند باب الخروج يستعدون لوداعى تؤلمنى كثيرا . وكأن الوداع يلاحقنى حتى وبرغم انتهائى من وداع حبيبى الذى سيبقى معى للأبد سوف يبدأ وداعى لأهلى وهنا وقفت لأتلقى هذه اللحظة القاسية من دموع أمى التى تفارق إبنتها الوحيدة . وانهيار أخى الذى يخلو البيت عليه من نقار أخته التى لم يعد يشاكلها فى تغير قنوات التليفزيون وسرقة أوراق الكوتشينة وتبديل أماكن نومها . فلم نعد نختلف على تغير السراير بعد اليوم سيصبح سريرى فارغا وحجرتى صامتة دون شجار وأيضا دون بكاء على فراق حبيبها.كما أن أبى أيضا سيفتقد إبنته الدلوعة التى تعود على قبلتها كل صباح .فلم يعد يجدنى كل صباح بعد اليوم . كنت أبكى وأشعر إننى سأفتقدهم جميعا.. سأفتقد أمى وهى تصحينى وقت الفطور وكلماتها المعتادة : يلا الأكل هيبرد مش هسخنه تانى .أفتقد حنيتها وهى تمنع الأكل عن نفسها وتعطينا كى نشبع سأفتقد مداعبات أخى وحكاوينا طوال الليل وضحكاتنا التى كانت تسرى حتى يسمعها الجيران .سأفتقد أحضان أبى الذى أشعر فيها بالأمان وهو يسألني مالك إيه إللى مزعلك؟ سأفتقد رائحة المنزل وذكراياتى مع الأماكن وبصماتى التى تركتها فى كل حجرة وعلى كل جدار .سأفتقد سريرى والمخدة التى باتت فى أحضانى منذ طفولتى حتى الآن. سأفتقد الحائط الذى علقت عليه صورأعياد الميلاد و التى حملت جزء كبير من أجمل ذكريات الطفولة مع أخى. سأفتقد الأرض التى حبيت عليها فى صغرى وشاهدت خطواتى الأولى .سأفتقد دولاب الملابس الذى حمل ملابسى من عمر سنة إلى 20 سنة . سأفتقد كل الاشياء التى وقعت يدى عليها واعتدت على لمسها طوال العشرين عام . كنت أحتضنهم والدموع تملأ وجهى وجميع الأقارب يقفون حولنا متأثرون بهذا المشهد القاتل بالنسبة لى كان الأقارب يشاهدوا وداعى فى صمت منهم من يبكى ومنهم من يطبطب على أمى كنت أركب السيارة وأنا أتألم وآبى واقفا جانبى يقول لشرف : خلى بالك منها . حقا كنت أتألم من نظرات أبى إلى شرف وهو يوصيه عليا بكل حزن وخوف . ذهبت السيارة بنا بعد أن فارقت أهلى بدموع محرقة . وكنت فى طريقى إلى حياتى الجديدة . وفجأة وجدت شرف يمسك بيدى ويقول : خلاص بقا كفايا عياط مش عايز الوش الجميل ده يعيط تانى أبدا وقام بمسح دموعى بكفيه مما جعل البسمة تظهر على وجهى من جديد وتعود الفرحة إلى قلبى وتتسلل السعادة إلى روحى مرة ثانية . كنت أنظر إلى الطريق وأنا أشعر بلذة إنها لذة تحقيق الحلم الذى انتظرته كثيرا . ما بقى إلا خطوات على وصولى منزل الزوجية . ها نحن نقترب إليه بسرعة دوارن عجلات السيارة . وكلما كانت تدور عجلات السيارة أسرع كلما كان يدق قلبى أسرع وأسرع كلما كنا نقترب من الحلم الذى طال انتظاره وما بقى إلا دقائق معدودة ونصل إلى عش الزوجية السعيد . وفى طريقى إلى بيت شرف كنت أتذكر كلمات الأغنية التى تمنيت أن أسمعها فى كاست السيارة وهى تقول (على عش الحب وطير ياحمام على عش الحب
قول للأحلام أنا جاية أوام على عش الحب
وخطيبي حبيبي معايا بشويش بيقول ويايا
عارفين سكتنا سوا وحنوصل بيتنا سوا
وننام ونقوم ونقوم ونناااام على حب ف
حب
ياحمام ياابو جناح وردي على عش الحب
وهدي
وافرش لنا فرحة كبيرة على أد حبيبي
وأدي
والشوق وحبيبي وأنا الليلة ميعادنا هنا
نقسم فرحتنا سوا ونقضي حياتنا سوا
تسمع ضحكتنا سوا وتشوف حلاوتنا سوا
وننام ونقوم ونقوم ونناااام على حب ف
حب
من الليلة خلاص ياحبيبي أنا وأنت حنصبح
عيلة
من الليلة حتبقى نصيبي ودي ليلة العمر
الليلة
والشوق وحبيبي وأنا الليلة ميعادنا هنا
وتطول سهرتنا سوا ونقول حواديتنا سوا
ونام ونقوم ونقوم ونااااام على حب ف حب)
ولكنه لم يعد خطيبى بل إنه أصبح زوجى . نعم لقد عاد شرف الذى أنتظره مرارا وتكرارا ولكنى من اليوم سأنتظر شرف اخر .. إنه شرف الصغير
بقلم
الشاعرة
أمال مصطفي الشامي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق