ترانيم موشحات لغالي الآمال وأرقى الأمنيات، والموسيقى.
زادني البعد هياما عندما سُبيــــت روحي بــذات الفتــن
شُغل الفكر وعم الاكتئاب ضاقت الروح وخـــور البــدن
عيل صبري ليت شعري عسْــــر أمري قادني للــوهـــــن
زارني في وحدتي طيف يقول: لا دوام لاجتياح المـحـــن
هي ذي الآمال دانت قربت قـــــرر الحسم مــرور الزمــــن
سري يا نفس بالسكن المعد فالأليف سـرّ بطيب السكـن
كان وصلي بحبيبي حلمـــا يتـــــتراءى في بعيـــــد الكمـن
يتراءى كسراب مثلما قصّت الآثــــــــار اخضـــــرار الدمــــن
كان للإصرار والصبر الفـــــلاح وهما للفوز مقـــدار الثمـن
بعد لأي زارني البشر بمـــــا أتــــرع النفـــس بأمــــن المنـن
ربنا يسر لنا نصيبنا في حيــــاة ترتقــــــــني عـــالي الفنــــن
قال تعالى :إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا .صدق الله العظيم هي جبلة وفطرة فُطر الناس عليها وتعلقت بالنفس البشرية قوامها الحرص الشديد على المتاع وحب الذات والعمل على تلبية الرغبات وأقل العراقيل تحدث في النفس الحيرة والقلق وقد جاء القرآن بآيات عدة تدعو للصبر والأناة:واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور وأشاد بالصابرين في البأساء والضراء ووعدهم خيرا.
صاحبنا في الموشح أعلاه انهار ويئس وأصابه النحول.انشغــــل فكره واختلط عليه أمره،ونسي الصبر ومجاراة الأمور وإن صعبت وإن لكل ضيق فرج ،ومع اليأس والقنوط فقد لاح نور الفجر وسهل الصعب من الأمر، النهاية ضمدت الجروح وأعادت بهجة النفس والروح،نثرت الدرر وزال الهم والضرر وفي ذلك عبرة لمن يريد أن يعتبر.
الموسيقى
الموسيقى أداة تثقيف وتربية، تسمو بالنفس إلى عوالم الحس والشعور ورقة الجانب والتواجد مع الأخرين ،إنها عامل أساس في الترويح عن النفوس وإزالة ماران على القلوب من الهموم، وحسب المستمع قد تكون الموسيقى عامل استحضار العبر من الماضي ومما انقضى من الأيام .
البعض ناصب الموسيقى العداء، وقد يكون هؤلاء محقون لما خرجت الموسيقى عن الفن، وعن التراث وعن الأخلاق ، محقون لما رأوا أن الموسيقى أزري بها،وأصبحت سلعة رخيصة مكبلة بما ساء وبخس ،بمجاراة أذواق مريضة تهفو فقط للإثارة ، وما يقوم به أشباه المطربين من حركات تهريج وتمثيل ثقيل.
الموسيقى سمة فطرية لا غنى عنها تبدأ من يوم المولد ،الوليد يهدأ وينام مطمئنا على نغمات الأم وكلما كبر كلما استأنس للموسيقى وتشرب نغماتها،وتفاعل مع إيقاعها ومقاطعها.
والموسيقى عامل إيقاظ للهمم، والحث على بذل الجهد ،فقد تقدمت الجيوش وملأت بنغماتها الحماسية ساحات الوغى فزلزلت فلول الأعداء،وهي أيضا كانت حاضرة مع الأم خلف المنسج والرحى وكل عمل صعب تقوم به .وهي أيضا كانت مع الفلاح في الحقل، تبعث الحماس وتساعد على المكابدة.
الموسيقى ذلك التراث العريق المتراكم عبر العقود والأجيال المتجذر في الأرض الذي يأنف أن يرتدي لباسا لم يفصل من أجله .إنها صدى الأجيال يحكي نوازعه وآماله ويحدث بما مضى وما يؤمل أن يكون.الموسيقى بأنغامها الأصيلة وكلماتها المعبرة النقية الباعثة على الكبرياء والمشيدة بالمكارم ،الموحية بأمجاد الماضي والمتطلعة لأمل المستقبل المشرق،هي تلك الموسيقى التي يجب أن تكرم وأن تتداول .فهل آن الأوان من أجل الفرز ،أم أن موسيقى الانحلال والتفسخ قد حلت ولوثت الطبائع والنفوس ولابد من جهد كبير لإزالة لوثتها؟. أحمد المقراني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق