السبت، 18 مارس 2023

تقاليد التقليد / بقلم / أحمد المقراني

 تقاليد التقليد ـ أرجوزة في الحكم ـ فلا نامت أعين الجبناءـ.

بسم الإله أبـــــــــدأُ هذا القصـــيد
أدعوه ربّنــــا الحي المــــجيد

أقدم لكم أرجـــــــــوزة الحــــكم
تحكي السجايا إن تُمجّد أو تُذم

قادتنا أســـــــــوتنا في كـــل عيد
تجمعهم في موعد حمَّى التقليد

بأوسمة يــــــــوشّح القادة العظام
منها القلادة والنيشان والوسام

صدر ممتلئٌ ولا صـــــدر النعام
تغمره الأنــــــــــــواط بالتمام

وعنق تنبـــــــــجس منه الشـحوم
ينـــــــوء بقلائدَ تحكي النجوم

هي هــــــــــدية يمنحـــها الـولاء
بلا صنيع مستــــــحق للجزاء

كل همومه في بطنه أسيــــــــرة
في غيــــــره تبــدو له عسيرة

سلاحه بالشــــــــــــوكة والملعقة
وســاحه ظهر الموائد مـغرقه

بمأكل توشّحـــــــت به الصنوف
وباللزينج حُشي ذاك الخروف

إذا المـــــثال سار في هذا السبيل
بيده التربَ على العـــــز يهيل

ويفســـــــــح الساح لمـُـرّ الانتقاد
ويقضي على الثـقة جم الفسـاد

ليس البطولة والشهامة في شعار
وإنمـــــا بالعمـــــل ليـــلا نهار

في خدمة الرقي والفضــــــــــيلة
كذا في قطع دابر الرذيـــــــلة

هي الجهاد الحق وخوض الغمار
هي الفداء لـــــلأوطان والذمار

وبسم الإله بادئ الخلـــــق المعيد
أدعــــــوه ربنا الحـــي المجيد

أن يشفنا من عـــادة التقليــــــــــد
وأعناقنــا من ربقـــــــة التقليد

ويجعل كــــــلاًّ يحـــــــظى بجزاه
كمـــا أقـــــرّت شرعــة الإله

فالهبة المغشـــــــــــوشة بلا عمل
°°°°هي مدعاة للتـّــراخي والكسل

وأســـــــــوة مفسدة خلق الرّعيَّة
بها تنحط الأنـــــــــــفس الأبيَّة 

تثــــــــــبِّط الطـــــــموحَ والهمم
وتصــــــــبح المغانمُ هي الأهم 

ويُنــــــــــــبذ بهــا ويهملُ المُجِد
ويكرم المنــــــــافق بــدون حد 

وحينـــــــــها على النهوض كبِّرْ
بيض الأكفــــان للرقي 

أحضــرْ وهكذا أمتـــــــنا لما هــــــــوت
فأصبح التقليد تقلــيدا يُــــــبَت 

وقد عمدتُ في اختصار العرضْ
فكل ما قيل غيـــضٌ من فيضْ
عندما حضرت خالد بن الوليد الوفاة، انسابت الدموع من عينيه حارة حزينة ضارعة، ولم تكن دموعه رهبة من الموت، فلطالما واجه الموت بحد سيفه في المعارك، يحمل روحه على سن رمحه، وإنما كان حزنه وبكاؤه لشوقه إلى الشهادة، فقد عزّ عليه – وهو الذي طالما ارتاد ساحات الوغى فترتجف منه قلوب أعدائه وتتزلزل الأرض من تحت أقدامهم- أن يموت على فراشه، وقد جاءت كلماته الأخيرة تعبر عن ذلك الحزن والأسى في تأثر شديد: "لقد حضرت معارك ومعارك واقتحمت مخاطر ومهالك اقتحمت الصفوف وخرقت المألوف وهزمت الألوف وما بقي في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء.قالها البطل الهمام والأسد الضرغام وهو يستعد للقاء ربه،كان يأمل أن يحمل في يمينه الشهادة ليكون بها أكثر قربا وأوفر حظا مع الذين هم عند ربهم يحبرون،لكنه عند ربه شهيد بما قدم.
أولياء أمورنا اليوم استبدلوا ضربة السيف وطعنة الرمح وجرح الفأس وهمزة السهم ورضة الدبوس على الأجساد ببدائل أخرى.هؤلاء يغتنمون كل مناسبة أو ذكرى طيبة مشرفة خلفها الأبطال النبلاء الشهداء . يغتنمون تلك ليحضروا قفة تنوء بأنواع النياشين والميداليات والقلائد بأسماء مختلفة فمن الأمير إلى المشير إلى الأثير إلى الدبير إلى الفقير وكل ما انتهى بالرنة ـ إيرـ حينها وبعد أن يستدعي الأولياء والمعارف والتابعين بإحسان يبدأون طقوس تقاليد التقليد فبعد أن يقوم الكبير بتقليد أتباعه يقوم هؤلاء بدورهم بتقليد كبيرهم الذي علمهم فنون التقليد،وهكذا وبتكرار تقاليد التقليد لا يمر حين من الدهر إلا وتجد أن جسد المقلد لا يوجد فيه شبر واحد بل أقل من مساحة الشبر إلا وتجد عليه نوع من أنواع من المقلدات التي تترجم إلى علاوات وهبات وامتيازات ،وتتركز حشود القلائد على الصدر والكتف والعنق والرأس تما ما كما يقلد أبطال الحرب في ساحات المعارك التي لا يعرف لها وجهة ولا معنى إلا القليل النادر الذي لم يكن يجاهد من أجل القلائد والنياشين وحتى من شارك في المعارك عن بعد من هؤلاء المقلدين لم يصمد طويلا وانهزم هو وجنده ونياشينه.
سرى التقليد ودب تدريجيا ليشمل السلطات المحلية ومختلف المنظمات، ولا لوم مادام رب البيت بالدف ضارب فهل يلام أهل البيت على التصفيق والرقص. وتتدرج عملية التقليد وعلى نفس السياق والوقع لتغزو جماعات ومنظمات محلية وأغلب المجموعات والنوادي والاتحادات وما إليها في دوائر محكمة الغلق ومتنكرة لفكرة (إذا حضر الكفء فارزقوه منها )ليكون مفعولها وبالا على النوعيـة والمصداقية. وبذلك تعم تقاليد التقليد ومرحى لها لو كانت تمارس لتشجيع ونشر الجديد المفيد، وليس من أجل التافه البليد. رحم الله البطل الصنديد خالد بن الوليد ، الذي كانت قلائده أغلى وأسنى وأشرف من تفاهات شعارات التقليد. واسمحولي إذا ما اختصر الموضوع جناني، بعد أن كلّ من سعة الخطوط بناني، أنا أخوكم أحمد المقراني أحمد المقراني


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق